الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشنج العلاقة بين الغرب و المسلمين. الأسباب و الحلول. لهانس كوكلر

حميد لشهب

2014 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


نشرت "جداول للطباعة و النشر و الترجمة" ببيروت، في ربيع عام 2013، ترجمة كتاب: "تشنج العلاقة بين الغرب و المسلمين. الأسباب و الحلول. للفيلسوف النمساوي هانس كوكلر. عرب الكتاب الدكتور حميد لشهب، الباحث المغربي المقيم في النمسا، و المتخصص في ترجمة مؤلفات في الفلسفة و علم النفس من الألمانية إلى لغة الضاد. يقع الكتاب في 177 صفحة من الحجم المتوسط.

يقول المترجم في تقديمه لهذا الكتاب: "لم يعرف التاريخ الطويل للعلاقة بين الغرب و العالم العربي و الإسلامي مفكرا التزم في فكره و سلوكه بالدفاع اللامحدود عن القضايا العربية العادلة مثل الفيلسوف النمساوي هانس كوكلر. و حتى أب الأدب الناطق بالألمانية جوتيGoethe ، أحد كبار أصدقاء المسلمين، لم يستطع في كتاباته أن يصل إلى ما وصل إليه كوكلر من جرأة و سعة أفق و عمق في التحليل في دراساته للعلاقة المتشنجة بين الشرق و الغرب. يثمن المسلم مواقف كوكلر الشجاعة ضد الغطرسة و الكبرياء الغربيين اتجاه العالم الإسلامي بصفة عامة و العالم العربي بصفة خاصة. له مواقف جريئة فيما يتعلق بأم القضايا العربية: القضية الفلسطينية و فضحه العلني في المحافل الدولية لتكتيكات الإمبريالية الأمريكية الجديدة، التي غزت دون أي سند قانوني و لا أي مبرر أخلاقي العراق و دمرته تدميرا و تنبؤاته بنية هذه الإمبريالية التي تود طحن حق المسلمين و إقصائهم نهائيا من التاريخ و من الجغرافية بفرض هيمنتها عليهم بشتى الطرق".

يتذمر كوكلر من أشباه الحلول التي اختارها العرب لقضاياهم و رضاهم بفتاة الكعك المتبقية في مدريد و أوسلو و تحالفهم السري و العلني مع قوى الإستعمار الجديد لهدم مناطق عربية بأكملها و القضاء على بذور الحضارة العربية فيها و نسف الثقافة العربية الإسلامية من الداخل. فقد جال العالم العربي و الإسلامي شرقا و غربا و وقف جانب قضاياهم العادلة فيزيقيا و فكريا و مثاليا و حاول المساهمة في حل النزاعات في السودان و ليبيا و فلسطين إلخ.

لم تغريه صداقاته المتعددة مع قيادات العالم الإسلامي على مستوى رفيع من التمييز الدقيق بين معاش الشعوب و معاش الحكام و التنبيه إلى هذا الشرخ الصارخ بين الشعوب العربية و المسلمة و حكامهم. بل كان صديقا وفيا للشعوب العربية المسلمة، أسمع أصوات معاناتهم و تذمرهم في صالونات منظمة الأمم المتحدة و الإتحاد الأوروبي.

ما حرك و يحرك كوكلر في التزامه هذا هو إيمانه العميق بفلسفة الحق و العدل و المساواة بين بني البشر بغض النظر عن جنسهم و لونهم و دينهم و ثقافتهم و موطنهم. فالحق في عرفه جزء لا يتجزأ و العدل يجب أن يصبح سلوكا تلقائيا في العلاقات الدولية و المساواة المدعومة بالحق و العدل هي الضمانة الوحيدة لكرامة البشر و حمايتهم من الظلم.

كانت فاتورة التزامه بالقضايا العربية و المسلمة جد ثقيلة، فقد هوجم مرات عديدة من طرف مفكرين غربيين معادين للحضارة و الثقافة العربية الإسلامية، و أحيط بأسوار عالية حاولت عزله و إسكات صوته، لكن إيمانه العميق بعدالة القضايا التي كان يدافع عنها كانت أقوى من يد الجبروت و كانت مواساته الوحيدة هي مجموعة من علاقات الصداقة التي كانت تجمعه مع بعض المفكرين في العالم المسلم و مجموعة أخرى من المفكرين المتنورين في العالم الغربي.

يضيف د. حميد لشهب: "حان الوقت إذن، في نظرنا، لينتبه الحكام العرب و المسلمون إلى هذا الرأسمال الفكري و الفلسفي لهذا المفكر الفذ و يعملون على ترجمة كتبه للإستفاذة منها، لأن رحم الثقافة الغربية لن يسخ بسرعة بمفكر آخر من طينة كوكلر. فإذا كانت حكوماتنا العربية المسلمة قد فوتت على نفسها و على شعوبها فرصة بناء لوبي فكري مع مفكرين غربيين من طينة هانس كوكلر و شومسكي و أن ماري شيمل و آخرون كثيرون، فإنها مطالبة اليوم و أكثر من أي وقت مضى بالتفكير الجدي المبرمج في نقل أعمال هؤلاء المفكرين إلى العربية كرسالة و مسؤولية حضارية و ثقافية. و إلا فإننا سنبقى سجيني الهيمنة الغربية، و الأمريكية منها بوجه الخصوص، و إذا رضينا بسياسة رعاة البقر، التي لا تؤمن لا بحق و لا بقانون و لا بعدل، بل بفرض القوة فقط و لو بمسح كل البشرية، فلا غرابة أن نصبح في الأعوام القليلة القادمة رعاة غنم، ننفخ في الناي و لا نغني مع جبران خليل جبران و لا نزار قباني، بل نبكي على كل الفرص التي قدمها لنا تاريخ علاقتنا بالغرب و لم نستفد منها".
و ينهي المترجم تقديمه بهذه العبارات: "لي فخر شخصي يتمثل في كوني أختم المشروع الذي بدأته منذ ربع قرن من الزمن، و المتمثل في نقل فكر ممثلي أربعة اتجاهات فكرية و فلسفية معاصرة من العالم الجرماني إلى اللغة العربية، بهذه النصوص للفيلسوف النمساوي هانس كوكلر. فقد جمعتني به علاقة فكرية طويلة الأمد و كان أول مفكر غربي جرماني أثار انتباهي و اهتمامي نظرا لشجاعته الفكرية و صلابة المبادئ التي يدافع عنها. فقد أجريت معه حوارات عديدة لمجموعة من المنابر العربية و حضرت العديد من الندوات التي نظمها سواء في إطار عمله كرئيس لقسم الفلسفة بجامعة إنزبروك النمساوية أو بصفته رئيسا للمنظمة العالمية للتقدم و تتبعت عن كثب محاضراته في العالم الإسلامي و كان لي الشرف الكبير لاصطحابه للمغرب في إطار أول محاضرة له بالغرب الإسلامي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، كلية العلوم يوم 22 ماي 2008، تبعتها ندوات كثيرة أخرى بمكناس و طنجة".

يقول كوكلر في تقديمه لهذا الكتاب: "تعتبر الدراسات المتضمنة في هذا المؤلف كرد فعل منا شخصيا على النهاية المباغثة للحرب الباردة و على "تغير براديغما السياسة العالمية"، و كان همي الأساسي في هذا المضمار منكبا على محالة فهم نتائج الوضع العالمي الجديد الأحادي القطب الذي عوض الثنائية القطبية القديمة و أثر في العلاقة بين الحضارات و سلطة القانون ( قانون الدول) و الديمقراطية. و تعتبر وجهات نظري هذه متعددة التخصص، لابد في هذه الحالة من فهمها في إطار جد عام، يحاول الرد على وقائع السلطة السياسية و الإقتصادية و السوسيوثقافية الناتجة عما سمي بـ "العولمة"". و يضيف: "ما وجه تحليلي هو اهتمامي الخاص بالقضايا العربية الإسلامية منذ السبعينات من القرن الماضي و بالخصوص فهمنا الغربي للحضارة العربية الإسلامية [ ... ] لعبت القضية الفلسطينية، التي شغلتني و تشغلني على الدوام ـ و بالخصوص وضع القدس، دورا جوهريا في توجيه تفكيري و تركيزه على إشكالية القانون و العدالة في العلاقات الدولية [ ... ] و قد كانت العقوبات العامة التي فرضت على شعب العراق مناسبة لي لحط ممارسة السلطة السياسية في إطار نظام عالمي أحادي القطب (ما سمي بالنظام العالمي الجديد) محط تساءل. و يتعلق الأمر بالنسبة لي كفيلسوف بإشكالية مركزية لطبيعة الأخلاق المطبقة في هذا الإطار".

من بين الركائز الأساسية التي رافقت محاولات كوكلر لشرح قضايا الفلسفة التطبيقية و الأخلاق التطبيقية و التأويل الثقافي فيما يتعلق بالعلاقة بين الشرق و الغرب، كان هناك التصدي دون هوادة للأحكام المسبقة لهذا الأخير اتجاه الشرق، وفضحه للتجبر و التكبر الحضاري الغربي، و بالخصوص من جانب السلطات الغربية، اتجاه العالم المسلم. و من بين ما يؤكده هو وجوب فضح محاولة طلاء حائط صراع الشرق الأوسط من الجانب الغربي بطلاء ديني و خلق بؤر صراع وهمية جانبية قد تنسي في المشكل الرئيسي و النداء الأجوف إلى العلمانية و إلى حوار الأديان في بداية هذا القرن، خدمة للهيمنة الغربية. و بسبب الدعم و التحيز التقليدين للغرب لإسرائيل، فإن الأحكام المسبقة اتجاه الإسلام و اتجاه الحضارة العربية قد تعززت و تقوت في العشر سنوات الأخيرة. لم يعد هناك مجال إذن للبرهنة على محاولة عزل كل من ينادي الغرب بمحاورة العرب و المسلمين كشركاء و على قدم من المساواة، لأن مثل هذا العزل يدخل في خطة شاملة للغرب تستهدف عزل العالم العربي الإسلامي، كما يوحي بذلك مشروع الولايات المتحدة الأمريكية خلق ما سمي بـ "الشرق الأوسط الجديد New Middle East"، و هو مشروع ظهرت بوادره الأولى إبان الهجوم على العراق عام 2003.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف