الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيدفن العراقيون مشروع بايدن ؟

أسعد محمد تقي

2014 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لقد بدأ الأمريكان بالتنفيذ .. تنفيذ مشروع بايدن لتقسيم العراق وفق المذهب والقومية
ولكي يتقبل شعبٌ من الشعوب أن يجري تقسيمُ بلادِهِ أو على الأقل يقفَ متفرّجا فإن الأمر بحاجة الى أربعةِ عقودٍ تبدأ بمجزرة(8شباط) وتتبعها سياسة مخططة هدفها الأول إفراغ العقول من الوعي وتمريغ فكرة الوطن والوطنية بوحل النرجسية التي تفيض من الشخصية الفاشية (الصدّامية)ومع هذا التمريغ اضطهادٌ وملاحقاتٌ وتعذيبٌ وقتلٌ واغتيالاتٌ وبشاعةٌ لا مثيل لها فاقت كل ما يُمكن تصوّرُهُ وتُخْتَتم هذه المهرجانات بموتٍ جماعي عبر حروبٍ لا ناقة لهذا الشعب بها ولا جمل .
ومثل هذا العمل (التقسيم) بحاجة الى عشرة أعوام من البلادة التي نتجت عن الأنشغال باللصوصية وتنمية الودائع المصرفية والأصول العقارية هنا وهناك وترك الهدف النبيل في إعادة بناء البلاد .
ومثل هذا العمل بحاجة الى أيدي قذرة تحركها عقول أكثر قذارة وبؤسا وقاصرة عن فهم حقائق الطبيعة .
ولكي يجري صفع هذا الأنسان الرافديني المبجّل بموضوعة التقسيم يجب أن يجري التمهيد بتمزيق كبريائه أولا. وليس هناك تمزيقٌ للكبرياء أكثر شناعة من وجود جزمة الأحتلال على أرضه ولذلك سلم الدكتاتور الفاشي البلاد كلها لصاحب المشروع الكريه الذي يقايض قيما روحية عظيمة , بدات منذ خمسة آلاف سنة عندما بدأت الكتابة المسمارية , يقايضها بأرباح الطاقة التي يتطلع إليها المُجَمَّع الصناعي الحربي الأمريكي
والغريب أن هذا الشعب الذي عانى وواجه كل هذا الأستبداد والعسف يبدو مدركا , رغم كل العتمة , لكل ما يجري ومتيقنا من الحصيلة النهائية لكل هذا الجهد الشرير . وفي عرفه ان ما يجري هو محاولة لمعاندةِ طبيعةٍ جبارة رُسِمَت قوانينُها بحِذْقٍ ودِقَّةٍ أكسبتها جبروتا لا يُهزم , ولذلك ستكون الحصيلة هي ما تريده هذه الطبيعة . وكل شيء يكمن في أن نهرين عظيمين يجريان منذ الأزل على أرضٍ أحبّاها وأحبّتهما وهذان النهران الجباران يرفضان أحلام الحمقى ويزدريان النفوس المليئة بالخيانة والصَغار والملوّنة بالوقاحةِ والعُهْرِ . (لقد استندت عصبة الأمم المتحدة في قرارها القاضي بضم ولاية الموصل الى العراق بكونها جزءا من بلاد النهرين) .
والغريب أيضا إن الأطراف المتصارعة تتباكى على المذهب مرة وعلى الحقوق القومية مرة أخرى فلا هي أحتفظت بوصايا مذاهبها للعيش تحت ظل الفضيلة ولا هي قدّمت مصالح القومية على مصالحها الذاتيّة لتكسب لنفسها صورة البطل القومي النبيل .
الطائفيون المذهبيّون أهملوا حقائق الفضيلة التي سعى إليها فقهاءُ مذاهبِهِم واستبدلوها بتطبيقات قادة الدولة الأسلامية من خلفاء وسلاطين وأمراء وهي تطبيقات تتغلب فيها أحلام الثراء والنفوذ الممزوجة بغياب الطهارة الأخلاقية وكان كل هذا مقترنا بغياب الأنجاز ومعاناة شديدة للناس وغياب القدرة على مواجهة القتلة الذين يفهمون النضال ضد الحكومة التي يعارضونها على إنه قتلٌ للناسِ أينما تجمعوا وحيثما أمكن قتلُهُم .
القوميون أهملوا حقيقة إن قوميتَهم بحاجةٍ الى تصالحٍ مع المحيط عندما تُقرّرَ رسمَ حدودِ كيانها القومي . ولكي يتم هذا التصالح مع المحيط يجب أن يجري التقدم بتؤدة وعلى أساس حل الأشكالات بمنطقين أولهما الحكمة وثانيهما القوة المتأتية من الأستناد إلى الحقيقة ولكن هذا كله غاب في لحظةِ الغنيمةِ , عندما تفكّكَت مجموعةُ القوات المواجهة للتحرك الأخير للمتشددين الأرهابيين الذين تحركُهُم (بل وأنشأتهم) مصالح الغرب الأقتصادية ويحصلون على الدعم من الدمى الأقليمية المرتبطة بهذا الغرب الذي لا يبدو عليه إنه سيتوقفُ عن سفكِ دماءِ شعوبِ الشرقِ كوسيلةٍ وحيدةٍ لضمانِ مصالحِهِ . وهذا المشهد أباح للكثير من المراقبين التفكير, مع قدَرٍ كبيرٍ من الشك , بأن هناك تعاوناً بين الأطراف على الأرض من العراقيين ومن كل فئاتهم
ومثل هذا التفكير تبرره النتائج الآنية المتحققة المتمثلة باحتلال كركوك ومناطق أخرى بقرار من قيادة اقليم كردستان ولو اقتصرَ الأمرُ على هذا لكان نموذجا تأريخيا للموقف النبيل والسياسي الذي ينطوي على الكثير من الذكاء . وكان سيحوّل قلوب الجميع إلى أرضٍ خصبة تنبت فيها قضية الشعب الكردي في تطلعِهِ إلى تحقيقِ حلمِهِ في إقامةِ دولتِهِ المستقلة .. ولكن التصريح بعد ذلك بأن ما جرى احتلاله لن تتم إعادته حوّل الأمر برمّتِهِ إلى تصيّد في الماء العكر في لحظة يحتاج فيها الطرف الآخر , رغم كل الخلاف , إلى مد يد العون ناهيك عن الحديث في الوطنية والموقف الوطني وهو ما يفتح البابَ لسباقٍ لاحقٍ لتحقيقِ التفوّقِ العسكريّ لكي يضمن كلُّ طرفٍ الأنتصارَ في الحربِ القادمةِ من أجل الأراضي التي لم يجرِ حلّ وضعِها وفقَ الدستور ...
ومثلُ هذا التفكير,الملوّث بالشك , يبرّرُه أيضا اندفاعُ داعش وحلفائها السريع والذي لم يجد مقاومة من قوات الأقليم وهم بدورهم لم يتحرشوا بقوات الأقليم ...
ومثل هذا التفكير يبرره كذلك , السلوك الغريب للقادة العسكريين وجلهم ممن كان من مسؤولي البعث الحاكم وكان له دور كبير في حروب النظام السابق وبعضهم كان أسيرا لدى القوات الأمريكية في حرب الكويت الأمر الذي يستدعي الكثير من التصورات التي يثيرها أيضا كونُ الكثيرِ من قادة التنظيمات الأرهابية والتي تقود الهجوم على العراق وقبلها على سوريا ومنهم بالذات أبو بكر البغدادي , زعيمُ داعش , من نزلاءِ معتقلِ بوكا الأمريكي وبقيَ فيه لعدّةِ سنواتٍ وأطلقت القواتُ الأمريكيّةُ سراحَهُ ومثلُهُ الكثيرُ من قادةِ التنظيمات الأرهابيّةِ الذين أطلقت سراحَهُم هذه القوات وفيما بعد رصدت الجوائزَ المليونيّةَ لمن يساهمُ بالقبضِ عليهم وقد أدركَ حتى الأطفال "إنْ هذا إلا لذرّ الرماد في العيون" .
أمريكا أرادت أن تبدأ التقسيم وحسبت النتائج وما ستجنيه فيما لو تم كل شيء كما تريد .
إنّ احتلال داعش للمنطقة الغربية تحت دواعي طائفية ستتيح تكوين منصة تنطلق منها المعارضة السورية المتشددة لمقاتلة النظام السوري من أجل تحقيق الحلم الأمريكي في تحويل سوريا الى ممر للغاز القطري والسعودي وربما الأنباري إلى أوروبا ليكون بديلا للغاز الروسي .
هناك مبرّرٌ للأعتقاد بأن أمريكا أرادت أن تقدّمَ مساعدةً كبيرةً بالسلاحِ والعتادِ والمالِ لداعشَ , ولكونِها تواجُهُ ضغوطا دوليّةً تعارضُ تقديمَ مثل هذه المساعدات لمنظّمةٍ إرهابيّةٍ , والعالم كله يصنّفها كذلك , فقد لجأت الولايات المتحدة الى هذه الخديعة المبتذلة عندما أوعزت , وربما , عبر حليفها التركي (وليس لديّ الدليل على هذا سوى الوقاحة التركية في التعاون مع كل من يؤجج الفوضى في العراق واللعب على أطراف هذه الفوضى) أوعزت لعددٍ من القادةِ العسكريّين والسياسيّين (المتعاونين) للتعبيرِ عن (تعاونِهِم) بتركِ ساحةِ المواجهةِ وعليها كل معداتِهم وأسلحتِهم لكي تحصلَ عليها داعشُ وحلفاؤها وقيمتها بالمليارات وهي والأموال الموجودة في المصارفِ الموصليّة وكذلك الأموالُ التي ستحصلُ عليها من المتاجرةِ القذرةِ باللقى الأثريّةِ التي ستسرقُها من المواقع التأريخيّة .. كل هذا سيشكّلُ عنصرَ اكتفاءٍ هائلٍ لهذه المجاميع المسلحةِ لتمويلِ نشاطاتِها خاصّةً وأنهم نقلوا كلَّ الغنائمِ الى سوريا وبالذات الى منطقةِ الرقّةِ التي يسيطرون عليها تحسّبا لما قد يكون عليه ردُّ الفعلِ العراقي . وهم بالتأكيد سيتمكنون من تمويلِ إدارةِ المناطقِ التي استولوا عليها وسنكتشف في نهاية المطاف إن عشراتِ الآلافِ من القطعِ الأثريّةِ قد انتقلت حيازتُها الى التجّارِ الأمريكان وغيرِهِم وسنكتشف أيضا أن الأمرَ كان جزءا من (ضرورات) التمويلِ لأدارةِ المناطق المحتلّةِ .
أمريكا تتطلع للدخول عسكريا الى العراق مرة اخرى لكي تجعل السيطرة على مقدراته ومقدرات المنطقة بأكملها اطول عمرا وأكثر مردودا ولتسهيل مشاريعها فيها .وهي تدرك أن وجودَها العسكري الكثيف في العراق سيمنحها دور الأسفين العازل بين ايران وسوريا وهذا الأمر سيحرم سوريا من العون الأيراني وفي هذا الأمر بالذات تكمن الحصيلة العظيمة وهي تحويل مسار الصراع في سوريا والذي يبدو لحد الآن مثل هزيمة للسياسة الأمريكية في موضوع الطاقة الحيوي ولكنها بالتأكيد ستكرر خطأها السابق عندما دخلت في المرة الأولى عام 2003 دون أن تحسب حساب النتائج التي ستترتب على فتح أكثر من جبهة للحرب في منطقة تضجُّ بالتناقضات والصراعات من كلّ لون مما يستلزم وجود سياسيين محترفين ودهاة للولوج فيها وكانت النتيجة أن اكتشف العالم إن الأمريكان مجرد سياسيين هواة وقد أدّى الأمر الى استنزاف كامل لقدرات الأقتصاد الأمريكي على عظمتِهِ وجبروته مما ساهم بظهور بوادر الأزمة الأقتصادية العالمية التي لا زالت تتفاقم حتى هذه اللحظة وقد بدأت بأزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة ونراها اليوم تأخذ شكل أزمة القروض السيادية في أوربا وباقي العالم الرأسمالي .. ورغم ذلك كله , هاهي أمريكا اليوم تحاول تكرار المغامرة
أمريكا مهتمّة جدا ببقاء العراق وإدارته وساسته على طريق المصالح الأمريكية وهذا الأمر يشكل جوهر السياسة الأمريكية في غرب آسيا وهو أيضا المبرر لكل المغامرة الأمريكية في احتلال المنطقة عبر احتلال العراق وهو المبرر لكل التضحيات بالمال والأرواح وبالتالي كل ما نتج عن تلك المغامرة وعلى الأخص الأزمة الأقتصادية العالمية التي تضرب في أسس النظام الرأسمالي القائم .. لهذا كله لا يمكن للأدارة الأمريكية أن تغفر , لأيٍّ كان , أن يخرج عن هذا الطريق حتى لو امتلك اكثر من مبرّر , وبإمكاننا أن نستنتج إنها لن تغفرَ للمالكي خروجه من جادّة المصالح الأمريكية مرتين .... الأولى عندما قفز الى موسكو بهدف شراء السلاح واتفاقات اقتصادية أخرى بعد أن بالغت الولايات المتحدة الأمريكية في تلكُّؤها بموضوع تجهيز الجيش العراقي بالأسلحة والتدريب اللازمين استجابة لهذا الطرف أو ذاك من الأطراف التي لا ترغب برؤية العراق قويّا وقادرا على درء المخاطر على حدوده ووحدة أراضيه... والثانية عندما أدرك مبكرا الخطر الذي تشكله النشاطات الأرهابية في سوريا والصراع الذي أخذ شكلا مدمرا , أدرك خطره على الوضع في العراق واتخذ موقفا مفاجئا بدعم النظام في سوريا وغض الطرف عن المتطوعين العراقيين الذين شاركوا الى جانب النظام في تلك الحرب وكان هذا الموقف هو القشة التي قصمت ظهر البعير الأمريكي . وليس هناك من يعتقد أن الأمر سيمر بسلام ولذلك وجدنا أن الأمريكان يتصرفون ببرود لا مثيل له أمام اختراق كبير كان من الممكن أن يهدد العراق بالتحول الى حمام دم لو قيّض لداعش وممالئيها ان تسيطر على العاصمة وباقي اجزاء العراق . وهم يعلنون في كل يوم انهم بصدد دراسة حجم القوة التي تمتلكها داعش وكأن الأمر جاء مفاجئا لهم وليس لديهم اقمارٌ صناعيّةٌ ولا مجسات استخبارية وكأن وجودَهم كأكبرِ قطبٍ دوليٍّ في هذا العالم المضطرب جاء صدفة وليس على اساس امتلاك وسائل التطور والسيطرة المعلوماتية والتسليحية والقدرة على الحركة المرنة أعلى درجات المرونة . ويمنحون انفسهم وقتا طويلا قبل أن يبدأوا فعلا حقيقيا في الجانب العسكري وكأني بهم ينتظرون ان تحقق داعش تقدما على الأرض . وما لم تحققه داعش سيحققه البارزاني بسيطرته على المناطق "المتنازع عليها" وسيتوجّب على الحكومة المركزية والمالكي أن يكونا امام خيارين , فإما ان يستجيبا بالكامل لطلبات واشنطن وعندها سنجد ان داعش ليست سوى عصابة تافهة وتتراجع وتختفي فجأة كما ظهرت فجأة .. أو أن يكون عليهما مواجهة تداعيات الأمر كله وهي تداعيات خطيرة جدا إن لم يكن في مقدور القوات المسلحة العراقية تدارك الأمر ويبدو أن المالكي بدأ بالتعامل مع الأمر بشقَّيْهِ مع ترجيحٍ تدريجي لكفة التسليح الذاتي بعيدا عن التوسّل المذل بواشنطن التي تلكّأت كثيرا في تقديم السلاح والتدريبات الضرورية وقد بدأ الحديث عن وصول طائرات سوخوي المقاتلة الروسية لرفع قدرات الجيش العراقي القتالية .
إن الموقف الخطير الذي وجد العراقيون انفسهم في معمعتِهِ يجمعُ في تشابكاتِهِ كلَّ متناقضاتِ الوضعِ الدوليّ والأقليميّ والمحليّ ..
ففي الوضع الدولي هناك الصراعُ الذي لا يهدأُ من أجلِ سوريا وأطرافُهُ روسيا وأمريكا والأتحاد الأوربي ومن ينتصرُ فيه سيحسمُ موضوعةَ الغاز الذي تحتاجُهُ أوربا .. هل سيكون غازا روسيّا فتحكمُ روسيا قبضتَها على السياسةِ الأوربية وبالتالي ستخسرُ الولاياتُ المتحدة تدريجيّا بعضَ نفوذِها هناك .. أم سيكون غازا قطريّا سعوديّا كردستانيّا وأنباريّا بعد أن تكون الولايات المتحدة قد جزّأت العراق وفق مشروعها الشرير في تفتيت دول الشرق الأوسط ومنها العراق
وفي الوضع الأقليمي هناك ايران وسوريا من جانب واللتان تطمحان الى ضمان ان يكون العراق منطقةُ امانٍ خاليةٍ من النفوذِ الأمريكي الذي يشكلُ دونَ شكّ خطرا كبيرا عليهما وعلى تطوّرِهما اللاحق .. ومن الجانب الآخر هناك السعوديةُ ومصالحُها الأقتصاديَّة في بقائِها متفرّدَةً بتزويدِ العالمِ بالطاقةِ بعيدا عن أيّةِ منافسةٍ كتلك التي يشكلها العراق الذي وضع برامجَ طموحةً لرفعِ طاقتِهِ الأنتاجيّةِ الى مستوياتٍ قد تجعل منه بديلا محتملا للمملكة السعودية مما يجعلها عرضة لتسرب "الربيع العربي" الى جسدِها القابلِ للتفتّت بسرعة طالما أنّ البديلَ المجهّزَ للطاقةِ موجودٌ وإن الغربَ لا يشعرُ بضرورةِ استقرارِ النظامِ السعودي كضامنٍ لأمداداتِ الطاقةِ دون تعثّرٍ .
وهناك تركيا التي وضعت عيناً على ولايةِ الموصلِ , وأعني بها كردستان ونينوى وكركوك وهي الولاية التي كانت موجودةً أيامَ التنظيماتِ العثمانيّةِ واستطاعت بريطانيا ضمَّها الى العراق في نهايةِ الربعِ الأوّلِ من القرنِ العشرين(في شهر كانون الأول عام 1925) بقرار من عصبة الأمم المتحدة وقد احتوى القرار شرطا يوجب أن يستمر الأنتداب البريطاني على العراق لمدة 25 عاما يتم بعدها قبول العراق عضوا في عصبة الأمم المتحدة وإضافة لهذا كان هناك شرطٌ وضعه المجلس التأسيسي العراقي يتم بموجبه ضمان انضمام ولاية الموصل إلى العراق ويكون هذا الأنضمام شرطا لتوقيع اتفاقية ثنائية بين العراق والبريطانيين فكانت اتفاقية 1930 .. وتركيا يهمها كثيرا ضعف العراق وتصاعد التناقضات بين مركزه والأقليم من ناحية وبين مركزه والمعارضين الذين يريدون الجمع بين الطابع الطائفي والطابع السياسي وأيضا القومي باعتبار إنّ نضالَهُم موجّها نحو النفوذِ الأيرانيّ المزعوم .. وصراعات من هذا النوع ستتيح لتركيا القدرة على أن تمارس شتى انماط الضغوط على كل الأطراف وخاصة المركز لضمان مساحة أوسع لنفوذها ومصالحها وعلى الأخص في موضوع الطاقة إلى جانب ضمان السوق العراقية الأستهلاكية .
وفي الوضع الداخلي نجد الصراعات السياسية قد قسمت العراقيين الى أقسام شتى وقد لبسوا مختلف الوان الثياب الطائفية منها والقومية والقبلية والجميع يتحدث بحماس لا مثيل له دفاعا عن هذه الأنتماءات والكثيرون يدركون إنها ليست إلا جلابيبَ لتغطية الأهداف الحقيقية من الصراع السياسي ألا وهي الأهداف الأقتصادية .. إنهم يتطلعون الى الثروة الهائلة التي يزخر بها الأقتصاد العراقي . وهؤلاء المتصارعون المحليون يمتلكون , في غالب الحالات امتدادات اقليمية ودولية وهم في واقع الحال في أغلبهم يتطلعون لتنمية ثرواتهم الشخصية متوسلين بالدعم الأقليمي والدولي وهذا الدعم في المطلق يتطلب الأنصياع لهذه الحزمة أو تلك من المصالح الدولية المتناقضة تماما مع المصالح الوطنية .
مثلُ هذه الوقائعِ تجعلُ من البحثِ عن الحلولِ المنهجية , التي لاغنى عن انتهاجها , ضرورة ملحّة . وهذه الحلول يجب ان يتسم بعضها بطابع السرعة والمعقولية والبعض الآخر بطابع اصلاحي ويمتد لمسافة زمنية أبعد . وفي مجال الحلول الآنية يجب أن يلجأ الجميع الى التوقف عن المزج بين كل مستويات الصراع والأقتصار على تحديد العدو الأكثر خطورة وتوجيه الجهد العسكري والأعلامي والشعبي ضده . وليس هناك أيّ خلاف على اعتبار الأرهاب المتمثل بداعش وحلفائها هو العدو الأكثر خطورة لأنه يهدد المجتمع كله ويهدّدُ وحدةَ العراقِ ويفتّتُ جهودَهُ لخلقِ مجتمعٍ ديمقراطيّ يسير بشكلٍ متوازٍ فيه التطوّرُ الأقتصاديّ , اقتصادُ الوفرةِ , مع الحلولِ الناجحةِ والسليمةِ للمشاكلِ التي يعاني منها المجتمع العراقي في مختلف جوانب الحياة الأجتماعية والسياسية .
أما الحلول الأصلاحية التي يجب ان تتم بأكبر قدر من الحكمة والنشاط فهي في تخليص المجتمع العراقي من امراضه التي تراكمت عبر عقود طويلة من السياسات الدكتاتورية والطائفية والمتعكزةِ بشكلٍ مفتعلٍ على القبيلةِ والعشيرةِ بالأضافة الى الكثيرِ مما برزَ في العقدِ الأخيرِ , وهي أمراضٌ اقتضتها طبيعةُ التطلّعاتِ النهمةِ التي تتميزُ بها الشركاتُ العالميّةُ التي ترافق وجودُها ونفوذُها مع تواجدِ قواتِ الأحتلالِ والنفوذ الأمريكي الطاغي في الشؤون العراقية ومن هذه الأمراض يمكن وضع الفساد الأداري والمالي في المقدمة وبدون القضاء عليه لا يمكنُ التوجّهُ للأصلاحِ في مجالِ العلاقةِ بين مكوّناتِ المجتمعِ العراقيّ ومعالجةِ الأنقسامِ الأجتماعيّ , هذه المعالجة التي ستوفر الأرض الصالحة للأرتفاع بمستوى التعليم والثقافة والتوجه لحل مشكلة الخدمات وتوفير السكن وباقي مفردات الحياة المتحضرة التي يستحقها الشعب العراقي الطيب والذي استنزفه الآخرون بشكل بالغ الهمجية , لأن هذا الشعب لن يصمتَ مرّةً أخرى عندما يتهدّدُهُ غولُ الأرهاب أو أي غول آخر خاصة وإن التجربة أثبتت إن العدد الهائل للابسي الخاكي لا يعني دائما توفّر جدار الحماية الكافي فالعسكري لن يتحمّسَ للدفاعِ عن حياةٍ يسودُها الفسادُ وكلُّ مضاعفاتِهِ التي تشوُّهُ وجهَ هذه الحياةِ ولكنه سيكون مستعدا للأستشهادِ عندما يتركُ وراءَهُ حياةً تستحقُّ الأعتزازَ ويسعى دائما أن يبدو مستحقا لها .. إن اصلاحا يقومُ على هذا المفهومِ سيخلقُ لنا إنسانا محِبّاً لوطنِهِ وعاشقا للقيم الوطنية ليس من السهل التفكير بالأنتقاصِ من أرضِهِ واستقلالِهِ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام