الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الثورة وجنون الرعاع

رويدة سالم

2014 / 7 / 6
الادب والفن


" قصدي في هذا الكتاب ان اذكر جُمَلَ ما انتهى اليّ من نتف المخطوطات التي أخفاها كاتب يوحنا بن سعيد بن يوحنا وتركها هنا بأرض مصر مؤثرا ألا يرسلها الى معلمه بعد ان هرب من جور الحاكم بأمر الله فلم يضعها المؤرخ المذكور آنفا ضمن مصنفه الذي يحمل اسم "تاريخ الانطاكي" حول الاخبار السرية السالفة والحوادث الغامضة الكائنة منذ المدة التي اعتلى فيها الحاكم بأمر الله المنصور الخليفة الفاطمي السادس سدة الحكم وحتى ولادة الاله "الكوني" الجديد - تقدس أسمه - توخياً لقضاء حق من سألني جمعها ومراجعتها وتدوينها وحرضني على نظمها والله يحرسه ويقيه ما يتخوف منه " متجنبا الاطالة في السرد والإيجاز في الاختصار راجيا ان تجدوا في هذا الكتاب الذي خنت في نقل صفحاته النص الاصلي عن سبق اصرار وترصد كل ما تتوق نفوسكم لمعرفته عن خفايا دولة الحاكم فتقدرون بالتالي بعد دراسته ونقده منحي اجابة شافية لسؤال طرحته علي كاتب المؤرخ في فراش موته لكن الزائر المِلحاح لم يترك له فرصة الرد : هل يوجد في كل التاريخ البشري المعلوم وما خفي منه من هو اكثر تميزاً وأجدر بالاصطفاء الرباني من سكان البؤرة السوداء التي طوحت بنا في كل صوب دون ان تنجح في مساعدتنا على ايجاد الطريق الذي يضمن السلام المادي والنفسي لمتساكينها ؟

قال كاتب المؤرخ الحالم في ازمنة العقم :
إني أعلم يقينا ايها القارئ ان أحد المجانين من ذريتي سيسرق المخطوطة التي أخفيتها عن معلمي المؤرخ غيرةً على براءة نفوس لم يُفسدها الجبن والتواكل والعجز ورحمة بكل ذي قلب تواق للمستقبل قادر على الصراع والتحدي والمبادرة والقفزات الكبرى لما تحويه من وقائع صادمة ومتاهات حالكة وكلمات جارحة غاضبة ايمانا منه ان اوان كشف كل اوراق التوت قد حان. عمدا سيكسر السلاسل التي كبلت بها علبة باندورا وسيفتح رغما عن وصاياي البوابات لتنطلق الاوراق وقد مزقت اطرافها وانفصلت صفحاتها وتحررت كلماتها من اسر الجمع رغبة في التفرد لتتناثر حروفها وتنتشر في الشوارع والساحات العامة – ستطرق اسوار الجماهير السجينة في متاهات تاريخ تعتقد انه الاصدق والأقرب لمنطقها وقناعاتها الاشد رسوخاً... سيتداولها الناس ينظرون فيها... يتعجبون لما جنت ايديهم دون وعي منهم... ربما في غفلة منهم ستزفر دمعة او تند ضحكة ثم تتلاشى كل التعابير وتختزن في ذاكرة مثقلة ملت جمع الخيوط وترتيبها قبل ان يعودوا للاختفاء في الجحور.
فإذا صادف وتسللت الى يديك هذه الصفحات فرافقني قليلاً ان كنت تجد بنفسك بعض القدرة على التخلص من اسر الوقائع العجيبة السحرية المضخمة التي رسخوها فينا لما دجنونا في مفارخ اعدت على مقاساتنا على مدى اربعة عشر سنة.
ان كنت قادرا على انتقاء الافكار لا تبينيها كلها او رفضها كلها وقادرا بالتالي على التخلص من المؤثرات على المخيلة الشعبية وتحدي من يمتلكون فنون التحكم بها... ذاك التحكم الشيطاني بدرجات التعاطف الذي يتحول الى عبادة او النفور الذي يتحول الى حقد...
وان كنت تدرك ان كل الحكام قالوا وسيرددون دوما :" لم أستطع إنهاء حرب الفاندي إلا بعد أن تظاهرت بأني كاثوليكي حقيقي ولم أستطع الاستقرار في مصر إلا بعد أن تظاهرت بأني مسلم تقي. وعندما تظاهرت بأني بابوي متطرف استطعت أن أكسب ثقة الكهنة في إيطاليا ولو أني أتيح لي أن أحكم شعبا من اليهود لأعدت لهم معبد سليمان".
ثم ان كنت قادرا على التخلص من العواطف المرسخة في لاوعيك وهتك اسوار هوس الغوغاء بجلاديها وأردت ان تتدارك الهوة التي تفصل الجماهير عن العلماء والفلاسفة... الجماهير التي ( والحق يقال) لم تعرف في كل تاريخها اكثر من حني رأسها خنوعا وإقامة نصب تذكارية لمن سحقوها... تحركها ، كعرائس من قماش ، سرعة الانفعال ونزق السذاجة ونزعة المحافظة على المعتاد والتصديق والتضخيم والتبسيط والتعصب والاستبداد.
ان كنت بالنهاية تريد ان تكون مختلفا عنها قليلا لأن توقا للبحث عن حياة مغايرة للمألوف – عن تلك الحياة التي ضيعها الانسان لما خضع لثقافة شيخ القبيلة- تلك الحياة التي تقود كل طرقها الى التعايش السلمي مع الكون المحيط بنا... قد امتلكت عليك نفسك ورغبت ان تشاركني في جرم التجاوز والانتهاك فلترافقني قليلاً... انا ناقل اخبار الاحداث والاعترافات المهموسة سرا المنسي في سجل كل المؤرخين والذي يُسكنه جنون هتك استار الانسان التائه في اغترابهِ الأبدي عن ذاته وأنت القارئ المتيقّظ المصاب بداء الانتماء مثلي والذي يشكُّ في معاني كل الكلمات ما لم تنبع من أعماق الروح في اكثر لحظاتها صفاء وشفافية... معا فقط يمكن ان نجد الطريق لأننا نعلم يقيناً ان كل الحقائق نسبية مغرقة في زئبقيتها وأنه لا ثوابت يمكن أن نعتمد عليها وتقدر أن ترتفع بنا.
بما أننا كلانا نؤمن أن الارض التي نقف عليها رمال متحركة دوماً متأرجحة في حدة تبلغ أقسى درجات الخطر ركائزها قُدَّت من شك وبحث وفكر ، ستجد اني عبرك ومعك أمسح التاريخ الذي درّسوك إياه في مؤسسات لم تكن محايدة ابداً دانت دوماً بولاءات مشبوهة فأضاعت الطريق.
حين نبلغ تلك النقطة سنعيد كتابة كل ما قرأت في كل المخطوطات القديمة المتهرئة الاطراف والمتن وفي كل ابداعات المؤرخين المشبوهة بمدادٍ جديد وأن تصادم بعنف مع ما هو متفق عليه لتنحصر الأبجديات في ما يدين الحقيقة التي نعرف ويقوض اركانها ليعيد بناءها من جديد.
لا تعاند ميولك وأغلقها ان خفتَ فَـقْـدَ وهمِ أمانٍ تعيشه ويعز عليك فراقه.
ارمي بها ان جعلت العالم يضطرب امام نظرك فخشيت ان يتهاوى في اول سلة مهملات او في أحدى تلك المحارق التي لم تخمد يوما ولم تعرف ابدا سوى الاقصاء والتنديد دوما.
لكن ان أردت خوض المغامرة فلتبدأ معي قراءة تاريخ آخر مختلف.
لكي نفهم بداياته سنرحل في اتجاه عكسي للزمن الذي تعرف متخلصين من اسرِهِ وقيودِهِ. ننطلق من نقطة الوصول هذه – ولادة الاله الجديد اعني - لندرك تهافت من وضع حجز الزاوية وأعلن بداية رفع الستار لينطلق الشخوص في لعب ادوار المسرحية الهزلية حيناً و المميتة احياناً.
تعتقد اننا لا نقدر أن ننطلق من النهايات لكتابة تاريخ ما ؟
اعادة قراءة – على الاقل - لتاريخ إلتحف وهما سماه الحقيقة ثم تماهى فيها حتى غدى له بريق السراب في صحارى الموت...
تاريخ مصنوع بكل حذافيره صار من كثرة التكرار كونيا لا مراء فيه مقنع جدا لأنه حفر في الاعماق قبل ان نترك العابنا الاولى... تاريخ الحقائق المرصوفة فيه تظهر بجلاء ان حرفية سرد الرواة ممن ملئوا مكتباتنا اخبارا ملفقة وأساطير تعادل تماما دقة روايات المخبرين السريين الذين احرقت ظهورنا سياطهم فركعنا لدكتاتورية سحقت انسانيتنا واستباحت كرامتنا على مر العصور دون ان نعي او نتعلم...
تسلح معي ببعض الحرية الزائدة عن الحد القادرة على انتهاك كل ثابت وكل قيمة مطلقة دون ان تهمل بعض التجاوز لأنه الوحيد القادر دون ان يمس أمانَنا النفسي وسلامَنا العقلي على منحنا القدرة على تسلق الجماجم المحطمة المحيطة بنا وعلى السير بين القلوب المكسورة التي تتعلق بأطراف ثوبنا منتحبة راجية الخلاص وعلى الخوض في غمر الدماء المسفوكة بأسم الحق والعدل واليقين وتعالَ معي لنبدأ.
لننطلق من هذه الولادة "المباركة" ونطوف ارجاء هذا البلد ذي الامجاد التي سرعان ما نسيت لما استباحتها العصبية ونعرة الانتماء الاعمى للعشيرة وستنسى للمرة الالف في سعي الانسان المهدور المأسور بماضيه وبقيود من يمسكون خيوط كل رقع الشطرنج نحو خلاص وهمي يشيد اركانه من قهر واستكانة ولنبحث عن طوق النجاة القادر على منحنا اجنحة تحملنا نحو مستقبل آخر فالعصافير مهما طال اسرها لن تنسى الطيران ابدا.
أجنحة من نور ترفعنا بعيدا عن وحشية الصراع البشري وغمر الدماء وبحيرات الكبريت وسعير النيران الموقدة بأوامر ربانية وتأخذنا الى بوابات مستقبل من نوع آخر ، السبل اليه – هذا صحيح - تائهة فينا نتلمسها في أعماقنا لكن نعجز عن بلوغ حدودها الكبرى التي تلامس المستحيل وتبهر الابصار لأن الألق المخادع للأكاذيب الكبرى للكتبة المأجورين الخاضعين المسيرين بمصالح وأطماع وجنوح السلاطين يخفيها ويضع بيننا وبينها الف حجاب ولكنها ممكنة التحقق ككل الاقدار الجميلة.

وهم الثورة وجنون الرعاع صنع اصناما من نوع آخر

كنت منكفئ في بيتي ادون ما تناهى الى سمعي من أخبار وما عشت من تقلبات الزمان عندما على الصخب في الشوارع المحيطة ببيتي. وضعت القلم جانبا وأسرعت لأعيان فصلا آخر من الحكاية.
كان الوقت ليلا قد اشتد سواده. دلفت الى الخارج ورحت اطوف في أحياء مصر التي احببت. سرت طويلا في الشوارع والازقة المعتمة الخالية من المارة. ابتعدت كثيرا على سكون البيت وهدوء المدينة النائمة في استسلام. فجأة وجدتني في عمق فوضى نبتت كفطر في عمق مغارة منسية.
لا يعلم احد على وجه التحديد من القى بذورها، اين اختمرت ومن انتقى المناسب منها لتغيير الخرائط. تسربت للبلاد مع دعاة مجهولي الغايات ترعرعوا في رحم الوطن دون ان يدركوا معنى الانتماء. مُلئوا اطماعا وشُحنوا وعودا. بدؤوا الدق بهدوء في البدء على اكثر الابواب هشاشة. تلاعبوا كقردة خبيرة على حبال جعلها القهر اكثر سماكة. طرقوا بشدة اكبر لما تجمع حولهم اولئك المهدرون الذين يسكنهم الامل. وعدوا بمستقبل من نوع اخر فتكاثر الجمع في الساحات. استمر الطرق لبعض الوقت ففُتحت اذان صاغية في نفوس تواقة للحرية والتغيير وعالم افضل على شراعيها آملة في بعض نور. وكبر الحلم.
- هل يمكن ان نحلم ونضع دعائم عالم جديد ما لم نتصالح مع ذواتنا ونفهم حدودنا ونحدد غاياتنا ؟ تسأل.
تعالى اذا نتصفح اخبار ما حدث لنجد معا الاجابة الشافية.
كانت النفوس مذبذبة. مترددة. خائفة. غير واثقة من خطواتها. لا تجمعها اسس فكرية واحدة. تختلف اصولها العرقية ومعتقداتها ومذاهبها الدينية ورؤاها المستقبلية. تضع في اول الاعتبارات مصالح فصائلها وتؤمن بالتمايز الذي ما انفك يفرقها. لم يكن مفهوم الوطن واضح المعالم في افئدتها اذ كان بحدود الذات عند المؤمنين بالفردية وبحدود القبيلة عند الاغلبية وبحدود الكون عند اصحاب الحقائق الكونية.
وكان للحاكم رزمة قوانين وضعها الاجداد وباركها الاباء. تمنح الملك امتياز إدارة كل الشؤون على هواه. نصت في اهم بنودها على " اعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد وحتى إشعار آخر " و"وضع القيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والإقامة والتنقل والمرور في أماكن وأوقات معينة وتدقيق المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام توقيفاً احتياطياً والإجازة في تحري الأشخاص والأماكن في أي وقت وتكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال"
فكان ان توارت الحرية الشخصية وانتهكت الكرامة الانسانية وغاب الأمن وكتمت الاصوات وضاعت حرية التعبير وصار كل مواطن مشتبها به الى ان يثبت العكس وصارت المنازل والملكيات الخاصة ساحات عمليات عسكرية والمراسلات وسيلة مثلى للتوريط والاجتماع والتظاهر جرما مشهودا.
وضعت تلك المراسيم قيودا صارمة على إنشاء الأحزاب والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني وأكدت بالبند العريض ان الرقابة والحراسة الحكومية مفروضة على ما شاءت من الملكيات الخاصة والمؤسسات العامة حتى يتم إلغاؤها من قبل السلطة المختصة بإعلان ذلك فكان ان صارت الاعتقالات التعسفية والمحاكمات العسكريّة والملفات الامنية للمعتقلين السياسيين واقعا لا يقبل الجدال او الاستنكار وصارت كل عقارات القاهرة ومصر ملك للحاكم بأمر الله وأسرته ومواليه يؤجرها بالثمن الذي اراد ويوقف العمل بعقد الكراء مع الحجز على كل ما فيها متى عنَّ له ذلك فصارت منقولات التجار ملكا للحاكم يتاجرون بها لمصلحته وصار من القي القبض عليهم داخل الدور عبيدا يبيعهم او يمن عليهم بإطلاق سراح مشروط.
ما ادي لتفاقم هذه الظروف ونزول الكل للشوارع كان تناهي اخبار الناصر لدين الله امير المؤمنين الوليد ابن هشام الاموي الملقب بابي ركوة لأهل مصر والذي والحق يقال للتاريخ وللباحثين عن قبس حقيقة "تظاهر بالدين والنسك" (ابن الاثير) وكان يجعل في اسفاره ركوة كالصوفية فكنى بها بعد ان تشبع في اسفاره شرقا وغربا في بحثه عن اسباب الرزق وأيسر السبل للسلطة بما جادت به قريحة ابو محفوظ معروف الكرخي من ضروب التصوف وفنون اظهار الالم لضياع الاسلام وإبداء الامتعاض لانتهاك الشريعة ونكران الله. تعلّمَ ان يكون خطيبا مفوها مقنعا وأتقن اظهار الزهد والورع والتقوى وامتلك اسباب التلاعب بمشاعر الجماهير فاجتمع حلوه خلق كثير.
اختلفت اسماء ما قام به ابو ركوة وكان المضمون واحدا. لم يهتم المسحورون ببريق الامل ضد الظلم ان كان الاسم احتجاجا او انتفاضة او ثورة او حربا أهلية او أزمة او مجرد مؤامرة كما اذاع الحاكم بأمر ربه الذي جمع كل شعبه بعد صلاة عشاء اريد لها ان تكون مقتضبة نظرا للخطر الداهم وخطب فيهم قائلا ان لا مجال لأي تظاهر احتجاج لان الشعب المصري والحاكم بأمر ربه يعيشون في وفاق لا يضاهى.
بعد ان عاد لقصره وأمر بحمام ساخن من ماء الورد والأعشاب المهدئة للأعصاب طلب قائد العبيد وطلب اصدار المراسيم الجديدة وتوزيعها في كل ارجاء المملكة.
كان الكون يميد بما حمل. انخرطت في الجموع المحتشدة اللتي تباينت شعاراتها بين تـأييد للحاكم ومساندة لأبي ركوة وتقدمت منقادا بدفقها المستمر. سرت يحملني السيل الى حيث لا اعلم.
في الحقيقة لم اكترث لمعرفة النهاية فقد كان لذلك الحراك سحر آسر. هل يوجد بالكون ما هو اروع من ان نصرخ بملء رئتينا كل قهرنا ؟ كانت كل خطوة وكل صرخة تشعرنا اننا نولد من جديد وأننا تبني لأنفسنا صروح حياة فعلية لا مجرد عيش على التخوم بل بملء ما تحمله كلمة حياة من معنى وان الصراع يمكن ان يبعث فينا بعد ان كان ذرات من رماد نثرت في رمال الصحارى.
تعددت الكلمات وتكاثرت فينا دون ان نشعر انها قد بدأت تفرقنا.
اتعلم كيف تختزل بعض الكلمات اكثر من معنى ؟
القبول والرفض... القناعة والطموح... العجز والقدرة... الشجاعة والجبن... الثورة والرجعية... الحرية والاستسلام... الاستنكار والتحدي ؟
لا أنكر اني تشبعت بالمترادفات وبسحر المفردات وغموض المعني وان الجماعة صدرت لي جنونها اللامحدود. انخرطت في نسقها وسرت على هديها. تهت فيها وفي نبضها. اندمجت بلاوعي نشأ مستقلا عن وعيي الخاص وتجاربي لأجدني انصهر في البوتقة واتشرنق في الحشد حتى غابت الفروق وصرنا كيانا واحدا صارخا بوتيرة واحدة. لم نناقش ما اراد ماضينا منا ولم نشعر انه يمتلكنا اكثر مما يجب. كانت لنا طاقات تطلب مساحة للفعل. تطلب ثورة. حياة وحركة واستمرارا. وجودا حسيا فاعلا مؤثرا. فعلا بنيويا. صراع مستمرا من اجل غد باسم حر. بدء من جديد بلا مسلمات مسبقة ولا قيود واهية. التزاما بمستقبل نحن فقط من يقدر ان يرفع اعمدته. تبدت شرعية البنوة للوطن تعاظمت تمجدت وفي لمح البصر ابتلعها اللقطاء الدخلاء الموتى الاحياء.
ما حصل انه في تقدمنا المجنون سرعان ما حملنا السيل الجارف رغما عنا الى طرق شتى سرعان ما تشعبت وتفرقت وزادت الكيان تشظي. ما هالني بالفعل هو ان الجموع التي وجدتني ضمن صفوفها صارت تصدر جلبة كما عادة الرعاع ما ان تكاثروا في فضاء ما دون كلمات ذات معاني واضحة. صارت الاصوات اكثر صخبا لكني قصرت عن ان استشف فيها نوتات موزونة واعية. مع استمرار التقدم صارت النهايات متعددة والغايات مختلفة متناقضة والحناجر تطلق شيئا مبحوحا يشبه كثيرا الحشرجة او النواح المكتوم. تبينت من بين تلك الهمهمات المبهمة الاتية من اعماق كسيرة سلبية كلمة تتكرر كل حين بلون جديد : يوم جمعة ال... يوم جمعة ال... يوم جمعة ال...
وجدتني دونما وعي اردد جمعة، جمعة، جمعة... اليوم النهائي. العروبتو. الغربة. الانتماء. السند. الابتعاد. البدو... الرحل... المتنقلين... الثابتين...
لست اعلم ان كان اكتشاف الكلمات نصرا حققه البشر ام قيدا لفوه حول رقبتهم وصاروا اسراه الابديين.
صرنا نتدافع. نتشابك بالأيدي والكلمات. نتقاتل. شلت ارادتنا فقادتنا عيون غير عيوننا ودفعتنا خيوط لم ندرك من يحركها. تكاثرت صورها الإيحائية وشعاراتها الحماسية وأوامرها المفروضة في الفضاءات المعلومة وغير المعلومة. صرت ارى شخوصا تتحول الى نور ترتفع تتلألأ ثم تختفي وأخرى تتهاوى فلا يسندها احد لتقف بل يستمر الحشد في التقدم غير آبه. تكاثر التحليق والذوبان والسقوط وتنوع.
ما بقي اكثر اليوم في ذاكرتي كان الاحساس بالاشمئزاز لما ترتطم ساقاي بكتل بدت لي بشرية. لم يشعر احد انه داسها ولم تسمع اذن انينها. فجأة تاهت وجوهنا في النواحي السطحية الخارجية لشخصيتنا دون ان تتمكن من عكس وجهنا الحقيقي على مرآة الكون المحيط بنا. لاحظت في خضم تدافعنا تنوع الاقنعة التي كنا نرتدي وتضارب اشكالها. فجأة صارت الشخوص ظلالا بلا معالم واضحة. غرقت في كل ما هو منحط في الاخلاق الجمعية التي انطلق عل هدي ما هو نبيل فيها المسير. ادركت اني لم اعي منذ البدء ان جزء كبير من انايا وأنا الحشد كان مكبوتا ليتبدى بوضوح فاضح في رغبات اجتاحتنا وتفتحت في داخلنا كفم افعى مشبع بالسم. طفت جوانب سلبية ابتلعت الكل فغرقنا في القتامة والظلمة. رغبات ونزوات جنسية وميول وحشية نسيت في الجذوة الاولى للإنعتاق. تبدى لكل ذي نظر وجه اخر للحشد : نزعات عدوانية تخريبية مكبوتة في اعماق النفس كانت دون ادراك متموضعة في اعماق نفس بشرية لم تدرك حدود حقوقها وواجباتها ومعنى الكرامة والإنسانية الحقة وقيمة الانتماء لجسد واحد يسمى في كل الاعراف "وطنا".
حاولت في استفاقة خاطفة ان أتملص من اسر القيد الذي يدفعني في آن واحد الى الالتحام بالبقية ويربطني بماض مشروخ يسعى لنفي المستقبل وحقي فيه.
عندما ادركت تماما ما يحيط بي صارعت طويلا. لم يكن ذلك باليسير لولا اقترابه مني. كان شيخا حكيما. بدى لي ابيض الشعر طويل البنية سمح النظرة. كان يشرف على الحشد كله مدركا نزقه عالما بخيبة مساعيه وضياع احلامه على ضفاف الوهم الذي لم يقبل ان يتخلص منه رغم جذوة الصراع التي اعتملت لحين في عروقه وبين قيود ماض يَستلِذ قيوده ومستقبل يُجرم طفراته ودعواته للإبداع والخلق.
دون كلمات اشار للواقع التي غابت تفاصيله عني. نظرت الى حيث اشار فرأيت الوجه الحقيقي لأولئك الذين احتلوا دون سابق انذار المراكز القيادية للحشد. كانوا من المهافتين الخاوين ذوي البريق اللامع المخادع ومن ذوي المؤخرات المقدسة السميكة المحمية بعازل إلا عن العهر ومن النعاج التي تغثوا ومن المتعصبين الحالكين كليل بائس حزين الناضجين جدا في شيء يدعى الايمان.
ابتعدت قدر الامكان وتأملت الكل من فوق الهوة التي تفصل المنتمي عن الغير منتمين إلا لأوهامهم الاشد خصوصية وحميمية وضآلة. من ذالك المكان رأيت ما لم يروا.
وجدتني اسمع بوضوح صدى اصوات ممجوجة فوق منابر متعددة الاشكال لورثة الشهداء. كان جزء منهم كذبة متأنقين اعتقد اني اعرف بعض ملامح وجوهم في الدكتاتوريات القديمة يتغنون بادراك سبل خلاص الشعوب وكان البعض الاخر من المدعين الذين يحملون غرة تقوى ونسك وتجهد ويرددون انهم رأوا الله ولمسوه بأطراف اصابعهم وانه منحهم صكوك النيابة عنه.
في موقعي ذاك امسك الشيخ الحكيم بكتفي ودفعني الى سبيل آخر بعيدا. أعادني الى واقع نسيته مخضعا كل رغباتي وحاجياتي لمعاييره الاشد وضوحا والتي غابت عني حينا من الزمن.
رأيت صورة اخرى. رأيت ان ثورة ابي ركوة لم تكن من اجل مبدأ وحق ككل الثورات التي سبقتها وتلك التي سترث اسلحتها على مدى التاريخ الذي يستغل فيه الانتهازيون دين الشعوب من اجل الملك ورأيت ان الحاكم بأمر ربه الذي اباد خلقا كثيرا من خاصته واعيان مملكته وعامة الناس أُلصِقَت به في حرب دعائية مجازر اضافية لم يرتكبها في الحقيقة بل قامت بها ميليشيات من المرتزقة التي دربت في عقر الممالك المحيطة بمصر ، تلك الممالك التي تدين بالولاء المطلق لبيزنطة الروم الذين يحركون البيادق لتقوض سلطان الدولة الفاطمية واحتلال بلد مفكك لم يعرف يوما ولن يعرف ابدا سبل الحفاظ على تماسكه خصوصياته واغتصاب موارده. رأيت ايضا ان الدولة العباسية التي تدعي حماية دين الله وسنة نبيه رغم كل العهر المستشري في اوصالها والهوان الذي يعانيه شعبها واستبداد حكومتها المركزية منحت دعما ومالا ورجالا وساحات تدريب على الذبح الحلال لجشرمين وأفاقين ثم ارسلتهم لقتل الآمنين من المسلمين المسالمين وقطع رؤوسهم وطبخها واغتصاب نساءهم علنا وقطع اثدائهم وبطر بطونهن واختطاف اطفالهم لتزويد اسواق النخاسة بدم جديد.
أضاف بعض الاخباريين ذكر اليمن الناقم على ابتعاد الحاكم عن الشريعة ومبادئها الحق وانتقام اليهود الذين أذِلُوا طويلا ووجدوا الفرصة سانحة لإنشاء الدولة الموعودة ونقمة الاقليات وعزوفهم عن مساندة الحاكم بسبب ما نالهم من تضييق وإقصاء من حق تقرير المصير في اوطان كانت لهم يوما قبل ان يسلبهم اياها غاز تملكها وصنع جذورا تربطه بأديمها وفرضها عبر كل القنوات التعليمية والإعلامية حتى نسي الشعب اصوله وذاب في هويات الغزاة البديلة.
فيما يختلف واقع الصراع اليوم عن الامس ؟
يبدو لي ان التاريخ مجرد حلقة تبدأ دوما من ذات النقطة لتمر بذات التحولات ثم تصل الى ذات النهاية.
ثورة في مخاضها العنيف تلد ورثة للشهداء الذين يموتون مع قطع الحبل السري. ورثة الشهداء يطلق من بينهم الكائن الاكثر تشوها صرخته الاولى فتبث الرعب في نفوس كل الحاضرين الذين يركعون راجين من الله ان يكون الطفل القادم اكثر اكتمالا. وتستمر الحلقة في الدوران دون ان يوقفها لا الزمن ولا الشعوب ولا التجارب.
في ذلك الدوران المستمر للتاريخ انظروا وسترون ان كثيرا من مشاهد الضراوة او الانتهاك لإنسانية الانسان يكون دوما معدا مسبقا في دواليب اعداء الاوطان أو من ادعي نصرة استقلالية البلاد في العلن من بين اولئك الذين لم يعرفوا معاني انتماء اليها... أولئك الذين وان تلاعبوا بأوراق الحقوق الانسانية الاساسية لم يكترثوا يوما للدماء المراقة والأجساد المهشمة بل لما حتمته مصالحهم الخاصة.
انظروا مليا ايضا وسترون ان شيطنة مذهب الحاكم وسياساته سياسة قديمة متجددة تسلق درجاتها قديما وحديثا ذووا الاطماع في الداخل والخارج وصدقت الجماهير الاكاذيب دون ان تدرك انها تصنع اصنامها القديمة من جديد لتكون شياطينا اشد بأسا وظلما... شياطين ، بكساء حملان ونورانية قديسين ، حفرت في الصخر الاملس المتماسك خنادق فرقت بين الاخ وابن امه حتى صارت كل الحوارات حوارات طرشان.
لا تلعنوني ولا تبتئسوا رجاء اذ كشفت لكم زيف واقعكم وعفونة الخندق الذي يبتلعكم .
هو واقعكم... أفيكون ذنبي اني فضحته امام انظاركم وكشفت عهره لكم ؟
اني اهديه اليكم في صورته الفجة التي اعلم يقينا انها تؤذيكم لكن لا مناص امامكم من تأملها فربما في الدورة القادمة للتاريخ سيساعدكم ذلك - اذ ادركتم حجم الاماسي التي تنالكم وتعصف بشعوبكم ان انتم : متنوريه مثقفيه وحملة الشعلات من نور التي تضيئ الدروب فقدتم الدفة ولم تمتلكوا القدرة على التحكم بالمصائر - لتقَوِّمُوا المسار وتئدوا ورثة الشهداء قبل ان يمتلكوا امركم وتخرسوا ذوي المؤخرات العفنة من تجار الدين المضاربين باسماء الالهة فتكون صرخة الولادة لطفل مكتمل النمو سليما يسعد حياتكم وينثر الامل في قلوبكم.

دمتم بخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اسقاطات بارعة
خالد سالم ( 2014 / 7 / 6 - 10:48 )
رغم قتامة اللحظة والأفق فلا مناص من عودة الحق إلى المطالبين به. قد تطول المدة لكنها لن تصل إلى ما يشتهي من يريد اعتلاء الكون والاطباق على الطبيعة، طبيعة البشر، عجلة التاريخ. إن لكم في أمريكا اللاتنية نموذجًا يا أولي الألباب.
الإسقاطات خرجت من أنامل مبدعة قادرة على خلق الصورة، خلق كون يسعها مع الآخرين، كون أقل ظلمًا وأكثر عدالة وحرية.
!الديمقراطية هي الحل


2 - ماضينا كحاضرنا وطحننا بلا طحين
سامى لبيب ( 2014 / 7 / 6 - 11:39 )
تحية لك ولإبداعك كاتبتنا الرائعة رويدة – وانا اقرأ سطور روايتك قفزت فى ذهنى فكرة أبعادها متشائمة راودتنى دوما ولكن اخجل ان ابوح بها ليكون موقفى هو البعد عن السياسة وكفى الله المؤمنين شر الطحن بلا طحين- لا أعرف هل تشاركينى هذه الرؤية ام لا فنحن شعوب ماضيها كحاضرها هباتها كسكونها بلا جدوى وعندما تهب فهباتها صراخ ونباح يتحرك على مربعات قطعة شطرنج لتصفية حسابات الكبار اى اننا نتحرك كبيادق بكل اخلاص وهمة وحماس فلن تجدى فى تاريخنا التليد ولا الحديث هبات وثورات ذات عمق وذات فعل وذات جدوى .. أرجو أن أكون مخطأ


3 - قطعا الديمقراطية هي الحل الاوحد للخروج مما نحن فيه
رويدة سالم ( 2014 / 7 / 7 - 03:53 )
ممنونة استاذي خالد لكلماتك التي تمنحني ثقة اكبر بقيمة خربشاتي
لما يكتشف الانسان العادي في بؤرتنا السوداء ان التعصب الديني والهوس بالمناصب القيادية هي سر ازماته منذ بدء التاريخ الذي نعلم سيولد الطفل المكتمل النمو ونتخلص من المسوخ التي تشوه حياتنا كل يوم اكثر
مودتي استاذي الفاضل


4 - الامل باق استاذ سامي لبيب
رويدة سالم ( 2014 / 7 / 7 - 03:59 )
شكرا استاذي الرائع دوما اللبيب السامي على دعمك المتواصل لي
اشاركك هذا التشائم وشر الطحن بلا طحين المستشري في بلداننا اذا تاملنا الواقع الذي يقودنا الى الانقراض كل يوم اكثر
لكن كما قلت حضرتك في مقالات سابقة لك انها مرحلة انحسار الاديان الحتمية لانها في هوسها وعشوائية مخططاتها تكشف بصورة فجة كل يوم اكثر عن انيابها وشرورها
يوما ما سيولد عالم اجمل فالامل باق ما بقي في الجسد روح تائقة للتغيير
مودتي


5 - القطيع
على سالم ( 2014 / 7 / 7 - 14:13 )
استاذه رويده ,تهنئتى على مقال رائع ,ماضى العربان اسود وكالح منذ ان طل هذا المريض السيكوباتى الشاذ والمهووس جنسيا والقاتل الافاق فى هذه البقعه الغبراء من جزيره العرب العفنه وغير المستقبل الى الاشقى والابأس والاتعس ,انها نقطه سوداء قاتمه بدأت وتضخمت وانتشرت مع الزمن حتى اصبحت مثل السرطان الخبيث ,اتمنى من كل قلبى ان ينتهى الاسلام الرهيب البدوى الى غير رجعه


6 - لا تسكتي شهرزاد التونسيةعن الكلام المباح مقال عظيم
ليندا كبرييل ( 2014 / 7 / 7 - 21:08 )
الأستاذة القديرة رويدة سالم المحترمة

مقال فاخر،معنى ومغزى وأسلوباً
في كل فقرة فيه وقفت أفكر في حاضرنا المشابه لهذا الماضي التعيس

اسمحي لي أن أشير للملاحظة التي تقدم بها الأستاذ خالد سالم ت1

واقع أميركا اللاتينية يختلف تمااااماً عن واقعنا الإسلامي

يكفي أنه ليس لديهم ورثة شهداء يحتلون المنابر المقدسة المتعددة يدّعون حماية دين الله وسنة رسوله والعهر متفشّ في أوصالهم

لا مثيل لعهرنا العربي

ولا مثيل لصحرائنا المليئة بالبثور التي أطلقوا عليها تجاوزاً لقب وطن

ولا حلّ لنا في أي نموذج جاء على وجه الأرض

أنتم تعلمون هذا وتتغاضون عنه

الحل ليس في الديموقراطية
افصلْ الدين تماما عن السياسة وسترى الديموقراطية جاءتك على يديها ورجليها

الديموقراطية في ظلّ الدين؟
هل يتساوى المسلم مع الذمي في ظل الإسلام
بلا الذمي.. هل يتساوى السني مع الشيعي؟

ما أكثر المنابر التي كثرت وسهل الكلام من فوقها
تلك المنابر عرفها زمن أسود وجاء اليوم من يحييها

عزيزتي رويدة
افتحي صفحات التاريخ وعرّيهم
والأمل في أقلامكم الجريئة التي تقول الحق ولا تجّمله

بوركت أيتها الكاتبة الفاخرة


7 - استاذي الفاضل علي سالم
رويدة سالم ( 2014 / 7 / 9 - 23:24 )
اشاطرك الراي ان الواقع بشع بصورة لا تحتمل بسبب تسيس الدين وتحويل المعتقدات الى سلاح فاسد يزده التطبيق الارعن الذي يعتمده تجار الدين والحكام والشياه المنقادة التي توجه حيثما اريد لها ان تسير بدون اي اعمال للعقل او المنطق سوء وبشاعة وعنفا
عندما يدرك الانسان ان الدين شان شخصي لا يجب التدخل فيه او فرضه على الاخرين بالقوة ولا التدخل به في السياسات العامة للبلدان باي صورة كانت ستدرك شعوبنا الهوة التي تفصلها عن الانسانية الحقة التي تحترم الانسان وتقدره لذاته مهما تكن مشاربه
لنامل ان يكون المستقبل افضل يوما
مودتي


8 - العلمانية هي الحل حقا
رويدة سالم ( 2014 / 7 / 9 - 23:34 )
بوركت انت عزيزتي ليندا وبوركت كلماتك التي تزيد الفكرة ثراء
بالفعل الحل الوحيد يكمن في العلمانية التي تفصل الدين عن السياسة
لما يتحول السياسي الى مجرد موضف يحاسب كما يحاسب اقل موضف في الدولة ويركن رجال الدين الى محاريبهم يناجون ربهم دون ان يجبروا احدا على السير على منهاجهم او الانظواء في قطيعهم حينها فقط لنا ان نأمل في مستقل واعد يمنح الانسان حقه في الحياة والابداع والابتكار
يوما ما عزيزتي سيتحقق ذلك خاصة وان التطرف الديني يتبدى في صورته الفجة والمتوحشة للكل مغمدا الخنجر عمقا في نعش تجار الدين ومبرزا اسئلة آن للعقل ان يفكر بها بجدية
مودتي واحترامي زهرة الحوار


اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في