الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش و وهم النصر بالرعب

فادي كمال الصباح

2014 / 7 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


سعى الإنسان و منذ قديم الزمان في حروبه أن يلقي الرعب في قلب عدوه عدا عن امتلاك أقوى الأسلحة عبر وسائل شتى من لبس الأقنعة ذات الملامح المرعبة أو وضع خوذات رأس مصنوعة من فروات رؤوس الوحوش كالذئاب و الخنازير البرية أو تلوين الوجوه بالخطوط التي توحي للخصم بالشراسة والقوة.

لم يكتفي الإنسان قديماً بالمظاهر الإيحائية لممارسة الحرب النفسية على الخصم , لا بل حاول إبراز شراسته و عنفه عبر ممارسات همجية بحق من يقع تحت يده من الخصوم و تفننت الشعوب بممارسة توحشها, فمنهم من قطع الرؤوس و الأطراف و جعلها على نصب و أعواد و على مداخل القرى والمدن , و وصل الأمر ببعض الشعوب إلى حرق أو طبخ الأسرى و أكلها.
و كانت العمليات الانتقامية من مدنيي الخصم بعد التغلب في المعارك بكل فئاتهم أطفال و نساء و رجال وشيوخ, هدفاً سائغاً للمنتصر لإبراز الشراسة و إرسال رسالة واضحة إلى القاصي و الداني بالمصير الأسود إن فكروا بالوقوف بوجههم ,عبر إحراق المدن والقرى و سبي النساء واغتصابهم واستعباد الرجال و الأطفال و إقامة المذابح الجماعية .

قد لا يخلو تاريخ شعب من الشعوب من هذه الممارسات في الحروب, وغالبا ما تكون تحت غطاء ديني يبررها و يشجعها, حيث يظن أصحاب الإيمان الرومانسي بخلو الأديان المسماة بالسماوية من الدعوات للعنف و الإرهاب و بظنهم أن تلك ثقافات القبائل المتوحشة في أفريقيا و جنوب أمريكا و شمالها و لدى التتار و المغول السابقين و العرب الجاهليين , دون أن يظنوا بكون التوراة و القرآن حافلة بالنصوص الآمرة بالعنف و الإرهاب بشكل تفصيلي:

اولاً: نصوص التوراة( العهد القديم) :
• فَأَخَذَتْ يَاعِيلُ امْرَأَةُ حَابِرَ وَتَدَ الْخَيْمَةِ وَجَعَلَتِ الْمِيتَدَةَ فِي يَدِهَا، وَقَارَتْ إِلَيْهِ وَضَرَبَتِ الْوَتَدَ فِي صُدْغِهِ فَنَفَذَ إِلَى الأَرْضِ، وَهُوَ مُتَثَقِّلٌ فِي النَّوْمِ وَمُتْعَبٌ، فَمَاتَ.وَإِذَا بِبَارَاقَ يُطَارِدُ سِيسَرَا، فَخَرَجَتْ يَاعِيلُ لاسْتِقْبَالِهِ وَقَالَتْ لَهُ: «تَعَالَ فَأُرِيَكَ الرَّجُلَ الَّذِي أَنْتَ طَالِبُهُ». فَجَاءَ إِلَيْهَا وَإِذَا سِيسَرَا سَاقِطٌ مَيْتًا وَالْوَتَدُ فِي صُدْغِهِ.
سفر القضاة4/21-22
• وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.
سفر أخبار الأيام الأول 20/ 3
• حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها الى الصلح , فان أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك.
سفر التثنية 20/ 10-15
• وحرّموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف.
سفر يشوع 6/ 21

• فالآن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما له ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة.طفلا ورضيعا.بقرا وغنما.جملا وحمارا.
سفر صموئيل الأول 15/3
• فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال.وكل امرأة عرفت رجلا بمضاجعة ذكر اقتلوها, لكن جميع الأطفال من النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر أبقوهن لكم حيّات.
سفر العدد 31/17-18

• واجعل غيرتي عليك فيعاملونك بالسخط,يقطعون انفك وأذنيك وبقيتك تسقط بالسيف,يأخذون بنيك وبناتك وتؤكل بقيتك بالنار.
سفر حزقيال 23/25
• تجازى السامرة لأنها قد تمردت على إلهها,بالسيف يسقطون,تحطم أطفالهم والحوامل تشقّ.
سفر هوشع 13/16

ثالثا : نصوص القرآن:
• إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {المائدة/33}

• فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {التوبة/5}

• فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ..{محمد/4}
• إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ {الأنفال/12}

• وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا {الأحزاب/26} وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا {الأحزاب/27}

• هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ {الحشر/2}

• لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ {الحشر/13}

• سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ {آل عمران/151}

• وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ ..الأنفال/60}

• مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {الأنفال/67}

• قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ {التوبة/14} وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة/15}

• يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ {التوبة/73} يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ {التوبة/74}

• يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ {التوبة/123}

• يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ {التحريم/9}

لا يخفى على أحد صراحة هذه النصوص بالعنف و الإرهاب, و قد تجلت نصوص التوراة تلك,بصورة ما , على أرض الواقع بمجازر جماعية في كفر قاسم ودير ياسين و غيرها ارتكبتها العصابات الصهيونية و بمجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبتها المليشيات المسيحية اللبنانية وصولا إلى مجازر البوسنة والهرسك ,كما لا ننسى المجازر في أوروبا القرون الوسطى و المحاكم التفتيش و إبادة الهنود الحمر في أمريكا.

كما, تجلت بدورها نصوص القرآن بصورة ما, بمذابح مازالت تتراكم زيادة بأعداد ضحايا و بنوعية فظاعتها, من بني قريظة إلى بني سليم إلى استباحة المدينة المنورة في زمن يزيد مروراً بمجازر العثمانيين بحق الأرمن وصولا إلى مجازر و مذابح سوريا و أخيراً و ليس أخراً مذبحة داعش في تكريت بحق الأسرى من المتدربين العزل في معسكرات الجيش العراقي.

الكثيرون لا يقبلون بمسؤولية هذه النصوص بشرعنة الأعمال الوحشية بتبرير كونها نتاج التأويل الغير صحيح لها و الفهم المنحرف عن هدفها الأسمى, وهذه وجهة نظر لها أتباعها معظمهم من المتدينين المعتدلين ,لكن سواء كان الحق بنظرتهم أم لا ,لا يمكن إنكار أن وجود هذه النصوص ساهم لدى المتطرفين وبأشكال مختلفة بإسقاطها على وقائع و ظروف لأجل خلق شرعية لأفعال دموية ومتوحشة.

حالياً تحظى داعش بالجزء الأكبر من الأضواء المسلطة لحجم أفعالها و فظائعها الدموية والتي لم توفر حتى الأقرب فكرياً و سلوكياً لها جبهة النصرة وحلفائها , من الذبح و قطع الرؤوس و الصلب لأفرادها, مستندة إلى كم كبير من التراث الإسلامي ,سواء كان من القرآن أو من التراث بأمثلة شهيرة كحديث البخاري : أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ, و حديث نصرت بالرعب مسيرة شهر , و مجزرة بني قريظة و أفعال خالد بن الوليد ببني سليم و قتله الشنيع للصحابي مالك بن نويرة , حيث ذبح و وضع رأس تحت قدر وطبخ الطعام فوق و اغتصب زوجته لاحقاً.

إن ما شهدناه من عمليات ذبح وتقطيع و فظائع تحت مبررات دينية هدفها الأول والأخير دنيوي عبر تحقيق النصر بأسهل الطرق دون التورط في قتال ضاري , و هو ما يعكس حب الإنسان للراحة والكسب السريع بلا مشقة و كذلك يعكس الخوف من مواجهة الخصم, و هو عمل جبان لا يمت بأي صلة بالقوة و الرجولة لا يقوم إلا به كل حقير ,استغل ضعف و عدم قدرة الأسير على المقاومة ,فقاطع الرؤوس و ذابح الأسرى ,جبان يريد إيهام الطرف الأخر بوحشيته و شراسته بواسطة أسير مكبل منهك من التعذيب لا حول ولا قوة له, وينتظر منه أن يخافمن مواجهة جماعته فيهرب.

تكتيك النصر بالرعب ,نجح في عصر الإسلام الأول , وتكرر الأمر في نشوء الدولة السعودية و انتشار الوهابية فيها, فبالحالتين, جرت تحالفات بين جماعة دينية وقبائل لها أطماع بالسيطرة, وبدأ العمل الحربي والترهيبي على أهداف صغيرة و جماعات ضعيفة, مما استقطب تحالفات إضافية بفعل الترهيب والترغيب ,مما أدى إلى ما يشبه تدحرج كرة الثلج لتصبح بحجم لا يقاوم.

حالياُ ,داعش تحاول إعادة التجربة ذاتها , من حيث تحالفات مع قبائل و عشائر في سوريا والعراق, و بدءها سابقاً باستهداف أهداف ضعيفة وصغيرة و من ثم استهداف الأهداف الأكبر فالأكبر بزيادة قوتها و حجمها.
لذلك أن تجربة داعش و الوهابية من قبلها، لم يكن لها أي مجال لتكبر لولا استمالتها قبائل و عشائر و إخضاعها لأخرى بواسطة غيرها ، و لولا وجود نعاج بشرية تنساق عن عماء وراء مزاج زعيم القبيلة و العشيرة ، فمن الواجب تحرير العقل العربي من أغلال القبيلة و العشيرة لحرمان الإرهاب من أدوات أساسية له.

إن تكتيك النصر بالرعب مع وجود تجارب تؤكد نجاحه في أماكن وظروف معينة ,لكنه سيف ذو حدين و يتحول غالباً الى سحر منقلب على صاحبه, حيث له قدرة كبيرة على استفزاز المشاعر لدى الخصم و وضعه أمام خيار القتال حتى الرمق الأخير الذي لا مجال فيه للاستسلام أو التراجع , ويدفع الجماعات الضعيفة التي تستشعر بخطر الاستفراد فيها إلى التكتل مُشكلة قوة قد تتفوق على عدوها, وهذا ما حصل فعلا في سوريا عندما تكاتفت الأقليات لدى استشعارها بخطر يهدد وجودها من جماعات لا تفهم سوى لغة الذبح و قطع الرؤوس, والذي أدى فيما بعد إلى دخول قوات حزب الله المعركة بعد أن أعلنت تلك الجماعات نيتها باجتياح لبنان وبالأخص القرى التي تناصره و تمكن من إلحاق هزائم كبيرة فيهم ناسفاً بعرض الحائط فكرة النصر بالرعب.
وأيضا تكرر المشهد في سوريا ,عندما تحالفت فصائل عدة من المعارضة السورية الجهادية وألحقت هزائم كثيرة بداعش وطردتها من مناطق واسعة , وللعلم أن داعش مارست أفظع الممارسات الترهيبية من ذبح و قطع رؤوس و صلب ,بحق هذه الجماعات التي بمعظمها تتبع فكر و سلوك داعش نفسه و لم يردع.

لكن ما جرى مؤخرا في الموصل ,من هزيمة سريعة للجيش العراقي فيها حيث اجتمعت كل الظروف و العوامل لحصولها من خلال خلطة تتكون من خيانات و شراء ذمم وتحالفات ظرفية و سوء قيادة وسيطرة و عماء استخباراتي و قلة الاحتضان الأهلي و الأحقاد الطائفية و السلطوية, فهنالك تصدرت داعش مشهد النصر و زينته بمجزرة فظيعة بحق 1700 متدرب عزل من السلاح, حينها تعاظمت الأنا الداعشية متوهمة بالقدرة على استغلال النصر بمزيد من التقدم وأعلنت نيتها التقدم نحو بغداد, الأمر الذي استثار مشاعر الملايين ممن تقاطروا لمقاتلتها, فانكفأت التصريحات الداعشية عن أهداف التوسع الى حيز الدعوة الى الدفاع و الحفاظ على المكتسبات.

لا تكتفي داعش بالممارسات الدموية فقط ,بل تحاول إحداث الرعب عبر الخداع و التلفيق, حيث استعرضت منذ أيام في شوارع مدينة الرقة السورية ,صاروخ سكود و هو صاروخ بعيد المدى يمتلك رأس حربي ضخم , و بالتحقيق حول الموضوع تبين من خلال خبر يعود الى تاريخ 2013-02-26 بالاستناد الى مشاهد مصورة من قناة الجزيرة أن المعارضة السورية استولت على هيكل صاروخ سكود غير قابل لإطلاق لغياب معداته والأجهزة الملحقة في بلدة الكبر في دير الزور, لذلك وقع بأيدي داعش التي تسيطر على المنطقة اليوم, فاستخدمته بطريقة سخيفة لتحدث رعباً لدى خصومها فأحدثت سيلاً من السخرية عليها.

ما يمكن أن تؤكده تجارب الحروب أن اعتماد تكتيك الرعب لا يؤدي إلى الغاية المطلوبة لا بل يزيد الأمور تعقيداً بحيث أن المهاجم يستفز المدافع للدفاع المستميت حتى أخر الرمق الأخير ,لأنه يضعه بين خيارين إما الموت بالقتال أو الموت بالأسر, بينما معظم الجيوش المهاجمة تتجنب محاصرة المدافعين من كل الجهات فتترك منفذاً أمناً لتسهيل فرارهم و عدم إجبارهم على القتال المستميت, وبإمكان المهاجم تسهيل المهمة عليه فيما لو كان يحسن معاملة الأسرى حيث يشجع ذلك المدافع على تسليم نفسه عند وصوله لمستوى معين من الضغط مفضلاً إنقاذ حياته بعد يأسه من القتال وهذا ما حصل بشكل واسع خلال حرب الخليج الثانية و غزو العراق.

النصر بالرعب سحر ينقلب غالبا على صاحبه ,كما حصل لفرنسا في الجزائر حين سربت صور التعذيب الرهيب للثوار الجزائريين و تبعتها أمريكا بصور التعذيب من سجن أبو غريب و كانت النتيجة في كلا الحالتين أن زاد عند الخصم السخط عليهما والرغبة بالانتقام و الإصرار لمقاتلتهما و حتى انتصر وخرجت فرنسا من الجزائر وأمريكا من العراق.
و عليه من المتوقع مستقبلاً أن تلقى داعش مصيراً أسوء بكثير من لكثرة الأعداء المتشوقين للانتقام منها الذين صنعتهم و للمستوى الهائل من الحقد الذي أفرزته على نفسها, جراء ممارساتها الدموية الفظيعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 7 / 7 - 17:51 )
رابط يتحدث عن آيات الجهاد في القرآن الكريم , و هي آيات دفاعيه , راجع :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=48678

اخر الافلام

.. حزب الله اللبناني يوسع عملياته داخل إسرائيل ويستهدف قواعد عس


.. حزب الله يعلن استهداف -مقر قيادة لواء غولاني- الإسرائيلي شما




.. تونس.. شبان ضحايا لوعود وهمية للعمل في السوق الأوروبية


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية.. وطلاب معهد




.. #الأوروبيون يستفزون #بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال ا