الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف حركة الإخوان المسلمين من العنف

صلاح الصادق الجهاني

2014 / 7 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يظهر موقف الإخوان المسلمين بوضوح من قضية العنف، في البيان الذي أصدرته الحركة في القاهرة بتاريخ 30/إبريل/ 1995م، وكان هذا البيان يعتبر رداً على كثير من التساؤلات، والتشكيك الموجه للحركة، ففي الفقرة الثالثة من البيان ما يلي: " ولقد أعلن الإخوان المسلمون عشرات المرات خلال السنوات الماضية، أنهم يخوضون الحياة السياسية، ملتزمين بالوسيط الشرعية والأساليب السلمية وحدها، مسلحين بالكلمة الحرة الصادقة، والبذل السخي في جميع ميادين العمل الاجتماعي، مؤمنين أن ضمير الأمة ووعي أبنائها هم في نهاية الأمر، الحكم العادل بين التيارات الفكرية، والتيارات السياسية التي تتنافس تنافساً شريفاً في ظل الدستور والقانون؛ وهم بذلك يجددون الإعلان عن رفضهم لأساليب العنف، والقسر ولجميع صور العمل الانقلابي، الذي يمزق وحدة الأمة، والذي قد يتيح لأصحابه، فرصة القفز على الحقائق السياسية والمجتمعية.
لكنه لا يتيح لهم أبداً، فرصة التوافق مع الإرادة الحرة لجماهير الأمة.. كما أنه يمثل شرخاً كبيراً وهائلاً في جدار الاستقرار السياسي، وانقضاضاً غير مقبول على الشرعية الحقيقية في المجتمع، وإذا كان جو الكبت والقلق والاضطراب الذي يسيطر على الأمة، قد ورط فريقاً من أبنائها في ممارسة إرهابية روعت الأبرياء، وهزت أمن البلاد، وهددت مسيرتها الاقتصادية والسياسية، فإن الإخوان المسلمين يعلنون في غير تردد ومداراة، أنهم برءاء من شتي أشكال ومصادر العنف، مستنكرون لشتي أشكال ومصادر الإرهاب، وأن الذين يسفكون الدم الحرام، ويعينون على سفكه، شركاء في الإثم، واقعون في المعصية، وأنهم مطالبون في حزم، وبغير إبطاء، أن يرجعوا لحق.
إن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، وليذكروا - وفي غمرة ما هم فيه، وصية الرسول صلي الله عليه وسلم في حجة الوداعة: (أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأغراضكم حرام عليكم إلى يوم القيامة كحرمة يومكم هذا في عامكم هذا في بلدكم هذا) "( )، وهذا إن الذين يخلطون الأوراق عامدين، ويتهمون الإخوان المسلمين ظالمين، بالمشاركة في هذا العنف، والتورط في ذلك الإرهاب، متعللين في ذلك بإصرار الإخوان على مطالبة الحكومة بأن لا تقابل العنف بالعنف، وأن تلتزم بأحكام القانون والقضاء، وأن تستوعب دراستها، ومعالجتها لظاهرة العنف، جميع الأسباب والملابسات، ولا تكتفي بالمواجهة الأمنية.
وعليه فإن ادعاءاتهم مردودة عليهم بسجل الإخوان الناصع، كرابعة النهار على امتداد سنين طويلة، شارك الإخوان خلال بعضها في المجالس النيابية والانتخابات التشريعية، واستبعدوا خلال بعضها الآخر عن تلك المشاركة، ولكنهم آلوا على الدوام، ملتزمين بأحكام الدستور والقانون، حريصين على أن تظل الكلمة الحرة الصادقة سلاحهم، الذي لا سلاح غيره، يجاهدون به في سبيل الله (ولا يخافون لومه لائم)".والأمر في ذلك كله ليس أمر سياسة أو مناورة، ولكنه أمر ديني وعقيدة، يلقى الإخوان المسلمين عليه ربهم"( )، ( يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مال ولا بنون إلا من آت الله بقلب سليم)". ورغم توقف الإخوان المسلمين عن مسار العنف، واللجوء للمسار السلمي؛ لعدم تسجيل أي واقعة عنف تورطت فيها الحركة، إلا أن تاريخ الحركة في العقود الماضية، ليس ناصعاً كما يدعي الإخوان المسلمون، فالتاريخ يحتفظ للحركة بسجل حافل من الاغتيالات السياسية والعنف، الذي تورطت فيه الحركة من اغتيال، ومن أشهرها الاغتيال الشهير لرئيس الحكومة في العهد الملكي النقراشي، كذلك اغتيالهم للقاضي الخازن دار.
وبعد ظهور ثورة 23 يوليو، وبالرغم أن الحركة الوحيدة التي أبقى عليها من قبل جمال عبد الناصر شخصياً بعدما تم حل كافة الأحزاب السياسية العاملة في الساحة السياسة في مصر،رغم مشاركتها لضباط من الإخوان وغيرهم في وزارة الثورة، إلا أن اشتراطات الإخوان ومحاولتهم في فرض وصاية على الثورة، سبب نفور الضباط الأحرار من الحركة وخاصة بعد تدخل الحركة في مساندة الصراع بين الضباط أنفسهم، وخاصة بين جمال عبد الناصر ومحمد نجيب، وانتهت بالمحاولة الفاشلة لاغتيال الزعيم ( جمال عبد الناصر) بالمنشية، التي اتضح أن الإخوان كانوا خلف تلك المحاولة، والتي سببت اصطدامها بالسلطة، و دفعت نتائجها من أحكام بالسجن لقيادتها، وحلها، وهجرت أفرادها إلى الخارج ، وخاصة إلى دول الخليج ربما هذه الخلفية التاريخية للعقود السابقة لا يعبر عن موقف الإخوان اليوم، ولكن الذي يؤخذ على الإخوان اليوم، هو عدم إدانتهم لأعمال العنف، التي قامت بها الحركة في تلك العقود السابقة.
لكن العنف الأشد تأثير على المجتمع والأفراد، هو فرض منهج وفكر أُحادي، لا يكون نابعاً من المجتمع، بل من منظرين ومفكرين، وهنا يجب التفريق بين الفكر كفكر إنساني، قابل للأخذ والرد والجدل والصواب والخطأ، وبين الدين كدين مرسل من الذات الإلهية، بنص يتطلب فهمه بشكله ومضمونه الصحيح، ولكن فرض فكر أو منهاج لمنظرين على مجتمع بالكامل، وقد يكون هذا المسلك لا يتطابق حتى مع أبسط مقومات العصر، ولا يمس القضايا الحقيقية للمجتمع، وهو أبعد شيء عن الديمقراطية، وخاصة إذا اقترن بالعنف، المتمثل في الإقصاء، والتزمت والتعصب، ومصادرة الحقوق والرأي باسم الدين، وتبقى الحرية والديمقراطية هي التعبير الحقيقي عن نبض الشارع، والجماهير وعن تطلعاتها التي قد يعبر عنها حتى نخبة من أبنائها المثقفين، وتلتف حولهم الجماهير، وعلى الحركة أن تكون أقرب إلى قضايا الشارع؛ لتضمن تدفق الحياة فيها، وخاصة بعد ثورة يناير في الشارع المصري، والأهداف التي رفعتها، والتي كانت الأهداف الأقرب إلى أهداف ثورة يوليو في عهد الزعيم "جمال عبد الناصر"، الذي وزع الأرض، وبنا الجيش والمصانع، وأدخل أبناء الفقر والفلاحين الكليات العسكرية، وبذلك أدخل الجماهير إلى حلبة التقدم، وإلى النسيج الاجتماعي وبذلك أطلق حريتها الحقيقية، في بلاد العالم الثالث، والتي كانت تري ان تبدأ بتحريرها من الاستعباد والاستغلال، ومن الجهل والتخلف والخوف والفقر.
تلك هي الديمقراطية والحرية، كما كان يراها " عبد الناصر "، والتي تشكل اليوم قضايا المجتمع الحقيقية، وليس قضايا التغييب التي تدخل المجتمع في دوامة تهدر طاقته وتدخله في دائرة العنف، بعدما يتوقف الحوار واحترام الرأي الآخر، وتصبح الديمقراطية وسيلة لفرض الوصايا على المجتمع، يتنكر له، بمجرد الوصول للسلطة، وبذلك تكون أي حركة تؤمن بذلك وخاصة حركة الإخوان المسلمين المتهمين بذلك قد تكون وضعت نفسها والمجتمع في أكبر منزلق للعنف، وهذا لا ينطبق على الحركات، بل على الأنظمة الحاكمة أيضاً، في تنكرها للديمقراطية عندما لا ترجح كفة الميزان لها وتفشل الديمقراطية لتكون وسيلة في بقائها في السلطة، والجزائر أصدق دليل علي ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟


.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني




.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح


.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي




.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال صبيحة عي