الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتصال الإنساني: مفهومه وعناصره الأساسية 2

حسني إبراهيم عبد العظيم

2014 / 7 / 7
الصحافة والاعلام


الاتصال الإنساني: مفهومه وعناصره الأساسية 2


ثانيًا: الرسالة: Message (المحتوى)

تمثل الرسالة عصب عملية الاتصال، فهي الغاية الأولى للعملية بأثرها، فالهدف الأساسي للاتصال يتحدد في نقل المعنى، حيث ينشغل الإنسان طوال حياته، بتفهم الآخرين، وإتاحة الفرصة لهم أن يفهموه، ويعتمد نجاح الإنسان وفشله في الحياة الاجتماعية على براعته في فن الاتصال؛ ولهذا فإنه لا يتعين على الإنسان أن ينقل حقائقه وأفكاره ومثله فحسب، وإنما عليه أن يهتم كذلك بالتعبير عن عواطفه وآماله، ومخاوفه، وإنجازاته، وحبه وقلقه وإحباطه، وعليه كذلك أن يتعرف على البيئات العقلية والفيزيقية التي تعيش فيها، ويعكسها، ويضعها ويفسرها. ولا يمكن أن يتحقق كل ذلك إلا بصياغة رسالة ذات مضمون واضح وحاسم.

واستنادًا إلى ذلك، فإن عملية التأثير وهي الهدف النهائي للرسالة، لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال قوة الرسالة ووضوحها، حتى تصل في النهاية إلى المتلقي بالصورة والكيفية التي أرادها القائم بالاتصال، إن العلاقة هنا عضوية ومعقدة بين القائم بالاتصال والرسالة، ويصعب في أحيان كثيرة الفصل بينهما. فالقائم بالاتصال يحاول توصيل معلوماته ومشاعره إلى المتلقي، فيحولها إلى رسالة ـ مكتوبة أو مسموعة ـ ويتوقع المرسل أنها رسمت في ذهنه بنفس الصـورة التي كانت في ذهن المتلقي.(سـعـد مرزوق 91 - 92).

والواقع أنه نظرًا لتلك الأهمية، فقد تناول علماء الاجتماع المهتمون بقضايا الاتصال مختلف الجوانب المتعلقة بالرسالة كمضمون الرسالة، وطريقة صياغتها وآليات نجاحها.

* مضمون الرسالة:

يقصد بمضمون الرسالة Content كل المعاني التي تنتقل من المرسل إلى المستقبل عن طريق استخدام الرموز اللفظية، والموسيقية، والرموز المصورة والحركة، والإشارة.... الخ، وكل هذه العناصر تمثل مادة الاتصال، والواقع أننا حينما نتحدث عن الرسالة أو المضمون، سوف نلاحظ أن القائم بالاتصال حينما يقدم رسالته، عليه أن يصيغها في رموز، ويحدد الأدلة التي سيقدمها، والأخرى التي يستبعدها، كما يضع الحجج التي يجب أن يسهب فيها، والحجج التي يراها ضعيفة، فلا يذكرها، ويحدد كذلك نوعية الاستمالة –هل هي عاطفية أم عقلية- ومدى قوتها، باختصار إن كل رسالة إقناعية هي نتاج لعدد من القرارات بالنسبة لشكلها ومضمونها، وأغلب تلك القرارات لا يمليها الهدف الإقناعي فقط، وإنما تمليها كذلك خصائص الجمهور، ومهارات المتحدث اللغوية والنفسية...... الخ. (جيهان رشتي 1978: 462).

وتنقسم الرسالة من حيث المضمون إلى جانبين:
- المضمون اللغوي. - المضمون التصويري.

وسنتناولهما بشيء من التفصيل:
أ. المضمون اللغوي:

تعتمد الصلات البشرية بصورة أساسية على استخدام اللغة، فهي نظام ابتدعه الإنسان ليتبادل مع الآخرين المعلومات والأفكار والمشاعر، ويتميز الإنسان عن غيره من الكائنات بقدرته الفائقة على التفكير وعلى إحداث تمييزات صوتية دقيقة ....ويبدأ اكتساب الإنسان خبرته في بناء اللغة، حينما يربط الأشياء برموز لغوية معينة، بحيث يقترن الرمز بحيوان أو نبات أو جماد أو إحساس...... الخ، ولذلك فإن الرموز (الكلمات) تختلف باختلاف المجتمعات.

والواقع أنه حينما يتكلم الناس أو يكتبون، فإن أهم ما يعنيهم هو ما يحاولون نقله للآخرين، بحيث يفهم ويدرك بالدقة المقصودة، ومشكلة الغموض والخلط هي واحدة من خصائص اللغة، التي لا يمكن التخلص منها، نظرًا لطبيعة رموز الكلمات وتعبيرها عن أكثر من شيء في وقت واحد، بالإضافة إلى الإشكاليات اللغوية والبلاغية الأخرى.

ورغم أهمية اللغة في تحديد مضمون الرسالة، إلا أنها قد لا تكون ناجحة في كثير من الأحيان في نقل مضمون الرسالة، وذلك لسببين: (سعد مرزوق 96)

الأول: أن اللغة تعتمد على استخدام كلمات بعضها على درجة كبيرة من التجريد، وتكون محملة –في أحيان كثيرة- بكلمات قد تتضمن أكثر من معنى.

الثاني: أثبت علماء الاتصال أن اللغة قد لا تعبر عما نريد التعبير عنه بدقة كاملة، فعلى الرغم من أن العقل يعمل باستمرار لترجمة الأفكار إلى كلمات، إلا أن هذه الكلمات لا تعكس الفكر بالضرورة، يضاف إلى ذلك أن اللغة تقف عاجزة في كثير من الأحيان عن التعبير عن كثير من الانفعالات الإنسانية، وفي هذه الحالة يستعين الإنسان بوسائل أخرى مساعدة كالحركة، وتعبيرات الوجه، والتعبير البصري... إلخ.

ب. المضمون التصويري:

لقد كانت الرسوم البسيطة، والإشارات المرئية هي وحدها وسائل الاتصال قبل معرفة الإنسان اللغة... فأغلب معلوماتنا عن الحضارات القديمة جاءت من خلال بقايا الصور المسجلة، فقد استخدم الإنسان الرسوم والنقوش فترة طويلة من الزمن.
وفي الوقت الراهن تلعب الصورة دورًا هامًا في عملية الاتصال الجماهيرى، حيث أن المرئيات هي المصدر الرئيسي للخبرة، فنحن نتعرف على الأشياء بعد أن نراها في الواقع، أو حين تنتج نماذج مرئية أخرى كالصور.

وتمثل الصورة ـ بكافة أشكالها ـ أحد أهم أدوات التعبير في وسائل الاتصال الحديثة، وخاصة التليفزيون والسينما والمسرح والصحافة، وتكون أكثر تأثيرًا في أحيان كثيرة من اللغة، فالصور التي تنقلها وسائل الإعلام يوميًا عن المجازر التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، والتي ترتكبها القوات الأمريكية ضد العراقيين والأفغان،وصور الذين استشهدوا في الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، وصور المجاعات التي تهلك آلاف الأفراد – وخاصة الأطفال- في إفريقيا، هي أبلغ ألف مرة ـ من مئات المقالات، وربما الكتب التي يمكن أن تصف وتحلل هذه الأحداث.

* العوامل المؤثرة في الرسالة:

تتأثر الرسالة ببعض العوامل التي تحدد مفعولها ومدى تأثيرها في المتلقي، من أبرز هذه العوامل ما يلي:

1. القائم بالاتصال ومهاراته في صياغة الرسالة، ومدى امتلاكه للأدوات الإقناعية، ومدى قدرته على استمالة الآخرين نحو ما يريد أن يبثه في مضمون الرسالة.

2. الوسيلة أو القناة المستخدمة في توصيل الرسالة، فالوسائل المطبوعة كالصحف والمجلات والكتب تتطلب جمهورًا ذي خصائص محددة أبرزها القدرة على القراءة والكتابة والإحاطة بالشكل العام، لذلك فإن تأثير الرسالة يكون محصورًا في جمهور معين، أما في حالة الرسالة المقدمة في الوسائل السمعية والمرئية كالتليفزيون والسينما، فإنها تكون أوسع نطاقًا، لأنها تصل إلى قطاع عريض من أفراد المجتمع.

3. الخبرات المشتركة بين المرسل والمستقبل، فكلما زادت هذه المساحة كلما كان تأثير الرسالة أكبر، فعندما يذيع التليفزيون برنامجًا عن تطوير المحاصيل الزراعية بطريقة مبسطة يستفيد منها ملايين الفلاحين، أما عندما يتناول برنامج آخر قوانين النسبية على سبيل المثال، فالمستفيد منه قطاع بسيط للغاية.

4. الموقف الاجتماعي Social Situation الذي يتلقى فيه المستقبل الرسالة، إذ يتوقف تأثير الرسالة وفعاليتها على هذا الموقف، وما يتضمنه من جوانب وجدانية أو عاطفية، فإذا كان المتلقي في موقف متوتر أو حزين فإن استجابته للرسالة ستكون ضعيفة، أما إذا كان في موقف معتاد، وسار مستقر، فإنه سيستقبل الرسالة بصورة حسنة. كذلك يختلف تأثير الرسالة إذا كان المتلقي منفردًا أو وسط مجموعة، ويؤثر حجم هذه المجموعة أيضًا في مدى تأثر المتلقي بالرسالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر