الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب (مقتربات قرائية لاشعار اماراتية) للناقد وجدان عبد العزيز

أمجد نجم الزيدي

2014 / 7 / 10
الادب والفن


(لا نشك بان الذائقة بحاجاتها الفنية والادبية تساير التحولات التي تطرأ على التاريخ)
وجدان عبد العزيز

صدر كتاب (مقتربات قرائية لاشعار اماراتية من البيت القاسمي)*، للناقد وجدان عبد العزيز عن دار مديات ثقافية، وقسم الكتاب الى اربعة مقتربات قرائية، تناول فيها الناقد اربع شعراء من عائلة القاسمي الحاكمة لامارة الشارقة في الامارات العربية المتحدة، وهم (صقر بن سلطان القاسمي) ضمن المقترب القرائي الاول، و (هند بنت صقر القاسمي) في الثاني، و (اسماء القاسمي) في الثالث، اما المقترب الرابع فكان عن (فواغي القاسمي)، وانبنت قراءته في هذه المقتربات على إن النصوص الابداعية -حالها حال كل منتج دنيوي اخر- متغيرة خاضعة لتقلبات الزمن، والتطورات التي تنشأ على الوعي البشري، لذلك فالنص الابداعي من جانب والذائقة المتلقية من جانب اخر، تخضعان الى هذه المتوالية الزمنية الارتقائية، إذ إن ما تحبذه الذائقة في زمن ما، لايمكن ان نجبر عليه ذائقة زمن اخر مختلف زمنيا وثقافيا وحضاريا، وهذه الاشكالية تبرز دائما في تعاملنا مع الاجناس الادبية المستحدثة كالقصة القصيرة جدا وقصيدة النثر والنص المفتوح الى اخره، فالكثير من متلقي هذه الانواع والاجناس الادبية التقليدية لا تحبذ الانواع الاخرى المستحدثة، وهذا الامر لايمكن الجزم فيه طبعا، لان مجسات الذائقة متغيرة واحكامها نسبية، ومن هذا يضعنا المؤلف في الخط الفاصل بين طرفي عملية بناء الذائقة وهي المنتج والمتلقي او المرسل والمستقبل، حيث ان التوازن الذي يفترضه الكاتب - بين الناحية الفنية للنص والناحية الاتصالية للمتلقي- (يمنع خضوع منتج النص لمسايرة الذائقة تماما بسبب ان الخضوع التام يضعف حرية المبدع وبالتالي قد يضمحل السمو الفني عنده) ، لذلك فان الالية التي اتخذها الاستاذ وجدان عبد العزيز في كتابه هذا، لقراءة هذه النصوص المختارة اعتمدت على رؤية نقدية محددة في بناء متن مباحثه، وهي ان المبدع حر لا يخضع الى اي رقابة مهما كان شكلها، الا الرقابة الجمالية، فالنص الابداعي (يتحرك بلغة كونية نثرية شعرية، شعرية نثرية، ليتجاوز الحدود بمنطق الابداع) ، وايضا يتعامل الكاتب مع النص الابداعي من منظور ثقافي، اي على النص ان يكون واجهة ثقافي، وذلك (لخلق الية لتحريك الذهنية الجمعية باتجاه التخلص من الهوة بين المثقف المنتج والمتلقي لتخفيف الامية الثقافية) ، وهي دعوة الى الغاء تلك الحدود الصارمة بين النص الابداعي وفضاءه المجتمعي الذي يعيش فيه، حيث انساقت الكثير من النصوص وراء وهم التحديث، وسقطت في هوة العماء والغموض، وصعوبة فك شفرات النص، لذلك اتسعت الهوة بينه وبين متلقيه، واعتقد ان رؤية الكاتب قائمة على الدعوة الى اعادة ربط النص بسيرورة المجتمع، باعتباره -أي النص- واجهة ثقافية تتفاعل بالعمق مع المحركات المضمرة لحركة المجتمعات، ولكن مع ذلك فانه يعتقد بان (مبدع النص ماهو الا قارئ لنصوص اخرى واستطاع ان يستثمرها ويتناص معها) ، او بكلمة اخرى للكاتب وبنفس الصفحة (لا يكون النص نصاً ابداعيا، إلا من خلال المشاركة التواصلية الفعالة بين الاركان الثلاثة المؤلف والنص والقارئ) ، وبهذا يرسم الكاتب حسب تصوري خارطة الدخول الى متن مقارباته، والتي اعتمدت على هذه الرؤية إن الكاتب المبدع حر في بناء نصه ولا تمارس عليه اي سلطة سوى سلطة ما اسماه بالرقيب الجمالي، وايضا ان العمل الابداعي هو ناتج اشتراك جميع اركان النص وهي (المؤلف والنص والقارئ) وليست معزولة او مختصة باحد هذه الاركان، كما كانت تفعل المناهج السياقية، التي اولت المؤلف وبيئته الثقافية والتاريخية الاهتمام في قراءة النصوص، وما فعله بعد ذلك المنهج البنيوي الذي عزل النص واقصى كل ما يحيطه، وامات المؤلف واعتبر النص بنية محايثة، الى ان جائت مدارس مابعد البنيوية وخاصة نظرية استجابة القارئ التي اهتمت بالمتلقي الذي يعيد انتاج النص، ولا يتشكل الا من خلاله، اي اشركت طرفا مهما في بناء النص وهو المتلقي، الذي يخرجه من سكونيته كمدونة مادية جامدة، ليدخله في فضاء الفعل الانساني المتحرك.
ويجب التأكيد بان الكاتب لم يخضع في اجراءاته النقدية الى اي من الاعتبارات التي تضعها المناهج النقدية بصرامتها الاكاديمية ، بل انه انتصر الى الجانب الجمالي من خلال اعادة تدوير العلاقات الجمالية بين دلالات النص، او كما يصفها وهو يعرف الشعر في المقترب القرائي الاول عن الشاعر صقر بن سلطان القاسمي، بأنها (مرأة تنعكس عليها اصداء ذات الشاعر وترتسم فيها احلامه واماله وتنثال عبر القصيدة عنده العواطف والانفعالات بصدق وعفه) ، وهذا الانعكاس المرأوي هو بالحقيقة اندماج بين المصدر والوسيط والمتلقي حيث تتحد هذه العناصر الثلاثة في تكوين واحد.

الاحالات

1- مقتربات قرائية لاشعار اماراتية من البيت القاسمي- منشورات مديات ثقافية- دار الزيدي للنشر والتوزيع- ط1 الشطرة 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با