الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا الحديثة او تركيا الاتحادية عضو الاتحاد الاوربي

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2014 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تطمح تركيا في الانضمام الى الاتحاد الاوربي ،وهي تفاوض رئاسة الاتحاد بهذا الشان منذ حوالي عقدين من الزمان ، ليس هذا الطموح مقتصرا على حزب العدالة والتنمية الحاكم وحده ، انما اجرت الحكومات التركية محادثات مطولة بهذا الشأن حتى قبل تسلم الحزب الاخيرحكم البلاد ، والشعب التركي في غالبيته يرى ان من حق تركيا ان تكون عضوة في المنظومة الاوربية ، ذلك لان موقع تركيا وضمها لاراض واسعة على الخارطة الاوربية ، ورقيّ البلد والتطور الديمقراطي فيه ، واقتصاده القوي المتماسك تلبي جميعها المعايير الاوربية . كما ان مدينة استانبول التركية الاوربية لوحدها تضم سكانا يفوق عددهم سكان بعض الدول الاعضاء في الاتحاد الاوربي .
المحادثات التركية كانت تصطدم غالبا بمعارضة اوربية ويونانية بشكل خاص . كان الاتحاد الاوربي يحتج على الدستور التركي والذي كان يمنح صلاحيات واسعة للجيش وتدخله في الحكم . وقد استطاع حزب العدالة والتنمية ورئيسه رجب طيب اوردغان من تجاوز هذه العقبة بتعديل الدستور وتجريد العسكر من حق التدخل في شؤون الحكم .
الحجة الاوربية الثانية كانت تتعلق بحقوق الانسان وبالاخص حقوق الكرد في تركيا والحرب الماساوية بين الدولة التركية و الفصيل الكردي المسلح - حزب العمال الكردستاني- وما ينجم عن الحرب من ضحايا ابرياء وخسائر لا معنى لها .
لا احد يستطيع ان يحمّل حزب العدالة والتنمية مسؤولية الحرب، لانه ورثها عن حكومات سابقة لم تنتبه ابدا لتاريخ طويل من النضال التركي الكردي المشترك امتد لعقود خاض خلالها الشعبين اشرس الحروب ضد الاعداء ( الصليبيين- الروس - الانكليز - الفرنسيين- الصفويين والقاجاريين واليونانيين وغيرهم من القوى المحلية التي كانت تتحالف مع الغزاة لاسباب خاصة). كانت الحكومات السابقة شديدة الحساسية وشديدة الخوف من ان ينفصل عنها الكرد مثل العرب والبلغار والصرب واليونانيين وغيرهم . ولجات الى اجراءات عقيمة بدل ان تقنع الكرد بالشراكة في الوطن وجعلهم مواطنون حقيقيون يشعرون بالمساواة . ومقابل تلك الاجراءات تشددّ الفصيل الكردي المسلح في مطالبه ، حتى انه رفع شعار الانفصال اثناء سنوات الحرب القذرة ، وارتكب هو الاخر اخطاء تسببّت في تعميق الهوة الخلافية بين الشعبين .
ومنذ مدة ليست بالقصيرة انتهج السيد اردوغان وحزبه طريقا اصلاحيا لتصحيح الاوضاع وحل المسالة بشكل سلمي وعقلاني ، واستوعب المطاليب المشروعة للكرد في تركيا ، تجاوبت التنظيمات الكردية المدنية مع مشروع الاصلاح وساهمت في الانتخابات واوصلت العشرات من مؤييديها الى البرلمان التركي والى الحكومات المحلية والبلديات . الفصيل الكردي المسلح (ب ك ك ) اوقف القتال من جانبه . وبشكل عام مرّت سنتان او اكثر ، نادرا ما حصلت مواجهة او شهد البلاد وقوع ضحايا من الترك او الكرد . وهذا يعني في النهاية اقرار السلام التام واعادة الامور الى مجاريها وعودة العلاقات التركية الكردية الى ما كانت عليها قبل الحركة التي قادها الشيخ سعيد عام 1925 والمؤامرات البريطانية للايقاع بين الفرقاء في الوطن . ويعني ايضا ان تركيا اجتازت اخر العقبات للانضمام الى الاتحاد الاوربي كحق من حقوقها .
لقد شرّع البرلمان التركي مؤخرا حزمة اخرى من الاصلاحات الديمقراطية ، صادق عليها الرئيس التركي في توقيت تزامن مع زيارة مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان ، وقيل عنها ، انها ستمهد الطريق لاقامة سلام دائم وعادل بين الدولة التركية والفصيل الكردي المسلح واجنحته السياسية . وتسرّبت اخبار عن مقترحات قدمّها عبدالله اوجلان ، اخذتها الدولة التركية بنظر الاعتبار في صياغة الحزمة الاخيرة . بل تحدّث اليوم 17 تموز ، مصدر تركي مطلع ، عن اتفاق توصل اليه عبدالله اوجلان مع رجب طيب اردوغان . فقد كتب الصحفي التركي( اومرة اوسلو )مقالا في جريدة (ترف ) يقول ان اوجلان واردوغان اتفقا على تغيير نظام الحكم في تركيا من حكم برلماني الى حكم رئاسي مع منح الكرد الحكم الذاتي واطلاق سراح اوجلان خلال مدة عام. ويقول الكاتب، رغم وجود مرشح كردي ( صلاح الدين دميرتاش ) لرئاسة الجمهورية التركية الا انه يتوقع ان يدعم الكرد اردوغان في الانتخابات الرئاسية . وهو على قناعة ان الكرد يناورون بترشيحهم ( دميرتاش ) بغية اسقاط ( احسان اوغلو ) مرشح المعارضة في الجولة الاولى ، ليصبح فوز اردوغان مؤكدا في الجولة الاخيرة . يقول اوسلو (( هذه تركيا الجديدة والتي ستكون لها دستور مثل دستور عام 1921 والذي يتحدث عنه كثيرا كل من اردوغان واوجلان )).
المصادر التركية لا تتحدث فقط عن ادارة ذاتية للكرد في كردستان تركيا وحسب ، انما عن مشروع جدي لانضمام كردستان العراق وكردستان سوريا اي كردستان الجنوبية وكردستان الغربية الى دولة تركية اتحادية . ورغم ان الكاتب يرى من الصعوبة قبول كردستان العراق ضمها الى تركيا ، عندما تنفصل عن العراق ، وتفضيلها للاستقلال التام . الاّ ان هناك مؤشرات قوية لا تستبعد اقامة اتحاد بين الكرد والترك . لقد زار السيد مسعود البارزاني انقرة في الاسبوع الماضي وتحدث مع الحكومة التركية عن مستقبل العراق وكردستان في ظل الاوضاع المستجدة ، وابلغ وفدا ايرانيا بصريح العبارة انه لا يمكن للكرد العيش الى ما لا نهاية في الجحيم العراقي والصراع المذهبي المستعر فيه . كما ان وزير خارجية تركيا تحدث اليوم الى نفس الجريدة المذكورة اعلاه ، وصرح انه في حالة عدم امكانية الاستمرار في علاقات تركيا والعراق ، فان العلاقة ستبقى مع ولاية الموصل ( كردستان الشمالية ) ومدنها اربيل وكركوك والموصل . ولا احد يمكنه تحريم تركيا من علاقاتها الطويلة والتاريخية بشعب ولاية الموصل ومؤامرة بريطانيا لالحاقها بالدولة العراقية دون مبرر ودون اخذ ارادة سكانها بنظر الاعتبار .
ويفضل اردوغان في احديثه هذه الايام التحدث عن تركيا حديثة وعن دستور جديد للدولة التركية وجعل تركيا مؤهلة لاداء دور اكثر حيوي .
لقد تطورت العلاقات بقوة في الاعوام الماضية بين اقليم كردستان وتركيا ، واقتنعت تركيا ان الكرد لا يشكلون تهديدا لها ، بل حاجزا لها عن دولة شيعية مذهبية . لم يعد الحديث عن دولة كردية يستفزها .
كما ان القادة الكرد يبحثون عن طريقة لفضّ علاقتهم مع دولة لم تجلب لهم غير الماسي وتوجيه التهم الغريبة . لقد طرح السيد جلال الطالباني فكرة الاتحاد مع تركيا منذ اوائل التسعيينيات واعلن ان تركيا موطنه الثاني وانه ينوي الاقامة في استانبول بعد التقاعد . كما ان السيد مسعود البارزاني تمكن في السنوات الماضية من اقناع الترك ان بامكان الكرد ان يكونوا اصدقاء وحلفاء الترك ، وما يقال عن خطر الكرد على تركيا هراء ، وكان له دور مؤثر في تقارب الحكومة التركية والكرد هناك والتوصل الى حل سلمي عادل . واثبتت الوقائع ان اقليم كردستان شبه المستقل ليس لا يضر بتركيا وحسب ، انما يحقق لها مكاسب اقتصادية وامنية ، ويساهم في تقوية موقع تركيا اقليميا ودوليا .
لا شك ان حكومة حزب العدالة والتنمية وعلى عكس الحكومات التركية السابقة ، تقرأ التاريخ جيدا وتدرك عمق العلاقات بين الترك والكرد ، وتدرك ان حكمها للعراق تحقق بمشاركة الحراب الكردية لها ، والمصلحة المشتركة في التحالف من جديد بعد ما يقارب من عقد من التباعد والصراعات العقيمة . كما ان الكرد يحققون الكثير من المكاسب في ظل اتحاد تركي كردي يؤمن لهم الحماية ، وتوحيد اغلبية كردستان ،وفرصة لمكاسب اقتصادية ، والاستفادة من عضوية تركيا في الاتحاد الاوربي والخلاص من اوضاع لم تستقر ابدا ، ومن عقلية شوفينية وسلطوية لا تستوعب مفاهيم العصر ابدا . ان رعونة نوري المالكي وتهديداته الحمقاء ، والحكم الشيعي المذهبي وصمت المرجعيات الشيعية ، تدفع بالكرد وقياداته الى البحث عن اية خيارات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل