الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتماء والمواطنة

شكري شيخاني

2005 / 8 / 4
المجتمع المدني


من منا في هذا المجتمع, بطوله وعرضه,من شماله الى جنوبه, مواطنا كان أم مسؤولا", كبيرا أو صغيرا" ,لم يسأل نفسه ذات يوم سؤالا هاما, كان ولا يزال يسببّ لنا الأرق والقلق , فبات يؤرقنا في أحلامنا قبل يقظتنا:وهو لماذا تصنّف بلادنا ضمن الدول أو المجتمعات اللاواعية .حتى أنه تم تلطيف هذه الكلمة الخشنة جدا وأصبح يقال لنا الدول النامية التي في طريقها الى التحضر, وحتى ضمن قائمة الدول النامية فأغلب الظن أننا لسنا في وضع متقدم على دول أخرى إذا ما أحببنا المقارنة بها.
وإذا ما أمعنا النظر في حياة الشعوب لدى الدول أخرى ,نجد أن غالبية هذه الدول تفتقر الموارد والثروات الطبيعية والبشرية,وأن شعوبها أقل وعيا وإدراكا لما يحصل عندهم , وحولهم في كثير من الأمور الحياتية, ولا تتمتع بلادهم بأهمية استراتيجية أو مناخية جيدة , وحتى أن الكثير من هذه الدول لا تصلح أراضيها للزراعة ومع هذا نجدها مجتمعات حية تتقدم, تنتج وتزرع ,تصنع وتصدر,تهتم بالسياحة والاقتصاد,تهتم بالصحة والمجتمع, وهذا الكلام يؤيده كل من وطأت قدماه دولا" أخرى , إما سائحا أو تاجرا أو مسؤولا في بعثة ,أو وفدا رسميا. والدليل أن كل هؤلاء العائدون يتغّنون بما شاهدوه ولمسوه في تلك الدول التي ذهبوا إليها, فتراهم يتكلمون عن النظافة في هذه الدولة, وعن إتباع المواطن للنظام في تلك الجمهورية أو المملكة, وعن اهتمام الدولة والمواطن جنبا الى جنب ,وعن تقيد الشعوب في تلك البلاد بالحفاظ على كل شبر من أرضهم نظيفا, وعندما يعود هؤلاء الى بلدهم الأم سورية نجد أن السواد الأعظم منهم لا يتقيدون بأبسط قواعد النظافة هنا, مع العلم أنهم عاشوا فترة لا بأس بها في تلك الدول, حتى أنه في مجتمعنا يوجد الكثير والكثير من العائلات لم تحاول حتى التطرق الى موضوع زرع الوعي البيئي والحفاظ على الصحة من خلال التقيد والالتزام بأنفسهم أولا", ومن ثم إلزام أولادهم بأصول معالجة موضوع النظافة وهو أمر هام جدا وهو يدل على مدى الرقي والحضارة في تلك الدول.
وينسحب هذا القول ببساطة على كل ما تقع عليه أعيننا, وتشد له أسماعنا, وما تلمسه أيدينا في عديد الدول النامية أولا ومن ثم المتقدمة والتي لا سبيل الى مقارنة أنفسنا بها وبكل المقاييس شئنا ذلك أم أبينا, لسبب بسيط وقريب جدا إلينا إذا ما أردنا أن نعرفه ونعمل به ؟؟ انه بكل بساطة... حب الوطن... إنهم يحبون وطنهم, بل ويتفانون ويتسابقون لإبراز إخلاصهم لوطنهم وغيرتهم عليه, يعشقون النظام ويعملون به, يحافظون على نظافة مدنهم وقراهم وشوارعهم تماما كما يحافظون على بيوتهم وغرف جلوسهم ونومهم ؟؟لا أدري لماذا كل هذا الحب مواطنين ومسئولين أحزابا وحكومات. هم مثلنا ومثل باقي الأمة العربية, تعرضوا لحروب حيث هدمت مدنهم وقراهم بالكامل أيام غزو النازية خلال الحرب العالمية الثانية وعانت بلادهم الكثير من ويلات الحرب ومع مطلع الخمسينات بدؤا بتحضير أنفسهم (الشعب والحكومة ) لصناعة المستقبل .ونحن أيضا بدأنا بنيل استقلالنا عن المستعمر الفرنسي قبل مطلع الخمسينات. واليوم وبعد مرور أكثر من نصف قرن على انتهاء الحرب العالمية الثانية وعلى طردنا للمستعمر الفرنسي من بلادنا.أين نحن اليوم منهم.
ليس من السهل على الإطلاق أن يكره المواطن وطنه, ويعامله بعداء, ويهجره لأول مشكلة تواجهه, وينكر عليه( على الوطن ) حق رد الجميل لكل ما قدم له من فيء هذا الوطن وهذا الجميل للوطن وليس لأحد مّنة فيه لأن البقاء للوطن مهما علا شأو المواطن فيه.
بالمقابل ليس من الصعوبة بمكان أن نحب وطننا, ونساعد على إبرازه وطنا جميلا, وهنا يكمن الفرق بين المواطن هنا...والمواطن في دول ثانية.مع أن أحد المستشرقين الفرنسيين قال في معرض جوابه ردا" عن سؤال حول أي ثاني بعدضلها لك كبلد ثاني بعد بلدك, فقال: يجب على كل فرد عندما يسأل عن وطنه فيقول هذا وطني ويقصد الذي يقطن به وعن سورية وطنه الثاني!!, تصوروا هذا الحب الكبير لوطننا سورية من قبل هذا المستشرق.
فما يحصل في بلدنا من أمور كثيرة, على صعيد الخدمات الاجتماعية والاقتصادية التي تهم المواطن بالدرجة الأولى يصعب فهمها,ويصعب فهم أسباب حصولها, ويصعب أيضا الى ما ستؤول نتائجها السلبية على الوطن والمواطن بشكل عام.
وليكن حديثنا عبر هذه الكلمات عن صعيد هام في حياتنا كأمة وهو أمر النظافة والبيئة والصحة العامة بشكل عام ورئيسي.
فالذي يحصل في هذه الأيام لا يسر الخاطر ولا يرضي الضمير, بل وينذر بقدوم كوارث اجتماعية بيئية تنعكس سلبا على صحة الأمة جسدا وعقلا!!.وقد أكون مخالفا لآراء كثيرين ممن سبق وكتبوا في هذا المجال, عن البيئة والنظافة والمجتمع. وقد حمّلوا الحكومة وزر هذا التقصير ولكنني هنا أجد بأن نسبة 90% من اللوم والذنب والإهمال إنما يكون على المواطن رجلا كان أم امرأة وبشكل عام على الأسرة التي هي نواة المجتمع بحلاوته ومرارته, فالأم التي لا تكلف نفسها عناء السؤال لأولادها عن نظافة البناء الذي به يسكنون والشارع والمدينة,والأب الذي لا يكلف نفسه عناء السؤال لزوجته عن سير تربية الأولاد وأين مكمن الصلاح أو الخطأ, ضمن هاتين النقطتين يتحدد مصير المجتمع, ومن خلال هاتين القناتين الأب والأم مواطنين عاديين كانوا أم موظفين, مسئولين صغارا أو قياديين يتحدد مصير الوطن.ومن خلال هذين المحورين الهامين يتبين لنا محبة الوطن من عدمها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي


.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة




.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة