الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على خلفية الزيارة الملكية المرتقبة لروسيا في أكتوبر القادم: العلاقات المغربية الروسية

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2014 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


في رأي العديد من المتتبعين المغاربة والأجانب قد تكون الزيارة الملكية المرتقبة لروسيا في أكتوبر القادم ـ والتي كانت مقررة في 11 يونيو الماضي ـ من أهم زيارات الملك نحو الخارج تتعدى أهميتها زيارة البيت الأبيض بحكم التخلي التدريجي للغرب عن المغرب بحثا عن مصالحه وحاجة الرباط لتنويع شركاءها .
وتعتبر هذه الزيارة استثنائية بكل المقاييس، فباسثناء زيارة البيت الأبيض عند تغيير الرؤساء وزيارة دول الخليج، لا يقوم الملك بزيارات رسمية إلى دول سبق وأن زارها رسميا مثل فرنسا واسبانيا وروسيا، لكن زيارة روسيا تتكرر رسميا.
وتؤكد الزيارة الملكية احتمال بدء تغيير جوهري في الدبلوماسية المغربية التي اصطفت طويلا بالمعسكر الغربي.
ويذهب أغلب محللين إلى القول أنه لا يمكن فهم الزيارة المرتقبة للملك بمعزل عن ملف الصحراء الذي يعتبر أهم قضية داخلية وخارجية للمغرب ويواجه صعوبات حقيقية على المستوى الدولي، في وقت بدأ فيه شركاء المغرب من الغرب يتخلون عنه مثل بريطانيا والولايات المتحدة ونسبيا فرنسا بعد الأزمة، ثم قرار الأمم المتحدة جعل السنة المقبلة منعطفا في البحث عن حل للنزاع.
علما أن المغرب لم يجد المغرب أمامه السنة الماضية لمواجهة واشنطن عندما أرادت فرض قرار في مجلس الأمن خاص بتكليف قوات المينورسو بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء سوى موسكو التي أعربت عن رفضها اتخاذ قرار قد يهدد الاستقرار في المنطقة .

ضرورة تنويع الشركاء في عصر العولمة
في وقع مر إن رهان المغرب على روسيا هو رهان يدخل ضمن تنويع شركاءه الدبلوماسيين في عالم يتغير باستمرار وتفرض أجندة المصالح شركاء جدد. وعلما، أن الرباط تأخرت في الرهان على شركاء جدد واطمأنت كثيرا للغرب الذي خيب آمال المغاربة أكثر من مرة ومن حيث لم يحتسبوا.
ويتزامن هذا الرهان في وقت تستعيد روسيا حضورها الدولي وتبني دبلوماسية قائمة على تفادي القرارات الدولية التي تسبب في اندلاع الفوضى ، ولا يتحكم الهاجس الإديولوجي في مواقفها عكس ما كان في الماضي. فمع بوتين تخلت السياسة الروسية في شمال أفريقيا عن الاعتبارات الإيديولوجية وأخذت في الاعتبار المصالح الاقتصادية في الدرجة الأولى طاوية نهائياً صفحة المحاور التي كانت تُقسم المنطقة إلى «تقدميين» و «رجعيين».
وتتزامن هذه الزيارة مع ارتفاع اهتمام روسيا بالبحر الأبيض المتوسط، أكثر من أي وقت مضى.
كما أنه لا يجب أن يغيب عن الأنظار توجس المغرب من إلغاء القضاء الأوروبي اتفاقية الصيد البحري بسبب الصحراء. ويسود الاعتقاد أن التأخر مرده تخوف الرباط من إلغاء القضاء الأوروبي الاتفاقية بسبب ضمها الصيد في مياه الصحراء المغربية. وكان البرلمان الأوروبي قد صادق على اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب يوم 10 ديسمبر الماضي. ورغم مرور سبعة أشهر، لم تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ. وطالبت حكومة مدريد من الرباط في مناسبات متعددة الإسراع بالمصادقة على الاتفاقية لعودة الأسطول الأوروبي وعلى رأسه الإسباني للمياه المغربية، لكنها لم تجد استجابة حتى الآن من المغرب.
وطالبت وزيرة الزراعة والصيد البحري في حكومة الأندلس إلينا فيبوراس من الحكومة المركزية في مدريد الضغط على المغرب عبر الاتحاد الأوروبي لكي يصادق على الاتفاقية لتدخل حيز التنفيذ.
ويبدو أن المغرب لا يرغب في دخول اتفاقية الصيد البحري حيز التنفيذ في وقت هناك خطر أن يقوم القضاء الأوروبي بإلغاءها. فقد تقدمت جبهة البوليساريو بدعم من بعض المجموعات البرلمانية اليسارية الأوروبية بدعوى إلى المحكمة الأوروبية لإبطال الاتفاقية، ونشرت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي نص الدعوى منذ أقل من شهر.
كما حدث تراجع عدد المغاربة في اسبانيا بسبب الحرمان من تجديد بطاقة الإقامة
وارتفعت وتيرة طرد حكومة مدريد ورفض تجديد بطاقة الإقامة للمهاجرين المغاربة في اسبانيا بسبب الأزمة الاقتصادية، مما جعل عددهم يتقلص قانونيا ويرتفع عدد المقيمين بطريقة غير قانونية.
علاقات مغربية روسية منذ قديم
كانت بداية تاريخ العلاقات الروسية المغربية في أواخر سنة 1777 حين عرض سلطان المغرب محمد الثالث، على يكاتيرينا الثانية إمبراطورة روسيا إقامة علاقات تجارية بين البلدين. وفي نوفمبر 1897 تم افتتاح قنصلية عامة للإمبراطورية الروسية في مدينة طنجة. ووصل رئيس البعثة إلى طنجة في مايو 1898.
وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي والمغرب في فاتح سبتمبر 1958 ، وفي 30 ديسمبر 1991 اعترف المغرب بروسيا الاتحادية.
ففي الربع الأخير من القرن 18 وبواسطة ممثل السلطان محمد الثالث بن عبد الله في توسكانا بإيطاليا، أُقيمت اتصالات دائمة بين روسيا والمغرب.
ولسنوات طويلة بقيت العلاقات المغربية الروسية تتم من خلال شخصيات معتمدة من دول أوروبا الغربية، وذلك لان الاتصالات عبر البحر البيض المتوسط لم تكن ممكنة بسبب الصراع التقليدي بين روسيا وتركيا. في البدء كان وزير بلجيكا المفوض ليرعى المصالح الروسية في المغرب، بعدها في مارس 1882 أُنيطت المهمة بممثل إسبانيا الدبلوماسي. وفي أكتوبر 1897 تمت الموافقة على تأسيس قنصلية في المغرب وتعيين قنصل عام بدرجة وزير مفوض.
من أسباب عدم وجود ممثل مباشر للإمبراطورية الروسية في هذه الفترة هو بعد المغرب من روسيا ، ولم يكن لروسيا رغبة عارمة في تطوير التبادل التجاري مع المغرب آنذاك.
محطات مهمة
من الأحداث المهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين ، زيارة الملك الحسن الثاني إلى موسكو في أكتوبر 1966، وتم خلالها التوقيع على اتفاقيات التعاون في مجالات الثقافة والبث الإذاعي والتلفزيوني والاقتصاد وفي مجال العلم والتقنية، وأيضا تصدير المعدات السوفيتية إلى المغرب. وزار الملك محمد السادس عندما كان ولي العهد موسكو على رأس وفد مغربي في عامي 1982 و 1984.
ومن جانبه زارالمغرب رئيسان لمجلس السوفيت الأعلى (ليونيد بريجنيف في فبراير عام 1961 ونيقولاي بودغورني في أبريل عام 1969) ورئيس مجلس وزراء الاتحاد السوفيتي الكسي كوسيجين في أكتوبر عام 1971.
واحتلت زيارة الملك محمد السادس إلى موسكو في الفترة بين 14 -18 أكتوبر 2002 موقعا مهما في تاريخ العلاقات المغربية الروسية ، وخلال مباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تم التوقيع على بيان مشترك حول الشراكة الإستراتيجية بين روسيا الاتحادية والمملكة المغربية.
وفي الفترة بين 22 -23 نوفمبر 2005 قام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أثناء جولته في شمال أفريقيا بزيارة المغرب واستقبله الملك محمد السادس.
في 7 سبتمبر عام 2006 قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة رسمية إلى المغرب و أجرى خلالها مباحثات انفرادية وبمشاركة الوفد المرافق مع الملك محمد السادس. في نهاية المباحثات وقعت مجموعة وثائق للتعاون في مجالات مختلفة.
لجنة مغربية روسية مشتركة
تم تشكيل لجنة مغربية روسية مشتركة للتعاون الاقتصادي وفي مجال العلم والتقنية.
تعمل اللجنة الحكومية المختلطة المغربية الروسية للتعاون في مجال الاقتصاد وفي المجال العلمي – التقني.
يعمل في المغرب بعقود 10 أساتذة روس في مجال التعليم المهني. ويدرس في الجامعات والمعاهد الروسية حوالي 2.5 ألف طالب مغربي. وفي مارس 2004 تم توقيع اتفاق بين معهد آسيا وأفريقيا التابع لجامعة موسكو وجامعة محمد الخامس بشأن تعليم الطلاب والمتدربين والباحثين العلميين.
اهتمام روسي خاص بإفريقيا
إن موسكو تُولي اهتماماً كبيراً للقارة الأفريقية بوصفها خزان المستقبل الذي تتهافت عليه القوى الكبرى، والأرجح أن أفريقيا باتت تشكل في نظر موسكو سوقاً تجارية كبيرة ومجالاً فسيحاً للاستثمار ومصدراً مهماً للخامات والمعادن والمواد الأولية، خصوصاً بالنسبة إلى اقتصاد نشط ومنتعش. لذلك سافر بوتين من المغرب إلى أفريقيا الجنوبية عابراً القارة من الشمال إلى الجنوب. فأمام الاندفاع الصيني للانتشار في القارة السمراء يعتقد الروس بأن التعاون مع بريتوريا، التي لديها خطط سياسية واقتصادية لكامل المنطقة، يشكل جسراً قوياً للوصول إلى الجيران.
ومن هذه الزاوية أيضاً يمكن فهم الحرص الروسي على الحضور في المغرب ، إلى جانب حضورها التاريخي في الجزائر، خصوصاً بعد انهيار الحواجز العقائدية السابقة.
وجسدت ذلك من خلال التوقيع على سلسلة من الاتفاقات الثنائية ، شملت تجديد السماح لاثنتي عشرة سفينة صيد روسية بالصيد في السواحل المغربية لمدة ثلاث سنوات أخرى، وتسليم المطلوبين للقضاء وتنشيط إرسال السياح الروس إلى المغرب، وتبادل المنح الدراسية للطلاب وتكثيف التعاون العلمي والثقافي والرياضي. علما أن التعاون العسكري ظل مطروحاً في جدول المحادثات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكران


.. متظاهرون يحتشدون أمام جامعة نيويورك دعما لاعتصام طلابي يتضام




.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان