الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوجه التشابه بين التجربة الصهيونية والداعشية في اقامة الدولة

فادي كمال الصباح

2014 / 7 / 23
الارهاب, الحرب والسلام


لا يخفى على أحد التشابه الكبير بين ظروف و مبررات و أساليب إقامة داعش لدولتها في العراق و سوريا و إقامة الحركة الصهيونية لدولتها إسرائيل في فلسطين.

كانت البداية, الانطلاق من وعد الهي موهوم للصهاينة بأرض الميعاد و للدواعش بالخلافة على منهج النبوة , وبناءاً عليه جرى استغلال الأوضاع المضطربة و الغير مستقرة في تلك الدول الهدف, لبدء المشروع و إستجلاب الأنصار من شتى أقطار العالم ممن هم معبئين بتحقيق الوعد و الراغبين بتسخير أنفسهم لأجله, بلا أن ننسى العامل الاقتصادي الذي كان من المحفزات القوية جداً فأوروبا كانت تعاني من تدهور اقتصادي كبير جراء المجهود الحربي خلال الحرب العالمية الثانية و ما سبقها من أزمة أقتصادية عالمية و كذلك بالنسبة لداعش ما يشهده العالم العربي و الإسلامي خصوصاً من أزمات معيشية واقتصادية قاسية.
العامل الاقتصادي و الحلم بمعيشة أفضل لا يمكن المرور أمامه مرور الكرام في دافعية تلك الافراد و الجماعات لإقامة الدولة الدينية الحلم الذي طال واستعصى على أجدادهم تحقيقه, حيث بتحقيقه ستكون الأراضي و ممتلكات السكان الأصليين غنائم توزع على جنود إله صهيون أو المجاهدين في سبيل الله.

من الطبيعي أن لا يكون تحقيق ذلك الحلم مفروشاً طريقه بالورود فالسكان الأصليين سيقاومون و يقفون بوجههم , ولذلك لم يكن من وسيلة أخرى أجدى من إستخدام العنف و القهر و الإخضاع, ولم يكن ليتحقق إلا بإمتلاك ترسانة ضخمة وأعداد مناسبة بالنوع والكم ,في البدء , كان لترسانة الجيش البريطاني الدور الكبير بتسليح الجماعات الصهيونية المقاتلة , و للترسانة المستولى عليها من الجيش السوري و المستوردة من جهات خارجية داعمة الدور الكبير بتسليح جماعة داعش.
أما من ناحية أعداد المقاتلين في كلا النموذجين لم يكن في البدايات متوافقاً مع حجم الهدف الذي يتطلب أعداد أكثر , فكانت الحاجة لاستخدام تكتيكات تتيح النصر السريع بالوقت القصير , وطبق ذلك عبر ارتكاب مجازر جماعية مغطاة دينيا بنصوص تبيحها ,لأجل إخافة الآخرين من مواجهة و مقاومة المشروع , فكانت مجازر كفر قاسم ودير ياسين على يد الجماعات الصهيونية ,أما من ناحية الجماعات الداعشية فبالإضافة للمجازر الجماعية و تصفية أعداد كبيرة من الأسرى والمدنيين , كان لعمليات الذبح وقطع الروؤس العنوان الأبرز و الصورة الأهم التي حاولوا إبرازها للأخرين حتى يخافوهم.
وبالفعل نجح هذا التكتيك بالإضافة للمؤامرات المحاكة مع جهات خارجية بتسهيل فرار السكان والمحليين و سقوط المدن حيث اجتمع عامل الخوف من بطش تلك الجماعات مع عامل أخر وهمي تمثل بوعود شاعت بأن الهجرة لفترة قليلة و سيعود الوضع لما هو عليه وكان ذلك واقعاً بشكل أوضح في التجربة الصهيونية و حالياً من الممكن أن يتكرر مع مسيحيي الموصل و شيعتها و أقلية الشبك فيها.

كانت النجاحات في كل خطوة و هدف مرحلي مدعاة تلقائية لمزيد من الدعم الخارجي الآتي من مناصرين أو أجهزة استخباراتية دولية, بفضل خلقها للثقة بقادة المشروع و حسن قيادتهم وانتهازاً لحجز حصص بمشروع يسير نحو الانجاز.
إن إعلان الدولتين جاء بعد بسط سيطرة على مساحات مناسبة لكلاهما بحينه و امتلاك من العدة والعدد الذي لا يستهان به و بإمكانه التصدي لمحاولات إجهاض المشروع بعد إعلان تحقيقه.
كما لم يكن الإعلان عن الدولتين رسالة إلى العالم بأن الدولة المعلن عنها هي ضمن الحدود المسيطر عليها لا بل كانت مجرد موطئ قدم للتوسع أكثر بحلم أكبر للسيطرة على مختلف الخارطة المحددة دينياً بأرض الميعاد من النيل والفرات في الحالة الصهيونية و بخلافة تمتد من الأندلس إلى حدود الصين في الحالة الداعشية حيث يمثل هذا الامتداد الحلم بالتوسع فترة أقصى امتداد لدول الخلافة تاريخياً.

لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه, فلكل زمان ومكان أحكامه و ظروفه , فإسرائيل إنكفئت الى حدود فلسطين دون غزة والضفة الغربية مع أجزاء من الجولان السوري و شبعا اللبنانية و هي بالكاد قادرة على ضمان أمن سكانها في تل أبيب و القدس و تعاني من صعوبة كبرى لتحقيق ذلك , وتجد نفسها كل عدة سنوات مجبورة على خوض حرب لإضعاف البنية والقدرة الحربية المتراكمة ممن يقاومون مشروعها و هدفهم إعادة حقهم المسلوب , حيث هذا الواقع يشكل كابوساً للحكومات الصهيونية المتعاقبة من شأنه زعزعة الثقة بالأمان والاستقرار لليهود بأرض ميعادهم الموهومة و عاملاُ يساهم بهجرة معاكسة و يعرقل أي مساعي لاستجلاب أعداد إضافية من يهود العالم.
كما أن الحلم بإسرائيل الكبرى ,أصبح من الأحلام الخارجة عن الواقع لقلة العدد و العدة التي من شأنها أن تبسط السيطرة على هذه المساحات الواسعة من النيل الى الفرات, وأيضا لقوة و قدرة الخصم بالمقابل.

أما من ناحية داعش و دولتها الوليدة من المستبعد أن تحظى بالظروف والقبول وطبيعة الحدود التي حظت بها دولة الصهاينة سابقا, فما هي إلا نتاج اندفاعات دينية رجعية عمياء مرحلية مؤقتة وسط أخصام أقوياء يملكون كل الإمكانات لنسف هذا المشروع عندما تنضج الظروف , عدا عن إمكانية أن تنسف دويلتهم نفسها بنفسها لتضمنها كل عوامل النسف و الهدم ,من سكان مقهورون على الولاء و مزعجون من الواقع المفروض , وكذلك بضعف تماسك البنية الداخلية لداعش التي تتشكل من قوميات و مجتمعات شتى, مما يساهم بخلق صراعات على السلطة و تحوي على اختراقات من أجهزة استخباراتية مختلفة تساهم بتجميع معلومات من شأنها تأمين ضربات مفصلية موجعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير