الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بؤس الثقافة المحليّة -1

عباس داخل حبيب
كاتب وناقد

(Abbas Habib)

2014 / 7 / 28
المجتمع المدني


كتابة قبيل تلكأ المشهد : لو نلتقط سوّيا مشهدا مهنيّا من حياة الناس في عراق اليوم ومعاينته بمايثيره وفعالياتهم التطبيقية قبّل تغييره بواسطة تقنيات الكتابة وتثبيت واقعه الفعلي بنص يُناسب متغيراته المكتوبة وفق عيّناتٍ تتساوق ونمو العادات الثقافية المحددة في واقع مُعاش كموائمات ٍ تسعى لربطه بثقافات العالم الموضوعي الأشمل ذات التنويعات المختلفة التي تتبادل الشعوب خبراتها المُفيدة خلل مُعطيات إنسانية أخلاقية وفكرية ونقاشها البنّاء هدف تطوير صنعته الأدبية المؤثرة . غير إننا لو وجّهنا شخصيات ذاك المشهد حسب المهّن المعتادة في العراق: راعي ، فلّاح ، كاسب ، تاجر ، عسكري ، صحفي ، مُعلم أو مُجرد مُثقّف والبقية تأتي... فإن نشاطهم العملي يُثير نقاشا نقديّا مُختلفا آخرا حول واقع راهن متشابه العادات في مشهد غير أدبي يفرزُ ثقافة إجتماعية محليّة مُكررة غير مأسوف عليها إذا قد ولّتْ (بقدرةِ قادر طبعا) لمايثيرك من توجهاتها الدؤوبة في ترسيخ كسل معتاد (نوعا ما) ولرغبتي في الإبتعاد عن الضن المطلق بهذه الإثارة وللإقتراب من تواضع نسبتهم الضئيلة المستثناة بعدم خضوعها لهذا التعميم (فقط للإستثناء) أقولُ بصورة أخرى للغالبية بغضِّ الطرف عن الواجب الوظيفي جهد مؤثر بتفعيل ثقافة كسل مُميزة. وعزّفا عن الضن وإشباعا له ولبعضه الآثم ينطّ تناقضٌ بنفسه حول المثقف نفسه باعتباره منتجا حصريا للثقافة وكونه محصورا لها فإن الإنتاجية تتعارض طبيعيا والكسل . لكن حالما نأتي على تحديد مفهوم الثقافة النفسي الإستعمالي فإن هذا التعارض سيختفي خاصة وفهمه عندنا نحن العرب حيث تختلط فيه ثقافة الكسل (الثقافة المرتبطة بعاداتها الإجتماعية الشاملة) وفهمها بكسل الثقافة ، (وهو الكسل الذي يرافق إنتاجها بالإطار الأدبي الحصري) وهذه المعاينة حتما ستقودنا لعزف ٍآخر على الضن يفرزه منطق البعض الثاني له ، سأأتي على توضيح محاسنه نقداً .
غير إنني قبل كُلِّ شئ أريدُ أن أوضّحَ تبعيضا حول (الثقافةَ المحليّة – عنوان المقالة) كعبارة ليس لها علاقة إصطلاحية مع الحكومات المحليّة في العراق ولا تتدخل فيها سياسيا من قريب أوبعيد ولكنّها تتداخل في بعض هذا المقال إنشائيا فهي تعني ببساطة العادات الشخصية اليومية لأفراد إعتياديين قد إعتادوا بعض الممارسات الفردية وقد يكون مِنْ ضمنِهم مَنْ هو يعمل في وزارات الدولة: مجالسها ، دوائرها ومديرياتها بكل فروعها بغض الطرف عن أداءه الحكومي منّها ولهذا التوضيح علاقة أيضا بتعضيد إلتباس مقاصد الشك كعلاقة وهمية بالمعرفة التي يترتب عليها إثّماً أخلاقيا الى لفت الإنتباه للحالات الفردية التي تُشكّلّ عادة إجتماعية كما أسلفنا التي تؤدي لعلاقة معرفية بالوهم اي التي تجعلنا نشك غرض إنتهاء بيقين مقبول يشير لبعّض شكّنا الحَسِنْ وهُنَّ كثيرات الجرد مِنْهُنَّ : عدم نهوض الأغلبية الساحقة سواء كانت من الرجال أو من النساء ، صبية ومراهقين من أجل ممارسة بعض التمارين الرياضية التقليدية الخفيفة مُبكرا. الإعتناء بالصحة الشخصية: كمسك الفرشاة وتنظيف الأسنان بالمعجون ، الذهاب لأخذ حمام فاتر بالصابون بعد إنتظام دخول لدورة مياه صحية ، وضع بعض المرطبات الجلدية ، قليلا من الكولونيا بعد الحلاقة أو كريمات تطييب الروائح الكريهة التي غالبا ما يُتغاضى عنها.
ثم تناول قليلا من الجبنة والحليب أو الشاي على كُرسي ، الإستمتاع بسماع الموسيقى ، الإنتباه للنشرة الجوّيّة ، الإنصات لتلاوة عطرة من الذكر الحكيم ، قراءة بعض العناوين العريضة من صحف الراديو ، الإنترنيت أو الرد على بعض الرسائل الألكترونية اليومية وغيرها ، ثم الإنطلاق للعمل بواسطة نقل مُريحة. بعد تناول وجبة قليلة في الإستراحة الصغيرة من العمل لضمان "مُعاودة" الشغل بشهيّة ، فالرجوع للبيت بمعيّة تنظيف الأسنان كالمعتاد بعد الغداء . والإستحمام كالمعتاد بعد أخذ القيلولة . تأتي فترة الإهتمام ببعض الأعمال المنزلية: في باحة الدار ، حديقتها أو التسوق واستكمال حاجياتها ، التنزه في أحد اماكن النزهة ، زيارة الأصدقاء مساءا حسب الجدول الإسبوعي وأخيرا وقد لايكون آخرا عند بعض هؤلاء الإعتياديون : قبّلَ الإستسلام للنوم: إستعاذة قصيرة من الشياطين الفعّالة والفاعِلة الكسل للحيلولة بينه وبين مُعاينة ذكية تالية خلال حوارات تشجيعية شيّقة ، أسئلة وأجوبة بين أفراد العائلة ، إظهار مظاهر التماسك الأُسري ومراعاة شؤونه الإجتماعية.
هذه بعض الخطوط البارزة السهلة بل المُمتعة في أي حياة يوميّة لأشخاص إعتياديين باعتبارهم أفرادا عاملين في مجتمع ناهض أو يريدون له النهوض . لكن المشكلة إن هذا الإعتياد سواء في العراق أو في الدول الشبيهة هو مالا يُريدون إعتياده وغالبا ما يتندر أبناؤهم عليه ووصمه بالروتين المُمل على الرغم من إنه روتين نافع . ولربّ قائل عنه من "أصدقاء المثقفين": إنه لأمر مُضّحك منه ولا أهمّيّة الصولة في أن نتحدث فيه. وغيرهم من "إخوة المثقفين": يعتبر ذلك من غير اللائق إذا أتينا بما يُعيب ما اعتاد عليه العامة - وخاصة المثقفون - من أبناء "العمومة الى الخؤلة" مَنْ يَعتبر ذلك تنابزا بالألقاب ، فلا يحق لأحدٍ أن يُعيبَ أحدا بما اعتاد عليه آخر: كَمَنْ يأكُلُ في ملعقة ، كَمَنْ (يأكُلُ براحتِهِ في الخمّسة) فهذه من الإمور الشخصية المدللة صانعة الرجولة ، القاتلة خلسة لا ينفع فيها بيت أبي الأسود الشعري الشهير القائل: لاتنهي عَنْ خُلقٍ وتأتي بمثلِه . باعتبار لايجوز النصح في عادةٍ مُستشرية بالمجموع والشاعر يقصدُ فردا بطبيعةِ القصد - عظيمُ - . وبالتأكيد أن المُخاطَبَ هو أنتَ (ومَفيشْ حَدَ أحسنو مِنْ حَدَ - كما يقول المثل الشعبي العربي المصري). أقول أن هذه التبريرات وفق ما هي: صحيحة . ولأنها كذلك بكونها تبريرات لا تستأهل خوض في خضمّ مُعّضلة أسرت (عادة كسولة) من الكسل (الكاف ليس للتشبيه) أو حتى تسري في معّضلة (سولة كعادة) مثلما تعوّدت اللهجة العراقية في إستهجانها على الإغلب فيقال: (عابتْ هلْ سوله). لذا سيبقى المقال لإجل ذاك مُلزم بطبيعته الأخلاقية بأن لا يتعرض لأحد وخاصة في الجانب الثقافي المقصود ، بقدر ما المقالة تريد أنْ تعرض أو تستعرض مجموعات من الناس من باب المُقارنة يُشكّلون شعوبا وقبائل لتعارفوا لالتنابزوا ، وأهم ما يُميّز كلامهم المعروف بغض النظر عن التنابز هو بالإخبار عن أعمالهم وعادات هذه الأعمال التي قد تفيدُ أو تَضرُّ أحيانا في العمل كان مايكون البلد . وبالتالي ينتج لنا سؤال أثيري يلي : الى متى يبقى أبنائنا البررة المدللون يحاولون النهوض ؟ الجواب : الى المساء ولا يقدرون . هذا واقع مؤسف يثير الرثاء . وللأسف لايجوز أخلاقيا أيضا الوقوف في حدود الأسف من دون أن تنبس بنت شفة حول واقع صار كذلك .
ولا أعتقد إن هنالك أي حرج سينبري مع هولاء الأصدقاء لجوجي الزعل بالنقاش إذا قيل إن الله عز وجل يحثّ على العمل خلل آياته الشريفات من كتابه الكريم ببداهة (وقل اعملوا ....الآية الكريمة) ونرى شعوبا قد أعتادوه فتقدموا على آخرين وغيرهم أدّمنوا الكسل والخدر فالسكائر والمخدّرات فعاشوا عيشة ضنكا مشلولة. ولو أمعنت النظر في مطالب هذا المقال التي يضن إنها معضلة عسيرة - عزيزي القارئ - ستراها من البديهيات البسيطة التي لاتكلف مالا ولا جهدا عسيرا والتي وعتّها الشعوب مثلما نعِيها نحن لكن مايمرّ على العراق وما يتفشى بين أبناءه من: ظواهر داهية عن مظاهر لاهية تُبدي لهم جدّية لكنّها واهيّة وغير قادرة على تحمل اعباء النقلة الحضارية للمقامات الزاهية المناطة بهم ، ها هي والعراق يمرّ بأعتى ظروفه الذليلة وإن أسباب ذلك لعديدة وبيلة ، ومنها مثل ما ترونها معي بالتأكيد جزء منها يُنْسَبُ لعادات البلد والتي هي سبب من اسباب الإنهماك بعاداتٍ بديلة . والبديلة عند الشعوب المتخلفة ليست قليلة وليست مثلما هي عند الشعوب المتقدمة نافعة وليست ملولة:
(للحديث بقية في بؤس الثقافة المحلـّيّة – ۲-;-)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سكان غزة على حافة المجاعة خصوصاً في منطقتي الشمال والوسط


.. هيئة عائلات الأسرى المحتجزين: نتنياهو يمنع التوصل إلى اتفاق




.. مقابر جماعية في غزة تكشف عن فظائع.. ومراقبون: ممارسات ترقى ل


.. بريطانيا: طالبي اللجوء ا?لى سيرحلون إلى رواندا مهما حدث




.. أهالي الأسرى لدى حماس يتظاهرون في القدس من أجل سرعة إطلاق سر