الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب غزة بين الاهداف المعلنة وغير المعلنة:

محمد خضر خزعلي

2014 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


تسلك الدول في خارجيتها الى تبرير اعمالها او تمويه سلوكها تجاه الدولة محل اطماعها او لتموه المجتمع الدولي ومحاولة الاستفادة من موازين القوى لتغير واقع بسياسة الامر الواقع , تذهب الى الاعلان عن اهداف في حين انها تضمر اهداف الاخرى , في سياق العلاقات الدولية تسمى الاهداف المعلنة والاهداف غير المعلنة.
بررت اسرائيل حربها ضد قطاع غزة واعلنت بأن اهداف الحرب الاستراتيجية عام 2008 و عام 2012 وحاليا في عام 2014 متشابهة وتدور كلها في فلك واحد هي باختصار :
1- نزع سلاح مقاومة .
2-تدمير الانفاق لتفادي الموت من فوق ومن تحت الارض حسب تعبير نتياهو.
وفي كل سلوكيات اي دولة هناك من الاهداف الاستراتيجية الدنيا و الاهداف التكتيكية الكثير , لكن سنركز على الاهداف الاستراتيجية العليا حاليا.
اذا كانت هذه هي الاهداف الاستراتيجية المعلنة فما هي الاهداف غير المعلنة؟
يبدو على ما اعتقد ان اهم الاهداف غير المعلنة هي:
1- عدم القضاء على المقاومة المتمثلة بحماس بشكل مادي , بل القضاء عليها بشكل معنوي وهو ما يمهد الطريق الى الهدفين التاليين.
2-السيطرة على حقول الطاقة والغاز في المياه الاقليمية في غزة.
3-تدجين وعي المقاومة الشعبية.
فما هي طبيعة هذه الاهداف:
1-ان القول برغبة اسرائيل في القضاء على حماس بشكل نهائي هو قول يفتقر للدقة لعدة اسباب:
أ-القضاء عليها يعني "صوملة قطاع غزة" , وهنا ستجد اسرائيل صعوبة بالغة في التعامل مع الغاضبين من بواقي اتباعها .
ب- هناك احتمالات كبيرة لتنشط جهات اخرى مقاومة بفضل القضاء على حماس وستكون اكثر ميلا لاستخدام القوة وتشددا من حماس , مما يعني ارهاق اكثرا لإسرائيل .
ج- سقوط حماس يعني ان اسرائيل ستخسر فيه اهم او قوى جهة فاعلة ومنظمة للتفاوض معها.
د- بقاء حماس يعطي غطاءا لإسرائيل في احقيتها لدفاع عن نفسها ضد صواريخها امام العالم.
اذن ما الذي تريديه اسرائيل؟
ما تريده اسرائيل على ما اعتقد هو التدمير المعنوي للمقاومة واجبارها على الرضوخ اساسا , للتقليل من لاءات حماس , ثم ان نزع سلاح المقاومةام عدم نزعه فلن يكون ذو تأثير كبير على المعادلة في المدى المنظور والمتوسط.
2-السيطرة على حقول الطاقة والغاز:
ان افضل وقت لتأديب حماس هو الوقت الراهن على الاغلب , حيث تستغل اسرائيل عدة امور على ساحة الشرق الاوسط وهي:
أ- فصل ايران عن سوريا واجزاء من العراق من خلال ما يسمى بداعش , الامر الذي يعني قطع لذراع ايران في المنطقة وعلاقاتها مع سوريا و سوء علاقات حماس مع سوريا الداعم القوي فيما سبق .
ب-استغلال قرار السعودية من اعتبار الاخوان المسلمين حركة ارهابية , لا سيما مع الالفاف المصري مع ذاك القرار السعودي , واسترار اغلاق معبر رفح ان كان له دلالة فدلالته تعني الموافقة على الضرب لاستكمال التأديب المعنوي لحماس.
ج-التغاضي الدولي عن تعاظم الخسائر الانسانية حتى الوقت الراهن.
وهنا فأن هذا يعني ان حرب غزة تأتي في نطاق حرب اقليمية بين محوريين رئيسيين , ايران واذرعها من جهة , وكل من مصر والسعودية واسرائيل من جهة اخرى.
وهنا فأن افضل وقت لإسقاط حاضنة الصمود والمقاومة هي الوقت الحالي , حيث يعتقد الإسرائيلي ان التأديب المعنوي لحماس ستفتح لهم افاق استخراج الغاز في مياه غزة الاقليمية , كخطوة للسيطرة من خلال الشركات على موارد البحر المتوسط , حيث رفضت حماس ما تمخض عن اتفاق السلطة الفلسطينية في عهد ياسر عرفات عام 1999 القاضي باستثمار موارد غزة البحرية الى تجمع شركات مكون من بريتش جروب بنسبة 60% وشركة فلسطينية خاصة بنسبة 30% و 10% المتبقية تذهب الى السلطة الفلسطينية , لكن اسرائيل اوقفت العمل.
وبوساطة توني بلير تم التحضير لاتفاق بين الاطراف يشترط وضع الارباح في بنك دولي تحت اشراف بريطاني امريكي خوفا من ان تعود الارباح الى المقاومين لاستثمارها في صراعهم مع اسرائيل, ومن ناحية اخرى لم يمنح هذا الاتفاق الا ربع ايرادات الغاز التي ستستخرج , وفي عام 2006 عندما فازت حماس رفضت هذا الاتفاق معتبرة اياه اختلاس لحقوق الشعب الفلسطيني وطلبت اعادة المفاوضات عليه عام 2007 , وهنا اوقفت اسرائيل العمل على بئري غاز , واعلنت اسرائيل انه لا يمكن استخراج الغاز قبل القضاء على المقاومة وهنا بدأت حرب عام 2008 على غزة.
فما هي طبيعة هذ الموارد الغازية في مياه غزة؟
تقدر تلك الموارد بما يقارب 122 ترليون قدم مكعب من الغاز حسب ما اثبتت تقارير الشركات الخاصة بالكشف , وتقع هذه الكمية في مياه متنازع عليها بين دول حوض المتوسط الشرقية وهي سوريا لبنان اسرائيل وغزة.
وهنا فأن اي اتفاق على حقوق الغاز بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية خصوصا بعد اتفاق المصالحة الفلسطينية سيثير قلق اسرائيل من احتمالية استفادة حماس من الايرادات , خصوصا بعد اعلان السلطة الفلسطينية لتوسيع افاق التعاون مع روسيا من خلال شركة غاز بروم في مجال الطاقة(وهنا تظهر ايضا لعبة المصالح الدولية والتنافس على الطاقة العالمي مرة اخرى) , وحسب ما عبر عنه موشية يعالون فأن هذا الاتفاق لن يحصل بسبب رفض حماس من جهة , ولن يكون هناك قدرة على التنقيب والاستخراج بدون حماس ايضا , وهنا اصبح لازما علينا ان نلقن حماس درسا وتقويضها من اساسها لاشباع حاجاتنا للغاز , وهنا فالحرب تقع ضمن نطاق استراتيجيتها للسيطرة على كامل حوض شرق البحر المتوسط .
فحسب التقارير الاسرائيلية فأن الغاز الاسرائيلي المكتشف لن يكفي حاجاتها للاستهلاك وللتصدير لأكثر من 50% من الناتج الكلي , في حين يتوقع الكثير ان الكمية في مياه اسرائيل الاقليمية المكتشفة لن تدوم لأكثر من عام 2040 .
3-تدجين وعي المقاومة الشعبية اساسا:
هذا الهدف هو الهدف المحوري والمفتاح للأهداف الاخرى , حيث كلما احست اسرائيل بعدم تحقيق اهدافها السياسية عسكريا كلما زادت من عنفها المباشر وغير المباشر , فالأعمال العسكرية المفطرة في العنف تأتي في سياق تكبيل المقاومة الشعبية اضرارا نفسية لتجعلها تستشعر الوضع قبل الحرب واثنائها , ظنا من اسرائيل ان وحشيتها ستدفع المقاومة الشعبية للقول والتمني بالعودة الى ما كان عليه الوضع قبل الحرب .
من ناحية اخرى فأن الهمجية القتالية الحالية تأتي في سياق احراج المقاومة المسلحة , كأنها تقول للغزاويين : ان من جلب لكم هذا الوضع المأساوي هو حماس , فتركوا السلاح ولكم السلام , عل المقاومة المسلحة تتراجع عن عنادها بتكبيلها هذه الخسائر الانسانية والمادية.
فإذا فقدت المقاومة المسلحة حاضنة الصمود والمقاومة الشعبية فهذا يعني النهاية لحماس , وهنا يغدو سلاحها بلا طائل منه , فيكون البديل هو ترك لسلاح والذهاب للمفاوضات.
يطلق الاسرائيليون على هذه الاعمال بما يسمى كي الوعي الذي ابتدعه الجنرال موشيه يعلون قاصدا به ان تجربة ما هو اسوء تدفع المرء الى تمني ما قبل الاسوء مما يعني تحول نظر المقاومة من التحرير الى التحريك , اي ان نسلم عقليا بقدرة الإسرائيليين المتفوقة ونلجأ الى ما يقوله العقل , وما يقوله العقل هو عدم القيام بمواجهة اسرائيل نظرا لتفوقها , تماما كما استقر عليه وضع الانظمة العربية في صراعها مع اسرائيل , حيث كي وعيها بعد عام 1967 ليصبح هدفها استرجاع الضفة , غزة , الجولان , سيناء بدلا من تحرير فلسطين كما ان عليه الوضع عام 1948 , وكما كي وعي منظمة التحرير من كونها تنص في ميثاقها على ان الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد للتحرير اصبح لاحقا احد ادوات التحرير.
وهنا نفهم طبيعة الوحشية العسكرية الاسرائيلية ومحاولتها كي وعي المقاومة الشعبية لتتخلى عن المقاومة المسلحة , ولتصبح المقاومة الشعبية ضمن اطار المفاوضات هي الطريق الجديد بدلا من المقاومة المسلحة التي يجب وتدريجيا ان تنتقل من اداه وحيدة للكفاح الى احدى الادوات الى نسيانها تماما من قاموس الفلسطينيين.
فظاعة الخسائر الانسانية والمادية لا يشفع لها الا ما يحقق سياسيا , ولا تتحقق الاهداف السياسية الا بطريق واحد اساسي يتفرع عنه طرق اخرى كالاقتصادية والاعلامية ...الخ فيما يخص المحتل , الطريق الاساسي لتحقيق اهداف سياسية هي المقاومة المسلحة المتكئة على حاضنة المقاومة الشعبية , وضرورة التطور في المقاومة المسلحة و وهذا ما اثبتته المقاومة في غزة.
في ضوء ما سبق نفهم ان الاهداف الاسرائيلية ذات طبيعة تكاملية , واولى المسامير التي يجب ان تدق في نعش اسرائيل هي الصمود وتحويل هذه الحرب الى حرب طويلة وممتدة , واسرائيل لا قدرة لها على الاطالة نظرا لعدة اسباب نفسية , واستراتيجية , وسياسية تخص اسرائيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة