الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نفاق محرضي الشباب على الجهاد والاستشهاد

فادي كمال الصباح

2014 / 8 / 1
الارهاب, الحرب والسلام


شهدت السنوات القليلة الماضية تنافساً قوياً بين الشيوخ ,بتحريض الشباب المسلم على القتال والجهاد الطائفي ,وذلك باستعانتهم بمخزون كبير من التراث الديني المرغب بالجهاد والاستشهاد من خلال ما يحظى به المجاهد والشهيد من امتيازات و المكانة و مجموعات فائقة الإثارة من الحور العين و غيرها.

في حين عجت ميادين القتال الطائفي في سوريا والعراق من جهاديي شتى أقطار الإسلام والذين بمعظمهم من الشباب الصغير السن والمراهق, لم نشهد أي من هؤلاء الشيوخ ينافس أولئك الصبية على خوض القتال لنيل ما يوعدونهم و يرغبونهم به.
و الأنكى من ذلك ,أن الشيوخ تدعي الاعتقاد و تشدد على أن يعتقد المسلم إعتقاداً جازماً بأن عمر الإنسان قد حدد مسبقاً من قبل الله ,فلا يموت أحد قبل أجله و لا يحيا أكثر مما قدر له من عمر,بناءاً للعديد من الآيات القرآنية :
1- وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا [آل عمران: 145].
2- وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا [المنافقون: 11].
3- وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف: 34].
4- وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ * مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ [الحجر: 4، 5].
كما و أن تحديد عمر الإنسان وساعة موته حدده الله من قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، كما ورد في "صحيح مسلم" عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعتُ رسول الله يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشُه على الماء.
و يدعم الحديث السابق الآيات القرآنية 22و23 من سورة الحديد:
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * {الحديد:22-23}.

الارتياب من تناقض أقوال و أفعال الشيوخ لا يخفى على الكثيرين ,فليس كل الناس من البله البسطاء الذين يصدقون كل أقاويل الشيوخ , حيث يتبادر إلى أذهانهم العديد من الأسئلة ,هل الشيوخ يؤمنون فعلاً بما يرغبوننا للإقدام عليه ؟!, لماذا لا يسابقنا الشيوخ الى ميادين القتال والجهاد ولاسيما أن ذلك لن يؤخر أو يسرع بأعمارهم المقدرة مسبقاُ الهياً ؟!.
أمام هذه الأسئلة المحرجة يتسلح الشيوخ بمبررات دورهم الدعوي بدعوى أنه من أسمى الجهاد , لكن ذلك المبرر يسقط أمام أعداد الشيوخ الضخمة حيث أن المجتمعات الإسلامية متخمة بأعداد الشيوخ فلا تتأثر الضرورة الدعوية بخروجهم إلى القتال كما أي شخص يرغبونه به.

أما الجواب على السؤال لماذا لا ينافس الشيوخ الشباب على القتال والاستشهاد, هو, أن لأغلب الشيوخ شكوك يبطنونها ولا يعلنونها بأن ما يرغبون به الشباب الصغير للجهاد هي مجرد عقائد ظنية يحتمل عدم صحتها و ليست يقينية كالشمس في وضح النهار,بما تعلموه من مبادئ الاستدلال والمنطق فلا توجد لديهم من القناعة الكافية ليغامروا بحياتهم و مستقبل أبناءهم مقابل وعود دينية قد لا تتحقق, إلا أنهم غير مستعدين للتقدم خطوة جريئة للأمام في تفكيرهم خوفاً من إنعكاس التفكير النقدي و الآراء الناتجة عنه على مظهرهم و مكانتهم العرفية اجتماعياً و دينياً الأمر الذي سيفقدهم إياها لو قالوا للناس أن ما نوعدكم و نرغبكم به مجرد أمور ظنية تحتمل الخطأ ,كما أن ذلك لن يسعد الجهات التي تمولهم خدمة لمشاريعها السياسية و صراعاتها الطائفية.
و من الغير المستبعد أن يكون تفسير تناقض الشيوخ نظراً لابتعادهم عن التفكير النقدي هو طبيعة إيمانهم القائم على قناعات يراهنون عليها بشكل حذر جداً, بأنه لو صح ما ورد في الدين نكون قد نجونا و إن لم يصح نكون قد كسبنا الدنيا بمالها و جاهها.

لا يقتصر الارتياب و التناقض بين الأقوال والأفعال على الشيوخ , بل يمتد إلى زعماء الجماعات الجهادية الذين في حال وجود تهديدات على حياتهم من اغتيال و استهداف نجدهم يختفون عن الأنظار و لا يعلم مكانهم و يحيطون أنفسهم بأجهزة الحماية والحراسة للحفاظ على حياتهم, بينما كل خطاباتهم التي في الغالب على شكل تسجيلات مصورة أو صوتية تسرب إلى وسائل الإعلام عبر قنوات سرية, تحرض غيرهم على القتال والاستشهاد و التضحية بالغالي والنفيس, وقد شهدنا الكثير من هذه النماذج كإبن لادن والظواهري و الزرقاوي و أبو محمد الجولاني وأبو بكر البغدادي.
و ما يحير كيف لأتباعهم أن يصدقوا خلفية سلوكهم المتناقض هذا مع الاعتقاد بأن الآجال مقدرة و محددة مسبقاً و كذلك كيف يتصرفون بهذه الشاكلة و هم يعتقدون بالآية 78 من سورة النساء: { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ }, بحيث أن هذه الإجراءات الأمنية لن تحميهم إن أتى أجلهم المقدر مسبقاً .
لتبرير هذه التناقضات , غالباً ما يلتجئون إلى مبرر عدم إلقاء النفس بالتهلكة, كأن المطلوب منهم كي نقتنع بتوافق أقوالهم مع أفعالهم أن يرموا بأنفسهم فريسة سهلة لأعدائهم, بينما يكفيهم أن يساووا أنفسهم بالعناصر التي تقاتل تحت أوامرهم والذين يطلبون منهم بذل المزيد من الجهود والتضحيات و عدم الخوف من الموت و الترحيب بالشهادة والسعي لها.

ما يمكن ملاحظته من تصرفات زعماء الجماعات الجهادية أن أقوالهم تتناقض مع العقائد التي يظهرون الإيمان بها و يحثون غيرهم على سلوكها, فبينما يظهرون بأن الله هو الذي يميت بشكل مقدر مسبقاً نجدهم حريصون جداً على حياتهم كأن عدوهم قادر على تعطيل مخطط إلههم بأن يموت فلان في الزمن والمكان المعينين, أما هم من خلال التجربة الميدانية رسخت لهم قناعة بأنه لا حامي لهم سوى الحذر والتدابير الأمنية المبينة على السرية التامة.
في المحصلة النهائية من كل ما تقدم ,يمكننا القول, بأن المنابر يعتليها تجار الدين و الحركات الجهادية يقودها مرتزقة متعهدي حروب دينية خدمة لمصالح دول و من يدفع الثمن من حياته و مستقبله و مستقبل أهله ,الأبله البسيط التفكير الذي ينساق عاطفياً و غرائزياً وراء خطاباتهم التحريضية المغلفة بالعناوين والشعارات الدينية البراقة التي تعمي الأبصار و العقول برؤوس المؤمنين دون قائليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 8 / 1 - 22:17 )
توجد نقطه واحده أحب أن أعلق عليها , و هي (القدر) , فالفيزياء تؤكد (القدر) أو (التاريخ المصمم) , تابع :
http://www.youtube.com/watch?v=tbqaLqhpxCM
و
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?52577-التاريخ-المصمم


2 - نداء للمنتحرين باسم الشهادة!!
سمير آل طوق البحراني ( 2014 / 8 / 2 - 04:13 )
ايها المخدوعون ان تجار الدين لا يؤمنون بما يقولون.الحور العين والولدان المخلون اوهام وظنون ولو كانواحقا يؤمنون بما يوعدون لرايتموهم على الشهادة ـ الانتحار ـ يتنافسون. هل في هذا شك

ايها الوحش القبيح المستبد المفترس
لن يطول القهر كلا عن قريب تنخرس
ابتعد عنا ودعنا انت مخلوق شرس
احترس فالماء يغلي في قدور الانقلاب
*
جاوز الاشرار في ظلم المساكين المدى
حينما قالوا لهم موتوا ونلقاكم غدا
في جنان يخلد الارهاب فيها ابدا
خدعوهم ببحار الخمر والحور الكعاب
*
سلبوا ارواحهم منهم واسموها شهادة
لا تصدق يا صغير السن اطماع القيادة
انت في الحرب اداة عند طلاب السيادة
فاعتزل منظومة الارهاب يا غض الاهاب
*
هؤلاء القوم لد فابتعد عن هؤلاء
قل انا منكم براء زد وللود الولاء
لا تكدر نبعك الغذب بموبوء الدلاء
فدلاء الدم ليست للينابيع العذاب
*
تاه قومي بين نهي ووجوب واباحة
ساحة الافتاء باسم الرب صارت مستباحة
في ثراها كل شيخ يحمل اليوم سلاحه
ضد من خالفه الرأي بفتوى او خطاب
*
الف تحية لابن الجزيرة العربية (وائل نجد) على هذه الكلمات المعبرة النابعة من قلب مؤمن و محب لاخيه الانسان المخدوع باوهام لا دليل عليها .


3 - الإتفاق -ديل - السماوي
johnhabil ( 2014 / 8 / 2 - 06:08 )
الأستاذ وسام قبلان
في المحصلة النهائية من كل ما تقدم ,يمكننا القول, بأن المنابر يعتليها تجار الدين و الحركات الجهادية يقودها مرتزقة متعهدي حروب دينية خدمة لمصالح دول انتهى
نعم ياسيدي سماسرة تقيض وترسل مرتزقة من الشيشان وافغانستان ومن كل البدان الاسلامية المتخلفة والبرابرة المتوحشين,, لأن الله جعل رزقهم تحت طلقات كلاشنكوفاتهم
وإن سمسارهم الأكبر هو من أراد هذا !!! وجعل بينهم وبينه اتفاقاًأبدياً كما جاء وقال في كتابه العزيز السرمدي
التوبة : 111] إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ
ديل سماوي أزلي ... شيك على بياض
أفتلوا الناس ، وبالمقابل أنا أعطيكم الجنة
وهكذا دواليك ... الله يحرض المسلمين في القرآن على قتل الناس( ومكافأتهم هي الجنة
والشيوخ يحرضون المؤمنين على قتل الناس
وصدق من قال : إذا كان صاحب البيت بالمزمار عازفاً فما على الضيوف سوى الرقص

اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية