الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مريم ...ستنتظر المسيح / عند باب المدرسة في غزة ..

سيمون خوري

2014 / 8 / 2
الادب والفن


مريم ستنتظر المسيح
على باب المدرسة في غزة ..

سيمون خوري:

عند باب المدرسة ...
انتظرت مريم موعد انصراف الأطفال..
لا مدرسة.. لا شئ ..؟!
اختفى حتى صوت جرس الإنصراف المحبب للإطفال..
أختفى ذاك الفرح الطفولي ..وذاك الصخب
اختفت جدران معبد الإله ..
لا مدرسة..!
اختفى العيد ...
لا ملابس جديدة...ولا قطع من الحلوى
لا ماء ولا كهرباء..؟
ما هذا العيد..؟
غابت فيه ابتسامات الأطفال..؟
صرخت مريم ... آه ..آه
لم يبق في العين دمع!
جفت مآق غزة
فسخت " مريم " ثوبها نصفين
هالت غبار القذائف على رأسها
وأصيبت المجدلية بالصرع..
اختفت المدرسة ؟
هنا كانت مدرسة ...
قبل تعثر الزمن ومصرعه في الشارع.
فقد وصلت قذائف البارود ..الى القلب .
هنا ...هنا..قبل دقائق ..
كانت طيورا البحر والسنونو الصغيرة تعلب وتطير
مثل طائرات ورقية أيام الأعياد .
هنا كانت ضحكات عجيبة،
تملئ جرار بحر غزة وتداعب موجاته
هنا كانت كرة من ثياب قديمة
تتدحرج بين أقدام صبية فقراء
يتبارون مع البحر والرمل والريح القادمة من وراء الحدود
" جول " واخترقت قذيفة مرمى القلب.
لم يصفر الحكم ...
لأنه اختفى أيضاً ..
هنا كانت صبايا تحلم بربيع، وبشهادة نجاح بتفوق..
هنا كانت ثمة طفولة تنتظر فكا الحصار.
وثمة قطط صغيرة تنتظر عودة صياد..
بيد أن، أبا هريرة اعتزل مهنة الصيد..ورحل الى أعماق البحر..
آه يا مريم ... بكى التاريخ والحجر وانتحب البحر.
و قهقه " نتانياهو الإسخريوطي " بصوت أرعد قائلاً:
" كما ترين يا مريم ..
صلبته..مرتين ...
مرة قبل التاريخ
ومرة قبل صحوة ضمير العالم."
وبمرور الزمن يمكن إخفاء واختفاء الحقيقة.
كما اختفت سابقاً..
وسيتحول العالم الى أطلال لعالم افتراضي كان يوما.ً
شهر كامل اختفى منه يوم السبت المقدس..؟!
كان شهراً ..
كان أسبوعا..
كان يوماً .. لا فرق
اختفى " السبت " المقدس من التاريخ .
آه يا وطن سقط في حضن خليفة جديد..
لا فرق بين الموصل وغزة
هنا موطن البؤساء
من المحيط الى الخليج .
هنا سوق العرض والطلب
تباع فيه الأوطان في مزاد علني.
ويتحول الإنسان الى رقم حسابي
ونحن..؟
نتظاهر ونغضب ونرعد ونزبد ..ونشتم ..
ثم ...
ثم ماذا..؟
ما ذا تعني " ثم " ؟!
ما أسوء " ثم "
عندما نستلقي من التعب بعد يوما غاضب..
حسناً لقد أدينا واجبنا " الوطني " وعزفنا نشيد الإنشاد في حضرة الخليفة الجديد.
ورفعنا الرايات البيض والحمر وسيوفنا الخشبية.
هاهو الزهو العربي المزيف طيلة الزمن ينتصب مجدداً في أعماقنا
فقد أعلنا تضامننا مع شعوب تتعرض للإبادة.
لا فرق بين سورية أو غزة أو الموصل أو ليبيا.
وأدينا واجبنا الذاتي..اتجاه ذاتنا المريضة بالعجز والقهر والخوف من النصوص.
ما أسهل الكلمة وما أصعب الفعل...
كحال من يطهو الحجارة على قدر يغلي..
ثم ... ثم ماذا بعد ..!
المهم أن وادي الصفصاف لم يحضر الى غزة ... ولا وادي البادان ..؟!
فقد نفذت إمارة " رام الله " أوامر الخليفة ...
اختفى ندى الليل .. وامتلأ وادي الصفصاف بالظل..
قيل اختفت الشمس..سرقها خزري ..!!
أما القمر فقد صعد الى مملكة " بيلاطس "
فلا فائدة للنور في بلدان العميان ..؟
مرتا ..مرتا ..
متى ستأخذ الشمس الليل ..؟!
آه .. يا مرتا ...لو كنت أعلم ما تعلمين..؟!
لقد سئمت هذه الأوطان الشخصية المؤمنة بقضائه وقدره .
من البحر الى البحر ومن النهر الى أقاصي الشتات
وبشعوبه المختارة..وقصص بني النضير وآيات التنزيل والتحكيم..
رقصوا ...
رقصوا فرحاً كحال العبادات البدائية لشعوب متوحشة.
لا مدارس في غزة؟؟
مزقت الطائرات الكتب .
دمرت القنابل جدران المدارس
قتل خليفة المؤمنين " نتانياهو" كل الابتسامات الصغيرة
وفقأ عيون الضحكات البريئة .
وسقطت كافة الأوطان في حضن الخليفة الجديد.
يا أيها العار على جبين هذا العالم..؟
كيف يمكن لأحد ما أن يكون
بلا قلب ..
يا أيها الليل..
كيف تسمح لقاتل أن ينام ملئ جفنيه ..؟
بكى بحر غزة مودعاً
رحيل أبطال مونديال الشاطئ ..
حاملين معهم كأس انتصارهم على الماضي
فلا نبي جاء ولا وحي نزل.
ولا " أمين موس " ولا عصا الساح
لكن " مريم " قررت انتظار
عودة " عمانوئيل "
وحوارييه،
واحمد الزعتر وحنظله الى المدرسة.
غداً ستفتح المدارس أبوابها...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية استاذ سيمون خوري
عبله عبدالرحمن ( 2014 / 8 / 2 - 18:08 )
تحية استاذنا المبدع سيمون خوري
سلمت من كل وجع وحفظ الله الاوطان من شر الابادة .. وكما قلت لا حياة في مجتمعات مستهدفة بالموت
كل الاماني بانتصار الانسانية
دمت ودامت صحتك بكل خير


2 - مريم ، آه يا مريم
عتريس المدح ( 2014 / 8 / 2 - 19:07 )
رائع أنت دائما أخي سيمون
مربم هي أمي
مريم هي أختي
مريم هي جدتي
مريم طفلة أستشهدت على أيدي تتار القرن العشرين


3 - كلمة إلى صديقي سيمون خوري
غـسـان صــابــور ( 2014 / 8 / 3 - 10:23 )
ســيــمــون خــوري.. يا صديقي الطيب
كلماتك صدى ما تبقى من القليل النادر الإنســانـي... وأصوات الأبرياء المخنوقة في وادي الــطرشــــان... والقليل مما تحكي لنا بصوتك الخافت.. أصدق من كل الخطابات الخشبية التي يخدرنا بها حكامنا و شيوخنا من سنوات طويلة بائسة يائسة حزينة...
أنت آخــر ما تبقى من الحقيقة الحقيقية...
وأنت أصدق من يعرف عما يصيب من يقول الحقيقة في ديارنا المعتمة...
وحتى نلتقي... لك كالعادة كل مودتي وصداقتي واحترامي.. وأطيب تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا


4 - السريالية
عبد السلام الزغيبي ( 2014 / 8 / 3 - 16:10 )
الامور لا تختلف عندنا في ليبيا، فالاوضاع متشابهة جدا، والدماء تسيل بدون سبب والفائز من
الصراع خاسر..

موضوع جميل معبر عن الحقيقة الموجعة..

اخر الافلام

.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني


.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق




.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع