الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
داعش ... هادم الحضارة
زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)
2014 / 8 / 3
السياسة والعلاقات الدولية
داعش ... هادم الحضارة
يعد داعش من أخطر المعطيات والأوراق المستخدمة في الشرق الأوسط في الوقت الراهن، بل ويعد من أسوء المتغيرات في رسم السياسات الدولية لبعض الدول؛ التي لم تعد تراعي المواثيق والأعراف الأخلاقية والسياسية في إدارة السياسة الدولية، إن الربيع العربي وما أفرزتها صمود الأنظمة الدكتاتورية أمام المد الجماهيري؛ مهدت الطريق أمام العمل الاستخباراتي للكثير من الدول في تصدير أزماتها إلى الدول المختلة أمنيا، أو إلى الدول التي تتصف أنظمتها بالفاشلة، ففي سوريا على سبيل المثال أدت نجاحات الثورة فيها الى تفكير النظام البعثي السوري في إيجاد آليات بديلة تسيء لمتطلبات الشعب السوري وتخوف المجتمع الدولي من ظهور الإرهاب الدولي؛ والذي يهدف إلى ضرب المصالح الغربية، والدول الإقليمية.
وقد نجح بشار وأعوانه في ضرب الثورة السورية، وخلق خلل استراتيجي في انتفاضة الشعب ضد سلطته المستبدة، وأدى ظهور داعش ومن خلاله؛ إلى فتح أبواب جديدة للبعث السوري؛ لتمديد عمره وطاغيته، وضرب إرادة الفرد السوري بالحرية والكرامة؟. السؤال الذي يبادر إلى الذهن؛ هل الخلافة السوداء التي أعلنتها البغدادي بعبائه الأسود، وفرقته الضالة؛ حركة جهادية بديلة للقاعدة.؟ أم أن لها أهداف واستراتيجيات تختلف عن سابقتها؟ وهل المقصود من عمليات حركة داعش هو لضرب السنه والكورد في العراق؟ أم أن لها أجندة تفوق حدود العراق؟ إن داعش حركة إهاربية قائمة على أساس مصالح واستراتيجيات دولية؛ تم التخطيط لها في أروقة مظلمة للعمل على تصدير الأزمة أو العمل على إعادة رسم الخريطة السياسية؛ بالصورة التي تخدم الدول الإقليمية، أما القيادة وصناع القرار في داخل داعش؛ فعبارة عن مستوى عالي مخفي لا يعرف خيوطه العاملة في تلك الحركة، فالقادة الميدانيين في تنظيم داعش لا يرتبطون بسلم تنظيمي أو وحدة القرار، وإنما هم مجموعات متشتتة تجمعها المصالح الفردية والجهل القائم على أساس الإشكاليات النفسية؛ التي دفعت بالكثير من الشباب غير الواعين؛ للانضمام إلى هذه الحركة.
إن القاعدة وتحركاتها في الوقت الراهن لا وجود لها، وهذا يعبر عن تكملة الدور الذي على أساسه؛ شكلت القاعدة وكملت أدوراها على أتم وجه، وها قد حان الوقت لشبح آخر في الشرق الأوسط يساهم في خلق حالة الفوضى العارمة، وتسيء إلى العمق الحضاري للإسلام، وكذلك ضرب القدرة الاقتصادية للدول والجماعات التي لا تسير في بوتقة دول إقليمية معينة.
إن الاستراتيجية التي قامت على أساسها داعش تكمن في نقطتين:
1. الفوضى العارمة
لأن الحركات والممارسات الهمجية التي تقوم بها الأفراد المنتمين لحركة داعش؛ تهدف الى ضرب القيم الحضارية والثقافية للمناطق التي تسيطر عليها، وزرع الخوف والجهل والقتل في تلك المناطق؛ ففي الرقة تمارس داعش ممارسات تفوق الخيال الإنساني، وتعجز عن تفسيرها كل المدارس الفكرية المتعارفة عليها فكريا وعقائديا، إن قواعدها ولوائحها أقرب إلى الجماعات القائمة على أساس القتل المنظم والجرائم المنظمة التي ظهرت في ظل الأنظمة الدكتاتورية، والمستفيد الوحيد من الفوضى العارمة هذه؛ هي الأنظمة الدكتاتورية في الدول العربية التي تخاف على سلطتها وتقوم بالمستحيل لأجل الحفاظ على نفسها، وكذلك المخابرات الإقليمية التي تسعى إلى حماية مصالح دولها من خلال تصدير الأزمة إلى خارج حدودها، ففي أوروبا الغربية تحررت عواصمها من الأفكار التكفيرية والظلامية؛ من خلال التحاق بعض أفرادها إلى تنظيم داعش؛ وبالتالي تقديم خدمة أمنية مجانية للدول الغربية، أما الدول العربية وخاصة النظام السوري وبعض الدول الخليجية ومصر؛ فإنهم يسعون جاهدين في سبيل حماية مصالحهم ولو تطلب الأمر ممارسة أشد الانتهاكات والعمليات الاجرامية.
2. التغيير السياسي العكسي.
أما الاستراتيجية الثانية التي على أساسها تشكلت داعش؛ هي خلق التغيير السياسي العكسي واقصد بهذا المصطلح تحويل التغيير السياسي في الدول العربية من حالة الثورة ومطالبة الحقوق؛ إلى تثبيت قواعد الأنظمة الدكتاتورية، من خلال زرع حالة الخوف لدى الأفراد، فالناس يفضلون الطغاة على المتطرفين، وبذلك تتحول التغيير من حالة التحرر إلى حالة الطغيان المنظم بنكهة الخوف والتدمير التي يتبناها داعش.
والتغيير السياسي العكسي تخدم إلى جانب الطغاة مصالح بعض الدول التي ترى في الحركات المعتدلة خطر على مستقبلها. إن التحركات والممارسات الهمجية التي قامت بها داعش في الموصل هي محاولات ضرب حضارة شعب وإكمال عملية صنع الكره لدى أطياف الشعب العراقي، فالتهجير القسري للكورد والمسحيين والعمليات المشكوكة بين سوريا والعراق؛ محاولات جدية في ضرب حضارة بلاد الرافدين، فالتعدد الديني والمذهبي مستهدف في العراق منذ 2003، والمستفيد وراءه ليس الشعب العراقي بالتأكيد.
إن اقليم كوردستان العراق بفعل الجغرافيا السياسية وقعت في نقطة التماس مع داعش وإنه من الصعب حفظ الأمن والاستقرار في المناطق التي تسيطر عليها داعش، فالهجمات المتكررة على القوات الكوردية دليل مخيف على وضع الكورد ضمن القوى المستهدفة في مخطط داعش في العراق. والقوات الكوردية تتطلب استراتيجية قوية ومتماسكة لصد خطر داعش كونه مخطط إقليمي كبير، وعلى القيادة الكوردية النظر في خيوط اللعبة السياسية وتقوية الخطاب الكوردي الداخلي وكذلك رفع مستوى الكفاءة العسكرية لدى البيشمركة بالقوة والسلاح والاعتماد على القوى الاقليمية التي تقع خارج المخطط الداعشي الإرهابي في المنطقة، والافضل من كل ذلك عدم الانجرار في حرب شامل مع داعش بجهود فردية فلا بد من وجود قوة اقليمية الى جانب البيشمركة لان حفظ الجيوسياسية الكوردية لها دلالات تعبر حدود العراق.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الأدميرال ميغويز: قدراتنا الدفاعية تسمح بالتصدي للأسلحة التي
.. صدامات بين الشرطة وإسرائيليين عند معبر كرم أبو سالم
.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية ليلية تستهدف مناطق في مدينة ر
.. احتجاجات حرب غزة تقاطع حفل تبرعات للرئيس بايدن
.. ضربات إسرائيلية على مدينة حلب تسفر عن مقتل 38 شخصا من بينهم