الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجبهة الشعبية التونسية و بعض نقادها: مكاشفة سياسية - أخلاقية.

بيرم ناجي

2014 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


1 - الجبهة الشعبية التونسية مكسب تنظيمي تاريخي للشعب التونسي عبر توحيد بعض من يسارييه و قومييه و بعثييه و اشتراكييه الديمقراطيين و مستقليه الراديكاليين.
2- الجبهة الشعبية مكسب سياسي تاريخي للشعب التونسي يعبر عن المزج بين المطالب الوطنية و الاجتماعية و الديمقراطية الراديكالية.
3- الجبهة الشعبية مكسب فكري تاريخي للشعب التونسي يتمثل في تأسيس عقلية العمل الجبهوي المشترك التي كانت دائما غائبة في تونس ما عدا بعض التحالفات النقابية العابرة.
4- الجبهة الشعبية مكسب أخلاقي تاريخي للشعب التونسي لأن فكرة الوحدة الجبهوية تدل على تغليب المصالح العامة لعموم الشعب الفقير على المصالح الخاصة.
5--الجبهة الشعبية مكسب نضالي عملي تاريخي للشعب التونسي لأنها دفعت القوى المنخرطة فيها الى الميدان العملي للسياسة و أخرجتهم لأول مرة من دكاكين التنظيمات و صفحات الكتب.
6-الجبهة الشعبية هي كل ذلك و الدليل استشهاد زعيميها شكري بلعيد و محمد البراهمي من أجل ذلك.والجبهة الشعبية هي كل ذلك و الدليل أن قادتها و نوابها في التأسيسي هم الأكثر عرضة للاغتيال في المستقبل.

الجبهة الشعبية قامت بأخطاء...
في عملها نواقص...
بعض زعمائها لا يملؤون أمكنتهم المنتظرة
يجب نقدها...
يجب تطويرها...الخ:
هذا أكيد...أكيد . ولكن.

1-الجبهة الشعبية ماكينة تاريخية مهمة جدا و يجب المحافظة و البناء عليها من أجل المستقبل. هي بالتأكيد ليست المثال النموذجي الآن...و لكن المهم ان الهيكل تواجد و يجب تطويره.
2- من ينقدونها من موقع "اليسارية الثورية" مستغلين ضعفها في ادارة تكتيك "جبهة الانقاذ" مثلا كان عليهم أن يظلوا داخلها ...و لو كانوا أقلية- حتى تقوى بهم فتحاول التأثير و التجذر أكثر فأكثر كما يريدون.
3- من ينقدونها من موقع "اليسارية المعتدلة" كان عليهم أن يظلوا داخلها و يدفعوها الى الانفتاح و المرونة أكثر.
4- من كانوا خارجها منذ البداية يسارا أو وسطا كان عليهم دخولها و التأثير فيها من الداخل و عليهم الالتحاق بها حتى لو كانت لهم اختلافات معها.
5- من ينقدونها من باب "المثقف العضوي" بعضهم ليس عضوا في أي شيء. و من ينقد من باب "المثقف النقدي" ينطبق عليه بعض ما سيلي... و بعضهم جدير بكل احترام و تقدير طالما اختار الاستقلال التنظيمي...و لكن لا بد على الأوائل مراجعة أنفسهم.

لم هذه "اللابد من..." المتوالية؟

1- بالنسبة الى الرفاق و الاخوة اليساريين و القوميين و البعثيين و المستقلين الراديكاليين الذين ينقدون الجبهة من موقع يساري مقارنة بها كما يعتقدون: بالله عليكم. خلاف انكم ستسجلون "مواقف للتاريخ" ترضي ضمائركم التي لا نشك في نزاهتها الشخصية و الجماعية رغم الاختلاف السياسي .ما الذي سيربح الشعب من مواقفكم؟ لم لا تنخرطون في الجبهة و تعبرون عن نفس المواقف و تلتزمون بالقرار الأغلبي... وهنيئا ان أقنعتم الأغلبية.
2- بالنسبة الى الرفاق و الاخوة الذين ينقدون من موقع الاعتدال. ألا ترون انكم ستضطرون اما الى "التحالف" مع الوسط ضد اليسار و اما فسيظل تغريدكم وحيدا؟ بالله ماذا ستربحون الشعب من خارج الجبهة؟ تسجيل مواقف للتاريخ؟ ادخلوا الجبهة و سجلوها و حاولوا الاقناع من داخلها و هنيئا لكم ان أقنعتم الأغلبية.
3- بالنسبة الى الرفاق و الاخوة المتمترسين خارج الجبهة منذ البداية: ألا تشعرون ولو للحظة نزاهة انكم تستعملون – ضد ارادتكم- من قبل أحزاب اليمين التي تستغل نزاهتكم للتشويش على الجبهة بحجة ... وشهد شاهد من أهلها؟

أليكم جميعا:

ألا تعون ما وقع لحزبي المؤتمر و التكتل و غيرهما من الأحزاب جراء التحالف الأعمى مع النهضة؟
ألا تعون ما وقع للمسار و العود و الاشتراكي اليساري جراء التحالف الأعمى مع نداء تونس؟
ألا تتساءلون لم كل هذه الضغوطات على بعض التنظيمات لدفعها الى مغادرة الجبهة او عدم الدخول اليها؟
ألا تتساءلون لم يركز العود والوطني الثوري نقدهم للوطد الموحد بينما يركز الاشتراكي اليساري نقده لحزب العمال وبعض التروتسكيين و المجالسين نقدهم لرابطة اليسار العمالي و بعض القوميين نقدهم للتيار الشعبي و البعثيين نقدهم لحزب الطليعة؟
ألا تشعرون بأنكم تلعبون دون وعي- الا عند بعض العناصر التي نعرفها و تعرفونها أكثر منا- دور الوكيل لغيركم؟
لم لا تركزون نقدكم على اليمين عوض المناكفة و الاهتمام بكل صغيرة و كبيرة داخل الجبهة؟
لماذا تلعبون هذا الدور وهو ليس في مصلحة شعبكم ولا حتى في مصلحتكم ... الاستراتيجية؟
و لماذا لم نسمع أحدا منكم ينقد حزبه الخاص في العلن و لا تعبرون عن حسكم النقدي و تستأسدون الا ضد الجبهة ؟
لم لم نسمع أبدا بنقد وجه من الداخل الى الرفاق جمال الأزهر أو محمد الأسود أو فريد العليبي أو عبد الرزاق الهمامي أو محمد الكيلاني أو احمد ابراهيم ثم سمير بالطيب و لا الى الرفيق بشير الحامدي أو الأخ زهير المغزاوي أو حتى الى الرفاق و الاخوة المناضلين مثل الرفيقين شكري لطيف أو الأمين البوعزيزي مثلا؟
ألم يقم أي من كل هؤلاء بأي خطأ لا هو و لا حزبه منذ اندلاع الثورة؟
و لم تهللون لكل جبهاوي ينقد في السر أو العلن الجبهة من الداخل و تصمتون عندما يدافع عنها؟
ارجعوا الى مقالات الرفيق و الصديق مصطفى القلعي مثلا و سوف تعرفون أنفسكم واحدا واحدا و حزبا حزبا. كلما نقد الجبهة سارعتم في الاعجاب و التوزيع و الاطراء و كلما دافع عنها صمتم و تجاهلتم مقالاته و كأنكم لا تعرفونه.

آخيرا و ليس آخرا:

لم تصوبون نار نقدكم على حمة الهمامي و تقارنونه بشكري و تسخرون من طريقة كلامه مثلا ؟
لم لا يذكر بعضكم – أو يذكر غيره- أين كان قبل 17 ديسمبر...بل قبل 15 جانفي و أين كان حمة الهمامي؟
تقولون انه ليس محللا و ليس خطيبا و الخ. طيب: أنا أيضا أعتبره كذلك ... وبكل صدق .
ولكن لماذا تتناسون ان الرجل عندما كان غيره - وأنا منهم - يتعلم الكتابة و الخطابة في الجامعة أو في القسم أو بطحاء محمد علي "المحررة" نقابيا أو في المهجر أو يكتفي بالاهتمام بعائلته ، كان هو - وطوال ما يقارب – أو يزيد عن - عمر بعض ممن ينتقده اما في السرية أو في السجن؟
و لم تصورونه خلاف شكري – هو و الرفيق زياد لخضرمثلا ؟
الرفيق زياد مثلا قال في أول تصريح صحفي بعد توليه الأمانة العامة لحزبه " شكري كان فلتة وفقدانه لا يعوض و أنا مجرد مناضل حزبي بسيط"...هل تذكرون؟
بربكم أجيبوني:
لو مات زعيم حزبكم أو المناضل أو المثقف الذي يقودكم فهل عندكم من سيكون مثله بالضبط؟
ألستم من يكرر فكرة "دور الفرد في التاريخ"؟
ألستم من يعرف ان المناضلين أشكال منهم المنظر و منهم المحرض الخطيب و منهم المنظم و منهم الممارس الميداني و هكذا؟
لماذا تتناسون أبسط أبجديات السياسة و التنظيم عندما تتعاملون مع قادة الجبهة تحديدا و تنسونها عندما يتعلق الأمر بكم بل وحتى بقادة اليمين أحيانا؟
هل نذكركم بشيء مهم:
نحن كنا نختلف مع شكري بلعيد و محمد البراهمي أحياءا و ننقدهما بل و ما زال البعض منا ينقد بعض تصرفاتهما القديمة حتى بعد استشهادهما و لكن بحياء ووفاء .
بعضكم كنتم تسبون و تشتمون شكري و البراهمي و تخونونهما قبل استشهادهما و بعضكم يدعي الآن تمسكه بهما ضد من بقي حيا من قادة الجبهة.
و سؤالي اليكم هو التالي :
ماذا لو اغتيل الرفيق حمة أو زياد أو غيرهما مستقبلا؟
هل ستمدحونه بعد استشهاده ضد من يخلفه في حزبه و في الجبهة ايضا؟
دعنا من هذا "الفأل" و لنغير الأمر قليلا.
أتعرفون لماذا تبالغون في نقد قادتنا حد التجريح؟
- لن أتحدث عمن كان يريد أن يكون مكانهم وربما فرح في سره بعد اغتيال شكري و البراهمي وحمد الله على سلامته-
- لن أتحدث عمن يفعل ذلك لأنه و بصدق داخلي يريد أن يرى الجبهة أفضل مما هي عليه و لكنه لم يستطع تحمل الصورة الواقعية التي أعطانا اياها التاريخ عن الجبهة. هؤلاء الرفاق و الاخوة ينسون الدمار الذي لحق بالحياة السياسية التونسية منذ عقود .
أعود الى الاجابة اذن:
لأنكم تعودتم أن يكون القائد مهديا معصوما من الخطأ كما تعاملون مصادركم التاريخية و زعماءكم الحاليين.
أنتم تعتقدون ان القائد لا يجب أن يخطئ أو تكون له نقاط ضعف .أما نحن فنعتبرهم بشرا مثلنا و لكن نثق فيهم وفي قدرتهم على التطور أيضا ...
كلنا يعرف ان شكري تطور كثيرا في عقليته و خطابه الاعلامي مثلا...
أنتم بهذا التفكير تريدون قائدا مثاليا – لا يوجد – و نحن نريد قائدا واقعيا يصيب و يخطئ و يتأخر و يتقدم و يسنده اخوته ورفاقه باستمرار طالما لم يحد عما اتفقنا عليه بالأغلبية-و ليس بالاجماع-.
أنتم تخونون أول من يخطئ أما نحن فنتعلم من أخطائنا. و نرجو الا تكون أخطاؤكم مثلنا حتى تنيروا لنا الطريق.
تعتقدون انه بدفاعنا عن قادتنا نؤ سطرهم و الحال اننا ننقد الجبهة أكثر منكم أحيانا و نناضل داخلها من أجل اصلاحها و تطويرها مع "حفظ المقامات" و روح الرفاقية و الاحترام الأخوي.
هنالك من بين صفوفنا شبان – أو حتى كهول- قد يقومون بأسطرة زعيم أو آخر .و لكن الغالبية تجاوزت المراهقة .ولكنهم يعرفون أن المسدسات و المتفجرات تنتظر خيرة أبنائنا و أبناء شعبنا و لا وقت عندهم لا لتسجيل المواقف و لا لتبختر الطواويس.
سترون في ما تأخر من كلامي بعض استعلاء ربما و لكنه ليس كذلك.
هي مكابرة متعمدة تعبر عن شعور عام عند عدد كبير من مناضلي الجبهة بأنكم ذهبتم بعيدا في ايلامنا.
عودوا الى رشدكم و لا تلتحقوا بنا بالضرورة فنحن نعتبركم من لحمنا و دمنا. و لا تعتبروا هذا استعطافا و لا استجداءا .
كل ما في الأمر اننا واثقون ان الطريق لا تزال طويلة وصعبة علينا جميعا و على شعبنا و اننا سنلتقي حتما في الساحات و ربما في السجون أو حتى في المقابر.

أخيرا:

أنا واثق ان البعض سيقول انني حولت المسألة من مسألة سياسية الى مسألة اخلاقية للتغطية على المشاكل و لاستجداء التعاطف أو على الأقل لدرء العداوة و التخفيف من النقد الموجه الى الجبهة و الانتخابات على الأبواب.
لهذا السبب أكرر ما كتبته أعلاه :
" الجبهة الشعبية قامت بأخطاء...
في عملها نواقص...
بعض زعمائها لا يملؤون أمكنتهم المنتظرة
يجب نقدها...
يجب تطويرها...الخ:
هذا أكييد...أكيد . ولكن."

هل هو الاستطراد القاتل للنقد؟

بامكانكم العودة الى مقالاتي السابقة – في الحوار المتمدن- للتثبت من طريقتي في التفكير.
بقي أمر مهم جدا يمكنه أن يكشف من "يلعب" على الأخلاقيات.
أغلب نقاد الجبهة بدؤوا انتقاداتهم العنيفة ضدها بسبب تكتيك جبهة الانقاذ و روجوا لخيانة زعماء الجبهة السياسية/الأخلاقية لدماء شهدائها و عزفوا كثيرا على وتر الأخلاق.
أذكرهم بأمر " بسيط":
تم اغتيال روزا لكسمبورغ و كارل ليبكنخت بسبب الثورة الألمانية في 1918/ 1919 من قبل حكومة فايمار التي ساندتها الاشتراكية الديمقراطية.
بعد سنوات قليلة اتخذت الأممية الشيوعية تكتيك " الجبهة العمالية الموحدة" التي تضم الاشتراكيين الديمقراطيين عندما تراجعت الحركة العمالية و بدأت قطعان الفاشست تمرح في ايطاليا أولا اثر انتفاضة تورينو.
ثم اتخذت لاحقا تكتيك الجبهة الشعبية المعادية للفاشية بالتنسيق مع الليبيراليين و الاشتراكين الديمقراطيين ضد الفاشية و النازية.
أغلب من ينقد الجبهة الشعبية التونسية من اليساريين لا مشكل له مع ستالين و ديميتروف وعرامشي و تولياتي و ماوتسي تونغ و غيرهم ممن طبقوا تكتيكات الأممية الشيوعية.
هل خانوا جميعا دم روزا و ليبكنخت؟
في السياسة توجه البوصلة باتجاه عموم مصالح الشعب حسب موازين القوى. وأحيانا تضطرك الظروف الى عقد تقاطعات مؤلمة لك من أجل تخفيف آلام شعبك. ومع ذلك تقبل عليها ان كنت لست ممن يفكر في نفسه فقط أو ممن لا تدميه الجراح بسرعة فيفقد البصيرة.
من يتلاعب بالأخلاق من بيننا؟
. "اللبيب من الاشارة يفهم".
و آخرا...

الى الشباب منكم :

لا تشخصنوا المسألة لا معي- فأغلب قياداتكم أصدقائي الشخصيين و بعضهم منذ أكثر من ثلاثين سنة و لم أخطأ في حقهم يوما و لا هم فعلوا ذلك معي – و لا مع قيادات الجبهة.
كل ما في الأمر اختلاف في وجهات النظر. عسى أن يربح الشعب شيئا من كل هذا و البلاد ربما على أبواب ..."الاندعاش " .
تذكروا فقط:
وجود الجبهة الشعبية مهم جدا كرافعة يسارية للحياة السياسية في تونس.
وجود الجبهة الشعبية مهم جدا في تعبيد طريق الحزب اليساري الموحد الكبير.
وجود الجبهة الشعبية مهم في امكان توحيد القوميين العرب وفي تونس وجسر الهوة بينهم.
وجود الجبهة الشعبية فرصة تاريخية لاعادة تربية اليسار و القوميين والبعثيين والاشتراكيين الديمقراطيين على التعايش الديمقراطي في صالح مجتمعنا.
وجود الجبهة الشعبية مهم لكسر الاستقطاب السياسي في تونس و الانتقال الديمقراطي.
وجودها مهم وقد يساعد على تشكيل مثيلاتها في الوطن العربي.

ومع ذلك يمكن الاختلاف حول الترجيح و الاجتهاد و يجب القبول بالنقد.
انقدوا كما شئتم و لكن لا تطعنوا في الظهر أو تنهشوا اللحم.
و لا تنسوا طرفة ابن العبد حين قال:
"و ظلم ذوي القربى أشد مضاضة... على المرء من وقع الحسام المهند."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تفاعل مع الصديق شكري العويني
بيرم ناجي ( 2014 / 8 / 11 - 17:26 )


أرجو الاطلاع على تفاعلي مع الصديق شكري العويني على الرابط التالي:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=427903

شكرا و عذرا.

اخر الافلام

.. صحة وقمر - القرصان أكلة شعبية سعودية بطريقة الإيطالية مع قمر


.. صنّاع الشهرة - لا وجود للمؤثرين بعد الآن.. ما القصة؟ ?? | ال




.. ليبيا: لماذا استقال المبعوث الأممي باتيلي من منصبه؟


.. موريتانيا: ما مضمون رسالة رئيس المجلس العسكري المالي بعد الت




.. تساؤلات بشأن تداعيات التصعيد الإسرائيلي الإيراني على مسار ال