الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيخ بدر بن رميض والتحدي البريطاني

سيف عدنان ارحيم القيسي

2014 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية



مثل الاحتلال البريطاني للعراق مرحلة تاريخية في غاية الأهمية فهي تعد مرحلة فاصلة بين مرحلتين مرحلة خروج العراق من حظيرة الدولة العثمانية التي خضع له لأكثر من أربعة قرون ومرحلة انتقالية لبداية تشكيل المملكة العراقية،وشهد العراق خلال مدة الاحتلال المباشر 1914-1921 تغييرات وتطورات في المشهد السياسي العام فحكم البريطانيون العراق من خلال ضباطهم العسكريون وقسموا العراق الى الوية يحكمها أحد ضباطه وفق ما ترتئيه شخصية ذلك الحاكم العسكري بسياسة الشدة تارة واللين تارة أخرى.
وبالرغم من محاولة البريطانيون فرض سياستهم المباشرة على شيوخ العشائر وخلق طبقة موالية للبريطانيين متبعين سياسة البطش والتنكيل لكل من يشق عصا الطاعة وسياسة استمالة شيوخ العشائر المتنفذين بالأموال والعطايا من اجل كبح جماح المتمردين من أفراد عشائرهم المعارضين للوجود البريطانية.
ومهما يكن من أمر فأن تلك السياسية لاقت معارضة من قبل بعض شيوخ العشائر المعارضين للاحتلال البريطاني ورافضين الإغراءات والتهديدات التي قدمت لهم من قبل أدارة الاحتلال لكونه يتعارض مع المبادئ الوطنية التي يحملونها،ومن هذه الشخصيات التي أقلقت مضاجع البريطانيين هو الشيخ بدر بن رميض شيخ البو صـالح ورئيسا لعمـــوم تحالف ( بني مالك والعشائر التابعة لها في ثلث بني مالك في امارة المنتفق)فهو سبق وان قاوم الاحتلال البريطاني للعراق في عام 1914 عندما لبى نداء الجهاد لمقاومة الاحتلال إلا انه بعد فرض السيطرة البريطانية المباشرة على العراق بقى الشيخ بدر بن رميض يشكل تحدياً خطيراً على البريطانيين في لواء المنتفق فيصفه أحد البريطانيين الذين عملوا في الجيش البريطاني في المنتفق "كل شيء كان حسناً في أهوار المنتفق باستثناء خروج شيخ واحد عن الطاعة وهو شيخ قوي،انه بدر بن رميض،وهو شخص مزعج وكان مصدراً ثابتاً للقلق"،وبهذا الوصف الذي يمثل جانب من التحدي لشيخ عشيرة بقوته المحدودة مقابل قوة البريطانيين يعد في تلك المدة ضرباً من الخيال لما يمتلكه خصمه من امكانيات مادية وعسكرية أخضعت الجميع لسياستها فيصف الشيخ بدر الطاعة للبريطانيين "الطاعة؟أنها تعرض لكل الشيوخ في هذه المنطقة المبتلاة بالحرب أما بالنسبة لي:لا أبداً".
فشكل ذلك الشيخ القبلي تحدياً ملفتاً للبريطانيين كما يشير هارولد ديكسون المعروف بأسم(ابو رصاص)الضابط السياسي لمنطقة المنتفق المعروف بكفاءته العسكرية لكنها لم تشفع له في التعامل مع بدر بن رميض والتمكن من كسبه لصالحهم بالرغم من الجهود التي بذلها في كسب المحارب العشائري الذي اتخذ من اهوار الناصرية مكاناً للتحدي.
وفي محاولة من البريطانيين للضغط على الشيخ بدر بن رميض قاموا باعتقال ابنه حسن ووضعه كرهينة للضغط عليه من اجل تقديم فروض الطاعة والولاء ولكن ذلك على ما يبدو لم يثني بدر من التمسك بمعارضته للبريطانيين لجاء البريطانيون في عام 1919 الى فكرة تشكيل قوة تقدر بمئتي رجل من ابناء عشائر المنتفق لملاحقة الشيخ بدر ومن بينهم عشائر بني سعيد التي وصف فيها الشيخ محمد شيخ بني سعيد في حواره مع ديكسون "الحكومة هي الأب،الله أولاً ثم الحكومة".
وبهذا النهج الجديد بدأت القوة البريطانية تعمل جاهدة على ملاحقة قوة بدر بن رميض لاسيما بعد تسلم الكابتن أي برتس دجبرن المعروف بقوة ذكائه ومكره ديكسون وتشكيل قوة مشتركة من الجيش البريطاني والقبائل الموالية للبريطانيين وللقوة كانت للباخرتان" فاير فلاي و كرين فلاي"،أضافة للطائرات دور في تعقب الشيخ بدر في اهوار الناصرية وبالإصرار البريطاني من اخضاع بدر بالقوة تمكنوا من تأليب العشائر المتحالفة ضده بعد ان شرعت القوات البريطانية بضرب أي قوة تؤيد ابن رميض مما دفعه اخيراً للتسليم في تشرين الأول 1919 مقابل ان يتنازل عن المشيخة لأبنه حسن مع السماح لكل بيت ال رميض بالرجوع الى اراضيهم الأصلية عدا بدر نفسه الذي سيفارقهم مختاراً المحمرة ليقيم ضيفاً عند الشيخ خزعل.
فيصف برترام توماس عن مفاوضات التسليم للشيخ بدر"أنا لن أكون غير احد جنودكم من الآن فصاعداً قال ذلك ثم قام على ركبتيه لقد قمعتم التجبر من جذوره،وهذا كان في روح الرجل الكبير المصاب بجنون العظمة ولكنه قال ما فيه الكفاية".
ومثل ذلك التنازل من قبل الشيخ بن رميض بالبهجة بالنسبة لبريطانيا فما ان عاد السياسيان المفاوضان لأبن رميض الى الناصرية أرسل نبأ المفاوضات الى ارنولد ولسن المندوب السامي في بغداد وجاءهم رده"تهانينا البهجة ستكون في السماء"،وهذا ما يدلل ما مثله تصلب ابن رميض وقوته تجاه البريطانيين ورفضه الخضوع للهيمنة البريطانية كما جنح لها العديد من شيوخ العشائر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254