الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[حماس.. داعش.. حزب الله]

سامي فريدي

2014 / 8 / 13
العولمة وتطورات العالم المعاصر


سامي فريدي
دروس يومية في مشروع الشرق الأوسط الجديد..
[حماس.. داعش.. حزب الله]

عندما كانت الدولة اللبنانية تجمع جراحها وتنتصر على آلام الحرب الأهلية، محاولة اعادة النظام والاستقرار في البلاد والمنطقة، كان حزب الله يستفز حدود شمال اسرائيل – تكتيكيا- فتقوم الأخيرة بردّ عنيف ومضاعف ضد جنوب لبنان. واستمرت لعبة الفأر والقطّ تلك سنوات ، اعترفت معها الدولة اللبنانية بالعجز عن السيطرة على جنوبها أو ضبط لجام حزب الله المدعوم من سوريا وايران. وفي نفس الوقت تأكدت سيطرة حزب الله على جنوب لبنان كمكسب سياسي على الأرض، يضمن حصته في مستقبل لبنان السياسي. وبعد مكاسب حرب يوليو التي استمرت سبعة وثلاثين يوما مع اسرائيل، وتألق نجومية حسن نصرالله كبطل عربي قومي، بدأ الماراثون السياسي لانتزاع نفوذ أكبر في بيروت. لكن دوره في الحرب السورية الداخلية قوّض صورته الكارزماتية عند الجمهور، ودفعه للظل نوعا ما.
*
بالمقابل، ظهر دور حماس مرادفا مع ظهور السلطة الفلسطينية في الضفة والقطاع عقب أوسلو. ومع موت عرفات أعلنت عن نفسها منافسا سياسيا ونجحت في اقتطاع غزة من سلطة محمود عباس، وبذلك ضمنت لها مكسبا سياسيا – مرحليا- على الأرض في أي خريطة مستقبلية لتقرير واقع فلسطين.
حماس تختلف ايديولوجيا عن فتح وبقية المنظمات الفلسطينية، وبعد أن جنحت تلك للسلم وبناء الدولة، بدأت حماس والجماعات المسلحة التابعة لها العدّ من الصفر. وكأن القضية بدأت الآن، مطوّحة بكل تاريخ النضال الفلسطيني وقيادة عرفات التاريخية لتأمين حل سلمي للمأساة الفلسطينية.
في عام 2013 حصل تغيران مباشران انعكسا مباشرة على برامج حماس وطموحاتها. الأول وصول الأخوان المسلمين للسلطة في مصر، والذين منحوا حماس وغزة مركز ثقل رئيس في أول برامجهم (هو سبب سقوطهم السياسي أيضا). وما يزال الحمساويون يتدخلون في مصر لصالح الاخوان. العامل الثاني هو الظهور العلني للتنظيم الدولي للاخوان وبرامجه في تنسيق قيادة المنطقة العربية بعد الربيع العربي. ضمن هذه الأجواء جرى تغيير سياسي في قيادة حماس لصالح خالد مشعل واتخاذ قطر مركزا سياسيا للحركة.
في الجانب الميداني انتقلت عمليات حماس من العمليات الانتحارية الفردية إلى اطلاق الصواريخ بعد نجاح مشروع الانفاق. واستخدام الصواريخ ضد اسرائيل يذكر بصواريخ حزب الله نحو المناطق الاسرائيلية. ومن هنا جاء الردّ الاسرائيلي على الصورايخ عنيفا ومضاعَفا على خلفية تكتيك حزب الله. ويلحظ أن قيادة حماس المخملية في قطر، تتعمد إطالة الحرب في غزة لتمتد أسابيع – على حساب الدماء-، حسب سيناريو مسبق، لانهاك العسكرية الاسرائيلية من جهة، وفضح جرائمها أمام الرأي العام العالمي. وتلعب وكالة أخبار الجزيرة القطرية بقنواتها وامكانياتها المعروفة دورا في دعم الدعاية الحربية لصالح حماس، وهو الدور الذي انعكس في انحياز شبطات الأخبار الغربية ضد اسرائيل وللمرة الأولى تقريبا، - دور المال القطري في الغرب، وليس التعاطف الانساني والاعلامي المجرد-.
النصر الاعلامي لقيادة حماس القطرية في يوليو 2014 يقابل النصر الاعلامي لقيادة حزب الله الايرانية. لكن أهمية هذا الانتصار ليس في كونها ضد اسرائيل، وانما في المكاسب السياسية الجيوبوليتيكية للحركة ومن وراءها من أجندة اقليمية. فعلى الصعيد السياسي نجحت حماس في دفع اسرائيل للتفاوض المباشر معها، مهمشة السلطة الفلسطينية، الممثل الشرعي – التقليدي والسابق- للشعب الفلسطيني. ولكن هدف حماس أبعد من ذلك. ومن يطلب اليد، يقلع الكتف.
*
بدأت عمليات داعش وحماس في وقت متقارب (يوليو2014) وبشكل نجح كلّ منهما في التغطية على ممارسات الآخر، وذلك غير بعيد عن ملابسات الوضع في أوكرانيا الذي يقوده البيت الأبيض ووسائل الإعلام الغربي بشكل رخيص. في هذه المرة وقعت العسكرية الاسرائيلية ضحية للتغطية على ما يجري في أوكرانيا وشمال العراق.
فالحرب بين حماس واسرائيل ينفع أن تلعب دور طلقة سراييفو في تفجير الحرب العالمية – على غرار ما حصل قبل قرن من الان- ، المناسبة التي احتفت واحتفلت بها بريطانيا اعلاميا منذ بواكير العام، مستعيدة أمجادها الفيكتورية التشرشلية. وهو التاريخ الذي انتبه له البيت الأبيض متأخرا مع أجواء أولمبياد البرازيل 2014، لبدء خطوات تلك الحرب التمهيدية ضد التنين الروسي العائد.
احتلال داعش للموصل كان عملا مسرحيا فنتازيا أكثر منه عسكريا قتاليا. كما ان ظهور داعش قبل ذلك (2013) كان اعلاميا سريعا نقلته وكالات الاعلام الغربية بحرص واهتمام، لا يناسب التعتيم اللاحق على ممارسات داعش العسكرية والجهادية ضد الانسانية. ومن ضمن ذلك تجاهلها المتعمد لطرد المسيحيين وغير المسلمين من مناطق نفوذها. وثمة مسافة تأخير حوالي شهر لتعامل الاعلام الغربي والعربي مع مأساة المسيحيين العراقيين، وربما جاء خبر تفجير الجوامع الأثرية القديمة أكثر أهمية من غيره. وبرامج مساعدات الحكومة البريطانية المتأخرة جاءت بعد تحرك داعش نحو المناطق الكردية، وتهجير الأزدية من سنجار. التحرك البريطاني جاء مرافقا للدعم العسكري الأمريكي للقوات الكردية ضد داعش، وعلى خلفية القرار الفرنسي بمنح لجوء مباشر للمسيحيين والازديين من ضحايا داعش في الموصل. فالسياسة البريطانية ما زالت تقليدية لا ترى احدا يتقدم في أمر ما إلا وتسارع لمنافسته وتهميشه لو امكن.
المهم هنا.. هو دور داعش في جعل التقسيم الطائفي للعراق واقعا ميدانيا ملموسا، وبسرعة وسهولة غير مسبوقة. من هي داعش، ومن وراءها؟.. الأمر هذه المرة أكثر تعقيدا من قصة حزب الله وعلاقته بالمخابرات الايرانية والسورية؛ وقصة حماس وعلاقتها بالمخابرات السورية والقطرية.
*
هذه الثلاثة.. دروس يومية بسيطة في كيفية تنفيذ مشروع إعادة تقسيم الشرق الأوسط الجديد.. سوف تلحقها دروس أكثر سهولة.. ولكن خسائرها ليست بالضرورة- أقل!. فأين تكون المحطة المقبلة؟ ذلك ليس بعيدا.
لندن
الثاني عشر من اوغست








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة