الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شنكال/كوباني

مصطفى بالي

2014 / 8 / 14
القضية الكردية


كان المستحيل أغنية يرددها الكردي في أذن الريح،إذ هم المشردون في أقبية التاريخ وأزقة الضياع في دهاليز الدولة ومصالحها،لهم أبواق ،يقنعونهم بأن القدر قد سطر لكم في لوح السماء المحفوظ،تارة بقامات ربطات العنق الأنيقة والسجاد الأحمر،وتارات بقامة اللباس الكردي موهما إياهم أنهم(أي الأبواق)هم أيضا يريدون فتح الحنجرة لأغنية جديدة لكن هيهات.
برائحة الفرمانات،وبصور البطون المبقورة،ومشاهد الأعواد التي تتدلى منها الأجساد،وذل نسل السبايا المتهاطل على سفوح الذاكرة الشجية،أقنع الكردي نفسه،أن السماء لن تغير له المصير وسيبقى كما القطيع،نهبا بين أنياب الذئاب وسكاكين الجزارة،خلا الأبواق الناطقة بالكردية في تماهيها مع متطلبات النظام والانضباط وجهودها في ضبط الإيقاع للقطيع المروض فيما إذا فكر أحد ما بإيقاظه،أصبح الكردي كما الأسد المسجون في قفصه والخائف من تناول وجبته الموضوعة له في القفص دون أن يعلم تماما لماذ يخاف منها ذلك انه ورث الخوف من أسلافه عندما كان تناول الوجبة يعبر لهم عن حفلة تعذيب بعد فيما إذا فكر بالطعام حتى وصل الأمر فيما بعد أن الأسود التي تتجرأ على تناول وجبتها تنهشها بقية الأسود في القفص وأيضا دون ان تدري لماذا تقتلها وكذلك القتيل لا يدري لماذا قتل.
ذات آذار أصيب شاب كردي بوعكة عشق للحرية،كانت العدوى قد انتقلت له من رفيق درب له من أسرة مغمورة،لم يتود أسلافه على السير فوق السجاد الأحمر،كما ان دمائهم لم تختلط باللون الأزرق،كانت العدوى قد انتشرت بين غير المحصنين بأنفلونزا الجين والذل،فتحوا أفواه السجون لتنهش من أجسادهم وتلتهم وعكات عشقهم،لكن الشاب ورفاقه كانوا قد أطلقوا الصيحة المدوية(المقاومة حياة)وكان كل شيء قد انتهى وبدأ التاريخ يكتب باللون الأحمر،ويعاد تصحيح مساره،فالذيل الملوي له لم يعد يخيف أبناء وعكة العشق،تسلقوا قامة الزمن في تشظيهم نورا مبينا.
أما ثنائية أغنية الحرية و عويل الاستسلام،استفاق الكرد من سباتهم وانضموا للقافلة أفواجا أقواجا،الدرب كان شائكا وأليما،وسيزيف الناهض في صدورهم يدرك وعورة الدرب نحو الجلجلة،ويدرك أن عويل اليأس ما هم سوى المخبرون الذين يضعون الشوك على درب سيزيف،لكن القافلة كانت تسير خببا نحو الأعلى.
راهن الكثير،كردا وغيرهم،أن الشمس لن تسطع على هذه البلاد،وأن هؤلاء سيبقون رعاعا تسوقهم قامات الذل التي نمت في ظلال الخيانة،وشنكال أساسا كانت البقعة المنسية من جسد هذا الشعب وهذا الوطن،إذ أسقطها أحدهم بخبث ودهاء كما يسقط اللص قطعة مسروقة من جيبه في حلكة الظلام لكي لا ينتبه إليه أحد.
لكن كانت المفاجأة الصاعقة من كوباني واستكملت في شنكال،كانت صفعة قاسية على وجه من راهن على هزيمة الكردي،وكانت صدى أصيلا لصيحة (المقاومة حياة) لذاك العاشق في سجنه حيث ما زالت تلك الأغنية تستكمل فصولها في إيمرالي.
حاولوا أن يخفوا الشمس بغرابيلهم التي لم تستطع يوما إخفاء عوراتهم،فوصفوا مقاومة كوباني بالمسرحيات،فأصبحوا هم هزل تلك المسرحية التي تمثل على خشبة مسرح الحياة،هربوا من شنكال تاركين أهلها لمصيرهم امام جحافل الموت كما يهرب الظل من أشعة الشمس.اعتقدوا أن فردوسهم الموعود أصبح قاب قوسين من هزيمة الكرد وتلاشي اغنية الحرية المنطلقة من روج آفا.
الآن وبعد أن سقطت كل الرهانات في كوباني وشنكال،وصدحت أغنية الحرية في الأرجاء،أصبح واضحا للعيان بأن كوباني غرادوشنكال النور المبين،ستبهر الأبصار المعشية وستنير البصائر المقاومة،وستصبح مفردة(المستحيل)ذكرى ماضية في سجل الأمة الكردية،لن تقبل الأسود بعد اليوم ان تحيا مدجنة في أقفاص السلطة والدولة،كما انها لن تسمح لأبناء السجتء الأحمر مرة اخرى أن تتسلق على كدحها كما يتسلق الليلاب المتطفل على نباتات حدائقنا
كوباني/شنكال لا مستحيل أمام إرادتهما








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا


.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين




.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب




.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا