الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الحزب الشيوعي العراقي بين مطرقة عبدالكريم قاسم وداود الصائغ
سيف عدنان ارحيم القيسي
2014 / 8 / 18مواضيع وابحاث سياسية
مثلت ثورة 14 تموز 1958 نقطة تحول مفصلية على الصعيد السياسي بالدرجة الأساسية لاسيما بصدد الاحزاب السياسية العراقية التي عانت الحرمان السياسي العلني في ظل النظام الملكي وسياسة نوري السعيد بحل الاحزاب السياسية في عام 1954،وسياسة المطاردة التي تعرضت لها تلك الاحزاب وكان للأحزاب السرية النصيب الأوفر ومنها الحزب الشيوعي العراقي الذي بدوره استبشر بتلك الثورة انطلاقة جديدة ليترجم مبادئه على ارض الواقع فاتخذ ذلك الحزب من الانفتاح الشبه علني وسيلة ليعبر من خلالها عن دعمه لتلك الثورة فأخذت فرق المقاومة الشعبية الذراع المسلح الذي يعود للشيوعيين دور في دعم الثورة،وانحنى الشيوعيين مدافعين عن عبدالكريم قاسم لاسيما بعد ان تمحور القوميين تحت لواء عبدالسلام عارف الداعي للوحدة الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة،وبهذه الانطلاقة التي مثلها الشيوعيين الذين بدؤوا يدافعون عن ذلك الكيان الوليد من اعداء الجمهورية ملوحين بالقوة لكل من يحاول زحزحة اركان تلك الجمهورية وتمثل ذلك الدفاع من خلال قيام عبدالوهاب الشواف في اذار 1959 بمحاولة انقلابية على نظام قاسم فانبرى الشيوعيين بدورهم بالانقضاض على الانقلابيين في الموصل ليتركوا خلفهم اثر سلبي في عيون اهالي الموصل لما مثلته محاكم القصاب من اثر سيء،ويكتمل ذلك الدفاع في احداث كركوك في تموز 1959 ووقوع قتلى من اهالي وجهت اصابع الاتهام للشيوعيين،لينفرط عقد التقارب مع قاسم الذي بدأ يتوجس من نشاطهم لاسيما بعد انحسار نفوذ القوميين ولم تفد في عضد قاسم محاولات الشيوعيين لتبديد مخاوفه،ليوجه للشيوعيين ضربة عند صدر قانون الاحزاب في كانون الثاني 1960 عندما تقدم الشيوعيين لوزارة الداخلية لإجازة الحزب الشيوعي العراقي ،التي بدورها بدأت تبحث عن الاعذار القانونية لعدم اجازة الحزب الشيوعي العراقي بايعاز من قاسم،فتقدم الشيوعيين بطلب اخر ولكن تحت مسمى حزب"اتحاد الشعب" من اجل طلب الأجازة ولكن الأمر اصطدم بنفس العقبة السابقة بالرفض وهو ما اثار جدلاً داخل الحزب الشيوعي العراقي في التخلي عن مبادئ حزبهم بتغيير اسمه وهذا الأمر على ما يبدو مألوفاً بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي عندما رفضت وزارة السويدي اجازة الحزب الشيوعي العراقي في عام 1946 تقدموا بطلب تحت مسمى"حزب التحرر الوطني" بنفس نهج الحزب الشيوعي العراقي،وتحت اصرار قاسم برفض منح الشيوعيين اجازة لحزبهم،منح غريم الحزب الشيوعي العراقي داود الصائغ الشيوعي المخضرم الذي شق عصى الطاعة على يوسف سلمان يوسف فهد في مطلع الاربعينيات وتشكيل "رابطة الشيوعيين العراقيين"،وسرعان من انفرط عقد هذا التنظيم لعدم انسجام المنشقون في ظل وجود تنظيم شيوعي مركزي،وإمام اصرار قاسم على منح الاجازة لداود الصائغ تحت مسمى الحزب الشيوعي العراقي وهو على يقين بأنه حزب كارتوني ولا يملك من الشعبية الجماهيرية ما يؤهله لمنح تلك الأجازة وليعلن قاسم بتحريم العمل السري لأي تنظيم ويوجد تنظيم للحزب الشيوعي العراقي وعليهم الانضمام لذلك التنظيم ومن يعمل بالسر يتعرض للاعتقال.
وبهذا الأيعاز من قاسم شكل داود الصائغ الحزب الشيوعي العراقي الصوري وبتمويل من قاسم الذي افرد له ولصحيفته المبدأ الاحاديث الصحفية ليعبر على انه الحزب الذي يحظى برضى قاسم،وهذا الأمر وضع الشيوعيين بين فكي الرحى مما دفعهم للدخول بمفاوضات مع الصائغ الذي اتهم الشيوعيين بأنهم ينتهجون نهج اليسارية المتطرف طالباً انضمام الشيوعيين الى حزبه كأفراد ومن بين شروطه هو اقصاء حسين احمد الرضي(سلام عادل) من قيادة الحزب،وهذا الطلب يعني في حقيقته الرفض من قبل الشيوعيين بعد ان تقدم بقائمة لأعضاء في المكتب السياسي واللجنة المركزية طالباً اقصائهم كذلك،فسلك الحزب الشيوعي العراقي بدوره نهج اخر في التعامل مع الصائغ وهو اغراق الشيوعيين في حزب الصائغ الصوري ولم يقتصر السيطرة على تنظيمات حزب الصائغ فحسب بل حتى الصحافة بدأ يحررها الشيوعيين ويوجهون حزبه بالحدود الممكنة وفق منهج الحزب الشيوعي العراقي،ولكن هذا الأمر لم يستمر طويلاً لاسيما بعد سياسة التفرد التي انتهجا قاسم الذي بدأ يدير ظهره للقوى والأحزاب السياسية على اختلاف مشاربها ومنها حزب الصائغ الذي سرعان ما انفرط عقد حزبه بعد ان اصابه الجمود والإفلاس بعد ان سحب قاسم بدوره تمويل حزبه،ليبقى الحزب الشيوعي العراقي على نشاطه السري ولكن بوتيرة الترقب والتوجس من سياسة قاسم التي بدأت تتخبط بين اليمين واليسار حتى حسم القوميين مصيره بانقلابهم في الثامن من شباط 1963 لينهي حالة من الصراع القومي-اليساري في ظل اتباع نهج القوة لكبح جماح منافسيهم.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تمييز وعنصرية...هل تتحول ألمانيا لبلد طارد للكفاءات الأجنبية
.. غزة - مصر: ما تداعيات -استبدال- معبر رفح على النفوذ المصري؟
.. الرئيس الأوكراني يطالب حلفاءه بتسريع تسليم بلاده مقاتلات إف-
.. انتخابات بلدية في تركيا.. لماذا قد يغير الناخب خياراته؟
.. النيجر تؤكد أن الولايات المتحدة ستقدم -مشروعا- بشأن -ترتيب ا