الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمد فؤاد نجم و شعر المحكيّة

سليمان جبران

2014 / 8 / 20
الادب والفن


ٍ
أحمد فؤاد نجم و شعر المحكيّة
بقلم: بروفسور سليمان جبران
[بعض هذه المقالة نشرناه بعد وفاة الشاعر مباشرة، واليوم ننشرها كاملة، خدمة للمعنيّين.]

تاريخ الأدب العربي حافل بظاهرة الشعراء "المتمرّدين". ابتداء بالصعاليك في الجاهليّة وصدر الإسلام، وانتهاء بالشاعر أمل دنقل في مصر المعاصرة. لكنك لن تجد شاعرا احترف الثورة متأخرا؛ ابن 38 سنة، ولم "يطلّقها " حتى يوم وفاته، وقد جاوز الرابعة والثمانين. هذا هو أحمد فؤاد نجم، أو "الفاجومي"! حتى مجموعته الشعرية الأولى ["صور من الحياة والسجن"، القاهرة، 1964]، ولم يكن فيها "احترف" الشعر السياسي بعد، أثارت حفيظة عبّاس محمود العقّاد، فعارض نشرها متذرّعا بمعارضة النشر في اللغة المحكيّة: " أثار الديوان معركة داخل المجلس الأعلى للفنون والآداب، إذ كان "عبّاس محمود العقّاد" ضدّ شعر العاميّة، وبالتالي ضدّ طبعه، فتصدّى له كلّ من بيرم التونسي ومحمد فريد أبو حديد وسهير القلماوي التي قدّمت للديوان"[الكاتبة فريدة النقاش، في مقدّمة مجموعته الشعريّة "بلدي وحبيبتي، قصائد من المعتقل" ، القاهرة، 1973، ص.10].ٍ
الحكّام الأغبياء، بحكم سلطتهم وجبروتهم، يظنّون أن سَجن الشاعر "المشاغب" يمكن أن يشكّل حلا. لكنّهم لا يفقهون، ومن أين لهم أن يفقهوا، أنّ سجن المناضل، سواء كان رجل سياسة أو شاعرا، من شأنه أيضا أنٍ يزيد الغضب الشعبي غضبا، ويفتح عيون كثيرين من "المحايدين" الخالدين إلى الراحة، فتكون النهاية عكس ما أمّلوا وخطّطوا! هذا أحمد فؤاد نجم ؛ يُسجن أوّل مرّة، فيكون السجن وناسه مدرسة للسجين المبتدئ، وأيّ مدرسة! "في السجن التقى بنوع آخر من الرجال.. طيّبين وأبناء نكتة وأذكياء، لا يختلفون كثيرا عنه وعن مواطنيه الصعاليك .. متمرّدين وحكماء مثلهم.. لكنّ تمرّدهم يخيف بعض الشيء، فهو يشمل آفاقا لم يصل إليها فكره من قبل، وتمتزج حكمتهم بثقافة تنفذ إلى جوهر الأشياء.. يحبّون الشعر والفنّ والناس، ويتحدّثون عن عالم قادم لا عن فردوس مفقود.. حتى أشعارهم غير ما عرف من شعر"[أحمد فؤاد نجم: إصحي يا مصر، دار الكلمة للنشر، القاهرة 1979، ص.12]ٍ. باختصار: كان ثائرا عفويا فغدا في السجن، بعد لقائه بثوّار عقائديّين، ثائرا مبدئيا؛ كانت ثورته "شخصيّة" فغدت ثورة فكريّة شاملة!
الحكّام، أصحاب السلطة والجبروت، يظنون أيضا أنّ سَجن الشاعر أو الفنّان من شأنه أن يكتم صوته أو يشلّ ريشته. لكنّهم لا يفقهون أنّ سجنه بالذات من شأنه، في أحيان كثيرة، أن يؤدّي أيضا إلى ازدياد وعيه وعنفوانه وانتشاره. هذا ما كان بالنسبة إلى أحمد فؤاد نجم، الفاجومي: "توافقت فترة سجنه الأولى في الستينات مع وجود عدد كبير من المناضلين المصريّين في السجن، أحبّهم وأحبّوه، وعن طريقهم بدأت قمّة التمرّد والصعلكة، التي وهبها حياته، تأخذ منحى آخر. قرّر أن يحتفظ بأنبل ما في الصعاليك، القدرة على تجاوز قناع الحياة الشكلي، وليمزج بين هذه القدرة وبين هذا العالم الجديد الذي فتحه أمامه المناضلون المصريّون.. قرّر أن يوظّف مكتسباته الخاصّة وصلابته للثورة، وأن يعود بشعره إلى الأصول التي استقى منها أساتذته من شعراء الشعب المناضلين: النديم وبيرم." [ اصحي يا مصر، المصدر السابق، ص.12-13 ]
وُلد أحمد فؤاد نجم، ويلقّب الفاجومي، في 23 آذار 1929، في قرية كفر أبو نجم، على اسم العائلة، في محافظة الشرقيّة. أمّا لقب الفاجومي فهو من اتّخذه لنفسه، وفسّره بأنّه "الشخص المتهوّر الذي لا توجد عنده حسابات". وفي قاموس سبيرو للمحكيّة المصريّة وجدناها فجومي، دونما ألف، ومعناها: impulsive,hasty. وفي "المنجد"، فَجَمَ –َ فجمًا هُ: كسر شيئا من حرفه فتفجّم وانفجم فهو مفجوم (عاميّة). وكذا هي في محكيّتنا أيضا. وفسّرها أنيس فريحة في "معجم الألفاظ العاميّة" قائلا: فجم الإبريق والإناء: كسر حافّته أو جزءا منه"، مضيفا أنّها من أصل آرامي. كما شرحها أحد القرّاء المصريّين قائلا: الفاجومي هو الشخص الجريء في رأيه، سليط اللسان، يقول للأعور أعور في عينه. المعانيٍ كلّها متقاربة طبعا، وجميعها في ظنّنا مقبولة على من اختار هذا الاسم لنفسه!
الشطر الأوّل من حياته، حتّى حرب 1967، قضاه نجم "صعلوكا" تماما؛ لا يستقرّ في عمل ولا في مكان. توفّي والده، رجل البوليس عزت أفندي نجم، حين كان الشاعر؛ أصغر أبنائه، في السادسة، ليعيش بعد وفاة والده يتيما شريدا، في بلد لا يرحم الأيتام ولا المشرّدين! يصف نجم والده المذكور قائلا: " كان والدي في بدء حياته ضابط شرطة مشاغب[مشاغبا!] أبعد عن عمله واشتغل موظّفا في وزارة الماليّة ثمّ فلاحا في الأرض التي يملكها. مات أبي وكنت في السادسة، لا أذكر من طفولتي البعيدة إلا صور الجنة. كنت طفلا مدللا أحبني والدي لأنني أشد الأبناء قبحا. وأذكر أيضا أنه قبل أن يموت قال لي .. يا بني فيك شيء يقول لي إنك إما أن تصل إلى قمة ما وإما أن تبقى في الحضيض.. فليحمك الله.." [بلدي وحبيبتي، ص.5]. دخل نجم ملجأ الأيتام، حيث التقى بعبد الحليم حافظ، عبد الحليم شبانة يومها، وعمل بعد سنوات الملجأ في قريته راعيا للمواشي. ثمّ انتقل إلى القاهرة عند شقيقه، إلا أنّ هذا طرده بعد حين، فاضطرّ إلى العودة إلى قريته، ليعود بعدها إلى القاهرة من جديد. وفي القاهرة مارس أعمالا كثيرة، فعمل كوّاء، ولاعب كرة قدم، وبائعا، وعامل بناء، وخيّاطا- كثير الكارات قليل البارات! كما دخل السجن مرات عديدة، فبلغت "سنوات الخدمة"، مجتمعة، حوالى سبعة عشر عاما: في العهد الملكي، وفي عهد عبد الناصر وعهد السادات! وإذا كان السجن مدرسة، كما علّمونا، فقد كان نجم من التلاميذ النابهين!
بعد حرب 1967 وشيوع اليأس والإحباط في الشعب المصري، والشعوب العربيّة كلّها في الواقع، أطلق نجم قصيدته الذائعة الصيت "بقرة حاحا"، فكانت ردّا على الهزيمة، ونقدا شعبيّا لاذعا للنّظام وسوءاته: "وفي يوم معلوم/ حاحا / عملوها الروم/حاحا/ زقوا الترباس/ حاحا/ هربوا الحراس/ حاحا/ دخلوا الخواجات/ حاحا/ شفطوا اللبنات/ حاحا/ والبقرة تنادي/ حاحا/ وتقول يا ولادي/ حاحا/ وولاد الشوم / حاحا/ رايحين في النوم". [أحمد فؤاد نجم: الأعمال الشعريّة الكاملة، مكتبة جزيرة الورد، القاهرة، 2009، ص. 519 – 520.والمقتبس هنا هو طبق الأصل، في كتابته وتشكيله. وكذا دأبنا في كلّ ما نقتبس حرفيّا]. انتشرت القصيدة، بلحن إمام طبعا، انتشار النار في الغابة الكثيفة، لما فيها من تصوير لنقمة الشعب، ونقد لاذع للنّظام باعتباره المسؤول الأوّل عن الهزيمة. أمّا عقاب نجم فكان إلقاءه في السجن بالتهمة الجاهزة- حيازة المخدّرات! يروي نجم في ترجمته الذاتيّة لقاءه بالقاضي الذي أطلق يومها سبيله بكفالة، وهو موقن بإعادته من جديد إلى السجن كما حدث فعلا: "فكوا الحديد من إيدي ومشيت ورا الحاجب دخلنا ع القاضي قال للحاجب: اخرج واقفل الباب وراك. خرج الحاجب وفوجئت بالقاضي بيقول لي: سمّعني بقرة حاحا [...] ولقيتني بدون تردّد بانشد القصيدة بكل ما في داخلي من حزن وعشق وشجن.. فوجئت بدموع القاضي نازلة على خدوده في صمت فانفجرت بالبكا وأنا بانشد القصيدة حتى انتهيت منها. وبعد لحظات صمت طلّع من جيبه ورقة بعشره جنيه ومدّهالي وهو بيقول: أنا حافرج عنكم بكفالة عشرين جنيه .. وأنا أقدر أساهم بالمبلغ دا فقط. قلت له: شكرا أنا معاي المبلغ. قال لي: طب خد هات لي بدي شريط من تسجيلاتكم. قلت له: احنا ما بنبعش شرايطنا..أنا ح أجيب لك شريط هدية. قال لي: طيب أنا ح أفرج عنكم لكن هما مش حيسيبوكم.. خلوا بالكم." [أحمد فؤاد نجم، الفاجومي، الجزء الثاني، مكتبة مدبولي الصغير، القاهرة، 1995، ص. 320 – 321.].
الأستاذ صلاح عيسى يذكر أيضا، في مقدّمة الفاجومي، سيرة نجم الذاتيّة، أنّ المناضل الفلسطيني نايف حواتمة التقى بالرئيس جمال عبد الناصر، بعد اعتقال نجم بسنة، في أواخر الستّينات، وأراد التوسّط عند عبد الناصر لإطلاق سبيل ثلاثة من "المغضوب عليهم": نجم والشيخ إمام والأستاذ صلاح عيسى نفسه. فما كان من عبد الناصر إلا أن تجهّم وجهه، وأجابه بجفاء واضح: "ما تتعبش
نفسك.. التلاتة دول مش ح يطلعوا م المعتقل طول ما أنا عايش!" [الفاجومي، مذكّرات الشاعر أحمد فؤاد نجم،دار سفنكس، الجزء الأوّل، القاهرة، 1993، ص. 13].
إلا أنّ سَجنه ومعاناته في عهد عبد الناصر لم يمنعاه من إنصافه بعد عشرين سنة على وفاته، من باب "ما بتعرف خيري تتجرّب غيري"، فقال فيه: "ولا يطاطيش للعدا / مهما السهام صابت / عمل حاجات معجزة/ وحاجات كتير خابت/ وعاش ومات وسطنا/ على طبعنا ثابت/ وان كان جرح قلبنا/ كلّ الجراح طابت/ ولا يطولوه العدا، مهما الأمور جابت". [ الأعمال الشعريّة الكاملة، ص. 581ٍ].
في مذكّراته أيضا، يعاتب نجم/الفاجومي عبد الناصر على سَجنه ذاك، رغم أنّه كان من مؤيّديه ومحبّيه، مثل يساريّين كثيرين غيره دخلوا السجن يومها، بهذه الكلمات الدامعة: ".. ليه كده يا ريس؟ داحنا مالناش غيرك! أنا عن نفسي كنت باحبه لدرجة العبادة وكنت باحسد نفسي إني عشت في عصره وكنت فرحان وفخور إنه رئيس مصر وقائد ثورتها في الزمن اللي أنا عشته وكان كلامه عندي زي القرآن وكلام أبويا علي الشمروخ وأمي وكل الناس اللي باصدقهم عشان باحبهم. [الفاجومي، الجزء الثاني، ص. 148.]
لم يبرح نجم السجن في عهد الرئيس جمال عبد الناصر فعلا، فلم يخرج منه إلا في عهد السادات، عندما أفرج عن السجناء السياسيين جميعهم بعد استقرار حكمه. لكنّ السادات نفسه أدخله السجن من جديد. لم تكن "التهمة" هذه المرّة القصيدة التي ألقاها بالذات، بل طريقته في الإلقاء، مقلّدا السادات بطريقة أضحكت كلّ سامعيه. فقد ورد في حيثيات الحكم على الشاعر بالسجن سنة كاملة مع الشغل: "أنّ ما أتاه "نجم" ليس بفنّ أو شعر أو إبداع، وإنّما هو إسفاف وسخرية برئيس دولة!" [الفاجومي، الجزء الأول، ص.25 ].
الصوت والناشر
لا يمكننا، طبعا، سرد حياة نجم، شاعرا ومناضلا، دون ذكر صديقه ورفيق نضاله، الفنان الضرير إمام محمد أحمد عيسى أو: الشيخ إمام (1918- 1995). قال نجم في صديقه إمام: "والله يرحمك يا شيخ إمام إنت اللي دوقتني شعري وخليتني أحبه كمان"[الأعمال الشعريّة الكاملة، ص. 5]. يصف الأستاذ صلاح عيسى، في مقدّمته لمذكّرات الشاعر أحمد فؤاد نجم، هذا الثنائيّ الرائع قائلا:" رجل متوسط القامة، مهوّش الشعر، نابت الذقن، ممصوص القوام، يتجاوز عمره الأربعين، يرتدي- أحيانا – قميصا قديما وبنطلونا ناحلا، وغالبا ما يرتدي جلبابا بلديا ويضع في أقدامه صندلا أو بلغة فاسي، يتأبّط ذراع رجل نحيف، أبرز ما في وجهه هو نظارة سوداء كبيرة يخفي بها عينيه الكفيفتين، ويسحبه ليصعدا إلى منصّة المدرّج، فيستقبلهما الطلاب بعاصفة من التصفيق المدوّي تستمرّ وقتا طويلا، ثمّ يبدأ الشاعر "أحمد فؤاد نجم" في إلقاء قصائده ويغنّي الشيخ "إمام عيسى" ما لحّنه من القصائد، قبل أن يخرج الجميع في مسيرة صاخبة، تدور في أنحاء الحرم الجامعي، وهي تهتف بالحياة وبالسقوط!"[الفاجومي، الجزء الأوّل، ص. 9-10].
كان لقاء نجم بالشيخ إمام في المرّة الأولى من باب الصدفة، في حيّ "الغوريّة" الشعبي، في الحارة الضيّقة "حوش قدم"، بجوار الأزهر الشريف، سنة 1964. وحوش قدم اسم تركي بمعنى قدم الخير، ويكتبها بعضهم "خوش قدم" بالخاء، كما ذكر نجم نفسه: " ولمّا سألت سعد الموجي عن معنى التسمية الرسميّة لحوش أدم اللي هي خوش قدم قال لي: يعني قدم الخير" [أحمد فؤاد نجم: الفاجومي، الجزء الثاني، ص.33]. كان اللقاء المذكور صدفة، لكنّها صدفة خير من ألف ميعاد. لم يكن الشيخ إمام قبل هذا اللقاء سوى رجل ضرير مغمور، يعزف على العود، ويغنّي الأدوار القديمة للشيخ زكريّا أحمد وسيّد درويش "رافضا إغراءات كثيرة كان من الممكن أن تشهره، لكن على حساب التزامه بالتراث، وبشرط مسايرة الأوضاع الفنيّة الهشّة فكريّا والسائدة آنذاك، فكان لقاء الشاعر والمغنّي تفاعلا فكريّا للاثنين أعطى نتاجا غزيرا في مضامينه وعفويته وصدقه." [أحمد فؤاد نجم: بيان هامّ، دار الفكر الجديد، القاهرة، 1978، ص. 6]. لم يكن الشيخ إمام قبل لقائه بنجم جرّب التلحين، بل كان يعزف ألحان سابقيه، كما أسلفنا، فدفعه نجم إلى التلحين، فأخذ يلحّن قصائد نجم: "التقيت بنجم في سنة 1962. وكان لقاؤنا بداية جديدة لي وله معا... سألني عندما التقينا وبعد أن استمع إليّ: لماذا لا تلحّن؟ فقلت مداريا خجلي من الفكرة: لأني لا أجد الكلمات. فقال لي على الفور: اسمع هذا النموذج، وقدّم لي أغنية عاطفيّة لحّنتها على الفور[...] هل تصدّقين أنّ كوني كفيفا قد أفادني كثيرا، أشعر أنني أستعيض عن العالم المرئيّ بعالم داخلي يزداد غنى ويتفجر موسيقى، من يدري لعلّني محظوظ...أنا بالفعل محظوظ لأني لم أنضمّ إلى صفوف المزوّرين الذين يقبلون أيّ شيء، ويلحّنون أيّة كلمات مهما كان مستواها." [بلدي وحبيبتي، ص. 23].
لم يكن هذا الثنائيّ الرائع ليتألّق وينتشر، فيغدو عاملا شعبيّا مؤثرا في تاريخ مصر الحديث، لولا دوره الواضح في الردّ على هزيمة 1967. كان شعر نجم بألحان الشيخ إمام صوت الضمير المصري الذي ظلّ على إيمانه بالشعب المصري وقدرته على تجاوز الهزيمة القاسية: "حتى سنة 67 كان جمهورنا محدودا للغاية وكان ستار الصمت المسدل بإحكام على تجربتنا جزء [جزءا!] من ستر أشدّ ثقلا أسدلت من قبل على فنون عظيمة وفنانين عظماء لأنها كانت تستلهم الروح الحقيقيّة للشعب المصري. وكانت الهزيمة هي المحبس الذي انفتح لكي نتدفق معا. كنت أكتب قصيدة وأحيانا اثنتين في كلّ يوم ..وقررنا معا أن نقتحم المسارح والقاعات العامّة التي تقدّم حفلات غنائيّة. كنّا نصعد على المسرح وقبل أن يفيق المشرفون على الحفلات نكون قد أدينا أغنية أو اثنتين، وكثيرا ما ضُربنا وطُردنا من الحدائق العامّة التي كانت تقام فيها هذه الاحتفالات... وأمام المهانة وقلّة الرزق والحصار... كنّا نزداد شراسة ونتفجر" [بلدي وحبيبتي، ص. 12].
يمكننا القول، دونما تردّد، إنّ ظاهرة الثنائي نجم وإمام، بعد حرب 67، كانت عاملا من عوامل الردّ على الهزيمة العسكريّة، والروح الانهزاميّة التي ضربت شعب مصر يومها: "كُتبتْ هذه القصيدة [بقرة حا حا] بعد الهزيمة مباشرة ردّا على تلك النغمة الانهزاميّة التي قادتها جريدة "الأهرام" حين قدّمتْ منطقا متكاملا يقول إن مصر الفقيرة المتخلّفة المهزومة ليس في مقدورها أن "تناطح" الثور الأميركي، ولهذا جاءت بقرة نجم المسلوبة والمهدرة "نطّاحة" رغم كلّ شيء، وكانت بذلك ردّا شعبيّا أصيلا من موقع الجرح الفائر ضدّ هؤلاء الذين أرادوا وما زالوا أن تتغلغل الهزيمة وتكرّس." [بلدي وحبيبتي، ص. 15].
في أوائل الثمانينات تفرّق هذا الثنائيّ المدهش، بعد رحلة مشتركة استمرّت فترة طويلة، قاما بها إلى أوروبا وشمال إفريقية. لم يذكر نجم ولا سيّد إمام السبب الحقيقي لانفصام هذا الثنائي الملهم، لكن يبدو أن من وحّدهما البؤس والشقاء فرّقتهما النعمة والرخاء!
أخيرا، لا يمكن ذكر الثورات الشعبيّة المتلاحقة في مصر، ضدّ الأنظمة الجائرة والاستغلال وكبت الحرّيات، إلا وكان لهذا الثنائي الرائع، نجم وإمام وبهذا الترتيب أيضا، نصيب فيها وأيّ نصيب !


شعر أم زجل أم ماذا؟
في زيارة من زياراتي الكثيرة في الماضي للقاهرة، لا أذكر في أي سنة بالتحديد، حضرت إحدى الأمسيات الأدبية في "معرض الكتاب". بعد المحاضرة مباشرة تقدّم مني شابّ وسيم، طويل القامة، وأهداني كتابا صغيرا قائلا إنه أوّل مجموعة شعرية من تأليفه. فتحت الكتاب، وإذا به شعر فعلا، لكن بالمحكيّة المصرية. قلت للشاب: مجموعتك، كما أرى، باللهجة المصرية. فما كان منه إلا أن أجابني بسرعة، كما لو كان ينتظر ملاحظتي: "هذه لغتنا الطبيعية، بهذه اللغة كتب شعراء مصر الكبار؛ ٍبيرم وجاهين ونجم و الأبنودي، وكثيرون غيرهم، ولي الفخر كلّ الفخر أن أكون تلميذا لهؤلاء". لم أجبه يومها بشيء، لأنّ الوقت كان ضيّقا. لكنّ كلماته، يجب أن أعترف، ما زالت معي حتّى هذه الأيّام، أفكّر فيها كلّما عرضت مسألة اللغة التي نكتب فيها، فلا أجد لكلمة ذلك الشاب المتحدّية جوابا يرضيه ويرضيني!
واليوم، بعد وفاة الشاعر أحمد فؤاد نجم، الفاجومي، عدت بالذاكرة إلى تلك الأيام، مواجها السؤال المحيّر ذاته: ما هي لغتنا التي يجب علينا كتابة أدبنا فيها: هذه التي نتحدّث فيها في البيت والشارع والسينما؛ فتحمل معانينا ومشاعرنا ومجازاتنا كلّها، أم تلك اللغة التي نتعلّمها في المدرسة والكتب، وكثيرون منا، حتى من المثقّفين أحيانا، لا يجيدونها؟
أبناء جيلي يذكرون، أظنّهم، خطابات عبد الناصر. غالبا ما كان يبدأ خطابه في اللغة المعياريّة. الفقرات "الرسميّة" غالبا ما تكون في هذه اللغة أيضا. لكن عندما "تحمى" الأمور، فرحا والأكثر غضبا، ينتقل الرجل رأسا إلى المحكيّة المصرية. اللغة المعياريّة غريبة على أذنه ولسانه، والمحكيّة هي اللغة الطبيعيّة؛ هي اللغة الحيّة المفعمة بالمعاني البعيدة وظلال المعاني. كيف يمكن الردّ على الأعداء وتحقيرهم باللغة المعياريّة؟ كيف ينقل الرجل إلى اللغة المعياريّة، وإلى سامعيه المحتشدين أمامه يستمعون إليه خطيبا، قولته في أحد خطاباته: ".. كلّ واحد فيهم [الشهداء في اليمن] جزمته أشرف من تاج الملك ..."؟
في تلك الأيّام؛ أيّام عبد الناصر والمدّ القومي، كانت اللغة العربيّة المعياريّة، بفضل عبد الناصر نفسه، وبفضل الحلم العروبي الذي حمله الرجل استجابة لظروف عصره، تطغى على الكتابة، والخطابة أيضا، في العالم العربي كلّه. كانت هذه اللغة مركّبا هامّا، إن لم يكن الأهمّ، في المنحى العروبي الوحدوي؛ تجمع العرب من المحيط إلى الخليج، رغم ما بينهم من فرقة واختلاف في السياسة والاقتصاد والظروف الموضوعيّة الأخرى. هذا ربّما هو ما جعل نجم نفسه، شاعر المحكيّة المصريّة، يكتب مقدّمة مجموعته الشعريّة الأولى، "صور من الحياة والسجن"، سنة 1964 ، ومقدّمات قصائدها كلّها هناك، باللغة المعياريّة، تمشّيا مع المدّ العروبي الناصري يومذاك، لينصرف بعد هذه المجموعة إلى المحكيّة المصريّة، لا في أشعاره فحسب، بل في مقدّماته كلّها وفي ترجمته الذاتيّة، "الفاجومي"، كلّها أيضا!
حتّى في "العصر الذهبي" للناصريّة والقوميّة العربيّة، لم تستطع العربيّة المعياريّة التعبير عمّا اعتمل في صدر عبد الناصر من غضب، فانفجر غضبه الطاغي باللغة الطبيعيّة، اللهجة المصريّة. لا أظننا مغالين، في هذه المناسبة، إذا زعمنا أن خطابات عبد الناصر، داعية القوميّة العربيّة الأوّل في عصرنا، يمكن أن تشكّل متنا لغويّا ممتازا، "كوربوس" يعني، لكل من يرغب في دراسة اللغة المعياريّة واللغة المحكيّة وتناوبهما في اللغة العربيّة الحديثة!
ثمّ إنّ المحكيّة المصريّة تكاد تكون مفهومة لا للمصريين فحسب، بل لمعظم العرب أيضا، خارج مصر. أغاني المطربين الكبار؛ أمّ كلثوم وعبد الوهّاب والأطرش وعبد الحليم، الأفلام والمسرحيّات والتمثيليّات، خطابات عبد الناصر نفسه – هذه العوامل مجتمعة جعلت المحكيّة المصريّة قريبة التناول لدى العرب جميعا. وهذا، ربّما، هو ما جعل نجم، شاعر المحكيّة المصريّة، يكتب مقدّمة مجموعته الشعريّة الأولى "صور من الحياة والسجن" سنة 1964 باللغة المعياريّة، تمشّيا مع المدّ العروبي الناصري يومذاك، لينصرف بعد هذا الكتاب إلى المحكيّة المصريّة لا في أشعاره فحسب، بل في مقدّماته كلّها وفي ترجمته الذاتيّة، "الفاجومي"، كلّها أيضا!
واضح طبعا أنّ أحمد فؤاد نجم يستند أيضا، في "جرأته" على الكتابة بالمحكيّة المصريّة، إلى تاريخ طويل من تراث شعراء المحكيّة المصريّين قبله. لذا، لم يكن غريبا على نجم أن يهدي ديوانه الذي ضمّ كلّ أشعاره " إلى أحمد بن عروس... وعبد الله النديم... ومحمود بيرم التونسي... شعراء الشعب الخالدين..." [ الأعمال الشعريّة الكاملة ، ص. 5.]. يجدر بالذكر هنا أنّ نجم ذكر هؤلاء الشعراء الثلاثة فحسب، "متجاهلا" كثيرين غيرهم من معاصريه وسابقيه أيضا.
نعود إلى السؤال الفني الذي يواجه قارئ نجم: هل ما كتبه الرجل من شعر، 728 صفحة في "الأعمال الشعريّة الكاملة"، يمكن تصنيفه شعرا أم زجلا أم ماذا؟ الدكتورة سهير القلماوي اعتبرت الشاعر في مقدّمتها لمجموعته الأولى، "صور من الحياة والسجن"، في سياق تعريفها بمجموعته المذكورة، "زجّالا". فهل رمت إلى التمييز بين الزجل، كتابات نجم، والشعر بقولها في تلك المقدمة: "ولعلّ أبرز ما في هذه المجموعة هو إيمان الزجّال [ِالتأكيد منّا نحن] بالشعب وبالكفاح واستبشاره بالمستقبل. وهو لا يؤمن بذلك عاطفيا فحسب وإنما هو واثق عقلا بما يريده الشعب وبالطريق الذي سيوصله إلى ما يريد" [صور من الحياة والسجن، ص. 7].
في اللغة الفصيحة كلّ ما يُكتب، ويعرّفه كاتبه أنّه شعر، يعتبرونه، بغير حقّ أحيانا، شعرا. دونما نظر في قالبه الإيقاعي: تقليدي، مقطوعي، تفعيلي، حرّ. ودونما نظر في مستواه الفنّي أيضا؛ سواء كان تبرا أو تبنا! أمّا المكتوب في المحكيّة فمنه ما يُصنّف اليوم شعرا، وما يُصنّف زجلا، ولم يكن الوضع هكذا دائما.
في الماضي، قبل العصر الحديث، لم ينقطع المبدعون العرب طبعا عن كتابة الشعر في اللغة المحكيّة. إلا أن كتاباتهم تلك عاشت في الظلّ، في الهامش، بعيدا عن المركز، عن القصور ودوائر السلطة، بحيث يصعب اليوم على الباحثين الوصول إلى كلّ ما كتب شعراء الشعب بلغة الشعب، باللغة المحكيّة، في العصور القديمة. معظم التراث المذكور خسرناه، لأنّه لم يكن يحظى بالاهتمام؛ لم يعرفوا قيمته في "عصور الفصحى" الزاهرة.
أما اليوم فهناك شعر كثير، لا زجل، لغته المحكيّة أيضا. ماذا نسمّي، مثلا، قصيدة لسعيد عقل، لغتها المحكيّة؟ لذا، فإنّ ما يميّز الزجل عن الشعر، في هذه الأيّام، لم يعد لغة الكتابة ذاتها؛ معياريّة أو محكيّة، كما في الماضي، بل شكل القصيدة ولغتها وصياغاتها بالذات. لم نعد اليوم نستطيع الحكم على كلّ ما يُكتب في المحكيّة بأنّه زجل. فبعض ما يُكتب، في هذه الأيّام، في اللغة المحكيّة نعتبره زجلا، والبعض الآخر نعتبره شعرا، وذلك بناء على السمات الأسلوبيّة في القصيدة ذاتها. لذا فإنّنا مضطرّون، في حكمنا على ما يُكتب اليوم في اللغة المحكيّة، الأخذ بمعايير فنّية أخرى لا بلغة الشعر ذاتها فحسب.
نجم نفسه حاول تعريف ما كتبه من قصائد؛ أهو شعر أم زجل، وإذا كان شعرا كما اعتبره نجم فعلا، فأيّ نوع من الشعر هو: "معنى الكلام، إن القصايد الموجودة في هذا الديوان تقدر سيادتكم تسميها – الشعر الحر- وانت مستريح البال والضمير، لأن الشعر حرية! وكل واحد يسمى شعره على هواه، وإذا كان السادة أساطين النقد الأدبي رأيهم أن[إن؟] الشعر الحر هو اللى – بلا قافية – ولا شكل فهم أحرار، لكن أنا رأيي إن الشعر الحر هو اللى بيطلع م القلب عدل أو يوصل للقلب عدل، والمسألة في رأيي لا تخرج عن كونها خلاف في وجهات النظر، وأهلا بأي خلاف في وجهات النظرعلى شرط إنه يكون خالص لوجه الوطن..." [الأعمال الشعرية الكاملة، ص. 8. ].
واضح ما في قولة نجم هذه من "مراوغة". فهل يمكن أوّلا تسمية ما كتبه نجم "شعرا حرا"- بمعنى المصطلح الخاطئ الذي روّجته نازك الملائكة – أي أنه شعر لم يفقد الوزن، كما هو الشعر الحر فعلا، بل أبقى عليه، إلا أنّ الأسطر فيه غير متساوية، كما تعرّفنا بداياته بعد الحرب العالميّة الثانية في العراق، في نتاج بدر شاكر السيّاب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي؟ في ديوان نجم الذي بين أيدينا لاحظنا أنّ الشاعر يتعمّد توزيع "البيت" الواحد على أكثر من سطر إمعانا في "التعمية"، وإيهام القارئ أنّه حيال شعر تفعيلي فعلا. لتوضيح ما رمينا إليه، نورد مقطعا من قصيدة بعنوان "بيان هام"، بشكليها الطباعيّين: كما ظهرت في المجموعة التي تحمل اسم القصيدة ذاته سنة 1978، وفي الأعمال الشعريّة الكاملة، سنة 2009:
قصيدة بيان هام، مجموعة "بيان هام" ص. 50: قصيدة بيان هام، الأعمال الكاملة، ص. 87:
هنا شقلبان هنا شقلبان
محطة اذاعه حلاوه زمان محطة إذاعة حلاوة زمان
من القاهره ومن كردفان من القاهره
وسائر بلا العرب واليابان ومن كردفان
ومن فنزويلا وايضا ايران وسائر بلاد العرب
ومن أي دار او بلد مستباحه واليابان
بحكم السياحه مع الامريكان ومن فنزويلا
وأيضًا إيران
ومن أى دار
أو بلد مستباحه
بفعل السياحه
مع الأمريكان
هذا ما سميّناه "المراوغة" هنا. ففي مجموعة "بيان هام" ورد المقطع، كما نرى أعلاه، في سبعة أسطر من المتقارب ( فعولن)، في كلّ سطر منها، باستثناء الأوّل، أربع تفعيلات متساوية تماما. أمّا "الصيغة" الثانية، في الديوان الكامل، فقد "فرش" فيها الشاعر المادّة نفسها في 12 سطرا، بحيث تبدو للعين وللأذن غير المدرّبة نصا من الشعر التفعيلي، أو نصّا دونما وزن ربّما. هذا ما جعلنا نسمّي عمله المذكور "مراوغة"، وهو يلجأ إلى هذه "الحيلة" أيضا في كلّ قصائده في الأعمال الشعريّة الكاملة !
أغلب الظنّ أنّ الشاعر نجم رأى ما طرأ على الشعر المعاصر من تطويرات إيقاعيّة لافته، فحاول إيهام القارئ بأنّ ما يكتبه هو من شعر التفعيلة، أو الشعر الحرّ، كما سمّاه في المقتبَس السابق. من جهة أخرى، لا يمكن "كلّ واحد أن يسمّي شعره على هواه" كما أفادنا نجم. فهناك معايير، أسلوبيّة في الأساس، أكثر منها شكليّة، تتمثّل في اللغة الشعريّة ذاتها، يمكننا بالاحتكام إليها تصنيف النتاج الشعري إل شعر أو زجل!
القالب الإيقاعي لا يكفي بالطبع معيارا وحيدا في الحكم على النتاج بأنّه زجل أو شعر. ذلك أن الزجل أيضا قد يكتب في القوالب الإيقاعيّة كلّها، تماما كما هي الحال في شعر اللغة المعياريّة، ويظلّ مع ذلك زجلا . كما أنّنا لا نوافق أستاذنا الكبير مارون عبود حين يجزم أن اللغة المحكيّة، أو اللغة العاميّة على لسانه، "لا تصلح إلا لهذا الزجل، متى تخطّت تخومه بدت هزيلة ضعيفة" [ مارون عبّود: الشعر العامّي، بيروت، 1968، ص. 136]. وقد ناقشنا هذا الرأي بتوسّع في كتابنا " على هامش التجديد والتقييد في اللغة العربيّة المعاصرة" [حيفا، 2009، ص. 59 - 79 ]، فلا حاجة إلى التكرار هنا. إذا كانت المحكيّة، كما رأى الأستاذ عبّود وكثيرون من أبناء عصره، عاجزة عن التعبير في الموضوعات الجادّة، فلأنّها لم تستخدم في هذه المجالات يوما، فظلّت"هزيلة ضعيفة"!
نخلص إلى القول أخيرا إنّ نتاج نجم، في مجمله، زجل لا شعر، كما ألمحت الدكتورة القلماوي أيضا في المقتبَس السابق. ذلك أنّ العناية في شعره منصرفة إلى الشكل قبل المعنى، بل اللعب بالألفاظ أحيانا. إنه نتاج معدّ للإلقاء لا للقراءة؛ للإبهار قبل كلّ شيء آخر. من هنا أيضا العناية الفائقة بالإيقاع، بالقوافي المتلاحقة، بالموسيقى الصاخبة والأوزان السريعة، دونما "تعقيد" أو تركيب، من ناحية أخرى، في المعاني والصور الشعريّة. لن نعمد في هذا المجال الضيّق إلى التمثيل والتفصيل ، فذلك يستحقّ مقالة ضافية على حدة. إلا أنّ نتاج نجم، مع ذلك، يظلّ زجلا مبهرا بموضوعاته وجرأته، بإيقاعاته ولغته وطرافته، شأنه شأن كثير من الكتابات الزجليّة، في هذه الأيّام، في مصر وفي أقطار عربيّة أخرى كثيرة.
[email protected]










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال رائع
قارئ جدي ( 2014 / 10 / 13 - 08:52 )
أصدق وأروع مقال قرأته عن شعر العامية!!

اخر الافلام

.. تعاون مثمر بين نقابة الصحفيين و الممثلين بشأن تنظيم العزاءا


.. الفنان أيمن عزب : مشكلتنا مع دخلات مهنة الصحافة ونحارب مجه




.. المخرج المغربي جواد غالب يحارب التطرف في فيلمه- أمل - • فران


.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال




.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة