الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وسائل الإتصال الحديثة، والإرهاب، وإسرائيل

منعم زيدان صويص

2014 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لا أحد يستطيع أن ينكر التأثير الهائل لوسائل الإتصال الجماهيرية الحديثة على حياة الناس في جميع أنحاء العالم، فتبادل الأخبار، ونشر التعليقات والآراء حولها، يتم بسرعة البرق، بكل ما في هذه الكلمة من معنى، وبفعالية تامة. لا أحد يستطيع أن يعيش بدون، أو يتجاهل، الإنترنت، فهي جزء من خيارات الصغير والكبير والغني والفقير والطالب والمعلم والمسؤول والمواطن العادي. برزت أهمية الإنترنت ووسائل الإتصال الإجتماعية خلال الثورات العربية الشعبية الحديثة، وكانت جزءا رئيسيا منها، بدءا من تونس في أواخر عام 2010، ثم مصروغيرها، وكان الشبان الثائرون يعتمدون عليها في تعبئة الناس وجمع المتظاهرين الذين ملأوا الشوارع وأسقطوا أنظمة عدة قبل أن يستولى الإنتهازيون، من الساسة المحترفين الرجعيين، على القيادة ويقتتلوا في ما بينهم على الزعامة ناشرين الفوضى في العديد من الدول العربية.

لقد فتحت وسائل الإتصال هذه الباب على مصراعيه أمام شباب العالم الثالث، خاصة في العالم العربي، الذين جابهوا طوفانا من المعلومات القادمة من الغرب، كالأفكار اللبرالية المتعلقة بالدين، وقرأوها بدون رقيب، فأحدثت تغييرات في تفكير المحافظين في العالم العربي والإسلامي. بعض هذه التغييرات كان إيجابيا وبعضها كان سلبيا، فقد أحدثت الآراء التي لا تتعامل مع الدين بخوف هزة عميقة في المجتمعات الإسلامية وبين المتعلمين والمثقفين، وأحدثت ردود فعل عكسية في كثير من الأحيان، وإستعملت وسائل الإتصال هذه إما كأدوات هدم أو كأدوات بناء.

واستغلت المنظمات الإرهابية ومنظمات الإسلام السياسى الإنترنت في نشر أفكارها والتأثير على الشباب، وأساءت للعرب وللمسلمين، ولم يكن من الممكن أن ينتشر الإرهاب وأن ينجح الإرهابيون ومنظماتهم بدون وسائل الإتصال الإجتماعية، مثل الفيسبوك والتويتر وغيرها، وما كان باستطاعة منظمه داعش وغيرها أن تجند هذا العدد الهائل من المقاتلين من جميع أنحاء العالم لولا سهولة الإتصال بهم والتأثير عليهم. واكتشفت هذه المنظمات أنها ليست بحاجة للأموال أو وسائل الإتصال القديمة غير الفعالة لإيصال آرائها ورسائلها إلى الشباب المسلم في الغرب الذي لا يشكو من الفقر ولا من التمييز بل يعاني فقط من أزمة هوية. كيف كان بالإمكان أن تغري مواطنا أوروبيا بالقدوم لسوريا أوللعراق للإنضمام لما يسمونه الجهاد لو أن هذا المواطن لم يتلقّ دروسا تخلط الدين بالسياسة والجريمة بالتعاليم السماوية؟

العديد من الناس يسيؤون، عن قصد أو غير قصد، للآخرين بنشر أخبار مثيرة أو مؤلمة، وخاصة الصور والفيديو عبر اليو تيوب، ويتأثر أصدقاؤهم بها فيضعونها على صفحاتهم وتنتشر كالنار في الهشيم، وكثير منها، هذه الأيام، تتعلق بالفضاعات التي ترتكب في سوريا والعراق، والتي تؤثر سلبا على نفسية الصغار وضمائرهم وتساعد في نشر الجريمة وتسيء للمشاعر الإنسانية. وتستعمل المواقع الألكترونية كذلك لنشر أخبار مضللة تشوه الحقائق.

لقد إستغلت إسرائيل وحلفاؤها لعقود الإنقسامات في المنطقة، وكذلك تخبّط وجهل الحكومات والشعوب العربية، لكي تحقق أهدافها القريبة والبعيدة، واستعملت وسائل التواصل الإجتماعى لتحريض شعوب العالم ضد العرب والمسلمين وخصوصا الشعب الفلسطيني. ميمري (MEMRI)، وهو إختصار ل (Middle East Media Research Institute)، أو معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط، هي منظمة أمريكية أسسها إسرائيليان عام 1998، وتعنى بإعلام وصحافة الشرق الأوسط، ومقرها في واشنطن، ولها مكاتب في لندن، وبرلين، والقدس، وروما، وشنغهاي، وبغداد، وطوكيو. ولها علاقة وثيقة بمجموعة الضغط الصهيونية في أمريكا (AIPAC)، والتي هي إختصار ل (American-Israel Public Affairs Committee). ميمري ترصد بدقة ما يقوله الإعلام العربي، و أخطاءه الكثيرة، وآراءه الفجة، وتركز على أجزاء تهمها وتحقق أهداف إسرائيل وأهداف مؤيديها، وتنشرها بعد ترجمتها من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية ليفهمها الناس في أمريكا وأوروبا وبقية أنحاء العالم.

وكمثال على ما تفعله ميمري، نورد هنا مثالا واحدا من آلاف الأمثلة. لقد إستغلت ميمري شريط فيديو قديم مأخود من أحد خطب الجمعة القاه عضو البرلمان الفلسطيني عن حماس الشيخ يونس الأسطل وأذيع في بث مباشر من على تلفزيون الأقصى، الذي تديره حماس، يوم 11 نيسان 2008. وميمرى تنشر هذا الفيدو الآن، بعد أكثر من ست سنوات، لتشويه صورة حماس بعد الحرب الأخيرة على غزة، وسمعة الشعب الفلسطيني والمسلمين وكأنها تقول للعالم المسيحي: هذه هي أهداف المسلمين الذين تدافعون عنهم.

يقول الشيخ الأسطل من على منبر مسجد الجمعية الإسلامية في النصيرات في قطاع غزة:

"يصطفيكم الله لنفسه ولدينه لتكونوا قاطرة الأمة لمرحلة الإستخلاف والأمن والتمكين، بل والفتوحات الدعوية والعسكرية التي ستفتح عواصم العالم بأسره. وعما قريب، إنشاء الله، ستفتح روما كما فتحت القسطنطينية، ببشارة نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم. وإذا كانت اليوم هي عاصمة الكاثوليك أو الصليبية، التي أعلنت عداءها للإسلام، وقامت بزرع إخوان القردة والخنازير في فلسطين ليمنعوا نهضة الإسلام من جديد، ستكون عاصمتهم نقطة متقدمة للفتوحات الإسلامية التى ستنداح في أوروبا كلها، ثم تلتفت إلى الأمريكتين، بل إلى أوروبا الشرقية، وظني أن أبناءنا أو أحفادنا، سيكونون هم الذين يرثون جهادَنا وتضحياتنا ليكون قادة الفتح منهم إنشاء الله. ونحن اليوم نزرع هذه البُشْرَيات في نفوسهم ونؤسسهم من خلال المساجد والمصاحف ومن خلال سيرة نبينا عليه الصلاة والسلام، وسيرة الصحاية الأولين والقادة العظام، لهذه المهمة، مهمة إنقاذ البشرية من نار هُم على شفى حفرة منها."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا