الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجلس التأسيسي في المغرب

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2014 / 9 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


خلال المؤتمر الثاني لحزب الاتحاد، الذي عقد في22 ماي 1962، وجهت انتقادات وأحكام قاسية ضد الملكية المغربية وضد حزب الاستقلال المشارك في الحكومة، وقد تمت المطالبة بانتخاب مجلس تأسيسي لوضع دستور يكون الشعب فيه مصدرا للسلطات.
آنذاك راهن الحزب خلال المؤتمر على الخيار الاشتراكي الثوري لإقامة ديمقراطية حقيقية، وانتقد الرأسمالية والإقطاعية.
فحزب الاتحاد الوطني كان متأثرا باتجاه الجزائر الذي انتخب مجلس تأسيسي لوضع الدستور ، وكانت صحيفة الحزب تذكر بين الفينة والأخرى بأن الحكم الفردي بالمغرب يحاول فرض دستور ممنوح يحتفظ فيه بجميع السلطات، أما حزب الاستقلال فكان مؤيدا إلى أبعد الحدود، فقد عبر هذا الحزب أن الدستور المغربي المرتقب سيكون أفضل الدساتير في القارة الإفريقية. كان هذا سنة 1962.
وقد حدث خلال هذه الفترة اعتداء بقنبلة على المطبعة التي كانت تصدر بها الطليعة والتحرير، وذلك تزامنا مع حملاتهما ضد الدستور المرتقب، وصدر في غداة الاعتداء عنوان بارز بالطليعة( سوف لا يسكتوننا)، ونظمت النقابة التابعة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية تظاهرة شعبية للتنديد والاحتجاج بالدار البيضاء.
عارض حزب الدستور الديمقراطي شكلا ومضمونا الدستور الممنوح، ودعا إلى التصويت عليه بلا، ووصف هذا الدستور بأنه تنضح منه العقلية الإقطاعية، وذكرت أنه من صنع أجنبي، وفي 15 نونبر 1962م قرر الحزب مقاطعة الاستفتاء، وطالب بدستور ديمقراطي يمر عبر الطريقة الطبيعية والوسيلة الديمقراطية المألوفة ألا وهي المجلس التأسيسي المنتخب انتخابا حرا ونزيها، وهو نقيض الطريقة التي اختير بها يقول محمد بن الحسن الوزاني (وإذا نظرنا الى مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء ..فالأمة تقريبا لا شيء، والدولة بجميع اختصاصاتها هي الأساس..).
وعارض الدستور أيضا الشيخ محمد العربي العلوي، ومحمد بن عبد الكريم الخطابي الذي اعتبره حيلة قد انطلت على الشعب المغربي.
كما أن الجالية اليهودية دعت إلى التصويت بنعم على الدستور استجابة للنداء الملكي، وقد اغتنم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الفرصة للقول بان ضغوطات مورست على المسؤؤلين اليهود للتصويت مقابل الحصول على جوازات سفر لمغادرة البلاد.
فقد كانت لدى الملك محمد الخامس رغبة في أن تتوحد صفوف الوطنيين، إيمانا منه بأن المغرب لا يمكن أن يستقر ويتطور إلا بالتأسيس لتوافق بين الملك والحركة الوطنية، وعلى الخصوص حزب الاستقلال، لإيجاد أرضية، ولو مؤقتة، تجعل اختيار الدولة الوطنية يكون هو الاختيار الديمقراطي. وهكذا تأسس، في غشت 1956، المجلس الوطني الاستشاري، وعين محمد الخامس 76 عضوا لمدة سنتين قابلة للتجديد، وتم الانتداب الجديد في أكتوبر 1958. وقد كانت للمجلس، وإن كان معينا، تمثيلية حقيقية للبلاد، حيث ضم حزبَ الاستقلال وحزب الشورى والنقابات والعلماء والفلاحين ورجال الأعمال والطائفة اليهودية والشباب والطلبة الذين كان يمثلهم في المجلس، عند انتدابه، عبد الرحمن القادري.
وطفق المجلس، الذي ترأسه المهدي بن بركة، يعمل كأنه برلمان حقيقي منتخب، إذ أخذ يناقش السياسة الكبرى للبلاد ويناقش الميزانية التي تعرض عليه والسياسة الخارجية، خاصة على صعيد التحالفات لأنه كانت هناك أصوات داخل المغرب تقول إنه علينا اختيار تحالفاتنا، فبما أننا أصبحنا دولة مستقلة فعلينا أن نحدد أين نقف في هذا العالم. واختار المغرب، على ضوء مداولات المجلس الاستشاري الذي كان هو ميدان تلك النقاشات، عدم التبعية والتعاون الحر مع جميع الدول. إلا أن هذا التوافق لم يدم، إذ سرعان ما سيقنع ولي العهد والده (سنة 1959) بحل المجلس وإلغائه.
بقي النقاش حول بناء الدولة المغربية وطبيعة الدولة الديمقراطية التي نريدها مستمرا بعد حكومتي البكاي الأولى والثانية. ولما جاء أحمد بلافريج إلى رئاسة الحكومة المنسجمة التي طالب بها الحزب، استمرت الأزمة. وفي محاولة لحلها، استدعى محمد الخامس أواخر سنة 1958 علال الفاسي وكلفه بتشكيل حكومة جديدة، وأجرى الأخير مشاورات مع الأطراف الحزبية، وهي المشاورات التي تكللت بنجاحه في تشكيل الحكومة المرغوب فيها من كل الأطراف الوازنة داخل اللجنة التنفيذية وداخل اللجنة السياسية الموسعة في حزب الاستقلال. لكن ولي العهد، مولاي الحسن، أفشل هذه المحاولة، إذ في الوقت الذي أخذ فيه محمد الخامس مبادرة دعوة علال الفاسي إلى تشكيل الحكومة، كان ولي العهد مصابا بزكام ألزمه الفراش في إقامته بالسويسي، وعندما علم بالأمر غادر إقامته وتوجه للقاء والده، ولحظتها قال له إن هذه ستكون كارثة، مبررا ذلك بأنه إذا أصبح علال الفاسي رئيسا للحكومة فلن يستطيع تنحيته في المستقبل.
ولإفشال المحاولة، أقنع مولاي الحسن كلا من أحمد بلافريج وامحمد الدويري برفض العمل مع علال الفاسي داخل التشكيلة الحكومية المقترحة، فما كان من الرجلين سوى أن أبلغا الملك محمد الخامس بعدم استعدادهما الانخراط في التشكيلة الحكومية. وهكذا لما تقدم علال الفاسي أمام محمد الخامس عبر له الأخير عن أسفه على عدم قبول كل من أحمد بلافريج ومحمد الدويري المشاركة في الحكومة الجديدة، فغادر علال الفاسي الرباط غاضبا في اتجاه طنجة حيث اعتكف.
وبتعاون بين المحجوب بن الصديق والفقيه محمد البصري وولي العهد، كلف محمد الخامس عبد الله إبراهيم بتشكيل الحكومة، وبذلك تمكن ولي العهد من إبعاد مرشحين أساسيين عن رئاسة الحكومة وهما عبد الرحيم بوعبيد والمهدي بن بركة، لكن قيام حكومة عبد الله ابراهيم شكل، رغم ذلك، التوافق الثنائي بين المؤسسة الملكية والجناح اليساري لحزب الاستقلال.
وحين قبل عبد الله إبراهيم عرضَ محمد الخامس لتشكيل الحكومة، تم الاتفاق على أن تعد الحكومة للانتخابات البلدية والقروية في أقرب وقت، وتلك الانتخابات هي التي ستعطي الخارطة السياسية الآتية للبلاد، واستخلاص النتائج منها هو الذي سيؤدي إلى تشكيل حكومة لها تمثيلية تسهر على تنظيم الانتخابات التشريعية لقيام برلمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا