الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المادية تتحدى -1-

هادي بن رمضان

2014 / 9 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد درج الأنبياء والكهنة والاهوتيون والخلقيون والمتدينون والميتافيزقيون منذ فجر التاريخ على تفسير الاشياء والظواهر الامفهومة تفسيرا يجعلها اي تلك الاشياء والظواهر التي عجز عن فهمها جنسنا البشري حينها تفسيرا لاماديا يجعلها بمعزل عن عالمنا المادي خارجة عن قوانينه الفيزيائية والطبيعية ... وبتفسيرهم الميتافيزيقي هذا كانوا يريدون القفز للاستناج بان عالمنا ليس محض عالم مادي وان الظواهر الامفهومة هي بالضرورة من تدبير مصمم ذكي واله أزلي مطلق القدرات يريد بخلقه لتلك الاشياء الغير خاضعة لقوانين الكون و للوجود المادي لتكون بذلك اعجازا مبهرا يتم التشهير به في وجه الملاحدة والماديين !!!


تفاسير وتصورات غيبية للكون والحياة ألقى بها التقدم العلمي والتكنولوجي في حفرة لن تخرج منها مجددا ... وليست حقيقة التطور الا كمثال لهذا الجدال القديم الجديد ... كان الفلاسفة الطبيعيون القدماء والدهريون وغيرهم اول المؤسسين للالحاد المنظم -تيار فكري- في موقف ضعيف جدا ... فهم قد كانوا عاجزين عن تفسير مختلف الظواهر الطبيعية دون الانطلاق من فكرة وجود كائن غيبي مصمم للكون يقف خلف تلك الظواهر المبهمة الامفهومة ... ولعل أهمها هي إختلاف أشكال الحياة وتعقيدها المذهل وكذلك النظام الكوني وثبات الكواكب والنجوم في السماء دون السقوط ...

كان معظم المفكرين والفلاسفة المعادين للكنيسة والفكر الديني المسيحي او الاسلامي مجبرين على الاعتقاد بوجود مصصم ذكي باستثناء قلة قليلة جدا شذت عن ذلك ... وذلك السبب في عدم عثورنا على الكثير من الفلاسفة والمفكرين القدماء الذين اتخذوا موقفا صارما معارضا لفكرة وجود الله فكان المعارضون للفكر الديني ينتقلون بين الربوبية والاأدرية ... لكن, ومنذ أصدر "تشارلز داروين" أيقونته "أصل الأنواع" , امتلك الالحاد ارضية صلبة يرتكز عليها في موقفه من اختلاف وتعقيد اشكال الحياة ... لقد جعلت الداروينية من الالحاد امرا مقبولا أكثر من أي وقت مضى وقد ايقنت الكنيسة والمجتمعات المسيحية خطر أفكار "تشارلز داروين" على الله والعقيدة المسيحية ... بمرور القرون والسنين .. تحول التطور الى حقيقة مطلقة لا تقبل الجدال شأنها شأن دوران الارض ... وهزمت الخلقية شر هزيمة في كبرى المناظرات وبين أروقة المحاكم وأمام القضاة وطردت من المدارس رغم الجهود التي بذلت ولازالت تبذل من طرف المسيحيين بأمريكا خاصة ...

كان انتصار التطور اعظم انتصارات المادية والفكر المادي .. وسقطت أوهام الاهوتيين والخلقيين والمتدينين والميتفازيقيين سقوطا معيبا ... حتى أن اغلبهم قد تراجع عن فكرة الخلق المباشر المنفرد للقول بحقيقة التطور والاختلاف فقط من حيث الية التطور التي يرونها قد حدثت بفعل مصمم ذكي وأن تعقيد بعض الانظمة الحيوية مثلا يستحيل نشأتها من نوع أقل عبر الانتخاب الطبيعي فهي أنظمة معقدة غير قابلة للإختزال وللأسف كالعادة سقطت أوهامهم مرة أخرى .. ورغم ذلك, فلازال الخلقيون المسيحيون لا يقبلون حتى أطروحة التصميم الذكي ... اما العالم الاسلامي الذي يعيش الموت والارهاب فهو يقبع في قاع الخلقية وأساطير الخلق التوراتية كما كانت اوروبا منذ قرون باستثناء قلة قليلة من المسلمين تتبنى أطروحة التصميم الذكي ... أما الأغلبية الباقية فهي تعتقد بأن نظرية التطور قد سقطت تصديقا لتدليس رجال الدين وتزوير وعدم مصداقية قناة الجزيرة ...

لازال اليوم أعداء المادية المؤمنون بالروح والملائكة والأبالسة والعفاريت يهاجمون المادية في شتى المجالات ... تلك المتعلقة بالكون أو بأشكال الحياة وتعقيدها والظواهر الامفهومة ليستدلوا على وجود إله للفراغات والذي يتصاغر حجمه بمرور الوقت ...

وفي محاولتهم تلك للطعن في المادية والاصرار على تداخل عالمنا المادي مع عالم غيبي اخر ماوراء طبيعي .. يطرح المتدينون حججا شتى من ضمنها السحر والشعوذة والقدرات والممارسات المافوق طبيعية الخارجة عن القوانين الفيزيائية والطبيعية ليكون ذلك دليلا على عدم قدرة المادية على تفسير كل الموجودات وبالتالي تحول فكرة وجود عالم اخر ما وراء المادة إلى أمر مقبول ...


ما هو موقف أشهر الأديان واكثرها انتشارا -الاسلام والمسيحية- من السحر ؟


يذكر القران مجموعة من الايات في حديثه عن السحر :


- وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ -

وسليمان هو أحد ملوك مملكة إسرائيل القديمة المزعومة الى جانب داوود وشاوول ... وهي مملكة رغم ضخامتها وضخامة بنيانها كما تروي النصوص الادينية فلا أثر واحد على وجودها ...


" يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى "


وفى الحديث المتفق على صحته : عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخيل إليه أنه يفعل الشىء، وما يفعله .. الحديث )).

قال النووي: ( والصحيح أن السحر له حقيقة وبه قطع الجمهور، وعليه عامة العلماء، ويدل عليه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة ) .

بل قال الخطابى بعد أن أثبت حقيقة السحر، ورد على المنكرين: ( فنفي السحر جهل، والرد على من نفاه لغو وفضل ) .


أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) متفق عليه .


ماهي عقوبة السحر في الإسلام ؟

fatwa.islamweb :

- اختلف أهل العلم في عقوبة الساحر فذهب الحنفية إلى أن الساحر يقتل في حالين: الأول: أن يكون سحره كفرا, والثاني: إذا عرفت مزاولته للسحر بما فيه إضرار وإفساد ولو بغير كفر . وذهب المالكية إلى قتل الساحر, لكن قالوا: إنما يقتل إذا حكم بكفره , وثبت عليه بالبينة لدى الإمام , وعند الشافعية: إن كان سحر الساحر ليس من قبيل ما يكفر به, فهو فسق لا يقتل به، إلا إذا قتل أحداً بسحره عمداً فإنه يقتل به قصاصاً .

وذهب الحنابلة إلى أن الساحر يقتل حداً ولو لم يقتل بسحره أحدا, لكن لا يقتل إلا بشرطين: الأول: أن يكون سحره مما يحكم بكونه كفرا مثل فعل لبيد بن الأعصم , أو يعتقد إباحة السحر . الثاني: أن يكون مسلماً, فإن كان ذميا لم يقتل --;-- لأنه أقرَّ على شركه وهو أعظم من - السحر , ولأن ( لبيد بن الأعصم اليهودي سحر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقتله ) .

واستدل من رأى قتل الساحر بأنه مرتد، والمرتد كافر وحكمه القتل، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) رواه البخاري .

وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب كتاباً قبل موته بسنة " أن اقتلوا كل ساحر وساحرة " قال الراوي: فقتلنا ثلاث سواحر في يوم . رواه أحمد وأبو داود . -


تذكر بعض النصوص المسيحية عن السحر :


( خروج 22: 18 " لاَ تَدَعْ سَاحِرَةً تَعِيشُ ". )


( وَحَدَثَ بَيْنَمَا كُنَّا ذَاهِبِينَ إِلَى الصَّلاَةِ، أَنَّ جَارِيَةً بِهَا رُوحُ عِرَافَةٍ اسْتَقْبَلَتْنَا. وَكَانَتْ تُكْسِبُ مَوَالِيَهَا مَكْسَبًا كَثِيرًا بِعِرَافَتِهَا. 17 هذِهِ اتَّبَعَتْ بُولُسَ وَإِيَّانَا وَصَرَخَتْ قَائِلَةً:«هؤُلاَءِ النَّاسُ هُمْ عَبِيدُ اللهِ الْعَلِيِّ، الَّذِينَ يُنَادُونَ لَكُمْ بِطَرِيقِ الْخَلاَصِ اع 16:16-17 )



فهل السحر والقدرات الخارقة للطبيعة حقيقة ام مجرد خداع وخرافات !!


جيمس راندي .. أمريكي كندي .. عمل في مجال ألعاب الخفة .. في الستين من عمره بدأ في التحقيق في ماهية القوى الماوراء طبيعية ... اشتهر جيمس راندي بمعاداته للعلوم الزائفة وبمؤسسته التعليمية التي أعلنت عن تحدي المليون دولار ... وهو تحد يحصل بموجبه من يقوم بالبرهنة على امتلاكه لاي قدرات مافوق طبيعية بعد المرور باختبارات علمية في ظروف متفق عليها على جائزة مالية تقدر بمليون دولار ... وهو الاختبار الذي فشل الجميع في تجاوزه حتى هذا اليوم ... من بين المترشحين لهذا التحدي .. إمرأة سويدية تدعى "Carina Landin" وهي وسيطة روحية ادعت قدرتها على معرفة كاتب الكتاب إمرأة كان أو رجلا من خلال لمس الكتاب فقط ... واعترفت بانها ستنجح بنسبة 80% اي 16 كتاب من بين عشرين ... نجحت لاندين في التعرف على 12 فقط .. وهي نسبة لا تخرج عن نطاق الصدفة و الإحتمال العشوائي وفشلت بالتالي في المرور للاختبار الثاني بالولايات المتحدة الأمريكية .. احتجت "لاندين" بأن الكتب التي عرضت عليها كانت قديمة جدا ... لكن تقرير المشرف على الاختبار اعلن ان نسبة نجاحها في الكتب الاقدم مما اتفق عليه كانت الأعلى !


لازال التحدي قائما لكل السحرة والمشعوذين بأنحاء العالم للبرهنة على امتلاكهم لقدرات غير طبيعية والفوز بجائزة المليون دولار وهو امر لم ينجح فيه اي احد ... اما مشاهير عالم السحر والخداع فكانوا أجبن من الترشح لهذا الاختبار ... بين قارات اوروبا وافريقيا واسيا قد يصل أعداد السحرة واصحاب "القوى الخارقة" إلى بضعة ملايين ... عدم قدرة بعض هؤلاء وكبارهم على النجاح في التحدي الذي تطرحه مؤسسة جيمس راندي او حتى الشجاعة والقبول باجراء الاختبار كما الحال مع "كريس انجل" برهان على خرافة السحر والشعوذة والادعاءات الامعقولة عن امتلاك قدرات ما فوق طبيعية ... وهذا يشكل ضربة لاعداء المادية والمدافعين عن حقيقة السحر والقوى الخارقة ... فهؤلاء المتدينون يعتقدون بأن عالمنا ليس مجرد عالم مادي يمكن فهمه ورصده بل يجعلون من العالم شبيها بأفلام "هاري بوتر" عن السحر والشعوذة ... وبالتالي فهم يفشلون في هذه النقطة في الطعن في قدرة المادية على تفسير مختلف الظواهر المحيطة بنا .


اليوم .. تعاقب الدولة السعودية السحرة بالاعدام تطبيقا لشريعة الاسلام .. كذلك تفعل كل الانظمة والحركات الدينية .. نفس الامر قد جرى على يد الكنيسة باعدامها للسحرة حرقا لقرون طويلة ...

أن تعاقب النصوص الدينية ممارس "السحر" (لا وجود له) بالاعدام .. يعني ان النصوص الدينية لا تتجاوز مرتبة القصص والخرافات الشعبية التي اعتقدت بان الخدع وألعاب الخفة والطقوس السحرية والظواهر الامفهومة هي من فعل الشياطين عدو الله المتحالف مع الساحر .. وبالتالي أن الساحر عدوا لله وجب قتله وحرقه !!

قد يهرب المتدينون من فشل ادعاءات امتلاك القوى السحرية والخارقة امام الاختبارات العلمية للقول بأن السحر قد جرت ممارسته في الماضي كما يزعم الانبياء وتزعم النصوص الدينية .. لكنه اندثر لاحقا وفشل السحرة في تجاوز الاختبار لا يعني أن السحر لم يوجد يوما وان النصوص الدينية مجرد خيال بشري .. بل أن السحر قد انقرض من زمن طويل !!

وهو ادعاء ساذج .. والا فكيف يجعل الاله كلي العلم حكما مطلقا بالموت لممارس السحر حتى "قيام الساعة" .. بينما كان في علمه المطلق أن السحر على وشك الاندثار .. وأن الالاف من الأبرياء سيلقون الحتف والحرق بسبب ممارسات لا تملك أي تأثير مادي بل مجرد طقوس وهمية لكسب لقمة العيش !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 9 / 11 - 01:24 )
في واقع الأمر فـ(الملحد) أصغر من الرد عليه، لكن نكتب فقط حتى لا يغتر به الأغرار الصغار، و إلا فلا مانع إلحاديًا من إبادة 99% من البشر طبقًا لـ(لإنتخاب الطبيعي) و (البقاء للأصلح)؟... بل إن الإبقاء على الغير و البحث عن حقوقهم هذا يتعارض مع كل أسس (الإلحاد المادي)!... بل لو كان الإنسان ابن الطبيعة فلن يشعر بـ(الخطأ) و لا (الشبهة) و لن يفهم معناهما، لأن (الحتميات المادية) تُحرك كل شيء، و لا يوجد في العالم المادي (خطأ) و لا (ظلم) و لا (خير) و لا (شر) .

نطرح تساؤل على الملاحده : العدل هو وضع الشيء في محله , و محل الأحداث في عالم الإلحاد, هو نفس المحل الذي تحدده القوانين الفيزيائية. و بما انه لا توجد ذرة تخالف تلك القوانين, إذاً كل حدث في الكون المادي قد وُضِع في محله المادي. و لذلك لا يوجد في الفكر الإلحادي ولا في الكون المادي ظلم. فمن أين جئت بمفهوم العدل أيها الملحد؟ .

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد