الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-على درب الشهداء..!-

مصطفى بن صالح

2014 / 9 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


"على درب الشهداء..!"

شعار ترفعه المجموعة الطلابية المعتقلة حاليا على خلفية مقتل الطالب الحسناوي، وهي تهمة لم تجد مَا ومَن يسندها لحد الآن سوى الضابطة القضائية وأجهزة الاستخبارات والشهادة المرتبكة لأحد رفاق الحسناوي في الملة والحزب.! فهل يعد من المقبول رفع هذا الشعار والتحريض عليه وسط المعتقلين دون الاكتراث بتبعاته؟ وهل تكفي إشارات وتلميحات التخوين لكبح جماح أية محاولة لدخول معترك النقاش حول هذا الشعار، مضمونه، ومضاعفاته السياسية والمادية التي لن تقل عن الإصابة بالعاهات الدائمة والمستديمة، إن لم تنضاف للائحة الشهداء أسماء جديدة بعد آخر اسم كان لمصطفى المزياني؟
أعتقد أن الأمر يفرض بقوة فتح النقاش وبشكل جدي، حول الجدوى من هذه الإضرابات الطعامية داخل السجون، ليتبين مدى مردوديتها على قضايا النضال من أجل الحرية والتغيير والاشتراكية، وكذلك على أوضاع السجون والسجناء وبشكل خاص المعتقلين من أجل قضايا سياسية.
ورفعا لكل لبس أو تأويل، فلحد الآن، حيث لم تثبت إدانة الرفاق في مجموعة "البرنامج المرحلي بفاس" الذين يخوضون إضراباتهم المفتوحة عن الطعام ـ وهم في مجموعهم طلاب بالجامعة ـ لا يمكن اعتبار الرفاق سوى معتقلين سياسيين، حيث لا يمكن نزع هذه الصفة عنهم بأي شكل من الأشكال أو التشكيك في هويتهم كمعتقلين سياسيين، لأن اعتقالهم تم على خلفية قيادتهم للأنشطة الطلابية بجامعة فاس، ومعرفة المخابرات لهوياتهم ومقرات سكناهم، بالتالي، تمت في إطار المتابعات والملاحقات للرفاق لكونهم نشطاء قاعديين إوطميين، يُفترض في أجهزة القمع إسكات أصواتهم، ونصب الكمائن لهم، لمسحهم من الساحة النضالية.. وحتى يثبت العكس فإن حبسهم جاء على خلفية القمع والاستئصال الذي يتهدد باستمرار الأصوات الطلابية التقدمية المعارضة والمناهضة لمخططات النظام وحكومته البورجوازية العميلة.. وبالتالي فهو اعتقال لأسباب سياسية، وحبس لطلاب معارضين لسياسة ومخططات الدولة.
"فعلى درب الشهداء" إذن سقط أحد من الرفاق خلال شهر غشت المنصرم، بعد إضراب عن الطعام جاوز السبعين يوما.. حيث كان محقا في اختياره لدرب النضال والصمود، من أجل الحق في التعليم وفي متابعة دراسته الجامعية.. رغم أننا لم نشاطره في أسلوبه وفي طريقته لتدبير المعركة والوصول بها إلى تلك النهاية المؤلمة.. فهل هناك ما يبرر للرفاق الآخرين دخولهم في إضرابات مميتة تحت شعارات غامضة من قبيل "دفاعا عن الهوية.. وعلى درب الشهداء"!؟ والحال أن الرفاق ما زالوا في حالة تحقيق ومحاكمة، وحيث المطلوب منهم، وكذا من جميع الرفاق، وجميع الإطارات الحقوقية المساندة، وكافة الفصائل الطلابية التقدمية المعنية بالحريات الديمقراطية داخل الجامعة.. أن تعمل على تحويل قضيتهم إلى قضية نضال طلابي وجماهيري، دفاعا عن الحريات، وإدانة لنظام الاستبداد، وفضحا لديمقراطيته وطبقية قضاءه.
فلا بد من تسطير ملف مطلبي واضح، يُوحـّد جهود جميع المعنيين بقضية الرفاق الطلبة المعتقلين، ابتداءا من المعتقلين أنفسهم وعائلاتهم ورفاقهم في الخط والدرب، إلى جميع المتدخلين الموضوعيين الذين لهم علاقة بالقضية والموضوع، وهو ما عنيت به سابقا الهيئات الحقوقية والفصائل الطلابية التقدمية ومجموع فصائل اليسار التقدمي المعارض للنظام ولسياسات الدولة والحكومة.. ملف مطلبي يُعنى بواقع السجناء المادي والمعنوي أولا، ويهتم ثانيا بمتابعة أطوار المحاكمة وخروقاتها فيما يتعلق بما يصطلح عليه بـ"المحاكمة العادلة" ـ بالرغم من أننا لا نرجى عدلا من نظام قائم على الطبقية والقمع والاستبداد ـ حينها سيكون لكل مقام مقال، ولكل معركة شعار. أمّا وأن ترفع الشعارات هكذا وبدون مطالب محددة، شعارات غير قادرة على التجميع والحشد لأكبر قاعدة ممكنة من أنصار الديمقراطية والحريات و"حقوق الإنسان".. فلن نحصد سوى الإحباط مرة أخرى، إحباط سيكون له وقعه الكبير داخل الأوساط الطلابية الإوطمية وداخل موقع الصمود بفاس "ظهر المهراز"، وداخل الحركة الديمقراطية والتقدمية اليسارية التي لن ترضى بفقدان مناضليها وشبابها في هكذا معارك، حيث لن تغير بطولاتهم البيّنة من نتائجها في شيء.
هو ذا رأيي، وهو رأي سياسي نقدي ومعارض للعديد من الآراء والأفكار الاستشهادية التي بدأت في الانتشار بشكل واسع وكبير داخل الأوساط اليسارية التقدمية، وبشكل خاص في صفوف الشبيبة الطلابية والقاعدية. وحيث أن من واجبي كمناضل يساري تقدمي، توجيه النقد لهذه الأساليب النضالية التي لا يجب استعمالها إلا في حالة "مجبر أخاك لا بطل"، وطبعابعد الدراسة والتمحيص للظرفية السياسية، دون المبالغة في والدور الذي يمكن أن يلعبه أسلوب النضال هذا في فضح طبيعة النظام، وفي تعرية خطاباته حول الديمقراطية و"حقوق الإنسان" و"دولة الحق والقانون"..الخ فتحقيق مكتسبات لمصلحة المعتقلين ولمصلحة النضال من أجل الديمقراطية والحريات..الخ لا تتم بالإضرابات الطعامية وكفى، ولا عبر توسيع لائحة الشهداء حتى.. لأن المعركة معركة طبقية، وبدون انخراط الجماهير في الصراع، لن تغير البطولات الفردية من موازين القوى الطبقية شيئا.
فإذا كنت لا أتردد في دعم معارك السجناء السياسيين التقدميين في نضالاتهم وإضراباتهم.. فلا يعني ذلك أنني مجبر لدعم مجمل تصوراتهم وأشكالهم في التعبير، فلهم كامل الحرية في اختيار أساليبهم وأشكال النضال التي يرونها مناسبة للتعبير عن مشاكلهم وقضاياهم الطلابية والسياسية.. وإلا ستسقط عنا صفة الديمقراطية، ولن تبقى لنا مصداقية في الإدعاء بأننا فعلا مدافعين عن الحريات الديمقراطية ـ حرية الرأي والتعبير والانتماء والصحافة والتنظيم والتظاهر..الخ ـ إذا ما تدخـّلنا لفرض آراءنا عليهم وعلى معركتهم. فقط ضميري النضالي لم يسمح لي بالصمت، وإخفاء رأيي هذا، الذي لن يعجب البعض.. قدّمته للرفاق المعنيين بمعركة "الأمعاء الفارغة"، قصد التفاعل والنقاش حول جدوى هذا الأسلوب، الذي فقد بريقه من زمان، خاصة حين يستعمل كيفما اتفق، بدون دارسة وبدون تقدير وبدون تكتيك..الخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة