الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدرسون صنعوا المغرب وحكموا المغاربة: رجال بصموا التاريخ السياسي الوطني

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2014 / 9 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


عرفت بلادنا زمنا سياسيا طبعته من بين ما طبعه المواجهات الدرامية والفرص الضائعة.
كان الحسن الثاني زعيما للوطنية بالنسبة للمرحلة التي تمتد إلى 1974، مع بصم وطنيته بكونها مختلفة عن وطنية الآخرين ... كان الانتماء للمغرب يترجم عبر الشعارات والملبس وعيد العرش، وعبر الاحتفالات… لقد وضع أول عيد للعرش، مثلا، حدا فاصلا بين من هم مسلمون ومن هم عرب. لأول مرة احتفل المغاربة بعيد بشكل مستقل، ليس بوصفهم مسلمين أو عربا، لكن بصفتهم مغاربة... لقد أكد عبد الله العروي أنه بفعل المصلحة السياسية والمعتقد الإيديولوجي، اختار الحسن الثاني خندقه، وذلك عبر احتضان ما أسماه المغرب الفولكلوري: الرزة، الجلباب، الفروسية... الحسن الثاني دافع بقوة عن الخصوصية المغربية، وعارض صراحة النزعة القومية العربية لدى اليسار، كما عارض بشكل أقل جلاء الإيديولوجية المالكية التقليدية لعلال الفاسي الذي كان يريد تحويل النظام الملكي المغربي إلى خلافة أو إمامة شرعية. وهو ما رفضه الحسن الثاني، لأن ذلك كان سيقلص من اختصاصاته ويخلق مشاكل مستعصية مع الخارج. كان على الحسن الثاني أن يجد مساعدين لحكم البلاد. أين سيعثر عليهم؟... في البداية لم يكن الحسن الثاني يكل ولا يمل من ترديد أنه عضو في عائلة المقاومين، وذلك خطابا إثر خطاب، وأن له الحق في انتقاد الأخطاء السياسية لرفاقه في السلاح. وفي رأيه، فالمحاوران الوحيدان الجديران بأن يتناقش معهما كانا علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد، ذلك أن بن بركة عرف المصير المعلوم لدى الجميع... لقد حُكم المغاربة من طرف الحسن الثاني طوال 39 سنة، فهل سيكونون سعداء لو قيل لهم إنهم رُوضوا من قبل رجال بلا قدرات كبيرة ؟
آنذاك كان المعارضون ينحدرون أساسا من أبناء الحركة الوطنية المعتدين بمشاركتهم في تحرير البلاد وفضلهم في عودة الملك إلى عرشه، وأحقيتهم بذلك في مشاركته الحكم ونيل نصيبهم من السلطة. وزادت الاختلافات الإيديولوجية والفكرية، وتناقض المرجعيات الاقتصادية والسياسية الرائجة حينها في عز الحرب الباردة.
شكل المدرسون معينا لا ينضب لمرحلة سياسية بكاملها بالمغرب، حيث احتلوا على امتداد تاريخ المغرب حديث مواقع أساسية في دواليب مراكز صناعة القرار السياسي والاقتصادي والدبلوماسي والحزبي والنقابي... فالمدرسون شكلوا مشتلا
للأطر والقادة... ظل مجال التعليم يصنع أشخاصا حكموا مغاربة، ومنهم من ساهم في صناعة التاريخ الشعبي و ترك بصمته فيه بامتياز.
مثل المدرسون، على جميع المستويات، ابتدائي و ثانوي جامعي ، في التعليم العتيق و التعليم العصري، نخبة حملت قيم الحداثة، التقدم، التنمية، التحرر، الديمقراطية والاشتراكية... نجد أن مدرسين، إلى جانب محامين، يحتلون جل مراكز القرار في إطارات الحركة الوطنية .
مدرسون تركوا بصمتهم في تاريخ مغرب حديث، في هذا المعسكر أو ذاك، منهم من ترعرع في أحضان السلطة والمخزن، ومنهم من تألق وبرز خارج هذه الدائرة، منهم من نش ضمن اللعبة السياسية ومنهم من تحرك خارجها... منهم من اعتمد الزعامة الإسلامية.. ومنهم من ارتمى في أحضان الاشتراكية أو الشيوعية ومنهم من اتجه نحو القومية والخصوصية المغربية...
في فجر قرن لعشرين شكلت المدارس الحرة بؤرة للتأطير في مواجهة ثقافة المستعمر ومخططاته في إحكام الطوق على البلاد والعباد، وكثير من الشخصيات التي لعبت دورا أساسيا في حركة التحرر ضد المحتل مارست مهمة التدريس في هذه المؤسسات، مثل مدارس محمد الخامس ومدرسة جسوس بالرباط ومدرسة النهضة بسلا ومدرسة الفلاح بالبيضاء غيرها في عبور البلاد... آنذاك كان المدرسون الرافد الأساسي الرافعة الحقيقية التي قامت على خلفيتها مشاريع ومؤسسات وبنيات ووقائع وأفكار ورؤى مجتمعية ... علما أن هؤلاء شكلوا العمود الفقري للطبقة الوسطى التي تعتبر الداعم الأساسي لكل مشاريع التحديث والعقلنة والديمقراطية و التحرر في مرحلة البناء قبل أن يتغير المنحى بـ 180 درجة لاسيما خلال سنوات الجمر والرصاص و بعد ثمانينات القرن الماضي. ظل المدرسون الداعمين الأساسيين لمشروع التغيير بالمغرب في هذا المعسكر أو ذاك. ومع تطور السياسات المخزنية سادت أطر إدارية وتقنوقراطية بشهادات ودبلومات عالية وإن لم يوازيها ذلك بالضرورة تكوين سياسي وثقافي وفكري واضح المعالم ومحدد المقاصد.
وهده بعض النماذج:

علال الفاسي ... المعلم الأول
مؤسس حزب الاستقلال وزعيم الحركة الوطنية المغربية، وأحد أعلام الحركة الإسلامية الحديثة التي ظهرت في القرن العشرين، التي دعت إلى السلفية التجديدية، رفقة محمد عبده ورشيد رضا ومحمد الطاهر بن عاشور وغيرهم.
ولد علال الفاسي في مدينة فاس ، ونشأ في بيت علم ودين، فأبوه عبد الواحد كان يشتغل بالتدريس في جامعة القرويين، وعمل بالقضاء لعدة سنوات. وينتمى لأسرة عربية عريقة هاجرت من الأندلس إلى المغرب واستوطنت بمدينة فاس واشتهرت بآل الفاسي الفهري.
عمل مدرساً بالمدرسة الناصرية، وذلك أثناء دراسته بالقرويين. وبعد تخرجه وحصوله على إجازة من والده، ومن عمه الفقيه عبد الله الفاسي، ومن شيخيه العلامتين أبي شعيب الدكالي ومحمد بن جعفر الكتاني، وصار يدرّس بجامع القرويين حول التاريخ الإسلامي.
وعمل أستاذاً محاضراً بكلية الشريعة التابعة لجامعة القرويين، كما عمل محاضراً بكليتي الحقوق والآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومحاضراً بدار الحديث الحسنية بالرباط. وهو صاحب فكرة إنشاء وزارة للشؤون الإسلامية . وكان له فضل حث الملك الحسن الثانى سنة 1964م على إنشاء دار الحديث الحسنية. كما كان له دور بارز في تطوير جامعة القرويين واستحداث كلية الشريعة وكلية أصول الدين وكلية اللغة العربية.
المهدي بنبركة... الخصم المحترم
اعترف الملك الثاني للمهدي بنبركة بفضل تعليم الحساب وأناقة اللباس، لكن حبل اللقاء انقطع سنة 1959 كآخر فرصة للتواجد بنفس المكان. حيث كان ذلك بمناسبة توديع محمد الخامس بميناء طنجة، وبات بنبركة منذ تلك الفترة يتزعم حزبا يجسد الجناح الراديكالي في حزب الاستقلال.
عرف الحسن الثاني بنبركة كأصغر موقع على عريضة المطالبة بالاستقلال ومساهم في تنظيم المقاومة، كزعيم استقلالي في البداية ومسؤول عن صحافته الناطقة بالفرنسية. ترأس المجلس الوطني فيما بعد وأسس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، لكنه عرفه أولا كأستاذ للرياضيات طيلة أربعة أعوام، وكان من بين الذين شكلوا وعيه السياسي وفهمه لسياق الوجود الفرنسي بالمملكة.
وكانت قصة المؤامرة الشهيرة التي أتاحت الحكم على بنبركة بالإعدام غيابيا، لكنه سرعان ما حصل على عفو الحسن الثاني في لحظات نادرة من الأمل في التقارب.
لكن عودته النادرة إلى المغرب كانت دائمة الصخب، حيث تميزت إحداها سنة 1962 بحادثة سير كادت تودي بحياته، وهو الحادث الذي يعتبره البعض عقب محاولات التصفية. تلاه آخر فوق أرض الجزائر التي كان يتردد عليها كثيرا، بل ذهب حد زيارتها في عز أزمة حرب الرمال...
ثم سرعان ما عرفت الحكاية نهايتها المأساوية باختفاء بنبركة في قلب العاصمة الفرنسية، وتناسلت بعد ذلك سيناريوهات اختطافه واغتياله، وما بين الإلقاء بالجثة في عرض البحر وقطع الرأس والتذويب في محلول حمضي...
عبد الله ابراهيم ... الرجل الذي فرض نفسه على القصر كرئيس للحكومة
رجل المبادئ والمواقف الشجاعة. هادئ الطباع، شكل داخل حزب الاستقلال نواة الحزب اليساري إلى جانب كل من المحجوب بنصديق وعبد الرحمن اليوسفي
والفقيه البصري. ظل التاريخ الحديث يحتفظ باسمه باعتباره الرجل الوحيد الذي فرض نفسه على القصر كرئيس للحكومة. حكومة لم يطل أمدها وسرعان ما أزاحتها "حكومة الظل". ويذهب كثيرون إلى اعتبارها فرصة تاريخية ضيعها المغرب حين كانت تلك الحكومة تمثل التطلعات الحقيقية للمغاربة الذين عقدوا عليها آمالهم.
إنه أحد رواد الجامعة المغربية، حاضر في تاريخ الأفكار والتاريخ الدبلوماسي، وكان باحثا في تاريخ المغرب، سياسة وفكرا ومجتمعا.
من أهم ما خلص إليه في أحد مؤلفاته أن هناك أربع مشاكل ظلت ضاغطة على المغرب على امتداد ثلاثة آلاف سنة من عمره، وهي " مشكلة الحكم والأرض واللغة وبناء المغرب العربي".كما أن مؤلفه "الإسلام في آفاق سنة ألفين" يعتبر قراءة تدعو إلى أن يتبوأ العقل درجة من التقدير والاحترام، تسمح بالتجديد والاجتهاد وتخويل النصوص جميع الدلالات التي تستلزمها دينامية تطور المجتمع.
ترعرع وسط عائلة بسيطة، التحق بـ "لمسيد"، الكتاب القرآني الذي أشرف عليه خاله قبل ولوجه مدرسة ابتدائية حرة كان قد أنشأها الباشا الكلاوي سنة 1922، وفي الثلاثينات أصبح عبد الله إبراهيم معلما بإحدى المدارس بمراكش، وبعد ذلك تابع دراسته العليا. إنه عالم من علماء معهد ابن يوسف، حيث نال شهادة العالمية في صيف 1945 تحت إشراف "شيخ الإسلام" محمد بلعربي العلوي، ثم التحق بفرنسا ليتخرج من أشهر جامعة فيها " السوربون" ومعهد الدراسات الشرقية بباريس، ليلمع نجمه في الصحافة المشرقية والمغربية، وقد حاول الجمع بين السياسة والأخلاق لكنه لم يفلح.
توجه إلى الديار الفرنسية، بين 1945 و 1949 درس وناضل، فقال محمد الحبيب الفرقاني بهذا الخصوص، "لقد ذهب أستاذنا إلى فرنسا شخصا معينا، ليعود منها شخصا آخر في أفكاره وتوجيهاته ومنهجياته مما أسدى لنا جميعا خدمات شتى في مختلف فروع المعرفة".
ومن بين المحطات المضيئة خلال مسيرته المتميزة، أنه ساهم في صياغة العهد الدولي لحقوق الإنسان (1948) في مدينة جنيف بسويسرا، إذ يعتبر من المغاربة القلائل الذين كانوا يناقشون ولي العهد (الحسن الثاني) الند للند، حيث لم يكن يفوّت له أي لمز أو أية "برقية مستترة بين عبارتين".
في مستهل عقد السبعينيات، وجد عبد الله إبراهيم في عزلة حزبية داخلية، وأخذ الشبان يسحبون البساط من تحت قدميه دافعين إياه إلى الانزواء في دائرة المثقف والمفكر.


عبد الكريم غلاب ... من الأطر الأولى المؤسسة لوزارة الخارجية
عمل أستاذا في المدارس الثانوية المصرية بعد تخرجه من كلية الآداب 1945-1947.
ولد عبد الكريم غلاب بفاس سنة 1919 ، تلقى تعليمه الأول في المدارس الحرة ثم في كلية القرويين ابتداء من سنة 1932 ، سافر إلى القاهرة في أكتوبر سنة 1937 ، التحق بكلية الآداب بجامعة القاهرة (فؤاد الأول) سنة 1940 و تخرج منها سنة 1944 .
.
اختاره زملاؤه المغاربة و الجزائريون و التونسيون أمينا عاما لمؤتمر المغرب العربي الذي عقد سنة 1947 و عنه نشأ مكتب المغرب العربي الذي قاد الكفاح في سبيل استقلال المغرب و الجزائر و تونس. عمل مكتب المغرب العربي على تحرير عبد الكريم الخطابي يوم 1 يونيو 1947 وهو في طريقه من منفاه في جزيرة لارينيون إلى فرنسا عند وقوف الباخرة التي كانت تقله في بور سعيد.
عاد إلى المغرب في ديسمبر 1948 فترأس تحرير مجلة (رسالة المغرب) الثقافية الأسبوعية ثم الشهرية ابتداء من سنة 1949 حتى توقيفها بقرار من الإقامة العامة الفرنسية في ديسمبر 1952، و عمل في الوقت نفسه محررا في جريدة " العلم" اليومية حتى توقيفها في التاريخ ذاته. و ساهم في إعادة صدورها تحديا لقرار الإقامة الفرنسية بتوقيفها في نونبر 1955 .
هو أحد الأعضاء البارزين في حزب الاستقلال، و قد عمل فيه منذ إنشاء " كتلة العمل الوطني" في يونيو 1933. وكان من الأطر الأولى المؤسسة لوزارة الخارجية بعد استقلال المغرب تحت رئاسة الحاج أحمد بلافريج . عين وزيرا مفوضا مديرا للإدارة العربية و الشرق الأوسط في شهر مايو سنة 1956 .
استقال من منصبه في يناير 1959 و عاد إلى العمل في جريدة "العلم" كرئيس التحرير. و في سنة 1960 أصبح مديرا لها حتى يوليو 2004. وتخلى عن عمله في " العلم" خلال فترة أصبح فيها وزيرا عضوا في الحكومة المغربية بين 1981-1985.
بدأ بنشر محاولاته في الكتابة عام 1936، حيث نشر أول مقال له في مجلة "الرسالة" القاهرية. وواصل في مختلف الميادين الأدبية و الثقافية منذ سنة 1947.
ألف أكثر من 70 كتابا في الرواية و القصة و الأدب و السياسة و الفقه الدستوري و تاريخ المغرب.

عبد الرحيم بوعبيد.. امتهن التدريس قبل المحاماة
التحق عبد الرحيم بوعبيد سنة 1940 بسلك التعليم كمعلم في مدرسة المعلمين بفاس ثم في المدرسة الفرنسية الإسلامية بسلا التي درس بها إلى سنة 1944 وهو تاريخ إلقاء القبض عليه من سلطات الحماية على إثر صدور وثيقة المطالبة بالاستقلال.
من مواليد سنة 1922 بمدينة سلا ، حيث تابع دراسته في الكتاب القرآني ثم في المدرسة الابتدائية، ثم تابع دراسته الثانوية بالرباط قبل أن يلتحق بسلك التعليم .
مكنه اشتغاله بالتعليم من فتح مساره السياسي بكل عنفوان. فقد انطلق الشاب بوعبيد سنة 1964 إلى فرنسا لمتابعة دراسته العليا حيث تخرج محاميا. ومنها عاد إلى المغرب ليزاوج بين ممارسة مهنة المحاماة والصحافة حيث كان يدير جريدة "الاستقلال".
امتلك الرجل يمتلك بعدا استراتيجيا جعله وهو حديث السن في قلب المنعطفات الكبرى للحدث السياسي بالمغرب. توثقت علاقاته مع المغفور له محمد الخامس الذي التقى به سنة 1954 بجزيرة مدغشقر، حيث كان يجري مفاوضات باسم الحركة الوطنية مع مسؤولين فرنسيين من أجل الاستقلال. وبعد حصول المغرب على استقلاله كان المعلم بوعبيد حاضرا في مسار المشهد السياسي بقوة.
لعب عبد الرحيم دورا متميزا في تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ومنذ ميلاد الاتحاد الاشتراكي، أُنتخب في 13 يناير 1972 كاتبا أول للحزب إلى أن وافته المنية في 8 يناير 1993، وظل الكثيرون يسيرون تحت ظله.

عزيز بلال ... المناضل الصامت
درّس بجامعة محمد الخامس بالرباط، وأحد الوجوه البارزة في حزب التقدم والاشتراكية. أغنى الفكر الاقتصادي بشكل ملموس.
حمل على عاتقه عبء بؤس واستغلال شعب بأكمله ... واستغلال كل شعوب العالم الثالث .. و لم يكن غير ذي حساسية تجاه ما يعانيه جميع فقراء العالم...
عالم الاقتصاد الذي ظل يصرخ "بخيبة أمله في سنوات استقلال العالم الثالث، لي خيبة أمل وأوهام شعوب العالم الثالث، التي تجد نفسها بعد مرور عشرات السنين من الاستقلال السياسي في حيرة وارتباك داخل تبعيات أشد ما تكون انحرافا وفظاظة، وزيادة على أقلها قتامة : التبعيات الاقتصادية والتكنولوجية والمالية ... " تحدث كثيرا عن" سراب الانسان العاطل بالدارالبيضاء، أمام الواجهات المغرية، في المدينة - المصيدة. وتحدثعن حرمانه وقال "أن هذا الانسان وهو يرى كل هذه الأشياء يشعر أنه محبط معنويا ونفسيا وثقافيا. ويعلم الله كم هم عديدون أولئك المحرومون والمحبطون في بلدان العالم الثالث، ليس العاطلون وحدهم ولكن كذلك كل الفئات المهمشة والمستلبة ومن بينها النساء ...ضحايا الاستغلال الفاحش، الذين يشتغلون في ظروف غير إنسانية، داخل سراديب معامل البيضاء...

علي يعتة الذي امتزج تاريخه بتاريخ حزبه
مارس علي يعتة مهنة التعليم في سلك التعليم الحر حيث عمل كمعلم بمدرسة الفلاح بالدار البيضاء التي كان يديرها الوطني محمد الشاتي تحت إمرة الحركة الوطنية.
من مواليد مدينة طنجة في 25 غشت 1920 ، من أم ريفية وأب ينحدر من نواحي مولاي إدريس زرهون . بعد أن أكمل والده (سي سعيد) المنحدر من منطقة القبائل في الجزائر دراساته العليا في القانون في جامعة الأزهر في القاهرة، غادر الجزائر تحت وطأة الحكم الاستعماري الفرنسي "إلى غير رجعة" ليستقر عام 1911 في مدينة طنجة قبل أن تصبح محمية إسبانية - فرنسية في المغرب، ، حيث أصبح مترجما بالمجلس الدولي للتبغ ، ووالدته فاطمة بن عمار، من منطقة الريف بالمغرب .
التحق بالكتاب القرآني ، وفي الثامنة من عمره ولج علي يعتة المدرسة الابتدائية بحي مارشان، وهناك بلغ إلى مسمعه أخبار رموز الحركة الوطنية التي انتمى إليها سنة 1940، لتأخذ حياته منعطفا مصيريا كان يرميه كل مرة إلى غياهيب السجون منذ 1942 .
وبعد وثيقة المطالبة بالاستقلال، الذي أُختير أمينا للجنة المركزية للحزب الشيوعي المغربي، وكان من مهندسي انقلاب جذري وسط هذا الحزب ليطبعه بروح مغربية خالصة في سنة 1946.
فقد برز علي يعتة، بحكم تجربته في التدريس وتمرسه الكبير في الصحافة والإعلام، وكان من مؤسسي النقابة الوطنية للصحافة المغربية سنة 1962 ، كما عُيّن رئيسا للجنة المتابعة المنبثقة عن المناظرة الأولى للإعلام والاتصال.

عبد السلام ياسين.. من حلقة ثلاثة أفراد إلى أقوى تنظيم في البلاد
رأى عبد السلام ياسين النور سنة 1928 في أحضان أسرة بربرية فلاحية فقيرة، تلقى تعليمه الأولي بمدرسة بمراكش ثم التحق بمعهد ابن يوسف وعمره 15 سنة حيث قضى به أربع سنوات، وبعده ولج مدرسة تكوين المعلمين بالرباط، ليبدأ حياته المهنية سنة 1948 كمعلم بمدرسة أبناء الأعيان بالجديدة.
حصل سنة 1961 على دبلوم التخطيط التربوي من مركز ببيروت، وتدرج في سلم التعليم باحترافية، وعن جدارة واستحقاق، من معلم إلى أستاذ فمفتش. وسرعان ما طفى ميوله الأولي للصوفية في أحضان الزاوية البوتشيشية التي التحق بطريقتها سنة 1965 ليلازم شيخها العباس القادري، غير أنه ظل متعطشا للعمل الميداني، و هذا ما حدا بالشيخ ياسين إلى الممارسة الميدانية الفعلية لترجمة أمكاره على أرض الواقع ، حيث وجه في 1974 رسالة مفتوحة إلى ملك البلاد تحت عنوان: "الإسلام أو الطوفان"، والتي قادته إلى مستشفى الأمراض العقلية بتهمة الجنون قبل أن يودعه البوليس السياسي إلى الزنزانة التي فتحت له أبواب ولوج التاريخ من بابه الواسع.
ومباشرة بعد خروجه من الاعتقال عام 1978 تجاوز منعه من الخطابة وإلقاء الدروس في مساجد المملكة بإصداره لجريدة "الجماعة". وعكف على تأليف الكتب والمراجع الفكرية والنظرية لتنظيمه ، تنظيم بدأه بتأسيس ما سمي بأسرة الجماعة ثم جماعة العدل والإحسان.
مع تأليفه "للمنهاج النبوي: تربية وتنظيما وزحفا" حاول لمّ الصف ، وفي شتنبر 1981 أسس "أسرة الجماعة" ثم "الجماعة الخيرية" التي ستحمل شعار "العدل والإحسان" منذ 1987 وتصلب عود التنظيم وتضاعف أعضاؤه والمتعاطفين معه من جميع الأطياف الاجتماعية.
ظل الشيخ محاصرا من كل الجوانب حتى دجنبر 89 حيث فرض عليه حصار القرن خوفا من طوفان جماعته وأفكارها بعد أن تأكدت قوّتها وصلابتها. وظل رصيد الشيخ الصدق المبدئي الذي حوّل لقاء ثلاثة أشخاص ـ فقيه ورجلا تعليم ـ إلى تنظيم يضم أكبر عدد من المنخرطين والمتعاطفين في المغرب بدون منازع أراد من أراد وكره من كره.

محمد نوبير الأموي.. ظل يفاجئ الكثيرين من المحيطين به قبل خصومه
انخرط نوبير الأموي بسلك التعليم كمدرس للغة العربية إلى أن تقاعد وقد مكنه احتكاكه برجال التعليم و بالطبقة العاملة من التتويج كأمين عام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل منذ نشأتها ولم يغادر الكرسي النقابي عبر كل مؤتمراتها من 1978 إلى نونبر 1986 وحتى مارس 89.
ولد السيد محمد نوبير الأموي في 16 نونبر 1936 بدائرة ابن أحمد إقليم الشاوية، عُرف جنونه وعدم نسيانه جراح هجوم السلطة في إضراب 20 دجنبر 1961.
كانت بداية الطريق انخراط نوبير الشاب في حزب الاستقلال سنة 1952 ومشاركته في خلايا جيش الأطلس بالبيضاء وفي حركة المقاومة السرية.
بدأ مشواره الدراسي من الكتاب القرآني إلى القرويين، وما بينهما من مدرسة اتحاد الحي الصناعي بالبيضاء وكلية بن يوسف بمراكش حتى حدود سنة 1956. خبر السجون منذ سنة 1963، وسنة 1970 ، وسيخطف في مارس 73 لينقل إلى دار المقري و ورغم ذلك ظل الرجل في قلب المعترك السياسي
توزع اهتمامه بين الريادة السياسية حيث تحوّل في المؤتمر الخامس في أبريل 1989 إلى زعيم سياسي، عضو المكتب السياسي لحزب القوات الشعبية وإلى جناح أساسي في المعادلة السياسية في هذا الحزب.
في سنة 1992 سيحاكم بتهمة السب والقذف في حق الحكومة بسبب ما جاء في تصريحه لصحيفة الباييس الإسبانية ، حيث حوكم بسنتين سجنا نافذا و أُخلي سبيله في يوليوز 1993.
ظل الرجل يفاجئ الكثيرين من المحيطين به فبالأحرى الخصوم السياسيين ... من تأسيس حزب إلى إخراج النقابة من جلباب حزب .
كان عبد الإله بنكيران كان تلميذ نوبير الأموي في أحد الأقسام.
ظل يحمل بطاقة عضوية حزب الاستقلال منذ 1952، وانضم إلى الاتحاد المغربي للشغل فور التحاقه بالتعليم، وقاد في أكتوبر 1962 حملة لإنقاذ التلاميذ المطرودين من مدارس الرباط بوصفه رئيسا لجمعية آباء وأولياء مدرسة القبيبات بالرباط، بذات الطريقة التي خاض بها حركة مقاطعة أول دستور للمملكة، ونال ثقة المهدي بن بركة الذي عينه مسؤولا عن اللجنة العمالية بالرباط في مارس 1963 ، فكانت مطاردات الأجهزة الأمنية واعتقالاتها المتكررة.

عبد الكريم مطيع.. زعيم الشبيبة الإسلامية
امتهن عبد الكريم مطيع مهنة التعليم، قبل أن يصبح فقيها في الذاكرة الشعبية. كان مطيع يستقطب الأتباع بفكره وسلوكه. ومن معلم ترقى إلى أستاذ للغة العربية ثم إلى مفتش، مفتشا في التعليم الابتدائي بالدار البيضاء وقبلها بالجنوب.. كانت تختمر عنده فكرة تكوين الشبيبة الإسلامية التي سيكون معينها من رجال التعليم وسيصبح رائدها عبد الكريم مطيع العقل المفكر والمخطط . لكن مع نازلة اعتيال عمر بنجلون سنة 1975 تشابكت الخيوط فاضطر مغادرة المغرب حيث قضى خمس سنوات بليبيا ليقضي عاما بالجزائر ثم يعود إلى ليبيا، ومنها بعد سقوط نظام معمر القذافي التوجه إلى بريطانيا.
من مواليد ابن أحمد، وترعرع في أحضان زاويتها ونشأ بين أحضان عائلة كانت تمد الحركة الوطنية بالعديد من الأطر.
من حزب الاستقلال إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، كان الشاب البدوي يلتهم الكتب ويتعرف على ثوراث التحرر الاشتراكي في العالم ورموزها، لكن أخذت أفكار "الزاوية" أخذت تنبعث في هاجس عبد الكريم، حيث بدأ يميل إلى دراسة الفقه والفكر الإسلامي ويغوص في مقاصد الشريعة الإسلامية، وكانت مناسبة دعم المد الإسلامي لمواجهة المد الثوري الذي اكتسح الشباب المغربي المنادي بالتغيير الجدري.
سيحاكم عبد الكريم مطيع سنة 1980 غيابيا بالسجن المؤبد، وفي سنة 1981 سيحاكم مرة أخرى في قضية مجموعة 71 بالإعدام، وفي سنة 1985 سيعزز نفس الحكم في محاكمة قضية مجموعة 26. كما ستشير إليه الأصابع في نازلة فندق أطلس إسني سنة 1994.

أرسلان الجديدي... زعيم الجديدة مدى الحياة

بين سنتي 1945 و 1950 امتهن أرسلان الجديدي التدريس كمعلم، وبعد حيث استكمال تكوينه، التحق كإطار بالمكتب الشريف للفوسفاط، وبعدها لاتألق نجمه سماء السياسة في أوساط ثلاثاء سيدي بنور وفخذة أولاد بوزارة وأولاد عمران ليلج قبة البرلمان منذ سنة 1970.
وفي غشت 1971 تحمل مسؤولية حقيبة وزارة الشبيبة والرياضة والشغل والشؤون الاجتماعية إلى غاية أبريل 1974 . ثمّ عُيّن مندوبا ساميا للإنعاش الوطني، كما شغل منصب وزير للشغل ثم وزيرا للتشغيل والإنعاش الوطني في حكومة المعطي بوعبيد. بعد ذلك انقلب على أحمد عصمان وأسس الحزب الوطني الديمقراطي الذي ظل رئيسا له منذ تأسيسه حتى وفاته في يونيو 1999.
ولد أرسلان بمدينة الجديدة في 1926 ومن هنا صار "يحمل لقب الجديدي"، تابع دراسته الابتدائية بخريبكة والثانوية بالعاصمة ـ الرباط .

فتح الله ولعلو..
ولِد فتح الله والعلو في بداية سنوات الأربعينيات، بحي ديور الجامع، بالرباط، لأسرة مُتواضعة، كان مُعيلها يعمل بقالا، هاجر من إحدى مناطق سوس، وتابع دراسته الابتدائية بمجموعة مدارس محمد الخامس، ثم ثانوية مولاي يوسف الشهيرة، وانخرط في مرحلة المراهقة، في العمل السياسي بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.
استطاع أن يكسب ود وصداقة، كبار الاتحاد أمثال عبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمان اليوسفي، وعبد الواحد الراضي والآخرون.
وشكلت مرحلة دراسته الجامعية، شعبة الاقتصاد بفرنسا ، مُنعطفا حاسما في حياته، إذ كانت تلك فُرصته، التي صقل من خلالها ميولاته الدراسية الجادة، ليُصبح واحدا من أهم الأطر المغربية، الأكاديمية إلى جانب الراحل عزيز بلال، في مجال الاقتصاد بالجامعة المغربية.
وكان كبار قادة الاتحاد ينظرون إلى فتح الله، باعتباره العقل الاقتصادي للحزب، خلفا لعبد الرحيم بوعبيد، الذي أخذته مهمامه السياسية والتنظيمية، بعيدا عن مجالات الاشتغال والدراسة الأكاديميين. غير أنه حينما احتدت العلاقة بين الحسن الثاني والمهدي بنبركة، في بداية سنوات الستينيات، من القرن الماضي، نأى "والعلو" قليلا، عن ذلك الجو المشحون، في الصالونات السياسية بالرباط، وانشغل أكثر بإدارة شؤون فرع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بفرنسا، إلى جانب الحبيب سي ناصر شقيق وزير الثقافة السابق علال سي ناصر، وهي المرحلة التي شهدت تنافسا حادا، بين الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية، بهدف السيطرة على التنظيم الطلابي "أوطم" . بعد اختطاف واغتيال المهدي بنبركة، التحق "والعلو" جماعة عبد الرحيم بوعبيد الحزبية، ليُصبح واحدا من قادة الحزب.

حينما كان أستاذ الاقتصاد "والعلو" مدعوا للمشاركة في مؤتمر اقتصادي عالمي، سنة 1974 بالعاصمة النمساوية "فيينا" رفقة الراحل عزيز بلال، لإلقاء عرض باسم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، اشتكى قبل السفر من ضيق ذات يده لتغطية تكاليف رحلته، وإقامته خلال أيام المؤتمر المذكور، وهي الشكوى التي وصلت بسرعة إلى أذني الحسن الثاني، فكان أن أرسل له مبلغا من المال للإقامة في أحد أفخم الفنادق بفيينا.
حصل "والعلو" على مقعد برلماني عن مدينة الرباط، في الانتخابات التشريعية سنة 1977 وهي الفرصة التي حولها، إلى رصيد سياسي مُهم، من خلال مُداخلاته في البرلمان، مما لفت إليه الأنظار، وجعله يكون أشهر برلماني اتحادي، ضمن فريق كان يرأسه وزير العدل الحالي، عبد الواحد الراضي.
عيّنه الحسن الثاني أستاذا في المدرسة المولوية، وأصبحت جميع الأبواب مفتوحة أمامه.
كان على علاقة أكاديمية، مع عدد من مؤسسات البحث الفرنسية ، المُرتبطة بالخدمات الاستثمارية، والتي اشتغل لديها إما مستشارا، أو مُكلفا بالإشراف على فُرق بحث، حول جدوى العديد من المشاريع الاستثمارية بالمغرب، وقد ساعد "والعلو" على ذلك أنه كان دائما، يتبنى نوعا من الاشتراكية اللبيرالية، بما جعله أقرب إلى المدرسة الاقتصادية الفرنسية، وهو ما تبدى جليا في نوع السياسة الاقتصادية، التي اعتمدها، حينما تسلم منصب وزير المالية، في حكومة عبد الرحمان اليوسفي، وعمَّرَ فيه قرابة عشر سنوات.

عبد الواحد الراضي...
عمل كأستاذ لعلم النفس الاجتماعي بجامعة محمد الخامس بالرباط، وتولى مهمة الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي من 1968 إلى 1974، وهي نفس الفترة التي ترأس خلالها شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية. وشغل منصب وزارة التعاون ووزارة العدل، كما ترأس البرلمان.
ولد بمدينة سلا وتابع بها دراسته الابتدائية، انتقل بعدها إلى الرباط وحصل على الباكالوريا والتحق بجامعة السوربون بباريس لمتابعة دراسته الجامعية.
وكان عبد الواحد الراضي من مؤسسي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959. كما ساهم سنتي 1955 و 1956 في تأسيس عدد من الجمعيات التربوية والثقافية والمنظمات النقابية، كحركة الطفولة الشعبية والجمعية المغربية لتربية الشبيبة والاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
وساهم مع المهدي بن بركة في الإعداد والإشراف على بناء طريق الوحدة .
انتخب منذ 1963 نائبا برلمانيا، وأعيد انتخابه عضوا في مجلس النواب خلال الولايات التشريعية 1977-1984 و1984-1993 و1993-1997 و1997-2002 و2002-2007، وبين 2007 و2012 .
وتولى خلال الولاية التشريعية 1963- 1964 رئاسة لجنة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري ومهمة نائب رئيس الفريق الاتحادي بمجلس النواب.
وفي سنة 1993 انتخب نائبا أولا لرئيس مجلس النواب ثم رئيسا للمجلس خلال الولايتين التشريعيتين (1997 – 2002) و (2002 – 2007) .
وتولى رئاسة مجلس الشورى لاتحاد المغرب العربي من شتنبر 2001 إلى مارس 2003. وترأس اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي من 2001 إلى 2004.
عينه الملك الحسن الثاني وزيرا للتعاون عام 1983. وفي يوم 15 أكتوبر 2007 عينه الملك محمد السادس وزيرا للعدل.

عمر عزيمان... المستشار الملكي
عمل كأستاذ بكلية الحقوق بالرباط، منذ سنة 1992 وصاحب كرسي اليونسكو لحقوق الإنسان بجامعة محمد الخامس، ومستشارا لدى عدد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية الوطنية والدولية.
وسبق لعمر عزيمان أن تقلد مهام وزير منتدب لدى الوزير الأول مكلف بحقوق الإنسان من نونبر 1993 إلى فبراير 1995 ووزيرا للعدل من غشت 1997 إلى نونبر 2002. وعين بعد ذلك في 10 دجنبر 2002 رئيسا للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
كما شغل منذ يونيو 1997 منصب الرئيس المنتدب لمؤسسة الحسن الثاني للجالية المغربية بالخارج.
بعد تعيينه وزيراً للعدل سنة 1997 شهدت الساحة القضائية بالمغرب في عهد عمر عزيمان العديد من الصراعات بين القضاة والوزير، كان أولها عندما عمد إلى وصفهم في لقاء بأحد فنادق الدار البيضاء أنهم مرتشون، ما دفع مجموعة منهم إلى الاعتصام داخل المعهد العالي للقضاء احتجاجا على ما اسموه إهانة لم تنته إلا برسالة من الملك الحسن الثاني، خفت من حدة الاحتقان، بعد تلك الحادثة توترت العلاقة بين القضاة والوزير الذي حاول أن يعلن عن حملة تطهير وقام بإجراءات لم يتقبلها القضاة من بينها تقسيم المناطق، والكفاءة العلمية التي دفعت مجموعة من القضاة إلى الرجوع إلى مدرجات الجامعة لأجل الحصول على دبلومات وشهادات تمكنهم من الترقي بسرعة.
و عمر عزيمان عضو في أكاديمية المملكة منذ سنة 1996. وهو عضو مؤسس لعدد من المنظمات غير الحكومية الإنسانية والعلمية والثقافية والحقوقية الوطنية والإقليمية والدولية.
ولعزيمان عدد من المؤلفات والدراسات والمقالات والتحليلات، كما ساهم في تأليف عدة كتب جماعية، وأشرف على عدد من المنشورات، ونظم عدة لقاءات علمية مغاربية ودولية.
ومثل عمر عزيمان المغرب في عدد من الدورات السنوية للجنة الأمم المتحدة حول القانون التجاري الدولي من 1988 إلى 1993، كما قام بعدد من المهام الدبلوماسية ولا سيما بأمريكا اللاتينية.
وفي 22 نونبر 2004، عينه الملك محمد السادس سفيرا للمغرب لدى إسبانيا.
وأسندت إليه في 3 يناير 2010 رئاسة اللجنة الاستشارية للجهوية المكونة من 22 عضو،عهد إليها بلورة نموذج وطني لجهوية متقدمة لتواكب ورش الإصلاحات المؤسساتية. وكان عضوا في فريق صياغة الدستور .

عبد اللطيف المنوني...

أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس، ورئيس الجمعية المغربية للقانون الدستوري.
خلال الربيع العربي أسند الملك محمد السادس له رئاسة اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، وبعد الاستفتاء على الدستور عينه الملك مستشارا له.

يعتبر من أهم الشخصيات العمومية المغربية. إنسان مُلتزم، صبور، يشتغل دون ضجيج ازداد بمكناس المغربية سنة 1944. حصل على الدكتوراه في القانون العام من جامعة غرونوبل سنة 1976. أصدرت العديد من المؤلفات باللغة الفرنسية من بينها "المؤسسات السياسية والقانون الدستوري" و"تاريخ الأفكار السياسية" و"العمل النقابي العمالي بالمغرب" و"الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
تربى وترعرع ببيت ارتبط بقضايا المغرب في محنه ومخاضاته وتطلعاته. وقد سماه جلالة الملك محمد السادس في سنة 2008 «أستاذا مدى الحياة» للمكانة العلمية التي يتميز بها. وهو ممثل للمغرب في اللجنة الاوروبية من أجل الديمقراطية بواسطة القانون ، وهي اللجنة التي تحمل كذلك اسم« لجنة البندقية» التي تضم في عضويتها خبراء مستقلين ، ومشهودا لهم بالخبرة في المؤسسات الدستورية ولمساهماتهم في تطوير العلوم السياسية .


السرفاتي... ظل مناضلا فلسطينيا
لم يتردد إدريس البصري في وضع توقيعه على قرار يجرد أبراهام السرفاتي، المغربي يهودي الديانة، من انتمائه إلى المغرب، ويعتبره بذلك برازيليا غير مرغوب فيه فوق تراب المملكة، ليغادر سجنها الذي أمضى فيه أزيد من 17 سنة، إلى المنفى الفرنسي. والذريعة إقامة والده الطويلة في البرازيل. والسبب الحقيقي، المعارضة الشديدة التي أبداها هذا اليهودي المغربي لأمير المؤمنين، بانتمائه الشيوعي الراديكالي أولا، ثم بخروجه عن "وحدة" الموقف من قضية الصحراء.
لم يكن السرفاتي يتردد في الإفصاح عن قناعاته السياسية التي تميل نحو النظام الجمهوري ولا تعتبر الملكية الديمقراطية إلا مرحلة أولية، مما جعل الحسن الثاني يصدر بشأنه اجتهادا حقوقيا يعتبر "حقوق الإنسان في المغرب تقف عند قضية الصحراء. وكل شخص يدعي أن الصحراء ليست مغربية، لا يمكنه أن يتمتع بحقوق الإنسان، ذلك أن موقفه هو موقف خيانة وتفريط في الأرض "وهو الاجتهاد الذي أبقى السرفاتي خارج المغرب إلى أن اعتلى محمد السادس عرش المغرب، وسمح له بالعودة سنة 1999.
ومن موقعه كمدير تقني، أعلن السرفاتي تضامنه المطلق واللامشروط مع إضراب عمال مناجم الفوسفاط بخريبكة والذي دام شهرا ونصف سنة 1968، عبر رسالة موجهة إلى الإدارة وإلى مهندسي المكتب الشريف للفوسفاط ، والتي عممها الاتحاد المغربي للشغل وسط العمال، ونشرت على أعمدة جريدة الكفاح الوطني، الأمر الذي دفع إدارة المكتب الشريف للفوسفاط إلى إقالته من منصبه. ثم التحق بالمدرسة المحمدية للمهندسين للتدريس بها.
لقد كرس أبراهام السرفاتي جزء من نشاطه الفكري والسياسى لمساندة الشعب الفلسطيني، وقد سبق للسرفاتي أن زار قواعد الثورة الفلسطينية في الأردن في سنواتها الأولى، وبهذا الخصوص ثمنت منظمة التحرير الفلسطينية وهيئاتها كالمجلس الوطني الفلسطيني نضاله القومي، بل وذهبت الجبهة الشعبية لتحريرفلسطي إلى حد منحه العضوية داخل تنظيماتها، كما عينت له منظمة التحرير الفلسطينية محاميا لمؤازته في محاكمة 1977 .

مصطفى المعتصم... مؤسس حزب البديل الحضاري
امتهن مصطفى المعتصم ـ أحد اولاد درب السلطان ـ التدريس بعد إنهاء مشواره التعليمي.
كان وراء إطلاق العمل الإسلامي في الثانويات والجامعات أيام كانت قلاعا يسارية. تعرف على عبد الكريم مطيع، زعيم الشبيبة الإسلامية، ليصبح قياديا فيها بعد هروب هذا الأخير إلى الخارج إثر اغتيال عمر بنجلون. أسس حزب البديل الحضاري، ثم أُعتقل بتهمة الإرهاب وسُحن ضمن ملف خلية بلعيرج.
خاض لحظات الاصطدام مع المد الماركسي اللينيني في سبعينات القرن الماضي حين كانت الثانويات تعرف شهورا من الإضرابات كل سنة، وكانت السنة الدراسية 1971-1972 سنة بيضاء في العديد من مدن المغرب، وقد تطورت هذه الإضرابات في مرات عديدة إلى اشتباكات مع قوات الأمن. وعمل على تأسيس خلية بحث في فكر حركة الإخوان المسلمين داخل ثانوية مولاي عبد الله .
المهدي المنجرة ... أحد أكبر المراجع العربية والدولية في القضايا السياسية والعلاقات الدولية والدراسات المستقبلية

عمل مستشارا أولا في الوفد الدائم للمغرب بهيئة الأمم المتحدة بين عامي 1958 و1959، وأستاذا محاضرا وباحثا بمركز الدراسات التابع لجامعة لندن . أختير للتدريس في عدة جامعات دولية (فرنسا وإنكلترا وهولندا وإيطاليا واليابان)، وشغل باليونسكو مناصب قيادية عديدة (1961-1979). وكان خبيرا خاصا للأمم المتحدة للسنة الدولية للمعاقين (1980-1981)، ومستشار مدير مكتب العلاقات بين الحكومات للمعلومات بروما (1981-1985)، ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة لمحاربة استهلاك المخدرات. كما أسهم في تأسيس أول أكاديمية لعلم المستقبليات، وترأس بين 1977 - 1981 الاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية.
ظل فكر المنجرة يتمحور حول تحرّر الجنوب من هيمنة الشمال عن طريق التنمية وذلك من خلال محاربة الأمية ودعم البحث العلمي واستعمال اللغة الأم، إلى جانب دفاعه عن قضايا الشعوب المقهورة وحرياتها، ومناهضته للصهيونية ورفضه للتطبيع، وسخر المنجرة كتاباته ضد ما أسماه بـ"العولمة الجشعة".
نشأ المهدي في بيت ـ اليوم مقر لحزب الاستقلال بباب الحد بالرباط ـ ووسط عائلي تطبعه القيم المسلمة والدعوة الإصلاحية، إذ كان محيطه من رجالات الوطنية والدعوة الإصلاحية.
وفي سنة 1941 ولج المهدي «ليسي غورو» لمتابعة تعليمه الابتدائي. لم تخل دراسته من المصادمات مع المسؤولين الفرنسيين بسبب معاداته للاستعمار.
أرسله والده للدراسة في أمريكا، حيث كان يؤمن بأهمية التعددية في التكوين، فبدل إرسال أبنائه لفرنسا كما كان يفعل جل المغاربة، فضل بعثهم لسويسرا والولايات المتحدة. التحق المهدي بمؤسسة "بانتي"، ثم التحق بجامعة كورنل وتخصص في البيولوجيا والكيمياء. غير أن ميولاته السياسية والاجتماعية دفعته إلى المزاوجة بين دراسته العلمية من جهة، والعلوم الاجتماعية والسياسية من جهة ثانية.
وفي سنة 1957 عاد إلى المغرب ليعمل كأول أستاذ محاضر مغربي بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس، وتولى في هذه الفترة إدارة الإذاعة والتلفزة المغربية بعد أن عينه الملك محمد الخامس على رأسها. وعُرضت عليه مناصب وزارة المالية والوزارة الأولى في الحكومة المغربية، لكنه رفض بحجة التفرغ للثقافة والبحث العلمي، حيث عُرف بمواقفه المعارضة لسياسة الحسن الثاني.
وكان المهدي المنجرة أصغر عضو سنّا ضمن "نادي روما" منذ تأسيس النادي سنة 1968. بعد تأليفه كتاب "نظام الأمم المتحدة" سنة 1973، خرج من هذه المؤسسة الأممية سنة 1976 وتخلى عن جميع حقوقه فيها من تقاعد والتخلي معه عن الاستفادة من راتبه معه، بعد تيقنه أن القيم التي تسير عليها الأمم المتحدة، وتخدم لصالحها، هي القيم المسيحية اليهودية.
في سنة 1990 أسهم بشكل فعّال في تنظيم أوّل لقاء حول مستقبل الإسلام، وكان ذلك بالجزائر العاصمة، وشارك في اللقاء العديد من العلماء والمثقفين من بينهم الغزالي والغنوشي والترابي والقرضاوي. وحصل إجماع بين مجمل الحاضرين بخصوص أن الإسلام وصل إلى أسوأ درجة من التقهقر في العصر الحالي لأن المسلمين ابتعدوا عن الاجتهاد والتجديد وسجنوا أنفسهم في ماض دون الانفتاح على المستقبل. وأن الإسلام كان دينا شديد الارتباط بالمستقبل، ويولي أهمية بالغة للمستقبل. وفي نهاية اللقاء اتفق الجميع على ضرورة التصدي للأمية ومحاربة الفقر عبر توزيع عادل للثروات داخل البلدان وفيما بينها، وتخصيص استثمارات أكبر وأهم للبحث العلمي، للخروج بالعالم الإسلامي من نطاق الدول المتخلفة.
توفي المهدي المنجرة ببيته بالعاصمة المغربية الرباط، يوم الجمعة 13 يونيو 2014 عن عمر يناهز 81 سنة، بعد صراع طويل مع المرض. وبوفاته فقد المغرب أحد رجالات الفكر والمناضلين المخلصين عن حقوق الإنسان والمساهمين في تكوين الأجيال المغربية التي تتلمذت على يديه. فكان نموذجا للمفكر الملتزم والباحث المستقبلي الجاد، الذي سخر كتاباته للدفاع عن حق شعوب الدول النامية في اكتساب مفاتيح وأسس تحقيق التنمية الشاملة القائمة على تقاسم العلم والمعرفة، مما أكسبه تقدير كل من واكبوا فكره، ونهلوا من علمه ودراساته سواء على المستوى الوطني أو العربي أو الدولي.

عبد الهادي بوطالب... أستاذ الملكين
عمل أستاذا بالمدرسة المولوية كما اشتغل بمجلس الاستيناف الشرعي. وعمل أستاذا للقانون بجامعتي محمد الخامس (بالرباط) والحسن الثاني (بالدار البيضاء) ، حيث درس مادتي القانون الدستوري، ونظم السياسية في العالم الثالث. كما كان أستاذا للملك الراحل الحسن الثاني (من عام 1944 إلى 1948) وللملك محمد السادس بالمعهد الملكي بالرباط.
تخرج من جامعة القرويين وحصل على إجازة ودكتوراه في الشريعة وأصول الفقه ودكتوراه في الحقوق.
شارك في أول حكومة مغربية بعد الاستقلال كوزير للشغل والشؤون الاجتماعية. تقلد عدة مناصب وزارية : كاتب الدولة في الأنباء والشبيبة والرياضة، وزارة العدل، التربية والتعليم، الخارجية وعمل سفيرا للمغرب بكل من بيروت، دمشق، واشنطن والمكسيك وترأس البرلمان المغربي سنة 1970. و كان مستشار الملك الحسن الثاني في فترة (1976-1978) و (1992 – 1996 ) .
في سنة 1948 كان من بين المؤسسين لحزب الشورى والاستقلال وعضواً للمكتب السياسي لهذا الحزب منذ تأسيسه إلى سنة 1959. وخلال هذه المدة كان رئيساً لتحرير جريدة الرأي العام.
شارك في سنة 1951 في الوفد الوطني المغربي الذي عرض قضية استقلال المغرب في إطار اجتماع الأمم المتحدة المنعقد في باريس بقصر شابو.
كما شارك في المفاوضات التي جرت في إيكس ليبان حول استقلال المغرب وعودة جلالة الملك المرحوم محمد الخامس إلى أرض الوطن. و كان من بين أعضاء الوفد الوطني الذي اتصل لأول مرة بمحمد الخامس في منفاه بمدغشقر للاتفاق على الخط السياسي للتعجيل بتحقيق عودة جلالته للوطن وانتزاع الاعتراف باستقلال المغرب من فرنسا.

إسماعيل العلوي ... الشريف الشيوعي

تدرج في التعليم الجامعي من معيد إلى أستاذ معيد فأستاذ محاضر ليصبح أستاذا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس في الرباط. وعين رئيس قسم الجغرافيا في المؤسسة نفسها. و ملحق بالبحوث في المركز الجامعي للبحث العلمي (يعرف حاليا بالمعهد الجامعي للبحث العلمي) من 1965 إلى 1969.
ولد سنة 1940 بمدينة سلا، ودرس الابتدائي في سلا والثانوي في الدار البيضاء والعالي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس في الرباط، ثم التحق بعد ذلك بمعهد الجغرافيا بجامعة السوربون في باريس.
انتسب سنة 1962 للحزب الشيوعي المغربي، وفي 1966 عين عضو لجنته المركزية أثناء المؤتمر الثالث للحزب، وفي 1975 عين عضوا إضافيا في المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية أثناء مؤتمره التأسيسي، ثم عضوا في المكتب السياسي أثناء المؤتمر الثاني عام 1979، قبل أن يصبح أمينه العام بعد وفاة علي يعته في شتنبر 1997. وقد تنازع إسماعيل العلوي والخياري التهامي زعامة الحزب فحسمت لصالح العلوي وأسس الخياري جبهة القوى الديمقراطية.
قال عن أول اعتقال طاله :
...التأم مؤتمر الأحزاب الشيوعية والعمالية سنة 1966 في موسكو. وكنت ضمن
الوفد الذي مثل الحزب في هذا المؤتمر، وتألف الوفد أيضاً من الرفيق علي
يعتة والرفيق شعيب الريفي. وكان علي العودة يوم 5 يونيو الى المغرب، وهو
يوم افتتاح المؤتمر، بسبب امتحانات نهاية السنة بالكلية، حيث كان علي أن
أقوم بالحراسة والتصحيح، وعدت فعلا إلى المغرب.. وأتذكر أن مشاركة الحزب
قد خلقت قلقا ومشكلا بالنسبة للدولة. ذلك أن ضغوطاً تعرض لها الراحل الحسن
الثاني، سواء من الداخل (من أوفقير) أو من الخارج من أمريكا والسعودية،
بسبب مشاركة الحزب في مؤتمر موسكو. فتقرر إلقاء القبض على وفد الحزب
المشارك، والذي أصبح اسمه آنذاك حزب (التحرر والاشتراكية)... لقد تم الاعتقال بعد شهرين من العودة ، وتم إلقاء القبض على الرفيقين علي يعتة وبوشعيب الريفي أولا، ثم بدأ البحث عني... ربما ينتاب الرجل القلق والخوف الطبيعيين من تجربة الترصد والاعتقال... خلال اليومين السابقين عن يوم الاعتقال كنت في دار حسني بنسليمان بشاطئ سيدي بوزيد، بعد ذلك، توجهت إلى الدار البيضاء للالتقاء بالرفاق، ثم عدت بعدها الى المنزل بسلا... وخمنت حينها أنه لا ينبغي أن أسهل عملية القبض علي، فذهبت إلى دار الدكتور الخطيب. وطبعاً كانت أجهزة الاستعلامات تترصدني.. ومرة أخرى عدت إلى المنزل في سلا.. وفي صباح الغد، طرق الباب أحد رجال الأمن، وطلب مني مرافقته إلى المقر المركزي للشرطة بالرباط، وهناك استقبلني ادريس البصري، وكان آنذاك مسؤولا بالاستعلامات العامة... بالنسبة إلي، أكد المحامي أني لم أكن في موسكو يوم 5 يونيو، أما علي يعتة وبوشعيب الريفي فقدموا للمحاكمة. وقد ترافع عنهم الراحل عبد الرحيم بوعبيد، محمد بوستة، محمد الفاروقي ...


محمد جلال السعيد... قضت عليه القرعة

ذهب محمد جلال السعيد ذهب لإكمال دراسته الجامعية في فرنسا، وعاد يسجل شهادة التبريز في القانون، ثم أصبح وزيرا.
كان نائبا برلمانيا يصغي إلى أبناء دائرته كما يصغي إليه طلبته في رحاب الجامعة، ولم يكن يتردد في طرق كل الأبواب لإرضاء طلباتهم الموزعة بين البحث عن الشغل أو زيارة المستشفيات أو الحصول على وثائق إدارية.
في أبريل 1974، تم تعيين محمد جلال السعيد كاتب دولة في السياحة والسكن إلى جانب أكبر عدد من كتاب الدولة في تشكيلة حكومية قادها الوزير الأول أحمد عصمان. إذ ضمت عشرة وزراء على الأقل بهذه الصفة، في مقابل حوالي عشرين وزيرا في قطاعات مختلفة.
لكن الدكتور جلال السعيد لن يستقر به المقام طويلا في وزارة السياحة والتعمير، التي سيتم توزيعها إلى قطاعين: السكنى أسندت إلى عباس الفاسي والسياحة إلى المنصوري بن علي. وفي غضون ذلك، انتخب جلال السعيد نائبا في البرلمان، وبدأ في تعويض خسارة الوزارة بالانكباب أكثر على مشاكل ساكنة دائرته، دون إغفال قطاع التدريس الجامعي في مادة القانون. فقد كان مهتما بالتفاصيل الدقيقة في جعل دروسه تستوعب كما يجب، ولم يكن يبخل على طلابه بأي استشارة.
ففي رحاب الجامعة، أقام علاقة حبية مع إدريس البصري، ولم تنقطع إلا بعد اليوم الذي أطيح فيه بإمبراطورية الرجل القوي، الذي كان يكن كل الاحترام والتقدير لجلال السعيد.
كان يكفيه أن يعلن أنه سيترشح لأي انتخابات لينجح. غير أنه لم يفطن، يوما، أن عملية قرعة ستطيح به، وقد أصبح رئيسا لمجلس المستشارين، وحين دقت ساعة انتخاب ثلث أعضاء المجلس، بعد إسقاط عضوية ثلث آخر عبر نظام القرعة، رست على اسمه القرعة فأبعدته. أدرك قبل ذلك أن ذهاب إدريس البصري عن الداخلية يؤشر على نهاية أمجاده وتطلعاته، لكنه ظل يعاند في أن وجوده في الواجهة التشريعية كان بفضل عمله الدؤوب، لولا أن الحظ لم يسعفه في تجديد ولاية أخرى.
كان جلال السعيد واحدا من بين مناهضي قيادة أحمد عصمان في تجمع الأحرار. وقد وقع الاختيار عليه لإدارة صحيفة الحزب المنبثق عن ذلك الانشقاق (الحزب الوطني الديمقراطي) وكان يمضي وقته موزعا بين ثلاث محطات: الجامعة، والصحيفة والدائرة الانتخابية.
انزوى بعيدا لا يسأل عنه أحد ولا يسأل عن أحد، لكنه احتفظ برصيد من علاقات التقدير والاحترام،. فلم يكن سوى نفسه، أستاذا جامعيا مبرز أخطأ الطريق نحو عالم السياسة.
في المؤتمرات الدولية، التي ترأسها باعتباره رئيسا لاتحاد البرلمان العربي، كان جلال السعيد يقهر محاوريه بالقدرة على الصبر، وكان لا يلوذ إلى التصويت على القرارات إلا حين يحس بأن الجميع تعب.
وقد شكل جلال السعيد إلى جانب الدكتور أحمد بلحاج ثنائيا لافتا، فقد فكرا معا في فتح مكاتب محاماة، وتدرجا عبر نفس المسار السياسي، لكن بلحاج كان قد خبر عالم الأحزاب والسياسة، فيما كان جلال السعيد يخبر عالم التجارب الميدانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر