الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحالف تقوده أمريكا لن يهزم داعش

منعم زيدان صويص

2014 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


إذ كانت داعش، أو المنظمات الإرهابية بأنواعها، تهدد العرب والمسلمين، شعوبا أو أنظمه، فعليهم أن يعالجوا المشكلة بأنفسهم وأن لا يطلبوا مساعدة الأمريكان، لأن هؤلاء فشلوا فشلا ذريعا في محاربة الإرهاب على مدى العقود الماضية، لا بل سببوا بحروبهم هذه إنتشاره والمآسي المتعلقة به. فالإرهاب، كما يفهمه العالم، مرتبط بالعرب والمسلمين وكلما استُخدم عنصر أجنبي في الحملات ضد المنظمات الإرهابية إستغله دهاقنة الإرهاب في إقناع الشعوب العربية والإسلامية بأن "الحملة على ما يسمى بالإرهاب" تستهدف الدين الإسلامي ذاته، ونجحوا في كل مرة. ومنذ هجوم القاعدة على نيويورك قبل 13 عاما، والعرب والمسلمون يتخذون مواقف دفاعية غير مقنعة ومترددة ولم يعترفوا أبدا أنهم مقصرون في معالجة هذه الآفة.

ورغم الفظاعات التي إرتكبتها داعش فإن نسبة كبيرة من الشعوب العربية، وخاصة التي تؤمن بالإسلام السياسي، تتعاطف معها بطريقة أو بأخرى، فقضية الخلافة ووحدة المسلمين نقطة مهمه في التاريخ الإسلامي وفي ضمائر المسلمين بشكل عام، وإلغاء الخلافة على يد أتاتورك عام 1924 أحدث هزة عنيفة في العالم الإسلامي وخاصة بين المسلمين في شبه القارة الهندية لدرجة أن الزعيم الهندي غاندي عارض إلغاءها ليرضي المسلمين هناك ويكسبهم في حركة الإستقلال. إن إنتصارات داعش واحتلالها أجزاء واسعة من العراق وسوريا خلال أسابيع تذكّر بانتصارات المسلمين السريعة على جيوش البيزنطيين والفرس واكتساح الشام والعراق في القرن السابع الميلادي.

عندما برزت داعش في العراق، مستغلة عدم رضا السنة عن نوري المالكي ومقاومتهم لحكومته، واستولت على مساحات واسعة منه بعد أن سقطت بيدها الأسلحة الأمريكية التي خلفها الجيش العراقي في الشمال بعد إنسحابه، أصيب العالم بالذهول، وشعرت الحكومات العربية المذعورة أنها غير قادرة على مواجهة داعش وهزيمتها، وكما كانت تفعل في السابق إزاء أي تهديد، بدأت تستنجد بالعالم الخارجي و"المجتمع الدولي" و خاصة أمريكا، التي طالما إعتبرتها الشعوب العربية حليفة لإسرائيل. وعندما ترددت أمريكا في الإستجابة إنتقدها كثيرون من العرب، ومن ضمنهم خصومها التقليديون في المنطقة، وفسروا هذا التردد بالقول، الذي ليس له إساس، إن أمريكا هي التي خلقت داعش مثلما خلقت القاعدة، وأنها تريد أن تنتظر إلى أن يدمر العرب أنفسهم بأنفسهم لمصلحة إسرائيل.

والآن تقف الدول العربية حيرى لا تلوي على شيء وتتوسل إلى أمريكا أن تقضي على داعش وتريحهم منها، وها هي أمريكا تعلن الآن، بعد تردد، أنها ستقود "تحالف" لمحاربة داعش. السبب الأول الذي جعل امريكا توافق على التدخل هو ذبح الصحفييْن الأمريكييْن والضغط الأوروبي عليها بعد أن إكتشف الأوروبيون أن الآلاف من مواطنيهم منخرطون في داعش وسيشكلون تهديدا خطيرا على بلدانهم بعد أن يعودو من المنطقة، وخاصة بعد أن ظهر مسلم بريطاني على الفيديو يقطع رأس الصحفي الأمريكي جيمس فولي. السبب الثاني هو أن إستمرار انتصارات داعش وتوسعها، بالإضافة إلى أنه سيدمر الإقتصاد والمجتمع العربي وينشر الفوضى في المنطقة والعالم الإسلامي، سيخلق أيضا مشاكل لحليفة أمريكا، أسرائيل، إذا سيطر الدواعش على الدول المجاورة لها، ولذلك فالقول بأن إسرائيل تؤيد داعش لتظل الحرب مشتعلة في سوريا والعراق ليس منطقيا.

ونظرا لهذا التعاطف مع داعش فإن تدخل الأمريكان سيدعم مكانة التنظيم في نفوس الكثيرين وسيخلق أعداء لا حصر لأمريكا وحلفائها العرب، وسيُديم الدمار والقتل والبؤس في المنطقة. إن محاربي داعش ومن يومنون بمبادئهم لا يمكن هزيمتهم بالقوة لأنهم لا يهابون الموت بل يرحبون به، وإذا هُزموا فستكون هزيمتهم مؤقتة وسينهضون ثانية ما دامت أفكارهم حية. لقد أعلنت عشر دول عربية إنضمامها لهذا التحالف، الذي تقوده أمريكا، وهذا سيضاعف تأييد الشعوب العربية والإسلامية لهؤلاء المحاربين وسيرسلون أبناءهم لمقاومة "الغرب المتكبر" ومحاربة أعوانه من العرب. إن التصريح الأخير المنسوب لمنظّر القاعدة الشيخ أبو محمد المقدسي الذي يقول فيه أنه "سيؤيد الدولة الإسلامية ويتوقف عن إنتقادها في اللحظة التي يتم فيها إعلان التحالف الدولي الجديد" هو إثبات مباشر لما أقول، ونحن نعرف أن معظم الحركات الإسلامية تحترم هذا الرجل. إن الطريقة التي إتبعتها الولايات المتحدة في هجماتها الجوية على طالبان، في أفغانستان وباكستان، والتي ستكررها مع داعش، برهنت على فشلها في إضعافهم ونتج عنها قتل العديد من المدنيين الأبرياء. أليس من العار على العرب أن يستنجدوا بالأجانب ليخلصوهم من بني جلدتهم؟

قتلُ الإرهابيين لا يُجدي نفعا لأنهم يعتبرون ما يفعلونه مقدسا، فهم شهداء سيدخلون الفردوس مباشرة، والطريقة الصحيحة لمواجهة هؤلاء هي محاولة وقفهم عند حدهم عن طريق تشكيل حلف عربي-إسلامي، والسعي لتغيير أفكارهم، وخلق إجماع، أوعلى الأقل شبه إجماع، من علماء المسلمين على محاربة أفكارهم، وسن القوانين لإعتقال الخطرين من مشجعيهم ومحرضيهم ووقف مصادر تمويلهم. والأهم من محاربة أفكار مقاتلي داعش محاربة أفكار مويديهم وأفكار الذين يستعدون للإنضمام إليهم من الخلايا النائمة، وإذا إضطرت الحكومات العربية أن تقاتل داعش وأمثالها فعليها أن تطلب من الولايات المتحدة عدم المشاركة في هذا القتال.

أن الرد على مذابح داعش لا يكون بارتكاب مذابح مضادة لأن أحدا لا يستطيع أن يتغلب على داعش في هذا المجال. إن موجات التطرف يجب أن لا تقاوَم باستخدام القوة المفرطة بل برباطة الجأش والتخطيط الجيد، فالمسألة ستاخذ وقتا، والحكمة والهدوء ضروريان. وإذا أرادت امريكا أن تحارب داعش فلتترك العرب يفعلون ذلك. في الوقت الراهن، عليها إيقاف كل تأييد للمعارضة السورية المسلحة، وخاصة المئات من المنظمات التي تؤمن بما تؤمن به داعش والنصرة، ليتمكن النظام، على علاتة، من التفرغ لمحاربتها. على الدول المجاورة، وخاصة تركيا المسلمة، أن تلعب دورا إيجابيا، وأن تمنع المحاربين الأجانب من العبور لسوريا. وقبل محاربة داعش في العراق، الذي قاسى طويلا من التدخل الأمريكي الكارثي الأهوج، يجب ضمان تحسن الأوضاع السياسية والإجتماعية للسنه العرب، وإلا سيعتبرون أن الحرب على داعش تدميرٌ لمصلحتهم. على الدول العربية والإسلامية أن تتبنى قرارا إستراتيجيا بتحريم الإسلام السياسي، وعلى الإعلام العربي أن يساعد في هذه الجهد، وعليهم أن يُجبروا قناه الجزيرة على تغيير سياستها التحريرية التحريضية المتحيزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس يبحث تمويلا إضافيا لإسرائيل| #أميركا_اليوم


.. كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي: لدينا القدرة على




.. الخارجية الأمريكية: التزامنا بالدفاع عن إسرائيل قوي والدفاع


.. مؤتمر دولي بشأن السودان في العاصمة الفرنسية باريس لزيادة الم




.. سر علاقة ترمب وجونسون