الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوهاج

مالك الكاتب

2014 / 9 / 15
الادب والفن


كالعادةِ عادَ الى المنزلِ متقهقراً يدفع بقدميه بقوة عضلية مبالغ فيها ، كان يحس بهشاشة الارض مع كل خطوة ، لكنه استمر يتطاوس هكذا ، وهو يغني أغنيه حزينة عن الوطن وهمومه وبلسان ثمل يردد : " تصبح على وطن واني سكران وأجيك ... ويا وطن بعد هم عندك صباح " ...
كان الوقت يقترب من منتصف ليلة شتاىية ، القمر ملبد ببعض الغيوم ، الهواء من ناحية الشمال يأتي بلفحاتٍ من نسنسات بارده تجعله يرتجف وفروع الأشجار وأغصانها هي الاخرى ترتجف ، والرايات السوداء ، والخضراء والحمراء المعلقة على سطوح المنازل ترتجف بتمويه متموج مع انحناء نحو جاذبية نيوتن ...
لا باس عليك فالمرجفون كثير .. كان يردد سوهاج حرير وهو يستمر بالتقدم ...
في النقطة التي ينحرف فيها الشارع نحو اليسار انحراف حاد بدرجة 90 ْ ، انحرف سوهاج مع الطريق دون ان يصدم الجدار الذي وضع يده عليه وصار يتكأ عليها كشيخٍ أعمى .. لانه كان ثمل جداً وسكر في سهرة الليلة ، وشرب .. شرب ثم نادى الي بكأس اخر ... على الطاولة المجاورة احدهم قال : انه إسفنجة ثملة ... وما بالكَ أنتَ الي بكأسٍ اخر ( سوهاج يرد ) ...
بعد طريق الانحراف نحو اليسار ، كانت شجرة احد البيوت تغطي بظلها منتصف الشارع ، سمعَ صوت سيارة قادمة من الامام ، توقفت بقربه ، انفتح الباب الأمامي ثم الخلفي ، رجلان يخرجان ، ونادى الاول :
هل انت سوهاج ؟!
نعم انه انا ، لكن لماذا ؟
مسكه الثاني وسحبه بقوه ، والأول أعطاه لكمة اركعه فيها للأرض التي كان يشعر انها هشة تحت قدميه .. أصعداه السيارة ، وكمموا فمه ، وربطا يديه خلفه ، الدم كان يسيل من انفه ، هو احسَ بهذا ، وشم راىحةَ الدمِ المتدفق ، لكنه لا يستطيع رؤيته ...
انطلقت السيارة بسرعة .. كانوا صامتين دون كلام ، الرجلان ، الساىق ، سوهاج كان يصرخ لكن دون صوت فقط تمتمة غير مسموعة ... وبالنتيجة الجميع صامت .....!
فوق الجسر كانت حركة السير مقطوعة تماماً ، توقفتْ السيارة في منتصف الجسر حيث مطب كبير هناك في تعبيدته ، الرجلان امسكا سوهاج وانزلاه نحو حاجز الجسر المشبك الأيسر ، ووضعاه بِانحناء رأسه يتدلى نحو النهر ، وظهره للسماء ، نزل الساىق بيده مسدس عيار 9 ، سحب شوكة الأمان ، وهكذا انزلق بنصف المسدس العلوي الى الخلف مع صوت كان مسموع ، نعم انه صوت الموت .. الموت ... واقترب من راس سوهاج ، ووضع المسدس بالتصاق مع شعره ، وأطلق رصاصتين الواحدة تلو الاخرى ، ... هكذا مات سوهاج .. انه صوت الموت ...
حملاه الآخران ورماه بالنهر من فوق الجسر ، حتى سمعا صوت تلقي المياه لجسده ...
أسرعوا وركبوا السيارة ، دون صوت ، كانوا يتحركون بتوافق ، وبحركات متقنة ومدروسه جيداً ، وسدوا الأبواب الثلاث ، وانطلقت السيارة مسرعة ، فالمهمة تمتْ بنجاح ...
مقطوعة من روايتي " سوهاج "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة