الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيضانية والنجمية

سامي حرك

2014 / 9 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عنوان البوست, هو محاولة لفض إشتباك طريف, يتكرر في مناقشات بعض الأثريين والمهتمين, كلما إحتفلنا بالسنة المصرية الجديدة.
البعض يرى بداية التقويم المصري عند ما يقارب 13 ألف سنة قبل الميلاد, إستنادًا على حسابات تتعلق بقوائم الملوك المبينة في حجر باليرمو, المكتوب, مبينًا لأحداث تواترت بالمشافهة أو غيرها, حيث بالتأكيد لم يعاصرها كاتب القوائم زمن الأسرة الخامسة.
الواقع أن هذه الحسابات –إن صحت- فهي تتعلق بالسنة الفيضانية, وهي سنة توصل المصري القديم إليها بملاحظة موعد الفيضان السنوي, وأخذ بها فعلا, وكانت نقلة نوعية مهمة ساعدت في تطوير وتحسين الحياة, وساهمت في تقدم المسيرة الحضارية, إلا أنها تبقى مجرد خطوة ومقدمة مهدت للوصول للنقلة الأهم, لأن السنة الفيضانية هي سنة تقريبية, بإعتبار أن الفيضان نفسه غير محدد الموعد, إلا بشكل تقريبي, فهو قد يتقدم أو يتأخر أسبوع أو أكثر, وقد يأتي عام فيه جفاف بسبب عدم وصول مياه الفيضان.
أما السنة النجمية, فقد إرتبطت بظاهرة نادرة, بالغة الدقة, وهي ظهور النجم "سبدت" مرة واحدة في السنة, في حالة شروق إحتراقي لأقرب مسافة زمنية من شروق شمس اليوم الأول من تلك السنة, ولا تتكرر الظاهرة إلا بمرور 365 يوم.
تلك الظاهرة النادرة إحتاجت من المصري القديم متابعة ومثابرة وصبر, وعمل دؤوب من أجيال متعاقبة, حتى أثمر التراكم إحاطة بجوانب تلك الظاهرة, ومن ثم إستثمارها في تنظيم الوقت بأكبر وأدق مقياس للزمن, وهو ما نعرفه الآن بالسنة, والتقويم.
العبرة في وجود المنتج الحضاري تكون بالقرائن والأدلة الأثرية الموافقة للحسابات الفلكية, وهذه وتلك تتوافق مع دورة النجم سبدت خلال العام 4241 ق.م, حيث كان حجة المصريات جيمس هنري بريستيد هو الأسبق في تناولها وبحثها, في كتابيه الموسوعيين "تاريخ مصر القديم" و"فجر الضمير", ترجمة وهوامش سليم حسن.

إشتباك آخر يثار بشأن بداية السنة النجمية نفسها, وليس التقويم فقط, وربطها بالفيضان دون تحديد, لأي وقت من أوقات الفيضان, وزاد إلتباس الأمر أن تاريخ الظهور الأول لنقطة إيزيس, وكذلك عيدها, هو مع بداية الفيضان, وبالتالي ذهبت غالبية الكتابات الأثرية إلى أن بداية السنة المصرية تكون مع بداية الفيضان, بالرغم من أن الظهور الأول للنجم سبدت, هو ظهور ليلي مستمر لعدة أيام, لا تصاحبه أية علامة مميزة دقيقة, حسب تعبير الموسوعة الفلكية, والأمر أن مسألة تحديد بداية السنة تتعلق بالمعرفة الفلكية, أكثر من المعرفة الأثرية, لأن الظاهرة الفلكية النادرة المشار إليها, لا تحدث مؤكدًا ويقينًا إلا مع إكتمال الفيضان.
إذن, التفرقة بين "بداية" الفيضان و"إكتماله" هو كلمة السر, في فض الإشتباك الأخير.
يبقى أن البداية الحالية للسنة المصرية, 1 توت, الموافق 11 سبتمبر في السنوات الثلاث العادية, والموافق 12 سبتمبر في السنة الرابعة الكبيسة, يساندها الآتي:
1- الحسابات الفلكية الدقيقة للشروق الشمسي للنجم "سبدت" الشعرى اليمانية.
2- المشاهدة والرؤية الشخصية بالعين المجردة, للظاهرة النادرة, صباح كل يوم 1 توت.
3- الميراث الشعبي الغني, وهو ما يوازي قرائن وأدلة, عبارة عن أمثال للشهور.
4- الوظيفة الإجتماعية والبيئية والزراعية لشهور السنة المصرية, وضعت كل شهر في موعد محدد, بحيث يكون من قبيل العبث بذل أي محاولة لتغييره, حيث يأتي "طوبة" في عز زمهرير البرد, وحيث يكون "بؤونة" وسط هجير الصيف.
للمزيد, برجاء مراجعة كتابي "الأعياد", وهو متاح كاملاً على الإنترنت, ومقالات على موقع "الحوار المتمدن" وبوستات على صفحة "حُراس الهوية المصرية", خاصة الأخير منها بعنوان "قرائن وأدلة التقويم المصري".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن