الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ساسكولوجيا الحرف (22)

سامي فريدي

2014 / 9 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سامي فريدي
ساسكولوجيا الحرف (22)
اسلوب الموارَبة والنص الموارَب
[انا اوحينا اليك كما اوحينا إلى نوح والنبيين من بعده]- (النساء 4: 164)
[يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحقّ من ربّكم فآمنوا خيرا لكم]- (النساء 4: 170)
[الله يشهد بما انزل اليك، انزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا]- (النساء 4: 166)
الموارَبة في اللغة هي الإضمار والمخاتلة وعدم الافصاح الصريح، والتعبير غير المباشر عن الغرض بشئ قريب منه، حتى يلتبس الفصل والفك بينهما عند السامع أو القارئ. والموارَبة تقنية لغوية اسلوبية استخدمها القرآن لتمرير دعاواه الشخصية الباطنة في إطار دعاوى عامة معروفة ومقبولة، فيستبطن اغراضه في لبوسها، حتى يلتبس الأمر على الجمهور.
وللوقوف على مواضع - الموارَبة- في القرآن، لابدّ من معرفة حقيقة الأغراض أو الهدف الكامن من ورائها. ويتكون هذا الهدف من مستويين: مستوى الهدف الأكبر والنهائي: هو الزعامة (الشخصية) والخلود (عقدة جلجامش)!..
والمستوى الثاني هو الهدف المرحلي التكتيكي، وهو بمثابة وسيلة وأداة تخدم الهدف الأكبر، وهو تتمثل بمادتي [الكتاب والنبوّة]!.
يعتقد المسلم أن المقصود من تضمين الكتب والانبياء والرسل في القرآن، اعتبارها جزء من الايمان الاسلامي، وتاكيد الوحدة العضوية (!!) بين الأديان البراهيمية، بينما الواقع أنها جزء من اسلوب الموارَبة وجسر لبلوغ غاية صاحب الكتاب وبطله الأوحد. ولذلك لا يكاد يرد ذكر احدهما دون ربطهما بالقرآن ورسوله، واعتبار الايمان بهم جميعا (!!) هو الايمان، وعدم الايمان بهم جميعا (!!) كفر عاقبته الغضب والهاوية.
مثال اول: باب موارَبة الكتاب/ التنزيل..
فالمفاتيح الأساسية لاعمال الموارضبة هي [الكتاب، الرسل] بكل ما لها من مرادفات ودوال داخل النص. ومن امثلة ذلك فيما يتعلق بالكتاب (البقرة2: 4). هذه السورة الرئيسية في مفتتح الكتاب، ومثل كثير غيرها، تستهل بـ(الكتاب). ووالمقصود بهذا الاستهلال بدء من الكتاب، هم (أهل الكتاب) - اي اليهود والمسيحيون-. ويصف كتابهم - بالهدى والتقوى-. وهما دعامتان رئيستان في الخطاب الاسلامي. هذا الثناء المغلف بالمديح المستطرد، ما يفتأ يغص بإشارة عرضية، قد لا يتوقف لديها كثيرون، [والذين..] الواو تعطف على ما قبلها من أهل الكتاب [المتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون]- [والذين (يؤمنون بما انزل اليك) وما انزل من قبلك]. يلحظ أن الجملة ذات الاحالة الشخصية اقحمت على النص الذي يتحدث عن ايمان أهل الكتاب. فالقارئ هنا، - حتى لو كان يفكر خلال القراءة- لن يحدد ماهية (المؤمنين) ولن يوظف كرونولوجيا الكتاب لفرز تواريخ كتب التوراة والزبور والانجيل، وما هي علاقتها - بما انزل اليك-؟..
مَنْ هو - المخاطَب- المقصود بحرف: [ك/ إليك]؟.. هل هو القارئ/ المتلقي، أم شخص آخر، هل هو الرسول؟.. لتحدد هوية (المخاطَب) يلزم معرفة هوية (المتكلّم). والاطار الديني العام ينسب الكتاب إلى (الله). ولكن لغة الخطاب القرآني غير مستقرة في نسق واحد، ويرى الدكتور كامل النجار أن صيغ المخاطَب والغائب والمتكلم والمفرد والجمع تتداخل في النص القرآني وتتحول فيما بينها بغير ترتيب. وهذا - ناهيك عن صدوره عن ذهن مضطرب- يصيب القارئ بالارتباك والحيرة والعجز عن تبين الخطوط. وعندما تتوالى الأسئلة على الذهن دون تيسر اجوبة منطقية، يتعب المرء ويحتار. وفي النهاية يقرر المواصلة بغير فهم أو تفكير. والدين لدى أكثرية الناس إما ايمان اعمى بغير تفكير، أو فعل سحري يمارسه الناس تقية من عواقبه. وقد سبق ورود - ك- في اسم الاشارة (ذلك) دون وضوح القصد.
ان اكثرية المسلمين لا يعرفون المقصود بـ(ذلك الكتاب) في مفتتح البقرة، رغم شروح المفسرين القدماء، ويكادون يخلطون بين (ذلك الكتاب) و(القرآن). والمعطى العام من النص: أن المؤمنين، أهل الهدى والتقوى، الذين يؤمنون بالغيب واليوم الاخر والكتب ويداومون على الصلاة والانفاق، يؤمنون بالقرآن ورسوله كمحصلة.
هكذا جرى ربط : الكتاب = القرآن
الايمان= الاسلام
المؤمنون= المسلمون
وتأتي الجملة التالية لتختم هذه الاطروحة- المسلَّمة الأساسية- في عقل المسلم الغرّ: [أولئك على هدى من ربّهم وأولئك هم المفلحون].
هذه المسلّمة السطحية استندت إلى فهم سطحي لما يدعوه عقل المسلم بمتوالية الأديان البراهيمية: [يهودية- مسيحية- اسلام]. فالمسيحية -برسلها وانبيائها- جاءت من داخل اليهودية، ولم تنقض ايمانها واعترافها بكتب اليهود، فهؤلاء سيقبلون - بالبديهة- الاسلام الذي (جاء) مسايرا لليهودية والمسيحية ومن داخل العائلة الابراهيمية. وهنا نلاحظ التعويل على المظاهر السطحية والعناوين الخارجية، وحجم الاسقاطات اللغوية إلى حد تحويل اللغة إلى مفردات مجردة فارغة، يتم حشوها من قبل الخطيب المتكلم بحسب مزاجه وغرضه. فاللغة هنا هي اداة سطحية مجردة، تقوم بوظيفة (سنارة) تصطاد فرائسها.
الكتاب لغة، الوعظ لغة، التبشير والدعوة لغة، الايمان لغة، الاقرار بالايمان واعتناق الدين لغة. كلام مستطرد يجري بواسطته استغفال الفريسة؛ وعبارات مجردة تقوم بوظيفة الاقرار والمبالغة في التدين. وفي الاسلام جرى تعظيم اللغة (العربية) مدخلا وكناية عن - تعظيم- الاسلام والقرآن وما إليه.
موقف المسلم من الكتب والانبياء والرسل السابقين، أنه يعتبرها تمهيدا للظهور العربي بقرآنه ورسوله، و[ان الدين عند الله الاسلام (عمران3: 19)/ دين الله (3: 83)/ ومن يبتغِ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين (3: 85)]، وأن النبي العربي هو الرسول الأعظم وخاتم الرسل وسيّدهم، والقرآن هو (أم الكتاب واللوح المحفوظ)، واللغة العربية هي أصل اللغات وهي لغة آدم ولغة اهل الجنة. ولكن ما علاقة هذه المزاعم اللغوية - الثانوية- بالايمان والاله الحقيقي. فالدين، سواء كان اليهودية او الاسلام، ليست وظيفته الدعاية الرخيصة لشخص معين أو قوم ولغة دون غيرها. والله ليس شركة اعلانات دعائية!.
قارئ سورة البقرة لا يستوقفه التغير المفاجئ في جوّ القراءة، من جوّ الايمان والتقوى والهدى والفلاح، إلى لغة الوعيد والتنديد بالكافرين بدء من (البقرة2: 6 وما بعدها). ثم لا يتساءل عن حجم الوعيد والتهديد عبر الكتاب والذي لا تخلو منه صفحة أو سورة، ولماذا الله - القرآن- عصبي وحادّ المزاج على طول الخط.
*
مثال ثانٍ: باب موارَبة الرسل والأنبياء
[وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنّه(..) قل آمنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيّون من ربّهم، لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون]- (آل عمران3: 81، 84)
[قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبيّنات وبالذي قلتم (..) فإن كذّبوك فقد كُذِّبَ رسلٌ من قبلك جاءوا بالبيّنات والزبر والكتاب المنير]- (آل عمران 3: 183، 184)
[ان الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض، ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا]- (النساء4: 150)
أهل الجزيرة العربية كانوا على دراية كافية باليهودية والمسيحية وأنبيائها ورسلها وشرائعها، في قليل أو كثير. وكان بين ظهرانهم من الربانيين والأحبار والرهبان والقساوسة والأساقفة، أضافة إلى اتباع الديانتين ممن يمكن الاستعلام والاستزادة منهم. ولاشك أنهم كانوا موضع تقدير واحترام في الثقافة العامة والاجتماعية. ولولا ذلك لما كان طائل وراء ذكرهم في القرآن، دون أن يعرف احد عنهم شيئا. وقد ورد ذكرهم من باب الاستشارة والاستدلال بهم، وليس من باب الاخبار والتعليم عنهم. وكانت صحف اليهود والمسيحية - نصوصا أو شروحا وتعاليم- متيسرة بين أتباعها. وكما جرى التعويل على صيت الكتاب لتسويغ وتسويق القرآن؛ جرى استخدام صيت الأنبياء لتسويق نفسه وتمرير شخصه بينهم. وفي هذه النصوص وغيرها حيثما ورد ذكر الرسل والأنبياء -إشارة أو تصريحا-، فانّ الغاية هي تضمين نبيّ القرآن بينهم، بشخصه أو بكتابه، -وكتابه دليل وتاكيد لنبوته-. والقارئ هنا يقف بين امرين: أنه لا يستطيع التشكيك بالأنبياء والرسل، وهم جزء من ثقافته الشخصية وتراثه الشعبي. كما ان تكذيبهم أو التشكيك بهم، يمتد للتشكيك بكتبهم ورسالاتهم وتكذيبها. ولا يختلف الأمر سواء كان مؤمنا - يهوديا أو مسيحيا أو حنيفيا- أو ملحدا، طالما هو خاضع لثقافة المجتمع العامة. في هذا الاطار، يصبح موضوع القبول او الانكار أكبر من قبول أو رفض الطارئ الجديد.
هنا تجدر ملاحظة أثيرة. أنه رغم شعبية الديانات اليهودية والمسيحية والمندائية والحنفية، فأن طقوس ممارساتها كانت شخصية وبين ظهراني أتباعها، ولم تتبع طابع التسويق الاعلاني في الساحات ومفترقات الطرق، ولم يخطر لأحدما من قبل الاسلام، تعيين أشخاص، يرتلون نصوص القرآن على مسامع الناس في الأسواق والطرق العامة، بكل ما تتضمنه من وعيد ولعن وتخرص بالسكان من غير المسلمين. وهو أمر ينبغي تأريخه وتسجيل كون الاسلام منذ ظهوره أول وأخطر ظاهرة ارهاب علني وعدوان لفظي وتحريض مباشر على العنف وتخريص بحياة الناس والنيل من كراماتهم وحقوقهم الانسانية والدفع لمهانتهم وتصفيتهم، لمجرد الاختلاف في الرأي والمعتقد.ولا ادري كيف تمرر جماعات حقوق الانسان والمواثيق الدولية هذه العدوانية والتجاوزات الفاضحة، دون موقف انساني جرئ وواضح!.
فالمستطرق في الطريق أو قاصد السوق لن يكون بوسعه المطالبة بتغيير بنية العبارة لفرز الأسماء او تمييز الشرائع، رغم أن ذلك- إن كان حدث- فقد اعترضه القرآن برد مباشر وصريح (النساء4: 150)، ولنقرا هذه العبارة الجدلية في هذا السياق: [ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوّة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله]- (آل عمران 3: 79). ففي وقت جعل نفسه وكيلا لله وضميرا ممثلا ومنافحا عن ابراهيم وموسى وعيسى، اعاد تشكيل التوزيع العام للمجتمع إلى صفين على اساس الايمان ممثلا في الاسلام؛ المتقون المفلحون، المؤمنون بانبياء اليهود وعيسى وبشخصه الحاضر بينهم؛ غير المؤمنين به، وهذا يلغي الايمان عن اتباع اليهودية والمسيحية، لعدم اعترافهم بالنبي الجديد.
والطريف، انه حتى اليوم، يوجد بين المسلمين من يعتقد أن غير المسلم كافر، معتبرا ان الايمان يتضمن (أنبياء)- اليهودية والمسيحية والأسلام. ويستغرب بعضهم كيف لا يؤمن المسيحي أو اليهودي بالاسلام ورسوله. فالجديد الذي احدثه الاسلام هنا، وصم كل من لا -يسلم- بالكفر، وهو أمر لم تحكم به المسيحية على اليهود الذين انكروا المسيح. وبالنتيجة، فان العالم كلّه، يوصم بالكفر، في نظر المسلم. والمسلم المسؤول، ليس امامه غير طريقين: البراءة من ديانة الوحش والدمار والدم، والانضمام إلى صف العقل والانسانية والضمير، أو تكفير العالم وفرض الاسلام على الجميع بالقوة.
ان القرآن في ايراده أسماء الأنبياء يجري مجرى التعميم دون تمحيص، ولا يميز بين الأنبياء والرسل، ولا يميز بين من كلّمهم الله أولم يكلمهم، ومن استلموا شرائع، أو كانوا من ذرية نوح أو ابراهيم، كما في (أل عمران 3: 81)[قل آمنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط]، وكل هؤلاء ليست لهم كتب ولم ينزل عليهم شيء، ولم يدعوا الناس للايمان بهم.
والواقع ان الاسلام والقرأن لا يميز بين هذه الثلاثة: [الاصطفاء، النبوة، الرسالة]. وقد ورد التعميم في (آل عمران3: 33، 34)[ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض]. وواضح من الذرية كل من ينحدر منهم بالجسد. والغرض من هذا القول الغاية منه شمول العرب في (ذرية ابراهيم). أما تعريف النبي ومفهومه فمختلف بين اليهودية والمسيحية. والاعتراض هنا فيما يخص [آل عمران3: 33، النساء 4: 163] تتركز في خلط النبوة بالرسالة، وذلك بورود كلمتي [انزل على، أوحينا إلى]، وهو تحميل غير مبرر. كما ان ايراد لفظ (الأسباط) داخل النص حشو زائد، ولا يعرف المسلمون المقصود به هل هم: [ذرية يعقوب(أم) ذرية اسماعيل]، وهؤلاء ليسوا من الانبياء، وبينهم من المجرمين المذكورين في الكتب. وإذا كان القصد شمول (أولاد اسماعيل) المعتبر- جدّا- لعرب عدنان بحسب سيرة ابن هشام، فهي - موارَبة- أخرى، لا تلوى لأجلها أعناق الحقائق. ويستمرّ الخطأ الرئيسي في الخلط المجاني بين مصطلحات الفكر الديني. والغرض - هنا- واضح من التاكيد على ذرية ابراهيم [أسماعيل وإسحق ويعقوب]. على انه لا يوجد اتفاق في الفكر الديني غير الاسلامي على اعتبارهم أنبياء، وهم قطعا ليسوا رسلا، هذا عند أتباع اليهودية التي يمثلون عائلتها.
ويتكرر الأمر نفسه في (النساء4: 63) [وأوحينا إلى ابراهيم واسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهرون وسليمان وآتينا داود زبورا]، حيث أضيفت أسماء أخرى [أيوب، يونس، هرون، سليمان، داود] وليس لهؤلاء شرائع ورسالات وأتباع، وقد وردت أسماؤهم ضمن التاريخ العبراني، ولا توجد ديانات خاصة بهم، فهم جميعا داخل - الديانة-اليهودية.
هذا النوع من ذرّ الغبار، وخلط الحقائق والأخبار والتواريخ والأسماء والتلاعب بنسبتها واتجاهاتها، لمجرد تضمين قريش في ذرية اسماعيل العبراني، وتبرير ظهور (نبي) قريشي بدعوى كونه من الذرية، أمر مرتبك، انتج نصا مرتبكا، وما زال التأليف العربي منذ ظهور الاسلام، يلف ويدور ويصارع الحقائق ويحتال على المنطق لتقديم تفسير وتبرير طروحات القرآن والحديث والسيرة. فالتراث العربي الاسلامي موضوع للدفاع عن (القرىن وصاحبه) ويعاني في ذلك الأمرين. فبينما يتسلح المؤمن المسيحي بانجيله وقوة اسم يسوع في حياته؛ يجند المسلمون انفسهم للدفاع عن دعاوى القرآن والصلاة من أجل نبيهم.
وفي (البقرة2: 129) توسل أن يكون لهم نبي [ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم أياتك ويعلّمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم]. ويجيب نفسه في (البقرة 2: 151، 152): [أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلّمكم الكتاب والحكمة ويعلّمكم ما لم تكونوا تعلمون، فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون] وفي (آل عمران3: 164): [لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة]. ما مبرر كلّ هذا التكرار اللفظي والفكري الذي لو جرى رفعه، لاختصر القرآن إلى ثلثه. لا بأس. لكن كيف يمنّ الله على المؤمنين، ولما يسمى (منّة وفضلا)، ذلك الذي جاء لتقتيل الناس وسوقهم على طريق الموت والذلة والهاوية. بينما يقول نص الانجيل [لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ]- (يو3: 16) عن الذي بذل نفسه لأجل الناس ومنحهم الحياة والخلاص والمحبة. الله لا يعيّر ولا يحابي!.
والسؤال هنا عن قيمة النبوة والرسولية، هل ه في ذاتها أو في نتائجها وثمارها. ان حال العرب وأخبار بداوتهم العصبية وما ألحقوه من خراب ببلادهم والبلاد المجاورة لهم وتقنين الكره والعنف والجريمة ليس مما يليق بالانسان. وإذا كان المبرر الغيرة من اليهود، فالواقع أن كثرة أنبيائهم لم تغير صورة الذل والتيه الملتصقة بهم، وهو ما التحق بالعرب المسلمين اليوم. بيد أن هذا لا ينفي وجود فكرة خاطئة تنسب - ملكا عظيما- لليهود لم يكن غير مملكة متواضعة تتناهشها الصراعات ودول الجوار، فهو يقول [يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما]- (النساء 4: 54)
ان السيف والكره لا يصنع ديانة ولا يبني مدينة ولا يعمر مجتمعا أو دولة. وقد تراجعت سيوف الدولة العثمانية في القرن السابع عشر عاجزة أمام تحول القوة من الجسد ألى العقل (الأوربي). على ان القوة العمياء تفني الكرة الأرضية، والحاجة الأساسية هي للتعاون والمحبة والمؤاخاة، الحاجة للاستقرار والأمن والحرية.
*








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح