الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا حديث لا يليق بنا

فاتح الخطيب

2014 / 9 / 21
الادب والفن


لا قلت انت ولا سمعت انا ,,,,,,
للذين لا يعرفون ابي - رحمه الله – اقول بانه كان ذا حضور متميز بحديثه الطيب وطلته البهية.
فتجد في حديثه الحكمة والقصة الشيقة ذات المغزى واشعار منتقاة بل وقصائد كاملة احيانا ,,,, وهنا مربط الفرس.
قبل وفاته بسنة تقريبا, تقرر له المبيت في المستشفى وكنت انا الذي رافقه في تلك الليلة.
بالاضافة لوالدي كان معه في الغرفة استاذ تاريخ, ومريضا ثالثا ايضا وقد كان محاسبا. دارت بيننا الكثير من الاحاديث وكان ابي صاحب معظمها, والذي تألقت ذاكرته بقصص مميزة تخللت مبارزة شعرية بيننا كفريق وبين استاذ التاريخ والمحاسب كفريق اخر. وكان واضحا تماما متعة الاطباء المناوبين والممرضين للمبارزة الشعرية الغير تقليدية الدائرة بيننا, حيث كانوا يمرون بغرفتنا من وقت لاخر, و كان ابي احيانا وبدل ان يرد ببيت من الشعر ليسترسل بقصيدة قصيرة مما يرفع درجة الحماسة لدى الحضور والذين كانوا يطرون عليه بكلمات الاعجاب والتصفيق احيانا.
اقتربت الساعة من الواحدة بعد منتصف الليل وقد امتلأت الغرفة علينا بحضور بعض النزلاء اضافة للكادر الطبي, وفي لحظة ساد صمت شديد في الغرفة لما توقف ابي عند بيت الشعر: لا قلت انت ولا سمعتُ انا ,,,,,
ولم يستطع اكمال البيت, فنظر الي مستنجدا لاسعفه بعجزه, لكن العجز خذلني انا ايضا وقفزت للبيت التالي وهو:
ان الكرام اذا صحبتهمو ,,,,, استوقفني ابي وعاد للصدر الاول : لا قلت انت ولا سمعت انا ,,,, مغمضا عينيه ليركز اكثر عله يتذكر عجز البيت, ولكن لم تسعفه الذاكرة مرة اخرى وبدى عليه الامتعاظ, والجمع في الغرفة ينتظر سماع تتمة الشعر, لكن دون فائدة, فقد غاب العجز عنه وعني مع العلم انه كان يردده دائما, عندها حاولت الالتفاف عليه ببيت شعر اخر فقلت: لم ادر ما طيب العناق على الهوى ,,, ليستوقفني مرة اخرى
وقال : لا قلت انت ولا سمعت انا ,,,وعندما استنفذ قدرته للتذكر هز رأسه اشارة منه بخيبة الامل, وفجأة التفت الي وقال: اتصل بيونس
فقلت له الوقت متأخر, فقال لا يهم اتصل به, ولم اجد بدا من الاتصال بابي عماد, فهاتفته.
الو ابو عماد كيفك؟ يا رب ما اكون صحيتك من النوم, فقال لا ابدا انا مش نايم, خير شو فيه؟
فقلت له الحكاية فضحك وما ان قال الكلمة الاولى حتى تذكرت كل العجز, فشكرته لاننا بدون ذلك العجز لما كنا لننام فانا اعرف والدي تماما عندما يسيطر عليه القلق في موضوع ما, واذكر كيف كان يوقظ محمود ابن اخي ابو خالد من نومه في اوقات مختلفة من ساعات الليل المتأخرة لكي يحضر المصحف ويقرأ له اٌية ما, وما ان يقرأها حتى ينام.
نظرت لوالدي وقلت له : هذا حديث لا,,, استوقفني فرحا وقال :
لا قلت انت ولا سمعتُ انا هذا حديث لا يليق بنا
ان الكرام اذا صحبتهمو ستروا القبيح واظهرو الحسنا
لتدب الحماسة مرة اخرى في الغرفة بتصفيق الحضور وكلمات الاطراء
رحم الله ابي
............
بقي ان اذكر بان استاذ التاريخ كان مقررا له عملية في صباح اليوم التالي, حيث جاء احدهم بسريرمتحرك لنقله الى غرفة العمليات, ارتدى ثوبه واستلقى على السرير, وبعد ان خرج به سمعناه من الممر ينادي بصوت عال ويقول:
هذا حديث لا يليق بنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع