الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة والثورة المضادة لن يوجد في بيتنا أي تروتسكاوي

رفيق عبد الكريم الخطابي

2014 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


الثورة والثورة المضادة ـ
لن يوجد في بيتنا أي تروتسكاوي

تمهيد:
أشرنا في إحدى المقالات السابقة إلى أن القرن الواحد والعشرين ابتدأ بفعل رمزي تجسد في تدمير رمزي الهيمنة الامبريالية على العالم . وإلى أن القرن العشرين كان استمرارا للصراع الكوني ضد الامبريالية والرأسمالية كنظام شائخ ، من أجل تجسيد طموح البشرية نحو مجتمع ينعدم فيه استغلال الانسان للانسان ، هذا الطموح الذي كان قد تجسد في التاريخ المعاصر لأول مرة من خلال "الدرس التاريخي الأهم" كمونة باريس . أشرنا كذلك بأن ما يعرف بالعولمة أو الكوكبة هو بالأساس حقبة جديدة في الأزمة العامة للنظام الامبريالي العالمي ، والتي تتميز بتعمق وتوسع جميع التناقضات التي ميزته منذ نشأته في بداية القرن العشرين، هذه الحقبة التي ابتدات مع انتصار الثورة المضادة في الاتحاد السوفياتي وبلدان أوربا الشرقية في 1989/1990 . تسليط مزيد من الضوء على هذه الحقبة والتجربة التاريخية الخصبة يزود جميع الثوريين المبدئيين بخبرة إضافية وبدروس غنية جدا، لا تقل عن درس الكمونة التي عبر دروسها فقط تم إدخال تعديل على البيان الشيوعي من طرف مؤلفيه ماركس وإنجلز. لا مجال للتذكير هنا بان قراءة التاريخ هي عملية لا يمكن ان تكون محايدة ( وحدها البرجوازية تدعي ذلك) إن قراءة التاريخ هي مجال لصراع طبقي ، إن المحدد في كل قراءة تاريخية هو الموقع الطبقي الذي من خلاله تقرأ أحداثه ، ولأننا نأمل أن يكون موقعنا الفكري الذي من خلاله ننظر في تجربة الاتحاد السوفياتي هو نفسه موقعنا الفعلي كبروليتاريين ، نشير ان الغاية من تناول ذلك التاريخ هو ، أولا الاستفادة القصوى من دروسه بما يساعدنا على إنجاز المهام التي بقيت عالقة على جدول أعمال التاريخ ، والتي راكم لها اسلافنا الثوريين الشيء الكثير وقدموا، في سبيل ذلك ، من التضحيات الشيء الأكثر، وثانيا ،وبارتباط مع الأول، فضح الخطوط التحريفية التي قادت حلم البروليتاريا العالمية إلى انهيار تجربتهم الثانية.
فإن كانت الخبرة الثورية لسنوات 1917/1953 تزودنا بدروس حول أهمية الخط السياسي والتنظيمي المبدئي لإنجاز مهام البناء الاشتراكي وقهر مؤامرات الامبريالية العالمية وعملائها التحريفيين فإن السنوات التي أعقبتها ترشدنا إلى المستنقع الذي تقود إليه الممارسة على ضوء خط تحريفي انتهازي وهو ما يسعى هذا المقال أيضا إلى توضيحه.
هذا المقال أسفله هو ترجمة متواضعة للجزء الأول من مقال :" الثورة والثورة المضادة في القرن 21" كتبه الرفيق ليدو مارتنز سنة 2001 تصرفنا فقط في عنوانه .
.........................................................................................................................
لنتناول الميزة الأولى من هذا الطور الحالي في هذه الأزمة العامة للامبريالية :
إعادة الإحياء التام للرأسمالية في الاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية في سنوات 1989-1990 أزال التوازن الذي استفادت منه الإمبريالية على الصعيد العالمي، وعوم هذه البلدان في أزمات اقتصادية وسياسية رهيبة.
لكي نموقع جيدا الثورة في الاتحاد السوفياتي، يجب علينا أولا مناقشة صعود القوى الثورية في جميع أنحاء العالم خلال النصف الأول من القرن 20.
هذا القرن ابتدأ في أوروبا عن طريق التحول من الرأسمالية الليبرالية (التي تعتمد على المزاحمة الحرة بتعبير لينين) إلى الرأسمالية الاحتكارية. للهروب من الأزمات على المستوى الوطني وللحصول على أرباح قصوى ، دفعت الاحتكارات حكوماتها لغزو المستعمرات وتصدير الرساميل إليها . الأزمات والمنافسة المحمومة ،أديا في النهاية إلى الحرب العالمية الأولى ، والتي خلفت عشرة ملايين قتيل، وتلك كانت ميزة الطور الأول من الأزمة العامة للنظام الرأسمالي العالمي. الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية، التي قادت الطبقة العاملة، خانت بطريقة مخجلة المبادئ الثورية للماركسية بالالتحاق بالبرجوازية الكبيرة المفترسة ومن تم قيادة العمال إلى المجزرة الإمبريالية.
وحده الحزب البلشفي كان قادرا ونجح في قيادة النضال الثوري في الإطاحة بالطبقات الرجعية، بالقيصرية، الاقطاعيين ثم بالرأسماليين الكبار. وفقا للخط الذي سطره لينين، قاد ستالين عملية البناء الاشتراكي انطلاقا من سنة 1923. أصبح الحزب البلشفي حزبا جماهيريا كبيرا وهو ما جعله يحقق أربعة معجزات : التصنيع الاشتراكي، نظام التعاونيات وتحديث الزراعة، الثورة الثقافية التي حولت بلدا للأميين إلى بلد من المثقفين والعمال المتعلمين والمثقفين ، وتنظيم الجيش الأحمر كقوة عسكرية مجهزة بأحدث الأسلحة .
انطلاقا من أزمة عام 1929، أصبحت القوى الامبريالية الأقل استفادة من المستعمرات ، مستعدة من جديد وبشكل محموم أكثر للحرب . لقد كانت هذه بداية الطور الثاني من الأزمة العامة للنظام الإمبريالي. اندلعت الحرب العالمية الثانية في عام 1939، ومرة أخرى، سيثبت أن الإمبريالية تقود بالضرورة إلى الحرب. وبفضل القيادة السديدة لستالين وللحزب البلشفي وإلى بطولية الجيش الأحمر وجماهير العمال، سيخرج الاتحاد السوفياتي منتصرا من أكبر حرب ، وأفظعها وأكثرها قسوة ووحشية عرفها التاريخ، ولم يعرف مثيلا لها في أي وقت مضى. كانت هيبة وسمعة الاشتراكية في أوجها. في جميع أنحاء العالم، رأى العمال والفلاحين مرأى العين أن هناك بديلا عن الاستغلال الوحشي والبربرية الرأسمالية والإمبريالية.
الرأسمالية العالمية أصبحت ضعيفة جدا بسبب الدمار الذي خلفته الحرب في أوروبا، تمكن الاتحاد السوفييتي من فرض بعض المبادئ الديمقراطية ضمن ميثاق الأمم المتحدة - المبادئ التي كانت الإمبريالية ترفضها دائما وتخرقها في كل مرة كان توازن القوى يسمح لها بانتهاكها.
في عام 1949، في غمرة الانتصار على الفاشية اليابانية ، الشعب الصيني ، بقيادة ماو تسي تونغ والحزب الشيوعي الصيني، خرج منتصرا بعد 22 عاما من مكافحة الامبريالية ومن الحروب الثورية : مع انتصار الثورة في الصين ، الرأسمالية والإمبريالية أصيبتا بهزيمة استراتيجية أخرى ، وميزان القوى على الصعيد العالمي تحول لصالح الشعوب المضطهدة ولصالح العمال. ملهمة بانتصار الاتحاد السوفياتي في الحرب ضد الفاشية وتحرير الصين، ازدهرت الحركة الثورية للطبقة العاملة . اجتاحت النضالات الثورية من أجل الاستقلال جميع أنحاء العالم ، وتدفقت من الهند إلى العالم العربي وأفريقيا السوداء.
الخط المتصاعد الذي عرفته الثورة العالمية ، أي الثورة الاشتراكية والثورة الوطنية الديمقراطية المناهضة للإمبريالية ، تكسر منذ سنوات 1956-1960 ، عندما وصلت الاتجاهات الانتهازية إلى قيادة الحزب البلشفي . في الواقع ، الثورة المضادة الرأسمالية في 1989-1990 تم التهييء لها فكريا وسياسيا منذ وصول فريق خروشوف الى السلطة في عام 1956 ، هذا الفريق دشن القطيعة الجذرية مع السياسة التي انتهجت أيام لينين وستالين . كل المبادئ الماركسية اللينينية ستتم تصفيتها واحدا بعد الآخر . لقد أعلن التحريفيون أن الاشتراكية قد انتصرت بصفة نهائية ، وأنه من المستحيل عودة الرأسمالية [ وهو ذات الشيء الذي يصر عليه احد وعاظ السلاطين بإسم الماركسية إلى الآن]، وبأن الصراع الطبقي قد توقف في الاتحاد السوفياتي ، وبالتالي ، فإن ديكتاتورية البروليتاريا ضد البرجوازية والعناصر البرجوازية لم تعد ضرورة. تم التخلي عن النضال الثوري ضد الامبريالية منذ اللحظة التي أعلن فيها خروشوف التالي: " نحن نريد ان نكون اصدقاء مع الولايات المتحدة و نريد التعاون معها في النضال من أجل السلام وأمن الشعوب ". التربية والتعليم الثوريين سيتم تشويههما بشكل جذري لتتم تصفيتهما في نهاية المطاف. الأفكار السلوكات والممارسات البرجوازية ستنشأ وسط قيادة الحزب والدولة. وسيعاد إدخال مبادئ الاقتصاد الرأسمالي تدريجيا ، ابتداء من العودة إلى العمل بمبدأ الربح في عام 1965 . الثراء الشخصي سيتطور مثله مثل قطاع الاقتصاد الرأسمالي الغير مهيكل (أو السري Secteur Noir). الثورة المضادة في الاتحاد السوفيتي كانت أساسا من عمل القوى الرجعية والمعادية للشيوعية " السوفياتية " التي تسللت إلى الحزب والدولة. كان ستالين قد أكد مرارا في حينه أنه من الممكن وبسهولة لأي قلعة مهما بدت حصينة أن تؤخذ وتدمر من الداخل ...
التيار التحريفي على رأس الحزب والدولة سيشجع ويدعم كذلك من طرف القوى الإمبريالية التي شجعت وساعدت ، في الوقت ذاته ، الحركات الرجعية واليمينية على طول الخط ومنها الفاشية .
الإفلاس الأيديولوجي ، السياسي والاقتصادي أدى في عام 1990 إلى العودة الكاملة للرأسمالية في أشكالها الأكثر همجية. العواقب بالنسبة لجماهير العمال كانت كارثية . وصل الإنتاج في الاتحاد السوفياتي السابق في عام 1999 إلى 57٪-;- من مستواه في عام 1990 ( أما في أوكرانيا فوصل إلى 39٪-;- فقط !!...). انخفض عدد السكان بنسبة 6 ملايين شخص في 8 سنوات، ونسبة الوفيات أصبحت ضعف نسبة الولادات. متوسط العمر (أو متوسط معدل الحياة) انتقل من 64 سنة إلى 61 سنة . 36٪-;- من السكان لهم دخل أقل من الحد الأدنى للعيش أو للكفاف.
روسيا اليوم " رهينة " للامبريالية من خلال الديون التي ارتفعت إلى 200 مليار دولار . ونستطيع قياس أهمية الارتباط بين البرجوازية الكبيرة المافيوزية الروسية والرأسمالية العالمية بملاحظة 300 مليار المهربة من الرساميل منذ 10 سنوات .
تجربة القرن العشرين توضح بأن تطوير وتنفيذ ،الممارسة على ضوء، الخط السياسي والتنظيمي الثوري هما مسألتان حاسمتان ومحددتان لانتصار قضية الاشتراكية.
بين سنتي 1917 و 1953، كان الاتحاد السوفياتي ، زمن لينين وستالين ، يواجه من الصعوبات والمشاق ، ما لم يعرفه أي شعب ، في تاريخ نضالات التحرر، في أي وقت مضى. كانت الصعوبات كبيرة وبالحجم الذي مكن مختلف الانتهازيين من أن يجدوا فيه مبررات و"حجج" للادعاء باستحالة المهمة (مهمة بناء الاشتراكية) . البعض قال أن الاتحاد السوفياتي ليس ناضجا بعد للاشتراكية، وآخرين أكدوا أنه من المستحيل بناء الاشتراكية في بلد واحد. لكن العمل السياسي والتنظيمي الكبيرين والرائعين اللذين تحققا تحت قيادة ستالين مكنت الشعب السوفييتي من هزم كل الصعوبات وأكثر المشاكل ضراوة وإثارة للخوف وحتى الهلع .
تجربة القرن العشرين تضيف إلينا أيضا، بأن تبني وتنفيذ خط سياسي وتنظيمي تحريفي/ انتهازي يقود إلى انحدار وتراجع الثورة وفي نهاية المطاف إلى تدمير وتحطيم كل مكتسباتها ويقود أيضا إلى إعادة تشييد ديكتاتورية البرجوازية.
منذ سنة 1968، واجهنا مختلف التيارات البرجوازية ذات اللغة أو الخطاب المنتمي ل "اليسار " والتي قالت لنا بأنه من المستحيل أن تضعف او تنحل دولة الاشتراكية لديكتاتورية البروليتاريا إلى حد العودة إلى الرأسمالية، إلا في حالات حرب أهلية معادية للثورة أو بتدخل إمبريالي. ْكل هؤلاء الانتهازيين أكدوا وأقسموا بأن خروتشوف وبريجنيف كانوا على حق في القول بأن الاشتراكية قد انتصرت بشكل نهائي في الاتحاد السوفياتي، وبأن عودة الرأسمالية عملية مستحيلة . في الواقع، بهذا الموقف ، لقد ساعدوا عمليا البرجوازية والإمبريالية في تنفيذ مراميها وعلى استكمال عملها ونهجها التخريبي في التخلص من كل ما ومن لا يزال بعد اشتراكيا.
في اللحظات الحاسمة، أنصار الثورة المضادة يلجؤون بطريقة ديماغوجية، إلى استعمال أطروحات "ماركسية" أو " لينينية " لكي يخفوا ويغطوا على استعداداتهم لإقامة أو لإعادة الرأسمالية . وفي نفس الوقت، يخوضون حملة خبيثة ومتواصلة والهجوم بلا هوادة لتحطيم كل المبادئ الثورية، بادعائهم انهم يعارضون فقط ما يسمى ب "الستالينية".
لقد رأينا في هذا الإطار السيد غورباتشوف ،الذي،منذ عام 1985، يخوّن ويجرم في كل خطاباته "العودة إلى اللينينية" .. لاستكمال بطريقة منهجية العمل التدميري الذي بدأه خروشوف وبريجنيف.
إنه في العام 1990، في المؤتمر 28 للحزب الشيوعي السوفياتي ، حيث سيعترف غورباتشوف علانية بأن معركته ضد "الستالينية" كان الهدف الرئيسي منها هو العودة إلى اقتصاد السوق. هذا المؤتمر أعلن رسميا عن إعادة الرأسمالية. أعلن غورباتشوف: "أن النظام الستاليني الشمولي قد تم التغلب عليه. الإملاء الأيديولوجي أو الوحدة الايديولوجية ستترك مكانها لاستقلالية العقول ". وأضاف " اقتصاد السوق أثبت فوائده وفعاليته على نطاق عالمي...الانتقال إلى علاقات السوق يجب أن تشكل المحتوى الرئيسي لأي إصلاح اقتصادي جذري".
في جميع أنحاء العالم ، تأثر الكثير من التقدميين و الثوريين، بهذا الشكل أو ذاك ، بحملة المعاداة للستالينية المغلفة بعبارات " لينينية " . تاريخ الغلاسنوست قد كشف وفضح بشكل جلي الطبيعة الحقيقية لهذه المنهجية . النائب السوفياتي يوري كارياكين Kariakine قال : " مثل آخرين كثر ، كنت ضد ستالين ومعاديا له ولكني كنت مع لينين . ولكن إذا كنا نطمح للتغيير نحو الأفضل، يجب علينا أن نذهب إلى المصدر، إلى الأصل. والمصدر يكمن في : أن في كل واحد منا يوجد هناك شيء من ماركس ، انجلز ، لينين، وكذلك من ستالين". كبير إيديولوجيي " الغلاسنوست " ، الكسندر ياكوفليف ، اوضح أن عملية التدمير والهدم السياسي والأيديولوجي قد بوشرت ونفذت بشكل منهجي و ممنهج منذ سنوات عديدة . لقد أكد بكون المعركة ضد ستالين كانت تستهدف في الواقع كل التراث والإرث الماركسي . " في السياسة ، يجب أن يتم فعل أي شيء في اللحظة المناسب . لا يمكننا تجاهل عقلية الناس وحالتهم الفكرية...الجميع يقول بأن ماركس شيد أو خلق مذهبا إنسانيا . لا، انه لم يخلق أي شيء من هذا القبيل. لقد انشأ مذهبا عن الصراع الطبقي الذي يجب علينا أن نتخلى عنه وأن نهمله ".
ومع ذلك، فإنه بإسم الصراع ضد الستالينية ، غورباتشوف و ياكوفليف لم يكتفيا باعادة الرأسمالية في شكلها المافيوي فقط ، بل هيئا الشروط لإعادة إحياء الحركات الفاشية في الاتحاد السوفياتي و البلدان الاشتراكية من أوروبا الشرقية.
الآن وبعد أن " لعبت اللعبة بكاملها" أو بعد أن تم كل شيء ، نستطيع أن نفهم بسهولة الطبيعة الفعلية للعديد من القوى المتفوقة في الغوغائية أو ديماغوجيا "اليسار" . في بلجيكا ، المسمى ارنست ماندل صرح : " البيريسترويكا هي ثورة جديدة فعلية. حركتنا تدافع عن نفس الأطروحة منذ 55 عاما ، لقد تم نعتنا لهذا السبب بالذات بأعداء الثورة أو بأنصار الثورة المضادة . اليوم ، نحن نفهم بشكل أفضل أين تواجد الثوار الفعليون وأين كان يتواجد أعداء الثورة ". ويسترسل ماندل : " المصلح يلتسين يمثل الاتجاه الذي يسعى لتقليص الجهاز البيروقراطي المتضخم . انه يسير على خطى تروتسكي ". في غشت 1991 ، عندما حاول يانييف Yannaiev وقف وإنهاء هذا الاندفاع والتسابق الجنوني نحو الكارثة والخراب عبر انقلاب ضد غورباتشوف ، ماندل كتب : " كان يتوجب علينا أن نعارض الانقلاب ونقف ضده ، وعلى هذا النحو ، يجب الوقوف إلى جانب يلتسين" .
لقد عرفنا نهاية هذه الديماغوجية والغوغائية "اللينينية" لغورباتشوف وجماعته : إعادة الرأسمالية في صورها الأشد قبحا وهمجية، ومافيوزية، وتفكيك الاتحاد السوفياتي، انفجار الحروب الأهلية الرجعية في جورجيا وأرمينيا وأذربيجان وطاجيكستان، سيطرة القوى الفاشية الظلامية المتأسلمة في الشيشان، وما إلى ذلك.

وهكذا ، فإن التاريخ لسنوات 1960-1990 ، يرشدنا ويربينا ويعلمنا عبر أمثلة سلبية ، مثلما أن التاريخ السوفياتي لسنوات 1930-1950 يرشدنا ويعلمنا ، حول نفس المواضيع، عبر أمثلة إيجابية للصراع السافر والنضالات القوية وبلا هوادة ضد أعداء الاشتراكية وضد المؤامرات الإمبريالية.
بعد الثورة المضادة في الاتحاد السوفياتي ، أعدت قراءة تقرير محاكمة الكتلة اليمينية المعادية للسوفييت و التروتسكيين التي وقعت في عام 1938 ، خلال هذه المحاكمة ، اتهم بوخارين وتروتسكي وأتباعهم باستخدام لغة شبه ثورية من أجل مهاجمة أسس الاشتراكية. وبأنهم يستخدمون الغوغائية والديماغوجيا كمنصات لإعادة حشد البرجوازيين القدماء والإقطاعيين وجميع القوى التي تريد الإطاحة بالاشتراكية في الاتحاد السوفياتي . " خلف بريق الجمل الثورية للتروتسكيين و البوخارينيين ، يهيئون عودة الرأسمالية". ولتحقيق غاياتهم ، المعارضون دخلوا في اتصال مع القوى الإمبريالية ، بما في ذلك ألمانيا النازية ، لتسهيل وصولها إلى السلطة . وأكدت النيابة العامة أن " اليمينيين و التروتسكيين يمثلون حلقة متقدمة (هي مفرزة) متقدمة للفاشية العالمية" . " كتلة من الخونة " . "هذه القضية تذكرنا بأن عالمين يتواجهان وجها لوجه ، عدوان متقاتلان وغير قابلان للتعايش أو التصالح ، العالم الرأسمالي والعالم الاشتراكي . منطق التناقضات الطبقية يدفع بقايا الطبقات المستغلة (بكسر الغين) داخل الاتحاد السوفياتي و الطبقات المستغلة وراء حدودنا لهجمات دائمة ومريرة ومتصاعدة ضد دولة العمال ". المحاكمة سجلت أهمية دور الحركة الاشتراكية الديمقراطية العالمية ، المشكلة في خدمة الإمبريالية ، والتي دعمت بكل قواها الانقلابيين المتآمرين في الاتحاد السوفياتي . لقد أشارت إلى العلاقات بين المتآمرين الانقلابيين وبين أجهزة الاستخبارات الغربية . لائحة الاتهام أشارت أيضا إلى أن بوخارين وأتباعه و التروتسكيين يهيئون ل " فصل أوكرانيا وروسيا البيضاء و تقطيع أوصال الاتحاد السوفيتي. "
اليوم، نحن ندرك أن غورباتشوف ويلتسين قد حققا بالكامل كل البرنامج تقريبا الذي أدين فيه أسلافهم بوخارين وتروتسكي في عام 1938 . منذ ذلك الحين ، عدد من كبار المسؤولين زمن غورباتشوف تفاخروا بتآمرهم /تعاونهم مع المخابرات الامريكية منذ عقود! وبالتالي فإنه ليس تفصيلا ، مسألة إن كان غورباتشوف قد أعاد الاعتبار رسميا إلى كل من تروتسكي بوخارين في عام 1990! إنه اعتراف بكونه استعاد كل ما هو أساسي في منهجية هاذين الانتهازيين والخونة . بل إنه لأمر بالغ الدلالة أن يعترف أحد زعماء التروتسكيين مثل أرنست ماندل بكون غورباتشوف " قد وضعه موضع التنفيذ " برنامج "الأممية" التروتسكية ، وبأن يلتسين "يناضل ضد البيروقراطية " على طريقة تروتسكي !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا، أي تداعيات لها؟| المسائية


.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات جديدة على إيران




.. لماذا أجلت إسرائيل ردها على الهجوم الإيراني؟ • فرانس 24


.. مواطن يهاجم رئيسة المفوضية الأوروبية: دماء أطفال غزة على يدك




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا الحربية أغارت على بنى تحتية ومبان