الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا إختفى مهرجان المسرح الكردي من مدينة السليمانية؟

عصمان فارس

2014 / 9 / 27
الادب والفن


لماذا إختفى مهرجان المسرح الكردي من مدينة السليمانية؟
السليمانية مدينة ساحرة في كردستان مدينة الحب والفن والثقافة. كنا محكومين بالحب رغم اننا كنا طيور تغرد من داخل أقفاصها ،وكنا محكومين بالسجن الانفرادي والجماعي مدى الحياة داخل جلودنا ومع ذلك كنا نقيم سنويآ مهرجان مسرحي يرعاه معهد الفنون الجميلة في السليمانية وكان له أثر كبير على الحركة المسرحية في كردستان والسليمانية بشكل خاص ويتجدد سنويآ وعامل مجدد ومؤثر في تطوير المسرح الكردي في الثمانينات وكل العروض المسرحية كانت تعرض في أماكن مختلفة دون التقيد بخشبة المسرح لذلك أصبح المعمار المسرحي لايشكل عقبة في تقديم العروض المسرحية، وكانت البداية الاولى لمسرح تجريبي حمل الشعلة الاولى للتنوير في حركة المسرح الكردي في كردستان ويبقى العمل الثقافي يأتي بالتراكم ورؤى وأفكار يتناولها الناس والنقاد وحماس مخرجي المسرح وظهور تيارات وإتجاهات مختلفة . وكنا مطالبين بتوفير أماكن السكن والمأكل والنقل لكل الضيوف من النقاد والصحفيين وكذلك الفرق المسرحية القادمة من المحافظات الاخرى. والجمهور المذهل الذي كان يحضر للمهرجان متنوع وليس فقط من جمهور النخبة جمهور من عامة الناس حتى الجلسات النقدية والمحاضرات والتعقيبات المسرحية لقد أسسنا لطقس مسرحي سليم وبنينا أركان ورممنا مسرحنا الكردي على مدار أعوام وكانت عروض مسرح الربرتوار وحققنا مكاسب فنية مهمة وتحول نقاشنا المسرحي عن التجريب وتجاوز حدود الاخراج النمطي والتقليدي وخلق مسرح تجريبي وكان المهرجان يعني مساحة ثقافية تجاوز رداءة المألوف في ظل ظروف سياسية وحروب ووضع مسرحي لايمكن أن نتباهى به، كنا نعيش واقع سياسي وبنية إجتماعية وفق خلفية ثقافية تحاول الاتصال والارتباط بالناس في الشارع ومع ذلك كنا نعمل وفق منهجية وألية معينة وكان الهدف هو الناس وخلق هوية وتأسيس لمسرحنا أي كنا نطمح ونعني التواصل مع المجتمع وخلق جمهور يبحث بنفسه عن مسرحه والذي يتواصل معه وكنا نحاول ان نرمي حجر في المياه الراكدة والتقى الفنان بجمهوره وبشكل مباشر هذا الجمهور المذهل والمتعطش لمشاهدة عروض المسرح الجاد وكان الجمهور أكثر عناصر المهرجان إثارة فكانت الناس تبحث عن الجديد وكان جمهورنا المسرحي يشكل دعامة مهمة وقوية لنا وكل هذه السنين في السويد لن أجد مثيل مثل جمهور المسرح الكردي المبهر في الثمانينات في مدينة السليمانية جمهور محترم يحترم كل التقاليد المسرحية
وظهرت علامات بارزة من الشباب المسرحيين والرواد لهم تجارب اخراجية واهتمامات أكاديمية المهرجان أتاح لنا فرصة الجرأة وإقتحام مجالات ابداعية وتجاوز التابو للمسرحيين من قبل قبيلة بني رقيب وبدأنا ببناء كيان مسرحي صحي وسليم ومعافى من فايروسات ووباء التخلف ورسخنا القيم الصحيحة لمسرحنا الكردي يتذوقه الجمهور. وبعدها حصلت متغيرات جديدة اجتماعيآ وسياسيآ وفكريآ وإقتصاديآ في كردستان وأصبحت حرية التعبير والتفكير أكثر إنفتاحآ في ظل حكم إقليم كردستان مع ذلك توقفت هذه الانشطة المسرحية وحتى الجمهور المسرحي تضاءل واختفى عن المسرح وعاش مسرحنا في جفوة مع جمهوره. لقد خلقنا طوق من علاقة حميمية مع جمهورنا المسرحي في الثمانينات والتواصل معه يبقى المسرح هو أداة من أدوات تحرير الوعي الانساني والوطني. تغيرت الامور وبدأنا نخصص ميزانيات ضخمة وكبيرة من الاموال لغرض إحتفالات الترف الوقتية حتى إن بعض العروض المسرحية وصلت الى مرحلة الهبوط الفكري والفني ونفور الجمهور كإننا نسفنا كل التقاليد المسرحية والعمل طوال تلك السنين بعد ان كان مسرحنا مركز إشعاع مفتوح للتواصل مع الناس واختفت عناصر الدهشة والابهار من مسرحنا الكردي وبدأنا نستهلك عناصر الابداع رغم كل الدعم المالي والاعلامي هنا فجوة جفاء وخصام مابين العاملين في حقل الثقافة المسرحية والجمهور وضياع محصلة الابداع المسرحي بعد أن كنا في نشوة الاحساس والنضوج الفني في التعامل مع الجمهور عن قرب . وكانت الغاية من مسرحنا جعله واحة لليمقراطية في خدمة مجتمعنا الكردي وكنا نهرب من فخ ومصيدة الحزبية الضيقة والعقائدية الجامدة وكان مسرحنا ينبت وينبع من جدور الوعي للواقع الاجتماعي وهموم الناس في البيت والشارع كنا نجاهد كي نجذب ثقة الجمهور وإنتباهه وندفعه الى تصديقنا
لذلك كانت مسرحياتنا وعروضنا تحظى باهتمام كبير وتعرض على مدى شهر يوميآ وبدون إنقطاع إلا إذا تدخلت سلطة عشيرة الرقيب واوعزت بايقاف العرض كما حصل معي في عدة مسرحيات ويبقى النجاح الجماهيري لعروضنا المسرحية يعود الفضل فيه الى الاستقبال النقدي الحافل الذي لاقاه في الصحافة وحيوية موضوع العرض وإلتحامه بقضايا اللحظة الراهنة.

عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي السويد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عزاء الفنانة شيرين سيف النصر تجهيزات واستعدادات استقبال نجوم


.. تفاعلكم : الفنان محمد عبده يطمئن جمهوره على صحته ويتألق مع س




.. المخرج التونسي عبد الحميد بوشناق يكشف عن أسباب اعتماده على ق


.. الموسيقي طارق عبدالله ضيف مراسي - الخميس 18 نيسان/ أبريل 202




.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024