الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعديل القوانين الجامعية فى مصر: أزمة من غير لزمة

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2014 / 9 / 27
التربية والتعليم والبحث العلمي


كتبت مقالا منذ عدة أيام حول التفنن فى صناعة الأزمات فى مصر. لقد أوضحت أن الأزمة قد تنشب فى مؤسساتنا بسبب كلمة أو قرار أو رأى. من المفيد أن نشير إلى أن جامعاتنا لم تعرف الاستقرار والهدوء خلال السنوات الثلاث الماضية ومن ثم فإن العملية التعليمية تأثرت تأثرا كبيرا حيث تعرضت مبانى وأجهزة بعض الكليات للتدمير والخراب وتعرض الطلاب لإصابات بالغة بل توفى بعضهم خلال الاشتباكات مع الأمن. كنا نأمل أن يبدأ العام الجامعى بداية جديدة خالية من أعمال العنف والارهاب ولا سيما أن لدينا رئيس جديد، رئيس استطاع أن يؤكد أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 69 أن مصر بلد السلام والأمن وأن الشعب المصرى يقدم قناة السويس الجديدة هدية لشعوب العالم. من الواضح أن هنالك من يريد أن يعبث بأمن هذا الوطن وهنالك من يرغب فى إعطاء هدية لكل العناصر التى تسعى لتأزيم الأوضاع فى الجامعات المصرية.

لقد شهدت الجامعات بأشكالها المختلفة حالة من الفوضى والاضطرابات خلال السنوات الثلاث الماضية وقد ازدادت الأحوال سوءً بعد ثورة 30 يونيو حيث انتهز البعض الفرصة لتحويل الجامعات إلى ساحة للاقتتال والصراعات. من المؤكد أن المظاهرات فى الجامعات لم تكن سلمية بل انتهت فى جميع الأحوال بأحداث سالت فيها دماء الطلاب داخل وخارج المدرجات واهدرت فيها كرامة المسئولين وأعضاء هيئة التدريس. الجدير بالملاحظة أن جموع أعضاء هيئة التدريس كانوا يعملون على تهدئة الطلاب وإبعادهم عن أجواء المظاهرات وأعمال العنف وكانوا حريصين على إلقاء المحاضرات والدروس فى موعدها.

لعل الحكومة تسعى الآن إلى فرض النظام فى ارجاء الجامعة وتعمل على عدم تكرار أحداث الأعوام الماضية من خلال إدخال تعديلات فى قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972م. ومن التعديلات التى أدخلت على هذا القانون هى إضافة مادة برقم 184 مكرر التى تعطى لرئيس الجامعة الحق فى توقيع عقوبة الفصل على الطالب "الذى يمارس أعمالا تخريبية تضر بالعملية التعليمية أو تعرضها للخطر أو تستهدف منشآت الجامعة أو الامتحانات ...". المثير للدهشة أن المجتمع الجامعى لم ينبس ببنت شفة ولم يعترض على هذا القرار الذى اغتصب حق الفصل من مجلس التأديب وقدمه لرئيس الجامعة حتى يستطيع بسط نفوذه وهيمنته على مقاليد الأمور فى الجامعة التى يديرها. ومما لا شك فيه فإن صمت المجتمع الجامعى وموافقته على هذا التعديل أسال لعاب المسئولين عن التعليم الجامعى المتمثل فى المجلس الأعلى للجامعات فسعوا لإدخال تعديل آخر للمادة 110 من قانون تنظيم الجامعات والتى بمقتضاها يستطيع رئيس الجامعة فصل أعضاء هيئة التدريس ليس فقط فى حالة ممارسة أعمال تخريبية أو الاشتراك فى مظاهرات أو التحريض أو المساعدة فى ذلك كما الحال بالنسبة للطلاب بل أيضا فى حالة إعطاء دروس خصوصية، وهذه المخالفة تعتبر مساسا بنزاهة عضو هيئة التدريس حسب المادة 103 من القانون أو فى حالة إرتكاب أى فعل يخل بشرف عضو هيئة التدريس (المادة 110). وكان هذا الحق فى عزل أعضاء هيئة التدريس من اختصاصات مجالس التأديب (المادة 110 قبل التعديل). أما رئيس الجامعة فقد كان يملك فقط توقيع عقوبتى التنبيه واللوم على عضو هيئة التدريس فى حاله خروجه عن مقتضيات وظيفته (المادة 112 من القانون). من المؤكد أن مخاوف أعضاء هيئة التدريس من تعديل المادة 110 من القانون تتمحور حول استطاعة رئيس الجامعة أن يفصل معارضيه من أعضاء هيئة التدريس بسهولة تحت ذريعة العبارة الفضفاضة "وكل فعل يزرى بشرف عضو هيئة التدريس أو من شأنه أن يمس نزاهته.... يكون جزاؤه العزل".

وفى ظنى فإن المسئولين الذين أقترحوا هذا التعديل قد يساهمون— بوعى أو بدون وعى— فى عدم استقرار الأحوال فى الجامعات المصرية هذا العام. لا شك أن هذا التعديل سوف يأتى بنتائج عكسية لأن أعداد المعترضين على هذا التعديل تتزايد يوما بعد يوم. إننى لا أرى مبررا منطقيا يستدعى إصدار هذا التعديل فى هذا التوقيت لأن رئيس الجامعة يملك سلطات قانونية كافية لردع أى عضو هيئة تدريس يخرج عن النص:

أولا: يستطيع رئيس الجامعة أن يحيل عضو هيئة التدريس الى التحقيق من خلال تكليف أحد أساتذة كلية الحقوق، أى من اختياره (المادة 105). ثانيا: يستطيع رئيس الجامعة أن يوقف العضو عن العمل احتياطيا لمدة ثلاثة شهور (المادة 106). ثالثا: يستطيع الرئيس أن يحفظ التحقيق أو قد يرى الاكتفاء بتوقيع عقوبة التنبيه أو اللوم (المادة 112). رابعا: يستطيع أن يأمر بإحالة العضو المحقق معه إلى مجلس تأديب (المادة 105). ومن الملاحظ أن مجلس التأديب يتشكل بمعرفة مجلس الجامعة الذى يترأسه رئيس الجامعة ووفقا للمادة 109 من القانون فإن نائب رئيس الجامعة يتولى رئاسة مجلس التأديب (والنائب دائما يختاره رئيس الجامعة) ويشارك فى عضوية مجلس التأديب أستاذ من كلية الحقوق يرشحه رئيس الجامعه ويعينه مجلس الجامعة سنويا (المادة 109). ما أود أن أقوله هو إن رئيس الجامعة هو بالفعل قادر على عزل أى عضو هيئة تدريس من خلال مجلس التأديب وليس فى حاجة إلى أن يفعل ذلك مباشرة. لعل الهدف من وراء التعديل هو إسراع اجراءات الفصل. فبدلا من العزل أو الفصل بعد ستة شهور يكون ذلك بعد أقل من شهر. وإذا فحصنا حالات العزل التى تمت بمعرفة مجالس التأديب فى الجامعات فنجد إنها قى الغالب الأعم تتعرض للإلغاء بمعرفة المحاكم الادارية مما يبين أن العزل يتم بشكل تعسفى. وفى رأى فإن رئيس الجامعة الذى يقدم على العزل التعسفى أو يسىء استخدام السلطة يجب أن يقدم للمحاكمة والعزل من الوظيفة فى أسرع وقت ممكن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد هجوم إيران على إسرائيل..مقاطع فيديو مزيفة تحصد ملايين ال


.. إسرائيل تتوعد بالردّ على هجوم إيران وطهران تحذّر




.. هل تستطيع إسرائيل استهداف منشآت إيران النووية؟


.. هل تجر #إسرائيل#أميركا إلى #حرب_نووية؟ الخبير العسكري إلياس




.. المستشار | تفاصيل قرار الحج للسوريين بموسم 2024