الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصريون واللحوم .. والضحية

إلهامي الميرغني

2014 / 10 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كل عام وكل المصريين بخير بمناسبة عيد الأضحى المبارك أعاده الله علي الجميع بكل خير.ويسمي العيد في العامية المصرية عيد الضحية.ولذلك أردت أن ابحث عن الضحية التي يضحي بها في هذا العيد.الذي نسميه العيد الكبير ويسميه البعض عيد اللحمة. لذلك يمكننا متابعة أوضاع اللحمة في مصر،كمظهر من مظاهر البهجة عند البعض ، وموسم ( الزفر ) عند البعض الآخر. وكأحد المنتجات التي تعكس السياسة الزراعية.
اتبعت مصر سياسة زراعية تعتمد علي السوق المفتوح والاستيراد بلا حدود فعرفنا احتكارات استيراد اللحوم والفساد الذي كان يشوبها علي مدي سنوات وضرب المربين الصغار وانهيار التعاونيات وتضخم الشركات الزراعية الكبيرة. وبدلاً من تطوير وتنمية مصادر الغذاء تدهورت أوضاع الغذاء وعلي رأسها اللحوم الحمراء التي يتعامل معها المصريين باعتبارها من الكماليات.
الاكتفاء الذاتي
تدهورت نسب الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء في مصر من 87.5% عام 2001 إلي 85.7.2% عام 2012 بما يعني إننا نستورد 12.5% من اللحوم الحمراء من الخارج ، مع كل ما يرتبط بالاستيراد من فساد واحتكار وأضرار صحية.ويقدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حجم الفجوة في اللحوم الحمراء بنحو 448 ألف طن عام 2008. رغم ذلك فقد زاد الإنتاج المحلي من 695 ألف طن إلي 855 ألف طن ولكن مع زيادة السكان ضاعت زيادة الثروة الحيوانية.
تشكل المذبوحات المستوردة 8.3% من إجمالي المذبوحات في مصر عام 2012. وتدفع مصر سنويا أكثر من 3.3 مليار جنيه لاستيراد حيوانات حية ولحوم مستوردة.
كما بلغ متوسط النصيب السنوي للفرد من اللحوم الحمراء عام 2006 حوالي 14.3 كيلو جرام سنوياً ، وصل عام 2009 إلي 14.8 كيلو جرام وفقاً لبيانات الجهاز وواصل الانخفاض حتي بلغ 9.7 كيلو جرام للفرد عام 2012. وهذا الرقم يشكل متوسط عام غير واقعي لأن خلل وسوء توزيع الدخل يجعل فئات تستحوذ نصيب أكبر من الثروة علي حساب إفقار فئات أخري من المجتمع التي لا تحصل علي هذه الكميات.
رغم ذلك لو صحت أرقام استهلاك اللحوم الحمراء لكان نصيب الفرد شهرياً 808 جرام ولأسرة مكونة من 5 أفراد يصل إلي 4.1 كيلو جرام وبمتوسط سعر 60 جنيه للكيلو فإن الأسرة تحتاج إلي 246 جنيه شهرياً لتغطية اللحوم فقط وهو رقم يفوق إمكانيات العمال والفلاحين وفقراء الريف والمدن.
الإنفاق علي الطعام
يرتبط النمط الغذائي للأسرة بمستوي الدخل فكلما انخفض مستوي الدخل زاد الإنفاق علي الطعام والشراب ليصل إلي 56% في الأسر التي يقل دخلها عن 2000 جنيه سنوياً ( 166 جنيه شهرياً )، بينما لا يتجاوز 23% في الأسر التي يبلغ دخلها السنوي 50 ألف جنيه.
وإذا نظرنا إلي العالم سنجد الإنفاق علي الطعام لا يمثل سوي 35.7% من الدخل في سيريلانكا و 24.8% في إيران و 21.8% في تايوان وكلها دول متوسطة الدخل مثل مصر.
وفي تقرير للبنك الدولي فإن اللحوم والأسماك تمثل 417 سعر حراري للمواطن في البرازيل و 493 في الصين و 280 في الفلبين بينما لا تتجاوز 128 سعر حراري في مصر.
ووفق تقرير منظمة الأغذية والزراعة ( الفاو ) لعام 2011 يعتمد المصريين علي الحبوب كمصدر لأكثر من 64 % من السعرات الحرارية التي يحصلون عليها يومياً، بينما لا تمثل المنتجات الحيوانية كلها سوي 6% من السعرات الحرارية للمصريين. يقر تقرير الفاو أن 73% من الطاقة التي يتناولها المصرين في طعامهم من النشويات وبما يعكس النمط الغير متوازن في الطعام المصري.وهو ما يؤدي إلي ارتفاع نسب الإصابة بالأنيميا والسكر كما سنعرض لذلك في نقطة تالية.
المصريون واللحوم الحمراء
اعد مركز معلومات مجلس الوزراء استطلاع رأي في ابريل 2010 حول " استهلاك الأٌسر المصرية من اللحوم الحمراء في ظل ارتفاع أسعارها". اتضح أن 62% من أسر المبحوثين تستهلك ما بين 2 كيلو واقل من 6 كيلو جرام شهرياً ، 52% أقروا بانخفاض استهلاكهم من اللحوم الحمراء ، وأوضح 89% منهم أن أسعار اللحوم كانت اعلي من المعتاد.
أوضح 21% من الأسر أنها لم تشتري لحوم حمراء علي مدي ثلاثة شهور من فبراير إلي إبريل وأوضح 68% منهم أن ذلك بسبب ارتفاع أسعارها، 14% أوضحوا أنه بسبب سوء الأحوال المادية وقلة الدخل.
وفي تقرير آخر لمركز المعلومات بعنوان " ماذا يأكل المواطن المصري ؟ " وصدر في عام 2007 . يري التقرير أن اللحوم الحمراء لا تمثل سوي 1.2% فقط من مصادر الطاقة الغذائية اليومية للمصريين ، وانه حدث تحول في الاستهلاك من اللحوم ما بين عامي 2000 و 2005 لصالح اللحوم البيضاء.وهو ما سقط أيضا بعد هجوم أنفلونزا الطيور وارتفاع أسعارها.
البروتين وصحة المصريين
قد يعتقد البعض أنه ليس باللحوم الحمراء وحدها يحي الإنسان، وان الفقراء يدبرون غذائهم بطرق رخيصة تلائم دخولهم المعدومة. لكن الحقيقة التي تواجهنا هو مدي تأثير ذلك علي صحة الفقراء. يؤكد تقرير وزارة الصحة لعام 2009 عدة حقائق منها :
- نسبة أنيميا نقص الحديد بين السيدات في سن الإنجاب تبلغ 39.4%.
- نسبة الأطفال دون الخامسة ووزنهم اقل من الطبيعي 7.5%.
- نسبة الأطفال دون الخامسة والهيموجلوبين لديهم أقل من 11جم تبلغ 48.5%.
- نسبة انتشار نقص فيتامين ( أ ) بين الأطفال أقل من 5 سنوات يبلغ 6%.
وفي دراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية علي أطفال المدارس الابتدائية والإعدادية في القاهرة والجيزة اتضح أن 22% منهم يعانون من قصر النظر وما يترتب عليه من ضعف في التحصيل الدراسي.
الدكتـورة منى غبـريال أسـتاذة التغـذية بالمعهـد القومي للتغـذية تصف انتشار
أمراض نقـص التغـذية بأنـه وضـع كإرثي ، و الدراسـات التي أجراها المعهد. تؤكد أن نقص التغذية يمثل مشكلة صحية خطيرة في مصر، كما أكدت منظـمة الأمم المتحدة للأغذية و الزراعة " الفاو" ، أن في مصر 2.4 مليون جائع 75%
منهم في مناطق الأرياف ، دراسة أخرى صدرت عن المركز القومي للبحـوث الاجتماعيـة و أعدتهـا د. ابتسـام الجعفـراوي ذكـرت أن 52.2% مـن الأســـر المصرية توجد تحت خط الفقر الغذائي .
كما اعد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار دراسة بعنوان " الملامح الصحية للأطفال في مصر هل تغيرت ؟" ذلك في أغسطس عام 2008 واتضح خلالها أن الحالة الصحية للأطفال دون سن خمس سنوات كالتالي:
- 3.9% من الأطفال مصابون بالنحافة ( الهزال ) نتيجة سوء التغذية.
- 17.6% من الأطفال يعانون من قصر القامة ( التقزم ).
- 27.7 % من الأطفال يعانون أنيميا بسيطة و 20.6% يعانون من أنيميا متوسطة و 0.3% يعانون من أنيميا حادة.
- تختلف هذه النسب بين الريف والحضر حيث تزيد في الريف ، وبين الوجهين القبلي والبحري بمعدلات اعلي في الوجه القبلي وبما يعكس سوء التوزيع الذي يشتد بفعل سياسات السوق المفتوح والاحتكار .
كما أكدت دراسات أخري عن أمراض سوء التغذية نفس الحقائق ومنها:
- إن الوضع الحالي لتغذية الطفل في مصر يشكل تهديدا على صحة الأجيال القادمة وطبقا لمؤشرات المسح الصحي الديموجرافي 2008 ،فان هناك طفل واحد من بين كل أربعه أطفال تحت سن الخامسة مصاب بالتقزم ( 25% ) و تزيد هذه النسبة في الريف عن الحضر ( 26% ، 23% ) .
- كما أن هناك أكثر من طفل واحد من بين كل 10 أطفال مصاب بقصر قامة حاد ( > 10% ) و 7% من الأطفال المصريين مصابون بالنحافة.
- عند مقارنة هذه النتائج ببيانات المسح الصحي الديموجرافى 2005 يتبين انه كان هناك 18 % من الأطفال دون الخامسة يعانون من التقزم و 6% يعانون من قصر قامة حاد كما يتبين أن هناك تدهورا في مستوى صحة الأطفال ونموه العقلي ينشا مباشرة عن سوء التغذية.
- يعكس تتبع نسب التقزم خلال الفترة من عام 1992 إلى 2008 وجود تدهور حاد في الفترة ما بين 2005 و 2008 مما يستدعى تدخلات عاجلة لمواجهة هذا التحدي على المدى القصير والوقاية منه على المدى الطويل.
- يشير المسح الديموجرافى أن 15 % من الشباب و 23 % من البنات في سن 10 – 19 سنة يعانون من نقص الوزن عن المعدلات الطبيعية في حين أن 15 % من الشباب و 23 % من البنات من سن 10 – 19 سنة يعانون من نقص الوزن عن المعدلات الطبيعية .
- طبقا لمؤشرات المسح الصحي الديموجرافى لعام 2005 يعاني طفل من بين كل طفلين من درجه ما من الأنيميا كما نجد أن انتشار مستوى الأنيميا في الأطفال اقل من 5 سنوات عام 2005 اكبر بالنسبة لعام 2000 فبينما كانت نسبة انتشار الأنيميا بين الأطفال عام 2000 لا تتجاوز 30% ارتفعت هذه النسبة عام 2005 لتبلغ 49 % .
- يعانى 25 % من صغار الشباب و 33% من صغار الإناث من الأنيميا البسيطة أما بالنسبة للأنيميا المتوسطة يعانى 6% من صغار الشباب و 5% من صغار الفتيات و ذلك في الفئة العمرية من 10-19 سنة وتبلغ نسبة الأنيميا الشديدة أقل من 1% .
- بينما كان إجمالي نسبة الإصابة بالأنيميا عام 2000، 28 % ارتفعت هذه النسبة عام 2005 لتصبح النسبة 36% ويشير ذلك لعدم فاعلية جهود دعم تغذية الطفل في هذه المراحل السنية الخاصة مع تزايد عدد أفراد الأسرة.
- المرض وغلاء الأسعار والبطالة من الأسباب الرئيسية لانخفاض دخل الأسر الضعيفة/الهشة (دراسة برنامج الغذاء العالمي عام 2008).
- زيادة معدلات الفقر المدقع نتيجة ارتفاع معدلات التضخم في مصر, حيث ارتفعت تكلفة توفير أرخص سلعة غذائية أساسية بنحو 47% بين فبراير 2005 و2008.
- ارتفاع خطر التعرض للفقر المدقع في مصر حيث انتقل حوالي 6% من سكان مصر إلى شريحة الفقر المدقع في فبراير 2008 وهى نسبة غير مسبوقة منذ عام 1990.
هكذا يرتبط سوء التوزيع بالفقر والبطالة والمرض وارتفاع نسب الأمية ، ويتضح أن تناول اللحوم الحمراء يجب أن يكون جزء من إعادة تنظيم نمط غذاء الأسرة المصرية. لكي تتحسن صحة أطفالنا وترتفع قدرتهم علي التحصيل العلمي.
لقد اتضح من كل ما سبق أن الفقراء هم الضحية في هذا العيد والأعياد التي سبقتها.وان أهداف ثورة 25 يناير لم تتحقق بعد في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية . ولذلك قبل أن يفكر البعض في منح الصدقات للفقراء بقطعة لحم لمرة في العام ، عليهم أن يقضوا علي الفقر بإعادة توزيع الثروة وتوفير الخدمات والمرافق العامة للجميع ، لكي يستطيع الفقراء أن يشعروا بحلاوة العيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان.. مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #غرفة_الأخبا


.. ماذا حققت إسرائيل بعد 200 يوم من الحرب؟ | #غرفة_الأخبار




.. قضية -شراء الصمت-.. الادعاء يتهم ترامب بإفساد انتخابات 2016


.. طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يهتفون دعما لفلسطين




.. قفزة في الإنفاق العسكري العالمي.. تعرف على أكبر الدول المنفق