الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 14

سلام ابراهيم عطوف كبة

2014 / 10 / 7
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في 26/10/2014 يكون قد مضى عقد كامل على رحيل الدكتور ابراهيم كبة،العالم الاقتصادي المعروف والباحث الاكاديمي والمربي الاجتماعي والوزير السابق في اول حكومة بعد ثورة 14 تموز 1958.ولاطلاع الرأي العام العراقي على دوره السياسي والاقتصادي والاكاديمي في بلادنا نلقي الاضواء على جوانب هامة من نشاطاته ومؤلفاته!

-;- ابراهيم كبة غني عن التعريف
-;- الترابط بين التاريخي والمنطقي في عملية المعرفة
-;- ابراهيم كبة والاساءة للسلوك الجامعي
-;- فائض القيمة بين ماركس والاكتشافات الجديدة لإبراهامي/1


-;- ابراهيم كبة غني عن التعريف

بمناسبة الذكرى السابعة لرحيل المفكر والباحث الاقتصادي الكبير الدكتور ابراهيم كبة صدر عن دار الرواد المزدهرة في بغداد اوائل الشهر العاشر من عام 2011 كتاب سلام كبة"ابراهيم كبة غني عن التعريف".وجاء في مقدمة المؤلف"لم ير هذا الجهد المتواضع النور الا بعد تجاوز الكوابح الاجتماعية الرجعية .. الولاءات دون الوطنية .. السرطان الاجتماعي الذي خلفته دكتاتورية شباط الاسود.ويتقدم الكاتب بالشكر لكل من ساند ويساند الثقافة الديمقراطية التقدمية في عراق القرن الحادي والعشرين".كما جاء في تقديم الاستاذ مفيد الجزائري"لا يفاجيء المهندس سلام كبة القراء حين يخرج عليهم بهذا الكتاب عن ابيه الراحل.فما اكثر من كتبوا قبله في هذا العالم،عن آبائهم (او امهاتهم) تعريفا ومباهاة بهم وبما انجزوا في حياتهم، او حفظا لذكراهم، او للدافعين كليهما.لكن مؤلف كتابنا يتميز، مثل البعض في الاقل من هؤلاء، بكونه يكتب عن شخصية يطيب للغريب مثلما للقريب ان يكتب عنها.فابراهيم كبة المولود سنة 1919 لعائلة نجفية عريقة، المشبع وطنية منذ فتوته، والمندفع في تعطشه الى المعرفة والتحصيل نحو دراسة الحقوق ببغداد اواخر ثلاثينات القرن الماضي، والمتجاسر على كتابة ونشر اول مطبوع وهو بعد طالب في نحو العشرين من العمر .. هذا الانسان المقبل على الحياة مذ ذاك بحيوية ورغبة متقدتين، لم يكن عاديا...كان من ذلك الجيل الذي فتح عينيه على دفق انوار الرقي المعرفي والمادي والتقني، المنبعثة من تخوم العالم الاوربي غير البعيد، والتي يتسلل سناها الى مجتمعه في صور شتى، فيخطف الابصار، ويضيئ الواقع المحيط، ويكشف عتمته وتخلفه وركوده. الجيل الذي بدأت مداركه تتفتح من ثم بين ثلاثينات واربعينات القرن العشرين، في الزمن العاصف عالميا بفعل اهتزاز الارض على الصعيد السياسي (بنشوء وتطور اول دولة اشتراكية) وعلى المستوى الاقتصادي ( بالازمة الكبرى في 1929- 1933) تحت صروح الرأسمالية ونظامها الاستغلالي والاستعماري.. وبتأثير انطلاق وتنامي كفاح الشعوب، غداة هزيمة معسكر الفاشية في الحرب العالمية الثانية، من اجل الحرية والاستقلال وفي سبيل الديمقراطية، وانتعاش الآمال بقيام عالم ينعم بالسلام والديمقراطية والعدالة والرخاء.
انغمر ابراهيم كبة الشاب، شأن كثيرين غيره من منتسبي ذلك الجيل، في السعي الجاد لفهم شؤون وطنه ومجتمعه وشجونهما، والدور الذي يمكن ان يسهم به هو وسواه، في الخروج بهما من ظلمات التبعية والجور والتأخر والشلل، الى فضاءات الاستقلال والحرية والحركة والتطور. وشأن كثيرين من امثاله استهواه في البداية الفكر القومي، وهو ما يوضح المؤلف في الفصل المعنون " ابراهيم كبة والفكر القومي" خلفياته ومظاهره ومآله.لكن "الحرب العالمية الثانية وفشل حركة ايار 1941 في العراق" خيبا آمال الشاب المشتعل حماسة وطنية، والناظر بمنتهى الجدية والمسؤولية الى قضية الوطن والاستقلال والتقدم، وسببا له "صدمة عنيفة" كما قال هو نفسه في مناسبة لاحقة. ومع ذلك لم ينل الاحساس العميق بالخيبة والصدمة من شعوره بالمسؤولية ورغبته في خدمة وطنه وأهله، ولم يدفعه الى هجر النشاط السياسي وميادين العمل الوطني، كما حدث ويحدث للبعض احيانا. على العكس تماما، ضاعف حماسه للبحث عن الحقيقة في السياسة والعمل السياسي الوطني، وعن السبيل المفضي الى تحقيق الآمال والمطامح المشروعة لشعبه الغارق في لجج الظلم والبؤس والجهل.
في رحلة البحث هذه، التي حركتها وطنيته الاصيلة وصدقه مع النفس واخلاصه لقضية الناس والبلاد، امضى عقدا من السنين تقريبا يلتهم الكتب (مؤلفات الفكر الاوربي الليبرالي العقلي والمادي، حسب ما كتب في ما بعد) ويدرس "الفكر الديمقراطي الاشتراكي" وينقب، ويناقش، ويجادل، ويخوض الحوارات والسجالات في الجامعات ومعاهد البحث في فرنسا ومصر. وخلال ذلك يكتب اطاريح تؤهله للحصول على شهادات عليا في الاقتصاد وفي تخصصه الاصلي – القانون.
وحين رجع اخيرا الى الوطن، وكان قد تجاوز الثلاثين من العمر، كان مغايرا تماما لذلك الشاب الذي نشر قبل عشر سنوات مطبوعه الاول "وجهة القومية الحديثة". مغايرا في نظرته الى المجتمع والحياة على وجه الخصوص، في فكره، في موقفه والتزامه السياسيين.وآنذاك بدأت مسيرة حياته اللافتة - اكاديميا ومفكرا وشخصية وطنية مناضلة، رجل اقتصاد وسياسة وقانون مرموقا، وزيرا ومهندسا للاقتصاد الوطني العراقي بعد ثورة 14 تموز ومفاوضا امينا في التعبير عن مصالح شعبه ووطنه ومتفانيا في الدفاع عنها.وكانت مسيرة فاعلة مشرفة وضاجة بالعطاء، بقي الرجل على امتداد خمسين سنة لاحقة واكثر، حتى رحيله سنة 2004، حريصا على مواصلتها، متمسكا بمبادئها، وفيا لجوهرها.وللمهندس سلام كبة كل الحق في ان يعتز بأبيه - وهو ما يشاركه فيه الوطنيون العراقيون الواعون جميعا.وحسنا يفعل حين يعبر عن اعتزازه باصدار هذا الكتاب، الذي يعرّف فيه بالراحل الكبير وبسيرة حياته وانجازه، وينشر رسالته الوطنية والتقدمية الاصيلة، ويحفظ ذكراه المنيرة – الجديرة بالحفظ والصون."
لقد تضمن كتاب"ابراهيم كبة غني عن التعريف"السيرة الذاتية ومواد في ملف العدد 333 من مجلة الثقافة الجديدة الغراء،واهم مؤلفات الدكتور كبة في العهدين الملكي والجمهوري،ومنها الدراسة غير المنشورة سابقا عن الحياة الحزبية في العراق،والاقطاع في العراق،والفوضوية،والبراغماتية،والفكر الرجعي في العراق،ومقالات اكاديمية:منها..اشكالية الاقتصاد الانتقالي،حول تحليل ماركس لنمو المتناقضات داخل الظواهر الاقتصادية،حول نظرية القيمة الماركسية وقضايا اخرى،من التفسيرات الاكاديمية للفكر الاقتصادي الاقطاعي.."

-;- الترابط بين التاريخي والمنطقي في عملية المعرفة

مادة"الترابط بين التاريخي والمنطقي في عملية المعرفة"،هي عنوان الفصل التاسع من كتاب م . روزنتال "مشاكل الجدل في - رأس المال –"والذي ترجمه الدكتور ابراهيم كبة اواسط سبعينيات القرن الماضي.وفيما يلي سرد للفصل حسبما نشرته مجلة الثقافة العراقية لصاحبها المرحوم الدكتور صلاح خالص في عددها الثاني / شباط 1983.
ان التحام التاريخي والمنطقي، في عملية المعرفة، هو احدى المشاكل الجوهرية لنظرية المعرفة. فإذا كانت المعرفة، في منهج البحث التحليلي، تسير من المجرد الى المحدد لاستعادة المحدد، علمياً، بكل غنى مظاهره، فما هي العلاقة بين هذه العملية التي تجري في الذهن والعملية التاريخية الحقيقية؟ وهل تتفق المقولات الاكثر تحديداً وتعقيداً مع علاقات اقتصادية ظهرت بعد ذلك على مسرح التاريخ؟ او بعبارة اخرى، هل تتفق الحركة من المجرد الى المحدد مع عملية التطور التاريخية؟ كذلك تقدم مشكلة التاريخي والمنطقي جانباً آخر لايقل اهمية:
ماهي العلاقة بين مسيرة المعرفة المنطقية والتطور التاريخي للفكر نفسه، للمعرفة نفسها؟
لقد أجاب ماركس عن جميع المسائل المتعلقة بمشكلة التاريخي والمنطقي، بتطبيق الجدل، بصورة محددة، ونظرية المعرفة الجدلية في دراسة نمط الانتاج الرأسمالي، كما أنه اختبر على الاخص هذه المسائل عينها في فصل (منهج الاقتصاد السياسي) من مؤلفه (اسهام في نقد الاقتصاد السياسي). هذا وان تقرير انجلز عن هذا المؤلف يضم اشارات مهمة جداً في هذا الموضوع.
ولإيضاح جوهر مشكلة الترابط بين المنطقي والتاريخي في عملية المعرفة بالذات، لنبدأ بإختبار هذه الاشارات الخاصة لماركس وانجلز. ان ماركس يستشهد بأمثلة تظهر بأن ابسط المقولات تعبّر، ايضاً، عن ابسط العلاقات الاقتصادية، التي سبق وجودها التاريخي وجود العلاقات المعقدة. تلك هي حالة النقود. (ان النقود توجد وقد وجدت تاريخياً قبل وجود رأس المال ووجود رأس المال ووجود المصارف ووجود العمل الأجير ...الخ.
وبهذا الصدد يمكن القول، اذن، بأن المقولة الأبسط يمكن ان تعبر عن علاقات سائدة لمجموع اقل تطوراً، او بالعكس عن علاقات مسودة لمجموع اكثر تطوراً وجدت تاريخياً، قبل ان يتطور المجموع في الاتجاه الذي وجد تعبيره في مقولة اكثر تحديداً، والى هذا الحد فإن مسيرة الفكر المجرد الذي يرتفع من الابسط الى الاكثر تعقيداً، تتفق مع العملية التاريخية الحقيقية).
ولكن ماركس يستشهد، ايضاً، بأمثلة من نوع آخر، تثبت وجود او امكانية وجود علاقات اقتصادية اكثر تطوراً في غياب النقود.
وينطبق هذا، على الخصوص، بالنسبة للتعاون وتقسيم العمل ... الخ. وهو يضيف، بهذا الصدد، بأن ابسط المقولات لا تفصح عن نفسها، بصورة كاملة الا في مرحلة عليا من التطور التاريخي.ويستشهد تدليله هنا بمثال العمل المجرد. لقد عرفت هذه المقولة منذ العصر القديم، الا ان مقولة العمل بوجه عام لم تصبح (صحيحة عملياً) الا في المجتمع البورجوازي فقط عندما اصبح الدور الحاسم للعمل بوجه عام وليس لاشكاله المحددة، واصبح العمل المحدد (عرضياً وبالتالي متساوياً) بالنسبة للفرد. ان الجواب الذي يعطيه ماركس لمشكلة الالتحام بين المنطقي والتاريخي يمكن ان يرد الى القول بأن مسيرة الذهن الصاعدة من المجرد الى المحدد يجب ان تعكس الخطوط العريضة للعملية التاريخية الواقعية بمجموعها: ان هذا الانعكاس معقد، يضم المرحلة التي تتضمن الابتعاد عن الاستنساخ الدقيق للعملية التاريخية.
كذلك اعطى انجلز نفس الجواب في تقريره عن (اسهام في نقد الاقتصاد السياسي). لقد تكلم عن اسلوبي البحث، المنطقي والتاريخي. وبالنظر لأنه يشير بأن التطور التاريخي يسير عموماً في خطوطه الكبرى من العلاقات الابسط الى العلاقات الأكثر تعقيداً، فقد يحمل على الاعتقاد، لأول وهلة، بأن المنهج االصحيح الوحيد هو المتابعة المباشرة لعملية التطور المذكور. الا أن هذا المنهج، في التطبيق، سيضطر الانسان لاعادة جميع (قفزات) و (تعرجات) التاريخ، وبالتالي سيكون من العسير اكتشاف منطق التطور: ان مسيرة الفكر سوف تنقطع في الغالب، واذن كما يقول انجلز ، ان المنهج المناسب هو المنهج المنطقي وحده. ويستهدف منهج البحث المنطقي، حسب انجلز، معرفة المنطق الداخلي لتطور ظاهرة ما معطاة. فهل ينتج عن هذا بأن المنهج المنطقي يتعارض جذرياً مع المنهج التاريخي؟ ابداً. لقد اشار انجلز الى ان هذا المنهج ما هو في الواقع ( الا المنهج التاريخي بعد تجريده فقط من الشكل التاريخي ومن الصدف المشوشة وان مسيرة الفكر يجب ان تبدأ بواقعة يبدأ منها التاريخ موضوع البحث، ولن يكون تطورها اللاحق الا انعكاساً، في شكل مجرد ومتماسك نظرياً، للمسيرة التاريخية. انه انعكاس مصحح، ولكنه مصحح طبقاً لقوانين يفرزها المجرى الواقعي للتاريخ نفسه، وكل لحظة من لحظاته يمكن ان تلاحظ عند نقطة التطور التي يبلغ فيها نضجه الكامل، بنقائه الكلاسيكي). لهذا يجب علينا، في مسيرتنا الصاعدة، من المجرد الى المحدد، متابعة التطور التارخي الحقيقي للعلاقات الاقتصادية. ولكن من الجهة الاخرى سوف يكون من الخطأ الاعتقاد بأن التحليل النظري يجب ان يأخذ بالاعتبار المقولات الاقتصادية في التسلسل الذي يمليه مجرى التطور التاريخي فقط. لقد قدر ماركس وانجلز بأن منهج الدراسة المنطقي للانتاج الرأسمالي هو الوحيد المقبول بين المنهجين الممكنين. وعلى كل حال، فإن وجهة النظر المنطقية ووجهة النظر التاريخية لم تظهرا لهما، كطريقين مستقلين، بل كوجهين وثيقي الارتباط لنفس المنهج الدراسي الذي سماه المنهج المنطقي او التحليلي.
وكمثل للاستشهاد لنعد تناول (رأس المال)، الذي يثبت، مرة اخرى كامل الاهمية لفهم نظرية المعرفة الماركسية. ان دراسة منهج ماركس تقدم، قبل كل شيء، الدليل البليغ على ان ماركس، بالسير من البسيط الى المعقد، ومن المجرد الى المحدد، في تحقيقاته حول نمط الانتاج الرأسمالي، يستعيد عملية التطور التاريخي للرأسمالية بخطوطها العريضة. وبهذا المعنى يتدخل المنطقي، من دون شك، في (رأس المال) كانعكاس للتطور التاريخي للعلاقات الاقتصادية الرأسمالية. وليس منا، على كل حال، ماهو اكثر انطباقاً على الطابع المادي والجدلي للمنهج الماركسي.
وهناك، على الأقل، مبدءان في هذا المنهج يستلزمان التحليل المنطقي للواقع الذي يعكس العملية التاريخية لتطور هذه الظاهرة او تلك. فأولاً، يؤدي الفصل بين المنطقي والتاريخي الى معالجة الحقيقة من منظور مثالي عملياً، الأمر الي لا يتفق بداهة مع الطابع المادي للمنهج الماركسي. يجب ان يتشكل الهيكل النظري المنطقي على صورة منطق الواقع نفسه. ان منطق النظرية يعكس منطق الحياة نفسها وليس العكس. وبالتالي، فأن طبقاً لهذا المبدأ المادي للمنهج الماركسي، يجب ان يتفق المجرى المنطقي للتحليل مع المعملية الموضوعية للتطور التاريخهي. وثانياً، فإن كل ظاهرة تتطور وفقاً للجدل الماركسي، ولايمكن فهمها الا في ولادتها وتطورها، وفي استبدال العتيق لاية ظاهرة اختبارها في تطورها التاريخي منذ بدايتها حتى نهايتها. واذن فطبقاً لهذا الطابع الجدلي للمنهج الماركسي كذلك يجب ان يستعيد التحليل المنطقي المنطق الموضوعي لتطور الظواهر. وهذا هو السبب في ان المنطقي، في نظرية المعرفة الماركسية، يدرس بعلاقته الوثيقة غير القابلة للإنفصام بالتاريخي. ان المنطقي هو تاريخي، ايضاً، لانه يعبر، في شكل معمم، عن ظواهر وعمليات حقيقية، وبالتالي متغيرة تاريخياً.
لقد عبر لينين، بصورة ممتازة، عن اتفاق المنطقي مع التاريخي، (رأس المال)، بالقول بان هذا المؤلف ينطوي على تاريخ الرأسمالية وتحليل المفاهيم التي تلخصها.
والواقع ان تحليل ماركس ينطبق، اولاً، على السلعة، اي على الانتاج والتداول السلعيين البسيطين. وليس في هذه البداية اي شيء مصطنع او تعسفي في الواقع. لقد استرشد ماركس بالمبدأ الذي بموجبه تبدأ مسيرة الأفكار حيث تبدأ مسيرة التاريخ. لقد نشأ نمط الانتاج الرأسمالي من الانتاج السلعي البسيط. فالسلعة، وهي نقطة انطلاق تاريخية، هي نقطة الانطلاق المنطقية كذلك. ثم يحلل ماركس ، بعد ذلك، تفصيلاً، اشكال القيمة التي يؤدي تطورها الى ولادة النقود، ودراسة اشكال القيمة هي نموذج ساطع للتحليل المنطقي القائم على سير التطور التاريخي.
ان التطور المنطقي لمفاهيم اشكال القيمة، من الشكل البسيط فالشكل الكلي والشكل العام الى الشكل الذي، هو الانعكاس النظري العميق للعملية التاريخية الحقيقية، عملية تطور الانتاج والتداول السلميين. ويظهر مثال دراسة اشكال القيمة، بوضوح بأن ماركس يقيم تحليله المنطقي على اساس تعميم حشد هائل من الوقائع التاريخية. ان انعكاس التاريخي في السير المنطقي للفكر ما هو الا دراسة الوقائع المحددة للممارسة الاجتماعية المحددة.
ترى ... اين يكمن خطأ الاقتصاديين البورجوازيين في قضية المنطقي والتاريخي؟
يجيبنا روزنتال عن هذا السؤال ، بالقول (ص360)، ان خطأهم ناجم عن انهم لم يعتبروا المنطقي عاكساً لعملية التطور التاريخي للقيمة. فلقد عجزوا عن فهم مقولة سعر الانتاج او تمييزها عن القيمة، وذلك بسبب عدم اعتبارهم القيمة كظاهرة لها تطورها التاريخي. واذا كان ماركس قد سار من القيمة الى سعر الانتاج بإعتباره شكلاً محولاً للقيمة، فليس في ذلك اي شيء مصطنع، وانما هو مجرد نتيجة لحقيقة ان التطور المنطقي للفكر يجب ان يتبع المجرى التاريخي الواقع المحدد. ان التبادل حسب القيمة لم يكن ممكناً الا على مستوى منخفض من تطور الانتاج والتبادل السلعيين، وبالعكس فإن التبادل طبقاً لسعر الانتاج يتطلب مستوى الانتاج السلعي الرأسمالي. ولذلك درس ماركس اولاً قانون القيمة ثم درس، بعد ذلك، سعر الانتاج، ليس فقط بسبب ان هذا الاخير كشكل محول للقيمة، أيسر على الفهم انطلاقاً من قانون القيمة، بل كذلك لأن التبادل حسب القيمة سبق تاريخياً التبادل طبقاً لسعر الانتاج.
ويتابع روزنتال المسألة، تفصيلاً، فيؤكد (ص362) ان كل من يجهل القوانين، جوهر الظواهر، لا يستطيع ان يعطي الا وصفاً سطحياً لتطورها، ولا يستطيع تجاوز مستوى الملاحظة، النافذة، احياناً، على كل حال. ان استعادة العملية التاريخية في الذهن تفقد كل قوتها، ان لم تكن مستندة الى معرفة القوانين المحركة للعملية التاريخية. ومن الممكن بسهولة فهم لغز التراكم البدائي اذا سبقه اولاً استخلاص لجوهر نمط الانتاج الرأسمالي، ولكن اذا بقي الأخير مجهولاً فإن عرض التاريخ السابق للرأسمالية يقتصر على وصف خارجي لظواهر هذه المرحلة، التي تبدو لنا عندئذ وكأنها تراكم عشوائي مجرد من اي منطق داخلي. ومن وجهة النظر هذه ، يمكن وابتداءا بتدقيق جوهر نمط الانتاج الرأسمالي، للانتقال، بعد ذلك، فقط، لاثارة سر التراكم البدائي لرأس المال. ان جوهر رأس المال، كما اثبت ذلك ماركس، يمكن في استغلال الرأسمالي (المالك لوسائل الانتاج) للعمال المحرومين منها، وبالتالي – فمن اجل ظهور وبقاء رأس المال كان يجب مرور حقبة تاريخية تنتزع خلالها تدريجياً ملكية المنتجين المباشرين، ويتم فيها الفصل بين المتجين والملكية. وهذا هو جوهر وقانون التراكم البدائي لرأس المال. ان الدراسة المنطقية لهذه المسألة كانت تقتضي عرض المواد في نظام يتعارض، تماماً، مع التطور التاريخي الواقعي.
ليس من باب الصدفة انه في اواسط القرن التاسع عشر، استطاع العلم، متجسداً في ماركس وانجلز، اكتشاف قوانين التطور التاريخي للمجتمع. ان ذلك يعود ، لحد كبير، الى تعرية نمط الانتاج الرأسمالي، اكثر من أي وقت مضى، لآلية تطور المجتمع الطبقي – التي كانت مقنعة ومخفية في التشكيلات السابقة – باظهار ان التطور المذكور يقوم على تصادم المصالح المادية للطبقات المختلفة القائمة. لقد نتجت المادية التاريخية، كنظرية للقوانين العامة لتطور المجتمع، بالدرجة الاولى من دراسة نمط الانتاج الرأسمالي، النمط الاكثر تطوراً بين التشكيلات الاجتماعية المتضادة. وقد كان تشريح الرأسمالية المفتاح لتشريح كامل التطور الاجتماعي السابق، اي تطور المجتمع البشري بوجه عام.ومن هنا الاستنتاج التالي:
طالما يمكن انطلاقاً، من الشكل الاكثر تطوراً، ونسبياً الاكثر اكتمالاً، للظاهرة فهم جوهرها الداخلي ومنطقها وقانونها على الوجه الافضل، اذن يجب التصرف بالمعطيات التاريخية بشكل معين، لا يتفق دائماً مع مجرى التاريخ الواقعي. ان التاريخي هو الحياة نفسها، اما المنطقي فهو جوهر الحياة المستخلص بالبحث النظري، وان قوة الاسلوب المنطقي تكمن في كشف هذا الجوهر التاريخي، هذا النمط الرئيسي للتطور، بعد انتزاعه من كل ما يضفي عليه الابهام.
وبالنتيجة، اذا لم يكن بالامكان فصل المنطقي عن التاريخي، لأن ذلك يعني قطع الفكر عن الحياة وعن الواقع، واذا كان المنطقي هو صب ونسخ للتاريخي، فهو كذلك ليست مجرد نسخة عنه، او انعكاساً ميتاً للواقع، بل انعكاساً نفذ اليه الذهن الانساني القادر على استخلاص الجوهري من التاريخي، ونبذ العرضي والهامشي، واخضاع جميع السمات الخاصة والتفاصيل لهذا العنصر الجوهري.
ان نهج البحث المنطقي، اذن، يقدم تركيباً نظرياً لمجرى التاريخ. ان كل مقولة اقتصادية تستند لدى ماركس، الى وقائع تاريخية تقوم بتنظيمها، دون ان تفوتها لحظة واحدة، وان حركة المقولات الاقتصادية وتحولها المتبادل يعكسها تطور الرأسمالية ونهايتها الحتمية.
ان انتاج فائض القيمة هو العمود الفقري لكل عملية التطور التاريخي للرأسمالية، وهو يشكل جوهرها واساسها، ومن دونه لا يمكن معرفة اي شيء عن نمط الانتاج الرأسمالي. انه القانون الاقتصادي الاساسي للرأسمالية، الذي يختبر ويفسر جميع جوانب المجتمع البورجوازي،ولذلك فإن ماركس يخضع جميع دراسته لتحليل هذا القانون الاقتصادي الاساسي للرأسمالية. وبالضبط لابراز هذا القانون بقوة، عبر جميع مظاهر الرأسمالية، يتصرف ماركس بالمقولات الاقتصادية ويدرسها بما يتفق مع هذه المهمة الرئيسية.

-;- جاء في كتاب رئاسة جامعة بغداد المؤرخ في 15/3/1964:" بحث المجلس في قضايا المعزولين والمفصولين من اعضاء الهيئة التدريسية والموظفين في الجامعة،وبعد مناقشة موضوعهم تقرر مايأتي:اعادة المعزولين والمفصولين من الخدمة بقرار من مجلس الجامعة،ويستثنى من ذلك:- اولا – المشهورون باساءتهم للسلوك الجامعي وهم:-
1. صلاح خالص
2. يوسف عبود
3. عبد الكريم الخضيري
4. روز خدوري
5. ابراهيم كبة
6. عبد الجبار رمو
7. مهدي مرتضى
8. مهدي الغروي
9. اسماعيل مرزة
10. طه الشيخ يونس
11. ليون جورج يونان
12. سعاد محمد
ثانيا – الاعضاء في الحزب الشيوعي وهم : ........"


• كتب الدكتور حسين علوان حسين في الحوار المتمدن تاريخ 8/5/2012 دراسة معنونة"فائض القيمة بين ماركس والاكتشافات الجديدة لإبراهامي/1"،جاء فيها:"بتاريخ 4/5/2012،قرأت على عجل مقالة للرفيق عذري مازغ الموسومة"فائض القيمة في - زوبعة فنجان-" المنشورة في العدد 3719 من الحوار المتمدن،فأعجبتني طريقة عرضه الجديد لهذه النظرية العلمية الفذة والتي ستبقى حية ونافذة المفعول حتى زوال النظام الرأسمالي.ولتطرق الباحث الكريم إلى"تبسيط"الموضوع على نحو واف من طرف ماركس،تذكرت الكيفية التي بسّط فيها المرحوم الدكتور إبراهيم كبة هذه النظرية لأحد الطلبة بعجالة،فوددت إطلاع قراء الحوار المتمدن الأعزاء عليها كجزء يسير جداً من واجب الوفاء لهذا العالِم العراقي الكبير المغدور!"
واستطرد د. حسين علوان حسين"في العراق عاش بين ظهرانينا وزيراً وأستاذا ومربياً جليلاً عالم إقتصاد فذ هو الدكتور المرحوم إبراهيم كبة(وهو أحد الذين غدر بهم أهليهم مثل كل العقول العراقية الكبيرة المغدورة منذ عام 1963 ولحد الآن).الدكتور المذكور كان يتقن تسع لغات.مرة بسّط قانون فائض القيمة لأحد محدثيه من زملائي الطلاب،أمامي،فقال:"العمل وحده هو خالق القيمة بفضل إنتاج العامل للبضاعة في نظام الإنتاج الرأسمالي.الرأسمالي لا يعمل،إذن هو لا يخلق أية قيمة.من أين تأتيه عوائد الإنتاج ما دام لا يعمل؟الجواب:من سرقة حقوق العامل الخالق الوحيد للقيمة.ذلكم هو فائض القيمة،تحياتي وتقديري لكم"إنتهى".
وتابع د.حسين علوان حسين وهو يخاطب يعقوب ابراهامي"الدكتور إبراهيم كبة أستاذ متخصص في الإقتصاد السياسي وعالم ماركسي دَرَس ودرّس مؤلفات ماركس أكاديمياً في أرقى الجامعات العالمية بنصوصها الأصلية!...وهو في تقييمه لقانون ونظرية فائض القيمة يؤكد ان العمل وحده هو خالق القيمة(وهذا المبدأ يعود لريكاردو والذي إستعاره ماركس منه)،ويعكس ما جاء في البيان الشيوعي أنه في المجتمع البورجوازي..أولئك الذين يعملون لا يمتلكون شيئاً،وأولئك الذين لا يعملون يستطيعون تملك كل شيء،وما جاء في "رأس المال" حول سرقة البورجوازي لقوة عمل العامل الأجير لديه!وان مبدأ فائض القيمة لا ينطبق إلا على أسلوب الإنتاج الرأسمالي!
مرة سأل الدكتور كبة أحد الدينجية:"دكتور شنو رأيك بكتاب الصدر:إقتصادنا؟" أجاب:" ليش هوا اكو اقتصاد اسلامي؟"الانتقاد سهل،اما الابداع فهو صعب". انتهى.
يذكر ان الدكتور حسين علوان حسين كان يرد في دراسته القيمة هذه على يعقوب ابراهامي الذي وصف تبسيط الدكتور كبة اعلاه بالتشويه،وبعد ان تجاوز وتخرص كثيرا على ماركس نفسه!
" http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?t=2&aid=306806"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا