الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا .. والخيارات الصعبة !!

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2014 / 10 / 10
السياسة والعلاقات الدولية


تركيا .. والخيارات الصعبة !! زيرفان البرواري

ان شبح التمدد الداعشي بات العنوان العريض للاعلام على المستوى الدولي والاقليمي وتحول الى الشغل الشاغل للمحلليين والمراقبين في مجال تحليل الاحدث والمعطيات السياسية، فالتغييرات الديناميكية في الشرق الاوسط والمفاجئات السياسية قد عقدت مسالة فهم المتغييرات في السياسة العامة والخارجية لللاعبين الدوليين في المنطقة. فالاستقرار السياسي والاقتصادي باتوا امام خطر حقيقي واحتمالية تحول المنطقة الى ساحة الحروب الاقليمية بات السيناريو المرتقب في ظل الاحداث المتسارعة.
السؤال الذي يبادر الى الذهن هو اين انقره مما يجري على حدودها والى اي مدى تعاني انقرة من سياسة العزلة بعد طموحاتها القائمة على اساس تصفير المشاكل مع الدول المجاورة؟
إن السياسة الخارجية التركية في ظل الحكومات التركية منذ 2001 قد مرت بمراحل مهمة وتعرضت لتغييرات جوهرية ارتبطت بتغيير وجهة الدولة التركية واولوياتها في البعد الخارجي، وكذلك تغيير النخبة الحاكمة الذي وجدوا في العمق الاسلامي الممر الاستراتيجي نحو تحرير تركيا من ديونها وازماتها الاقتصادية من ناحية وباب الخروج من ازماتها السياسية خاصة فيما يتعلق بموقع تركيا في كل من اوربا والشرق. فالفعالية والمرونة في السياسة الخارجية لانقرة قد اثرت بصورة مهمة على موقع الدولة التركية وكذلك على الاولويات المتبعة في السياسة الخارجية لهذا البلد.
ان تركيا في ظل العدالة والتنمية تبنت مفهوم المثالية السياسية في صنع قرارها الخارجي ورسم سياستها الخارجية مع كل من البلقان والشرق الاوسط فضلا على الحفاظ على نوع من الواقعية السياسية في علاقتها مع كل من اسرائيل واوربا الغربية. وفي هذا الاطار يمكننا ذكر مبدا تصفير المشاكل مع دول الجوار التي صممها داود اوغلو مهندس السياسة الخارجية التركية في حقبة العدالة والتنمية. فالحكومة الجديدة حاولت الاستفادة من الارث الثقافي والتاريخي للامبراطورية العثمانية من خلال تبني المنهج المثالي في السياسة الخارجية الا ان الربيع العربي والتدخل التركي في ثورات العالم العربي قد اثرت على الاستراتيجية المرنه لانقرة وغيرت موقع تركيا من دولة حيادية مع قضايا المنطقة ( العلاقات الاسرائيلية ـالسورية، الملف النووي الايراني) الى دولة فاعلة في دعم قضايا التحرر ومطالب الشعوب، وبناءأ على ذلك بدأت تركيا تفقد تاثيرها على الكثير من الملفات باستمرارها على نهج المثالية في العلاقات الدولية، الامر الذي ادى الى تغيير السياسة الخارجية من تصفير المشاكل الى تصفير الاصدقاء في البعد العربي خاصة سوريا وبعض دول المنطقة.
وفي ظل المعطيات والتطورات السياسية الجديدة وظهور داعش تحت شعار دولة الخلافة وتعرض الامن الاقليمي للشرق الاوسط الى خطر حقيقي بدا تركيا تفكر في الخروج من مازقها باقل الخسائر وعدم التسرع في المشاركة في الحملات الدولية دون ضمان موقف تركي لا تقتصر على المشاركة وفق توجيهات دول اخرى وانما المشاركة وفق شروطها ومعايير القوة التي تمتلكها انقرة في محيطها السياسي والعسكري. لذلك يمكننا ربط عدم مشاركة انقرة في حملة الحرب على الارهاب الداعشي بعاملين:
اولا: الخوف من بقاء نظام الاسد والحرب بالوكالة من اجل حماية ذلك النظام او بالاحرى ضياع مزيد من الوقت في الانشغال بمجموعات ارهابية مع ترك طاغية دمشق للاستمرار في حمالته الترهيبية ضد المواطنيين العزل، فالساسة الاتراك لا يشاركون في المشاريع الدولية بصفة العطاء وانما لدى انقرة سياسة مستقلة يصنعه الاتراك بانفسهم دون الرجوع الى البيت الابيض او الكرملن مثل الدول العربية الاخرى التي تحصل على قرارات جاهزة مجهزة كقهوة الصباح في اروقة مكاتب القادة العرب. ان تركيا تريد المشاركة في الحملة ضد داعش بشرط اقامة منطقة امنه لتحقيق منجزات الثورة السورية وكذلك تخفيف العب على تركيا باقامة مخيمات لللاجئين السوريين على الاراضي السورية. وهذا التردد التركي إفراز للعوامل المذكورة الا ان تركيا سوف تخرج من صمتها عندما تضمن نتائج ايجابية، او التحرك بدافع الطوارى واضاعة فرص الحياد.
ثانيا: الخوف من النفوذ الكوردي المتمثل بالعمال الكوردستاني لان تركيا ترى في كوردستان الغربية- العمق العسكري والسياسي للحزب العمال الكوردستاني، وان التوسع السياسي والعسكري لقوة حماية الشعب الكوردي سوف تتعكس سلبا على الامن القومي التركي حسب ما يعتقده القادة الاتراك، لذلك ترى انقرة ان ما يجري في كوباتي ما هو الا مشروع اقليمي تحاول انقرة الاستفادة من نتائجها قدر المستطاع، فالدولة التركية لا تزال لديها مخاوف من الاستقلال الكوردي على حدودها مع سوريا الامر الذي تُغيير السياسة التركية من سياسة قائمة على القوة المرنه الى سياسة قائمة على المفهوم الامني والعسكري من جديد.
ان التردد التركي يرتبط بالموقف البراكماتيكي للدولة التركية في الوقت الراهن، ولدى انقرة مخاوف من تدخل دول اقليمية كايران بالشكل الذي تخدم ايران على حساب التواجد العسكري والسياسي لتركيا في المنطقة. فالخيارات التركية الصعبة سوف تفرز خيارات اصعب في المرحلة القادمة اذا اخفقت تركيا في إرضا الاطراف المجاورة خاصة الكورد، لان انقرة لا تستطيع الانقطاع عن محيطها الاقليمي ولابد من تبني سياسة قائمة على التقرب من الكورد بدلا من استخدامهم مرة اخرى في سياسات خاطئة تكون عواقبها وخيمة على ما تحققتها تركيا خلال العقدين الماضيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار غزيرة تضرب منطقة الخليج وتغرق الإمارات والبحرين وعمان


.. حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر




.. لبنان يشير إلى تورط الموساد في قتل محمد سرور المعاقب أميركيا


.. تركيا تعلن موافقة حماس على حل جناحها العسكري حال إقامة دولة




.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس