الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختفاء رباب ماردين 28 (الأخيرة)

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2014 / 10 / 17
الادب والفن


العودة

طلبتُ إجازة لمدة أسبوع وغادرت البيت بسرعة في نفس ذلك اليوم. كنت في عجلة من أمري. أردتُ أن أجدها بأي ثمن! وبأسرع وقت!
عدت الى هناك. حارتي القديمة التي عشتُ فيها أجمل أيام حياتي، لعبتُ بين أزقتها، ونشأتُ مع أناسها الطيبين، البسطاء.
كان منزلنا القديم ما يزال قائما، مهملا. فكّرتُ في بيعه، ولكنني وجدتُ أن ثمنه لا يستحق أن يباع من أجله، فأبقيته على حاله. لم أعرف أنه سيأتي يوم أعود فيه الى هناك.
وصلت في ساعة المغيب ودخلت البيت. كان الغبار يغطي كل شيء. تركت حقيبتي بالقرب من المدخل ولم تكن بي رغبةٌ سوى رؤية منزل عائلة رباب القديم.
خرجت وأنا أستحث خطاي واتّجهت نحو المنزل. لم يكن يبعد عن منزلنا كثيرا. قطعت الشارع الضيق الى الجهة الأخرى وهبطت نحو المنحدر الذي يؤدي الى شجرة التين الكبيرة التي طالما لعبنا بين أغصانها... حتى وصلت الى هناك.
وفجأة...
رأيت النور مضيئا في البيت. هناك أحد يسكن في البيت!
تردّدت قليلا. ولكن كان عليّ أن أتوجّه الى الباب وأطرقه، وذلك ما فعلت.
بعد وهلة... فُتح الباب.
وقف أمامي شابٌ أسمر، نحيفٌ وطويل القامة. تذكّرتُ تلك الملامح. إنه كان مازن، أخ رباب.
اختنقت الكلمات في حلقي.
"لينة؟" سمعته يهتف بدهشة. "أهذه أنت؟"
"مازن...؟" هتفتُ وإنا أحاول استعادة اتّزان نفسي.
"ماذا تفعلين هنا؟ ظننتُ أنك تركتِ الحارة."
"وصلت للتو."
"تفضلي، ادخلي."
دخلتُ وجلستُ في غرفة الضيوف الصغيرة، ذات الأثاث البسيط، وجلس هو أمامي.
سألته: "منذ متى تسكن هنا؟"
أجاب مبتسما: "منذ عدة شهور."
"وما أحوال أفراد عائلتك؟ وأين هم الآن؟"
"لقد غادروا البلاد. أنا الوحيد الذي بقيتُ هنا. لم أرغب في مغادرة هذا المكان، فأنا أحبّ هذه الحارة. لذلك، عدتُ إليها، وأعيش الآن لوحدي في بيتنا القديم."
"... وماذا عن رباب؟؟"
تنهّد طويلا... ثم أجاب: "ربما سمعتِ عما حدث لها، فقد ورد الخبرُ في الصحف. لقد اختفت. اختفت بعد أشهر قليلة من زواجها من حسام ماردين."
"ولكن... ألم تجدوها بعد؟"
هزّ رأسه نافيا... ولم يقل شيئا.
"ألم تتّصل بأحد منكم؟" حاولتُ حثّه على الكلام.
"لا نعرف عنها شيئا، ولا نعرف إن كانت على قيد الحياة." قال بحزن وأسى.
انغمست في لحظة صمت برهة وأطرقت أفكّر.
قلت فجأة، دون تفكير مسبق: "ولكن... لا بد أنها اتّصلت بأحد. الى أين يمكن أن تذهب؟"
"كما قلت لك، للأسف، لا نعرف إن كانت ما تزال على قيد الحياة، فقد تعرّضت للكثير في بيت زوجها."
"أعرف. أعرف كل شيء. كما أنني أظن أنها ربما تكون قد هربت من ذلك البيت."
"تعرفين؟ كيف ذلك؟"
"أنا أعيش منذ أشهر في بيت عائلة ماردين، أعمل ممرضة للسيدة ماردين، وعرفتُ الكثير مما حدث لرباب في ذلك البيت. وقبل يومين، اعترف وسام ماردين بأنه قتل رباب في لحظة غضب وتركها. ولكنها لم توجد. ثم اكتشفتُ مؤخّرا أن هناك من رآها تهرب من البيت في وقت لاحق من نفس ذلك اليوم."
بقي مازن في سكوت مبهم. وبعد لحظتين... سأل: "إن كان وسام ماردين قد اعترف أنه قتلها فكيف رأوها تهرب؟"
لم أعرف الجواب، ولم أقل له إن من ادّعت رؤيتها... تعيش في مصحة نفسية!
"أنا آسف." قال. "لو كانت قد هربت فأنا واثق أننا كنا قد سمعنا شيئا منها."
عدتُ الى بيتي. كنت مرهقة جدا. رتّبت أمتعتي وأخذت حماما ساخنا ثم ذهبت للنوم.

* * *

في صباح اليوم التالي، جلست على شرفت البيت أرتشف فنجان قهوة، مستغرقة في تأمل ما حولي من بيوت الحارة وشوارعها التي لم تتغيّر كثيرا. دهمتني الأفكار وغمرتني ذكريات الطفولة الجميلة التي عشتها في هذا البيت الذي لم تنقطع عنه رباب. ذهبتُ الى الدكان لشراء بعض الحاجيات، ثم تناولت فطورا خفيفا وانشغلت في ترتيب وتنظيف البيت حتى ساعات العصر.
خرجت لتناول وجبة غداء سريعة، وفي طريق العودة تجوّلت بين الأزقة الضيقة، القديمة، التي طالما لعبتُ بين جدرانها، فرحتُ ومرحتُ مع باقي أطفالها.
قادتني خطاي الى الحديقة العامة التي كنت أتردد إليها كثيرا في صغري. جلستُ على أحد المقاعد الخشبية المتواجدة في زواياها وأخذت أتأمل الأطفال الصغار وهم يلعبون، يضحكون ويمرحون.
تذكّرتُ طفولتي، كم كنت أحب هذا المكان وأتردد إليه بصحبة رباب. حتى حين كبرنا كنا نأتي ونجلس على المقاعد الخشبية ونفضي بأسرارنا الى بعضنا البعض.
بقيتُ جالسة، أستذكر أيام الطفولة في حارتي القديمة، الحبيبة، حتى بدأت العتمة تلف المكان فعدت الى بيتي.

* * *

مرّت ثلاثة أيام.
بدأ إحساسٌ بالفشل يتسلل الى نفسي واليأس الداكن يتمطّط في صدري.
هل حقا هربت رباب؟؟ تساءلت في نفسي مرارا. كيف يمكن تصديق فتاة مثل شادية؟! ربما لم يحدث شيءٌ مما قالت. إنها ليست مسؤولة عن أقوالها... كما أفعالها. ربما توهّمتْ أنها رأتها وهي تهرب، مثلما تتوهّم أباها الميت وهو يأتي إليها ويكلّمها، او ربما اختلقت كل القصة.
كل شيء جائز.
لقد اعترف وسام أنه قتلها. ولماذا يعترف بذلك إن لم يكن قد فعلها؟
لقد ماتت. رباب ماتت. يجب أن أسلّم بالأمر.
ولكن أين هي؟؟
كنت جالسة على مقعدي في الحديقة العامة، غارقة في لجّة أفكاري، لا أعي ولا أبصر حقا بما حولي. وإذ بصوت يأتيني... وكأنه من خيال تلك الأيام: "عرفت أنني سأجدك هنا."
وما أن رفعتُ رأسي نحو مصدر الصوت حتى انطلقت من فمي صرخةٌ... وأطبق الذهول على كل حواسي!
كانت رباب واقفة هناك... أمامي!
"سامحيني يا عزيزتي،" قالت. "سامحيني."
وهذا كل ما قالته.
تجمدتُ في مكاني مشلولة من الدهشة، غير مصدّقة ما أرى، وكأنني في حلم!
وجدتُ نفسي أقوم فجأة وأتحسّس كتفيها... وذراعيها... ويديها... كأنني أتأكّد أن التي أمامي هي رباب، حقا رباب، وليست من صنع خيالي!
إنها رباب بشحمها ولحمها!
"رباب! هذه حقا أنت! أنت هنا! أنت هنا معي!"
"نعم. هذه أنا."
ضممتُها الى صدري. احتضنتها بشدة. وكدت أجهش بالبكاء على كتفيها كطفلة صغيرة. عندئذٍ فقط، أدركتُ كم كنتُ خائفة! خائفة أن تكون ميتة!
سألتها: "ولكن... كيف؟! "
فقالت: "أخبرني مازن أنك كنت عنده وسألتِ عني. كان عليّ أن آتي لرؤيتك."
"مازن؟؟ ولكنه..."
"قال لك إنه لم يسمع مني شيء. أنا طلبتُ منه ألا يخبر أحدا بمكاني. ولكن، أنت يا لينة... عليك أن تعرفي."
"لقد هربتِ، أليس كذلك؟"
"نعم، هربتُ. هربت كالمجنونة، حتى دون أن أغيّر ملابسي... كان همّي الوحيد أن أهرب من هناك... أن أكون بعيدة... بعيدة جدا. الموت، يا لينة، عدو الإنسان الذي يهرب منه بأقصى ما أوتي من سرعة وقوة ."
"لا أفهم عليك. أخبريني ماذا حصل في ذلك اليوم؟!"
جلسنا جنبا الى جنب وأخذت رباب تسرد قصتها.
"كنت في غرفة نومي... مع وسام. لا بد أنك عرفتِ أنه الرجل الذي أحببتُ ولم يتزوجني. ولكنني بقيتُ ألتقي به في السر. لا أعرف كيف تحوّل، بعد زواجي من أخيه، كل هذا التحوّل. كم توسّلتُه أن نتزوّج! لم يكن يرغب في الزواج أبدا. وفجأة... بعد أن تزوجت حسام، أخذ يتوسّلني هو ملء نفسه، ويبكيني ملء عينيه، كي أعود إليه... أن أترك حسام... ونتزوج."
"أنتِ لم تتزوجي حسام عن حب، أليس كذلك؟"
"عليّ أن أعترف بذلك. تزوجته كي أغيظ وسام. ولكنني حقا لم أكن أتوقّع أن يكون رد فعله بهذه الحدة، هذه الشراهة. في البدء، لم أصدّقه. لم أصدّق أنه فعلا سيتزوجني لو تركتُ حسام. ولكنني كنت مبهورة بالتغيّر الهائل في سلوكه. لقد أصبح يشتهيني أكثر من أي وقت مضى. وأنا كنت أحبه طوال حياتي. ولكنني عرفتُ أنه لو تركتُ حسام... سيعود الى سابق عهده."
"وهكذا، قررتِ أن يكون لك عشيقا!" قلت مؤنّبة. "ألم تفكّري بحسام؟! زوجك المسكين الذي تزوجك عن حب وأنت خنتِه مع أخيه!"
"أعترف أنني ظلمته كثيرا. ربما لهذا تحمّلتُ إهاناته. بات يحتقرني، مثلما احتقرتُ نفسي، بعد أن أحسّ أنني ما زلت أحب أخاه. ولكنني... كنت أسيرة الحب."
"وماذا حدث في ذلك اليوم؟"
"كان معي في الغرفة. وأخذ يتوسّل إليّ أن أترك حسام. وكنت أتلذّذ بتوسّلاته وأناوره. أردتُ أن أثير غيرته. كنت أحبه عندما كان يفعل ذلك، وكأني كنت أسترجع بذلك كرامتي أمام نفسي بعد رفضه القديم لتوسّلاتي الكثيرة للزواج.
قلت له: "وماذا يضمن لي إن تركته أنك ستتزوجني؟"
قال: "أقسم إني سأتزوجك! فأنا أحبك كثيرا. لا أستطيع العيش بدونك."
"إذن، لماذا لم تتزوجني حين كنت أتوسّل إليك أن تفعلها؟"
"لقد أخطأت. الآن عرفتُ كم كنتُ مخطئا! وأنا نادم جدا على ذلك. أرجوكِ يا رباب، أعطيني فرصة أخرى لتصحيح الخطأ!"
"الآن؟! بعد أن أصبحتُ زوجة أخيك؟"
"لا تقولي ذلك!" صرخ فجأة. كنت أعلم كم كان يحقد على حسام ويغار منه! ولهذا تزوجته هو دون غيره. لأني عرفتُ كم كان ذلك سيغيظه!
قلتُ: "هذه هي الحقيقة. أنا زوجة أخيك الآن. ولا يمكنني أن أكون لك."
رأيتُ الغضب الذي استشاط على وجهه. هتف بي: "لا! أنت لن تكوني إلا لي! لي وحدي! كنتِ لي سابقا وستظلين لي الى الأبد! أتفهمين؟"
ضحكتُ بشماتة وقلت: "إذن خذني منه إن استطعت!"
وفجأة...
وجدتُه ينقضّ عليّ والنار تنطلق من عينيه. هجم عليّ كالمجنون وأخذ يشدّ على رقبتي بيديه. قاومتُ قبضته بكل قواي، ولكنه كان أقوى مني بكثير. ثم وجدتُ نفسي أضربه ضربة استطاعت أن تحرّرني منه. أفلتّ منه وأخذت أركض في الغرفة وأصرخ. ولكنه أمسك بي من جديد وعاد يشدّ على رقبتي وهو يهتف: "سترين كيف آخذك! سآخذك بيدَي!"
رأيت الموت أمام عينيّ. كانت قبضته أشد من ذي قبل وكنت عاجزة عن فعل شيء. ثم غبتُ عن وعيي. ظننت أنني قد انتهيت. ولكن... بعد ذلك، أفقتُ من غيبوبتي. وكنت وحدي. هببت من مكاني وهرعت الى الخارج. ركضتُ من موتي بقدرة قادر. هبطتُ من الباب الخلفي نحو الحدائق وهربت من ذلك المكان الذي كدت أفقد فيه حياتي بسبب حبي المجنون."
ثم أخبرتني رباب كل ما حصل لها بعد أن هربت من البيت.
"لم أكن أعي شيئا ولا أعرف وجهتي. وبعد أن أنهكني الركض، وجدت نفسي في مكان قريب من الشارع الذي يصل المدينة. ارتميتُ على الأرض لاهثة وبقيتُ هكذا عدة دقائق. ثم أحسست بشخص يمسكني من خلفي فانتفضتُ مذعورة. ولكن صوت امرأة هدّأ من روعي. "لا تخافي. أنا هنا لمساعدتك."
كانت امرأة في الخمسينيات من عمرها، قصيرة القامة، بسيطة المظهر، ولكنها عظيمة النفس كما تبيّن لاحقا. كانت قد لمحتني مستلقية على الأرض في طريقها فجاءت لمساعدتي.
أركبتني سيارتها وأخذتني الى بيتها واعتنت بي طوال الليل دون إحراجي بأية أسئلة كنت في غنى عنها وبتّ الليل عندها.
في الصباح، جلسنا نتناول الفطور وأخبرتني عن نفسها. قالت إن اسمها نازك، وهي أرملة، توفي زوجها منذ سنوات ولم ترزق بأولاد، وهي تسكن في هذا البيت لوحدها. بعد أن ارتاحت لها نفسي، ونظرا لضيق حالي، أخبرتها بكل الذي حصل معي. فطمأنتني ووعدتني بأن تساعدني. قلت لها إنني أريد أن أهرب الى بعيد... أبعد ما يمكن من هذا المكان.
طلبت مني أن أبقى عندها عدة أيام كي أرتاح ثم نفكّر بما سنفعل. وبعد مضي أسبوع، فوجئتُ بها تقترح أن أرافقها الى قريتها الريفية النائية وأعيش معها هناك... وكأنني ابنتها. أخبرتني أنها قضت طفولتها في تلك القرية، ثم غادرت الى المدينة والتحقت بالجامعة، عملت وتزوجت واستقرّت في المدينة. وبعد وفاة والديها، لم تعُد لزيارة القرية. فلا أحد فيها سمع منها شيئا منذ زمن بعيد ولن يعرفوا أنني لست ابنتها في واقع الأمر.
لم أطِل التفكير. قبلتُ بذلك وذهبتُ معها الى قريتها النائية. سكنا معا في بيتهم القديم، بعيدا عن كل ما مررت به.
ولكن، قبل أن أسافر الى هناك، قررتُ أن أخبر مازن عن مكاني كي يخبر أهلي ويطمئن بالهم، وطلبتُ منه ألا يخبر أحدا عن مكاني او أنني اتّصلت به. ومنذ ذلك الوقت، وأنا أعيش في تلك القرية النائية، بنيتُ لنفسي حياة جديدة، بعيدة عن التعقيد الذي عشتُ فيه من قبل، وقد زرت أهلي مرتين. وعندما اتّصل بي مازن وأخبرني عن زيارتك له وأنك سألتِ عني، قررتُ أن آتي لرؤيتك وأخبرك بكل شيء."
وما كادت تتمّ قصتها حتى لمحت مازن وهو يجرّ عربة ويتّجه نحونا. وحين وصل، رأيتُ في داخلها طفلا صغيرا.
"هذا سليم... ابني." قالت أمام دهشتي.

* * *

عدتُ الى البيت. وعادت هي الى قريتها النائية، الى حياتها الجديدة... بعيدا... بعيدا جدا.
كنت مرهقة جدا من التفكير ومن كل أحداث ذلك اليوم عندما جلستُ مساءً على الأرائك التي في غرفة الجلوس. جلستُ بهدوء أستعيد بذهني كل ما روَت رباب.
بعد نحو ساعة أو أكثر، كنت قد قمتُ للذهاب الى النوم حين فوجئتُ بطرقة على الباب. نظرتُ الى الساعة، فوجدتها تشير الى العاشرة والنصف. تعجّبتُ.
فتحتُ الباب، مترددة، فإذ به واقف أمامي، بقامته الرفيعة، وعلى وجهه ابتسامة صغيرة.
فوجئت برؤيته. "ماذا تفعل هنا؟!"
"أهكذا تتركين دون علمي؟" قال خائبا.
احتبست الكلماتُ في حلقي من شدة الدهشة. تمتمتُ: "أنا... " ولم أكمل.
نظر إليّ متعجبا، وقال: "هل ستسمحين لي بالدخول؟" لمعت عيناه وهو ينتظر إجابتي.
ارتبكت قليلا، ثم دعوته للدخول. أشرتُ له بالجلوس على الأريكة وجلستُ أنا قبالته.
قلت: "فاجأتني. كيف عرفتَ مكاني؟"
ردّ مبتسما: "هل ظننت أنك الوحيدة التي تجيد البحث عن المفقودين؟"
ضحكتُ. "هل تحرّيتَ عني؟"
"أنسيتِ الرسالة؟"
لا بد أنه وجد عنواني من تلك الرسالة.
"آهه... فهمت."
ألقى عليّ نظرة صلبة، ولكن هادئة، وسأل: "ماذا تفعلين هنا؟"
أجبته بنبرة حزينة: "لقد وجدتها."
استغرب مني. "ماذا؟؟"
ثم أخبرته بكل ما حدث منذ عدت الى حارتي القديمة.
جلس بهدوء واستمع إليّ. وبعد أن انتهيتُ من الحديث ظلّ الصمتُ مطبقا عليه.
بعد دقيقتين... رفع رأسه إليّ، وقال: "أنا سعيد أنك وجدتِها. وأخيرا، يمكننا أن نطوي صفحتها. والآن، تعالي معي."
"الى أين؟"
"الى البيت. أم أنك تظنين أنه لم يعد لك شأنٌ هناك بعد الآن؟؟"
لم أرد بشيء... ولم أقم من مكاني.
ماذا سأفعل لو عدت الى هناك؟ هل أعود لأعتني بالسيدة ماردين؟! لقد توصلتُ الى ما أردت.
رأيته يقوم ويمدّ لي يده. قال: "شأنك سيكون معي. وليس مع أحد آخر."
ابتسمتُ له والسعادة تغمر قلبي. أسلمته يدي ليسوقني الى حيثما يشاء. كنت راضية... وواثقة.

*** النهاية ***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى