الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر القاهرة وحكاية النُص

مازن صلاح العجلة

2014 / 10 / 19
الادارة و الاقتصاد


تتضمن قضية إعادة اعمار قطاع غزة أبعادا اقتصادية واجتماعية وإنسانية بالغة القوة والدلالة، إلا أنها جميعا تعمل وبشكل محكم، في إطار سياسي محدد، بدونه من الصعب التكهن بنجاح هذه العملية. ومن هنا كان الطابع العام للمؤتمر، الذي أدارته مصر بحرص واقتدار، طابعا سياسيا على صعيد الهدف والمداخلات والبيان الختامي. فقد أكد المؤتمر على ضرورة توفر شروطا محددة تمثل مجتمعة الإطار السياسي لإعادة الاعمار. على رأس هذه الشروط التزام إسرائيل بفتح المعابر وضمان تدفق مواد البناء، في سياق آليات توافق عليها الأطراف المعنية. يوازي هذا الشرط ضرورة وجود السلطة الوطنية في قطاع غزة من خلال بسط حكومة الوفاق لسيطرتها على المؤسسات الحكومية والمعابر والأمن.
وأكد المجتمعون، أيضا، على الأهمية القصوى لاستئناف المفاوضات السياسية وصولا للدولة الفلسطينية، باعتبار أن ذلك خير ضمان لعدم تكرار العدوان الإسرائيلي وتدمير ما يتم بناءه من جديد، وباعتبار أن وجود الدولة الفلسطينية هو الإطار السياسي الوحيد لإرساء أسس التنمية المستدامة في فلسطين.
من الواضح أن هذه الشروط تمثل، في ذات الوقت، عقبات حادة في وجه إعادة الاعمار في حال لم تطبق بما يتناسب مع أولوية عملية إعادة الاعمار وضرورة الإسراع في تنفيذها.
غير أن ما لفت الأنظار في البيان الختامي للمؤتمر، انه خصص نصف المبلغ المتعهد به ( 5.4 مليار دولار) لاعمار غزة، أي 2.7 مليار فقط. ولم أهتدِ لتفسير مقنع لهذا التخفيض الكبير لحجم المبلغ اللازم للاعمار والذي حددته " الخطة الوطنية للإنعاش المبكر وإعادة اعمار غزة" ( الخطة)، والبالغ حوالي 4 مليار دولار. وقد أدى هذا القرار إلى وقوع المجتمعين في تناقض، إذ أن المؤتمر قبل خطة حكومة الوفاق ورؤيتها لإعادة الاعمار بما فيها المبلغ اللازم لتمويل العملية، فكيف يمكن التوفيق بين هذا وذاك؟
معنى أن يخصص المؤتمر نصف المبلغ المتعهد به لإعادة الاعمار، والذي يشكل ثلثي التمويل المطلوب في الخطة، أن إعادة الاعمار، وفقا لرؤية الخطة التي تتميز بالشمول والعمق وتحرص بشدة على ربط الإغاثة بالتنمية، أي تنفيذ الاعمار برؤية تنموية، لن تستطيع أن تحقق هذا الهدف نظرا لانخفاض حجم التمويل المحدد في الخطة حسب القطاعات التي تستهدفها وهي، القطاع الاجتماعي (701 مليون دولار)، قطاع البنية التحتية (1910 مليون دولار)، القطاع الاقتصادي (1235 مليون دولار) وقطاع الحوكمة ( 186 مليون دولار).
إن تخفيض حجم التمويل المطلوب بمقدار الثلث يشير إلى أن إعادة الاعمار ستكون محددة، غالبا بالسكن والمأوى والمباني الحكومية والعناصر الرئيسية في قطاع البنية التحتية الواردة في الخطة، باعتبارها أولوية قصوى. وبناء عليه، من المتوقع أن تعجز الخطة عن تنفيذ أهدافها في القطاعات الأخرى التي حددتها، ومن ثم لن تبرح غزة إطارها الاغاثي الذي صممه الاحتلال.
يعزز من هذه التخوفات أن بعض الدول المانحة حددت آليات ومجالات بعينها لتبرعاتها، فقد أعلن بعضها انه سوف يقسط تبرعاته على ثلاث سنوات، وحددت دول أخرى مشاريع بعينها كمجال لتبرعاتها، بينما اقتصرت أخرى على تقديم الدعم الفني والخبراء والتدريب.
أرجو ألا يُفهَم من هذه الملاحظات على قرار تخفيض التمويل لاعمار غزة، أنني ضد تخصيص ما يلزم لتمويل عجز الموازنة الفلسطينية، فهذا مطلب مهم من أجل المحافظة على قدرة السلطة وحكومتها على مواصلة مهامها وتقديم خدماتها، وصولا للاستدامة المالية التي هي الحل المطلوب لعلاج أزمة العجز المستمر في الموازنة. وقد أشارت الخطة ضمن عناصرها أنها تحتاج إلى 4.5 مليار دولار لدعم الموازنة خلال الفترة (2014 – 2017) بخلاف المبلغ المحدد لإعادة الاعمار، وكان الأجدر بالمؤتمر أن يخصص لتمويل الموازنة فقط ما يزيد عن المبلغ المطلوب لخطة إعادة الاعمار وهو 1.4 مليار، أو يعالج تمويل الموازنة بمخصصات جديدة، خاصة أن أكثر من 40% من المبلغ الكلي ( 5.4 مليار) تم تقديمه من أربع دول عربية فقط هي السعودية والإمارات وقطر والكويت.
خلاصة القول أن تخفيض حجم التمويل اللازم لإعادة الاعمار وفقا لخطة الحكومة بمقدار الثلث، لا يبشر بخير، لان هذا الحجم من التمويل قد يغطي، كما اشرنا، إصلاح الأضرار الكلية والجزئية، ولكن لا يؤسس لتنمية مستدامة أو حتى تطوير فعال للقطاعات الاقتصادية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا


.. كل يوم - د. مدحت العدل: مصر مصنع لاينتهي إنتاجه من المواهب و




.. موجز أخبار السابعة مساءً- اقتصادية قناة السويس تشهد مراسم اف


.. موازنة 2024/25.. تمهد لانطلاقة قوية للاقتصاد المصرى




.. أسعار الذهب اليوم تعاود الانخفاض وعيار 21 يسجل 3110