الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعود المجتمع الدولي بإعادة إعمار غزة ( استغلال العمال الفلسطينيين)

فضيلة يوسف

2014 / 10 / 19
الحركة العمالية والنقابية


أصبح للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة طقوساً معتادة: يدّمر الجيش الإسرائيلي مساحات واسعة من القطاع الساحلي المعزول، ويترك وراءه عشرات الآلاف من الفلسطينيين بلا مأوى، عدة مجازر وأكوام من الأنقاض، ثم يسرع دبلوماسيون غربيون وعرب في إحدى عواصم الشرق الأوسط للعمل كحاجب للدولة اليهودية، متعهدين بدفع المليارات من المساعدات لتنظيف الفوضى الإسرائيلية. ومثل دوران الساعة، تدمر إسرائيل كل شيء من جديد بعد عام واحد فقط أو اثنين ، وتقصف غزة بشراسة غير مسبوقة.
عندما اجتمع الطاقم الدولي (حاجب إسرائيل) هذا الأسبوع في القاهرة تعهد بجمع 5 مليارات دولار للمساعدة في إعادة بناء ما قيمته 8 مليار دولار من الأضرار التي سببتها إسرائيل لسكان غزة المدنيين، وأكد ذلك وزير المواصلات الإسرائيلية يسرائيل كاتس " أن جهود الطاقم الدولي عقيمة تماماً. "يجب على سكان غزة تقرير ما يريدونه أن تكون سنغافورة أو دارفور"، ساوى بين خطر الإبادة الجماعية والازدهار الاقتصادي الخيالي. "يمكنهم الاختيار بين الانتعاش الاقتصادي أو الحرب والدمار. إذا اختاروا الإرهاب، ينبغي على العالم أن لا يضيع أمواله، إذا أُطلق صاروخ واحد، كل شيء سوف يذهب هباء ".
ولم تغب الرسالة عن الدبلوماسيين المجتمعين في القاهرة. كما قال أحد الدبلوماسيين لوكالة فرانس برس، "لقد شاهدنا مشاريع البنية التحتية التي ساهمنا في بنائها وقد دُمّرت". اشتكى الدبلوماسي أن الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على البنية التحتية في غزة "أتعبت الدول المانحة بشدة".
واعترف Johan Schaar ، مدير التعاون الإنمائي في القنصلية السويدية في فلسطين المحتلة، بأن قدرة إسرائيل على العنف غير المحدودة جعلت سعي المؤتمر عقيم. "لا يمكن لأحد أن يتوقع منا أن نعود إلى دافعي الضرائب في بلادنا للمرة الثالثة لطلب التبرعات لإعادة الإعمار وبعد ذلك نحن نعود ببساطة الى حيث بدأنا "، واشتكى. "هذا غير وارد."
ستوجه حوالي نصف ال 5 مليارات دولار التي تم التعهد فيها في القاهرة في الميزانية اللازمة لإعادة إعمار غزة فقط. أما البقية فسوف تساعد ، وفقاً لرئيس الوزراء الفلسطيني رامي حمد الله، على الحفاظ على حكومته غير المنتخبة واقفة على قدميها في الضفة الغربية، حيث 44٪-;- من الموظفين في الخدمة المدنية في قطاع الأمن – يُدفع لهم لمراقبة زملائهم الفلسطينيين نيابة عن الاحتلال الإسرائيلي - وتحت ستار عودة الحياة الطبيعية إلى قطاع غزة، وهو كيان لن يكون صالحاً للسكن قبل عام 2020، وفقاً للأمم المتحدة، وهو غير صالح للعيش بشكل كبير اليوم، وجد دبلوماسيون في القاهرة قناة خلفية للحفاظ على الدولة البوليسية التي تحكم الضفة الغربية التي تتقلص باستمرار إلى بانتوستانات.
"أعتقد أننا ربما لن نقدم مساعدة جديدة لكننا سنعيد تحزيم المساعدة التي قدمناها بالفعل اذا لم يحدث [اختراق سياسي] " قال دبلوماسي أوروبي لخدمة أخبار الأمم المتحدة (IRIN)،. "في الواقع لن نقدم مالاً جديداً. لا يوجد قدر كاف من الالتزام السياسي أو الأمل ". يعرف الدبلوماسيون المجتمعون في القاهرة أن مؤتمر المانحين مهزلة لا يُمكن أن تفعل شيئاً يذكر لتخفيف معاناة سكان قطاع غزة المحاصر. يوجد استعداد للحفاظ على الوضع الراهن كما هو فقط.
تجاهُل الاحتلال وإضفاء الشرعية على الدكتاتور
ناقش المجتمعون في القاهرة الدمار الذي أصاب غزة هذا الصيف كما لو كان ناتجاً عن كارثة طبيعية عشوائية وليس عن غضب حاقد من مستوطنين استعماريين عفا عليهم الزمن مدججين بالسلاح من قبل القوة العظمى الوحيدة في العالم. في الواقع، كان العنف الإسرائيلي ضد السكان المدنيين في غزة بالكاد يذكر على الإطلاق في المؤتمر، ولم يتم اقتراح أي تدابير دبلوماسية ضد اسرائيل. ومع منع حماس من المشاركة في المؤتمر، كانت الحكومة في غزة غير قادرة على إثارة هذه القضية.
عندما اعتلى كيري المنبر، تعهد بدفع مبلغاً تافهاً ( 212 مليون دولار )، إلى غزة، وهو مبلغ أقل بما يقرب من 700 ملايين دولار عن المبلغ الذي قدمته الولايات المتحدة بعد الهجوم الإسرائيلي عام 2008-2009 المعروف باسم عملية الرصاص المصبوب. وشرع بعد ذلك في كيل المديح "لجهود" الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي كان إنجازه الرئيس منذ فوزه في الانتخابات المزورة خنق غزة من الجنوب ، وتدمير اقتصاد الأنفاق الذي مكنها من استيراد كل شيء من الإمدادات الطبية إلى مواد البناء.
قال كيري "أعتقد أنه من الإنصاف القول، أن [السيسي] ساعد حقاً في إعادة التأكيد على الدور المحوري الذي لعبته مصر في هذه المنطقة لفترة طويلة"، ومنح الشرعية للطاغية التي مزقها الانقلاب العسكري والمجازر اللاحقة ضد المتظاهرين السلميين التي أشرف السيسي عليها وتم نسيانها الآن كسيناريو فيلم Bananas ل Woody Allen ، وما زال 40 ألف سجين سياسي يقبعون في السجون المصرية. وبعد ساعات من الحدث، التقى كيري على انفراد مع السيسي ووعده بشحنة من عشر طائرات هليكوبتر هجومية من طراز أباتشي - أجرة عن العمل الذي قام به بصورة جيدة.
وأشاد كيري بسخاء إسرائيل "للخطوات الايجابية" التي اتخذتها للمساعدة في الحفاظ على اقتصاد غزة وايقاف الأراضي المحاصرة على قدميها. واشار إلى "التدابير الجديدة التي سمحت بزيادة التجارة في السلع الزراعية بين غزة والضفة الغربية، واعطاء المزيد من التصاريح لكبار رجال الأعمال الفلسطينيين لدخول إسرائيل" .وأهمل حقيقة منع إسرائيل إدخال مواد إعادة البناء إلى غزة، وتأخير دخول حمولة 60 شاحنة لأجل غير مسمى . "نحن نأمل أن نرى العديد من الخطوات الأكثر إيجابية التي أُعلن عنها وتنفيذها في الأسابيع والأشهر المقبلة"، كما أعلن كيري.
أخيراً، وصف كيري خطة اقتصادية يُفهم القليل منها تسمى مبادرة للاقتصاد الفلسطيني، مدعياً أنها وصفة لخفض البطالة في غزة إلى 8 في المائة ، بنفس المعدل في الولايات المتحدة. كان الفضل في ذلك لشركة ماكينزي ، ومقرها في الولايات المتحدة وهي شركة استشارات إدارية ساعدت على استغلال شركة Enron لأزمة الطاقة في كاليفورنيا، في تصميم مبادرة للاقتصاد الفلسطيني.
"نحن نتحدث عن الاستثمار الحقيقي الذي يُنتج وظائفاً وفرصاً حقيقية لآلاف الفلسطينيين،" أعلن كيري، "وهذا سيُظهر فرقاً على المدى الطويل". إنها مصانع تستغل العمال غير المهرة في غزة وتُعطي ملايين الدولارات لشركة توني بلير.إذن ما هي مبادرة الاقتصاد الفلسطيني؟
عندما طُرحت الخطة في المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2013 في الأردن، أشاد كيري بها واصفاً الخطة بأنها "أكبر وأكثر جرأة وأكثر طموحاً من أي مقترح آخر،" ووعد بضخ 4 بليون دولار للاستثمار في الاقتصاد الفلسطيني. وبالرغم من تفاؤله، عرقل كيري سعي الصحفيين لمعرفة كل التفاصيل. كل ما هو معروف هو أن توني بلير سوف يشرف على تنفيذ الخطة ، ممثل الفساد الملوث في اللجنة الرباعية الذي حصل على ما يقارب 100 مليون دولار كمستشار لشبكة واسعة من الشركات والبنوك والطغاة من نور سلطان كازاخستان إلى سيسي مصر. ولإعطاء زخم للمبادرة على الأرض، جنّد كيري منيب المصري ،الملياردير الفلسطيني الذي يعيش عالياً في قصر على طراز قصور عصر النهضة الايطالية فوق مخيم الفقر المنكوب بلاطة. وجنّد أيضاً الاقتصادي Tim Collins ، من المانحين للحزب الديمقراطي ونسر الرأسمالية الذي قامت شركته Ripplewood القابضة بالاستحواذ على شركة Hostess وتصفيتها، مما نقل 18 ألف عامل غير نقابي إلى صفوف العاطلين عن العمل. هؤلاء هم أصحاب الرؤى ناكري الذات الذين سخرهم التاريخ لإنقاذ فلسطين.
في العام الماضي، زودّني رجل أعمال فلسطيني بوثيقة من 14 صفحة صادرة بالشراكة عن اللجنة الرباعية وشركة ماكينزي والتي حددت أهداف مبادرة الاقتصاد الفلسطيني. وكانت وثيقة غريبة حللت الوضع في غزة والضفة الغربية كما لو كانت من الدول النامية العادية التي تحتاج إلى القليل من المعرفة التقنية وبضعة استراتيجيات اقتصادية تسويقية مبتكرة. لم يذكر احتلال إسرائيل لفلسطين في الورقة ولا مرة.
وجد مستشارو شركة ماكينزي بأن "غيتو غزة" ضعيف الأداء على مقاييس السياحة الرئيسية، ولكن يبدو أن المحللين الأذكياء لم يقولوا لماذا ؟ منوهين فقط إلى "عدم الاستقرار الإقليمي" و "قلة الوعي بأهمية المواقع السياحية الموجودة." وتجاهلوا الحصار الإسرائيلي. كانت مقترحات مستشاري ماكينزي خيالية بشكل تام لأنها اعتمدت على عوامل حَرْفيّة تماماً. اقترحت الشركة "مجموعة من العروض الفندقية الجديدة ... مدعومة التسويق الهجومي". "إذا حازت غزة على علامة تجارية"، اقترح مستشارو ماكينزي، فإن المنتجعات ستزدهر فجأة على طول سواحلها، وتوفّر آفاقاً مذهلة للحصار البحري الإسرائيلي.
ولتحقيق عودة اقتصاد غزة المحاصر إلى الحياة، دعا ماكينزي لانتشار مصانع لعمال غير مهرة تُنتج السحابات والأزرار ل "المصممين العمالقة في أسواق الملابس الإسرائيلية" ،هذه الأعمال التي تتطلب أوامر صغيرة نسبياً مخصصة لا يتم التعامل معها بشكل جيد من قبل الشركات المصنعة الضخمة "، فما أرادوا لها أن تكون سنغافورة على البحر المتوسط ستكون بنغلاديش المحتلة ،تحت إشراف دولي، لإنتاج التجهيزات لمصممي الموضة العصريين في تل أبيب. وربما أن العاملات في مصانع السُخرة في غزة ستصنع السحابات المخصصة لترتيب زي الجيش الإسرائيلي عندما يتم استدعاءه من قبل اوركسترا موسيقى الجاز في تل أبيب لغزو برّي مقبل في غزة.
وقد ألغى الحصار الإسرائيلي والاعتداءات المصاحبة له من الجيش الإسرائيلي تقريباً كل مشاريع البناء والمشاريع الزراعية التي تصورها ماكينزي . لم يُدفع دولار واحد مما تم التعهد به لمشروع معالجة مياه الصرف الصحي الطارئ في شمال غزة ، والذي تم تسليط الضوء عليه في وثيقة ماكينزي كواحد من الإنجازات الرئيسية للجنة الرباعية. ولم يتم بناء وحدات سكنية بأسعار معقولة كما اقترح ماكينزي ، وبدلاً من ذلك، دمّرت إسرائيل بشكل كامل أو جزئي 18 ألف منزل على الأقل في غزة هذا الصيف، وتم تدمير 128 ورشات عمل صغيرة وشركات بينما قصفت مرافق الصرف الصحي المرهقة سابقاً وحوّلت منشآت الكهرباء وإمدادات المياه لقطاع غزة ،إلى قطع صغيرة، من أجل "التغيير التحويلي" و "زيادة فرص تغيير الحياة العظيم على الأرض."
رغم اعتراف كيري بأن المساعدات لغزة كانت مثل " الإسعافات الأولية"، فلم يعرض أي معالجات سياسية خارج إطار خطة للدولتين التي رفضتها الحكومة الإسرائيلية رفضاً مدوياً في وقت سابق من هذا العام. وبالتالي فإن ظهوره في القاهرة والمشهد بأكمله لمؤتمر المانحين نزع طبقة أخرى خلال التعرّي زيادة على الوضع الراهن الوحشي.
وفي الوقت نفسه، ومع عودة الدبلوماسيين إلى بلادهم ، صعّد المسؤولون الإسرائيليون من تهديداتهم المرعبة . "إذا لم يكفي جرف صامد واحد ، فستحصلون على اثنين وثلاثة حتى تنتهي أعمال حماس الإرهابية"، وأعلن وزير المواصلات كاتس. "أنا أفضل بكاء 1000 من الأمهات الفلسطينيات على صرخة واحدة من أم يهودية".
مترجم
Max Blumenthal








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترمب يكتسب خبرة التعامل بشكل رسمي مع قاعات المحاكم


.. فرصتك-.. منصة لتعليم الشباب وتأهيلهم لسوق العمل




.. طلاب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يعتصمون احتجاجا على الإبادة


.. ا?ضراب لعاملين بالقطاع الصحي في المستشفيات الحكومية المغربية




.. فيديو: مظاهرات غاضبة في الأرجنتين ضد سياسات الرئيس التقشفية