الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غريزة الكراهية

ماجد صفوت استمالك

2014 / 10 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


للانسان احتياجات نفسية تدفعه دائما لاشباعها مثل حاجته للتواصل مجتمعيا وحاجته للنمو والارتقاء وحاجته للثبات والاستقرار التي لاتتعارض مع حاجته للحركة والسعي وغيرها ...
تختلف النسبة المحركة الدافعة للانسان من هذه الحاجات تبعا لشخصيته وفكره فيعطي لبعضها قيماًً اقل من البعض الاخر ...
الاغرب والاعجب بين هذه الحاجات - التي قد تتحول لغرائز - هو حاجته لأن يكره , أن يمقت وينفر ويعادي , وتزداد هذه الحاجة لدي البشر الاقل تطوراًً الذين يحتلون عن جدارة المراتب الاقل في سلسلة الرقي الانساني , هذه الحاجة تدفع من يستجيب لها الي ان يجد لنفسه شخصاً ( او فئة او جماعه او مباديء او تقاليد ) ليكرهه , ليصب عليه اللعنات , ليلقي عليه اللوم في فشله هو , ليحاكمه ان امكن علي ماضيه وذكرياته الاليمة او علي عمره الذي يضيع هباءاً , علي تنشئته وتبعاتها وعلي مستقبله الغير آمن
باختصار هو (أو هم ) السبب ( في نظره) في انه كائن تافه لاقيمة له في الحياة ...
يحيا بقناعة تامة أنه إذا اختفي من يكرهه ستتحول حياته الي قبس من الجنة يحيا فيها سعيداًُ , ولكن الحقيقة انه إذا اختفي من يكرهه سيستمر في شقاؤه ملقياًً اللوم علي ما تركه ذاك أو سيبحث لنفسه عن أخر ليكرهه ... كإستجابة لإلحاح حاجته النفسية داخله فهو لن يحيا "الجنة " علي الارض لأنه ببساطه يحمل "الجحيم" داخله
تلك البارانويا المتفشية التي نتجت عن جهل او ضعف في معظم الاوقات نتجت احيانا عن قصد بتوجيه من فئة أعلي متربحة من إذكاء تلك الحاجة داخل نفوس البسطاء , وفي الغالب تتمثل تلك الفئة المتربحة من قيادات الجماعة او القبيلة وفي العصر الحديث الانظمة الحاكمة ورجال الدين
تعلم الانظمة الحاكمة هذا جيدا ولهذا فإنها تفضل ان تقدم لشعوبها فئة ليكرهها الشعب بدلاًً منها مستخدمة في ذلك اجهزتها الاعلامية لتوجيه ذلك الاحتياج النفسي الي ما هو خارج دائرتها بل وأكثر من ذلك توهمهم أنها – أي الانظمة الحاكمة – هي الخلاص الوحيد من تلك الفئة المكروهه وبذلك تضمن خضوع الشعب وتعاونه إن تطلّّب الامر , ونفس الكلام يقال عن المؤسسات الدينية ,وبفحص التصاريح والخطب نجد كلمات ثابته متكررة مثل (الغرب الكافر , الامريكان , الصهاينة , العسكر , الفلول, اليهود والنصاري, و .... و .... ) وضعت تلك الكلمات للتوجيه , وضعتها فئات مختلفة لأجل مصالح مختلفة
تلك الغريزة قادت دائما لنزاعات وأحيانا الي حروب - في حالة أمتلاك زمام القوة – والتي وإن كانت امر واقع متواجد في التكوين النفسي لمجتمعاتنا يجب أن يكون وجود تلك الغريزة أمر مؤقت فلا يجب أن نستمر في طويلاًً في أخر سلسلة الرقي الانساني ولذلك يجب البحث عن حل عملي وهذ الحل لا يكمن في التوجيه و لا يكمن أيضا في الاجراءات الأمنية المشدده ( وإن كانت مطلوبة ) فهي لا تمثل حل جذري , إنما الحل يكمن في تعليم وتثقيف الشعوب , الانسان يخاف ما يجهله والذي يجهل الكثير يخاف الكثير , الارتقاء بالفكر وتغليبه علي الغرائز ليقود الانسان هو الحل , إعلاء قيم الفن والادب والعلم والجمال والحب , نشر قيم قبول الاخر والتعددية والديموقراطية والتعايش , وضع طموح للفرد بأن يُصلح بنفسه ما شوهته التنشئة الغير سوية داخله بدلاًً من البحث عمن كان السبب ومعاقبته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
مهاجر ( 2014 / 10 / 29 - 20:32 )
بادئ ذي بدء أحييك على هذا المقال وهذا التحليل الرائع .

كان الفرد منا يعيش نمط حياة ثابتة وركز وحصر أنتباهه بشكل قسري لأمور كان يعتقد أنها من المسلمات ، لكن بفضل ثورة المعلومات والتكنولوجيا ، أعتقد أن المسلمات سوف تكون من الماضي ، هي مسألة وقت لأن جرعة الأنفتاح كان مهولاً ، وسوف تلفظ الشعوب كل ما كانت تعتقده ثوابت وتابوات .

تحياتي العطرة


2 - فوبيا التغيير
ماجد صفوت استمالك ( 2014 / 10 / 30 - 10:40 )
اشكرك سيدي
ما بين التغيير والخوف من التغيير مد وجذر متعاقب يجعل تأثير الانفتاح بطيء احيانا , وذلك بسبب خوف مبهم داخل نفسية الشعوب العربية من المستقبل (الذي هو بطبيعة الحالمجهول والانسان عدو ما يجهل ) وايضا لعدم تواجد الثقة في قدرتهم - اي الشعوب - عيلي مواجهة ما قد يستجد من تغيير
اوبمعني اخر يجد البعض من العوام والبسطاء الامان في بقاء الثوابت كما هي وذلك يفسر لماذا اتخذوا موقف العداء من الثورات مفضلين بقاء الانظمة الحاكمة هي
تثقيف هؤلاء ضرورة حتمية للحاق بركب التمدن والتطور

لك مودتي

اخر الافلام

.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية