الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مآسي انتهاكات حقوق الإنسان في العراق .. ومتطلبات إعادة البناء

علاء مهدي
(Ala Mahdi)

2014 / 10 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


( على هامش إنعقاد مؤتمر منظمات وجمعيات الدفاع عن حقوق الانسان العراقية في داخل وخارج العراق والذي سيعقد في برلين يومي 8 – 9 تشرين الثاني ٢-;-٠-;-١-;-٤-;-)


تشير معظم الإحصائيات والدراسات التي قامت بها منظمات عالمية متخصصة من بينها منظمات تابعة للأمم المتحدة إلى حصول العراق على مراكز متأخرة ومتدنية في أغلب البحوث الإحصائية التي شملت العديد من جوانب الحياة الثقافية والعلمية والإجتماعية والإقتصادية وغيرها وسبب ذلك بالتأكيد هو حالة عدم الإستقرار السياسي والأمني التي مر ولازال يمر بها العراق. فمنذ سنوات طويلة والعراق يعاني من أزمات وحروب خارجية وداخلية دمرت أخضره قبل يابسه ، وعاثت فيه فساداً ودمرت بنيته التحتية ومنشآته ومؤسساته وأنظمته ليس العسكرية والأمنية والصناعية فحسب بل وكذلك التعليمية والثقافية والإجتماعية وغيرها، حتى بات التخلف سمة من سمات العراق السائدة حالياً.
وتكاد أن تكون معاناة الفرد العراقي من الظروف القاسية التي مر بها والتي أدت إلى توقف مسيرة التقدم والنمو أسوة ببقية بلدان العالم معاناة لانجد لها مثيلاً في بقية بلدان العالم بما في ذلك البلدان التي تعارفنا على تسميتها بالنامية أو الفقيرة او حتى الدول التي كانت تعرف بدول العالم الثالث كما كانت تسمى في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. وتشترك الأنظمة الاستعمارية والديكتاتورية والطائفية في تحمل مسؤولية الوضع المتدهور في العراق منذ بداية استقلاله وحتى يومنا هذا.
ودون أدنى شك، فإن تدني المستويات الثقافية والتعليمية يحتل المرتبة الاولى من ناحية التأثيرات السلبية على المجتمع العراقي حيث ساهمت كل الأنظمة بصورة منفردة او مجتمعة وعلى مدى عقود طويلة في إبقاء مستوى التعليم ضعيفا، و في تدني الوضع الثقافي خلال فترات طويلة في بعض الأحيان ومتقطعة في احيان اخرى. ولايخفى ان تأثير ذلك كان كبيرا على مستويات التعليم والتثقيف للاجيال القادمة والتي تعتبرها الدول المتقدمة من اهم عوامل بناء مستقبل الاوطان لذا نرى ان الهوة بين تقدم الدول المتحضرة وبين العراق تتسع بصورة سلبية ففي الوقت الذي تزدهر وتتألق فيه مجتمعات الدول المتحضرة بصورة مضطردة نرى ان المجتمع العراقي استمر بتقهقره تعليمياً وثقافياً طوال العقود الماضية، ولايزال كذلك.
وكان لحوادث الاغتيال المبرمج للكفاءات العراقية في مختلف المجالات العلمية والثقافية والأدبية والصحفية والسياسية الأثر الكبير على تدهور المستويات في قطاعات التعليم الجامعي والدراسات العليا وبصورة سلبية ، كما تأثرت الطبقة العراقية المثقفة بتلك العمليات الإجرامية التي أستهدفت الكوادر المتقدمة والتي كان أغلبها يتبوأ مراكز مهمة في قطاعات الدولة المختلفة حتى بات من نجا من تلك الإغتيالات يعيش في رعب دائم.
وقد برز بوضوح اتساع هجرة الكفاءات العراقية الى الخارج، حيث تشير الإحصائيات الى ان عدد العراقيين المهاجرين والمهجرين والهاربين من جحيم الحروب الرعناء التي زُج الآلاف بها دون سبب قد فاقت الأربعة ملايين عراقي اغلبهم من الخريجين والمهنيين الذين يصنفون ضمن الطبقة المتوسطة وهي الطبقة القائدة لعملية البناء المجتمعي وبذلك يكون العراق قد خلا من نسبة كبيرة من مثقفيه وكفاءاته خلال تسعينيات القرن الماضي. كما كان للارهاب الفكري والسلطوي الدكتاتوري دور فعال في هجرة الآلاف من العراقيين السياسيين او غيرهم ممن حاولت الأنظمة الدكتاتورية زجهم في طوابير حزبها الفاشي. هذا بالإضافة إلى الممارسات اللا إنسانية التي طالت آلاف العراقيين من الكورد الفيلية وأولئك الذين تعارف على تسميتهم بالتبعية الإيرانية او من - غير المرغوب بهم في العراق - ! ، والتي كان لها تأثير سلبي بالغ الأثر على المجتمع العراقي وعلى طبيعة العلاقات الاجتماعية في العراق حيث كان التمازج والتزاوج بين العراقيين يتم على الأغلب دون تأثير مباشر للاديان او الطوائف عليها.
وغير خاف أيضا ان الهجرة الداخلية القسرية التي مورست على الشعب الكوردي والعربي في آن واحد بقصد التقليل من عدد السكان الكورد في بعض المدن بقصد تعريبها، كانت هي الأخرى سببا في هجرة الكثير من العراقيين الذين اقتلعوا من مدنهم الأم التي ولدوا فيها قسرا.
كما كان لحرب الخليج الثانية دورها الكبير في مقتل وتصفية وإعدام وهروب وهجرة الآلاف من العراقيين المنتفضين والجنود والضباط الهاربين من ملحمة حرب الكويت التي استخدمت فيها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الامريكية اعتى وأذكى الأسلحة بما في ذلك الممنوعة عالميا.
اما الفترة التي اعقبت احتلال العراق وسقوط النظام الديكتاتوري فلم تكن بافضل من الفترة السابقة لها حيث عانت مجموعات ومكونات كثيرة من اضطهاد النظام الطائفي والمحاصصي الامر الذي دفع بقطاعات كبيرة من المجتمع العراقي للاتجاه نحو التزمت الديني والطائفي وبالتالي تولدت ونشأت في العراق مجموعات ومنظمات ارهابية مارست الكثير من الجرائم البشعة باسم الدين والطائفة حتى بات الهرب من العراق حلما يراود الكثير من العراقيين حفاظا على عوائلهم وأطفالهم ومستقبلهم .
وأخيرا، شهد العراق غزوا من قبل مايسمى بداعش، وسقط عدد من المدن الرئيسية والقصبات والأراضي تحت سيطرتهم، و طالت ممارسات هذا التنظيم الإرهابي الاجرامية أغلب مكونات الشعب العراقي خاصة المسيحيين والشبك والايزيديين والتركمان الشيعة وحتى الطائفتين الرئيسيتين المسلمتين. كل ذلك أدى الى اما نزوح الآلاف من العراقيين الى خارج العراق او دعوة وقبول الكثير من الدول الغربية لمجاميع كبيرة منهم على أساس انساني لحمايتهم من عمليات إبادة بشرية مارستها عصابات داعش ضدهم.
اما الصائبة المندائيون وهم من سكان العراق الاصلاء فان مكونهم المتواجد على ضفاف انهار الجنوب العراقي وأهواره تعرض ويتعرض لابادة طائفية وعنصرية مبرمجة دفعت بأغلب أبنائه للهرب من وطنهم الأم واللحاق بالمهاجرين الذين سبقوهم في دول مهجرية عديدة وبذلك يكون النظام الطائفي قد ارتكب جريمة إبادة بشرية بحق مكون مهم من مكونات الشعب العراقي اتصف بشفافيته وهدوئه وإخلاصه للوطن.
اما جرائم النظام الديكتاتوري التي مارسها لأسباب طائفية وعنصرية فقد تفنن فيها باستحداث وسائل للقتل والتصفية لآلاف العراقيين ولاسباب مختلفة. ولسنا بحاجة لإثبات ذلك حيث أن اكتشاف مئات المقابر الجماعية التي ضمت جثث المئات أو الآلاف من العراقيين الأبرياء التي أكتشفت بعد السقوط هو خير دليل على إجرام النظام وتكاد ان تكون كل عائلة عراقية قد فقدت احد أفرادها ، عدا ذلك فان أعدادا من العراقيين قد تمت تصفيتهم عن طريق وضع قنابل ومتفجرات في جيوبهم تم تفجيرها عن بعد مما أدى إلى تناثر أجسادهم كما استخدم النظام السابق المواد الكيمياوية في تذويب اجساد معارضيه او تشويههم وقتلهم ورمي جثثهم في الشوارع والأنهر لكي لايتعرف عليهم احد.
كل هذه الممارسات كان لها الأثر البالغ في تدمير وتهميش الشخصية العراقية على مدى عقود طويلة وبذلك تكون تلك الأنظمة قد تسببت في افراغ العراق من مواطنيه وكفاءاته وخريجيه ومهنييه وبالتالي سيحتاج العراق الى سنوات طويلة واجيال جديدة من اجل اعادة البناء، هذا فيما لو انتهج النظام الحالي سياسة مغايرة لنظام المحاصصة الطائفية ووضع أسس علمية حديثة لبناء دولة مدنية دستورية تحقق العدالة والمساواة لمواطنيها بعيدا عن تصنيفهم وفق معتقداتهم الدينية والطائفية او وفق انتماءاتهم العرقية والقومية وعمد الى وضع أسس وقواعد وانظمة تعليمية تحقق ثقافة عالية في مجال المواطنة وحقوقها وقيمها بدلا من الأسس الدينية والطائفية البغيضة.
-;--;--;-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا