الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقال عن جينالوجيا الاخلاق لدي نيتشة

محمد احمد الغريب عبدربه

2014 / 11 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يستهل نيتشة كتابه جينالوجيا الاخلاق، بفضح تاريخ القيم التي اعتاد العقل البشري علي تصورها كام هي وتبيان زيفها، فيتطرق إلي قيمة "الحسن" و "الصالح"، التي تعني الثناء والاحساس بالرضا والفضيلة والاعلي اخلاقاً، فيهدم نيشتة هذه القيمة مبينا أن فعل النسيان هو امر حتمي للانسان وللبشرية، وأن التقلب والتغيير صفة اساسية في الافعال والاشياء، مما يبطل فكرة ثبات قيمة "الصالح" وبأنها تعبر عن حقيقة ما تجاه حاملها، و أنها تفسر نفسها بنفسها وتعني ذاتها كما هي، وما تحمله هو جزء من الحقيقة تتعلق تفسيرها المعتاد التاريخي للبشر واثره نفسياً، اي يقصد نيتشة ان هناك تأثير نفسي لهذه القيمة لاعتياد البشر علي فهمها وتخيلها قيمة كما هي في اي فعل يظهر يستحق الثناء والتقدير ...
ويلتفت نيتشة ان النبلاء واصحاب السلطة والسادة هما من يستطيعون فك لغز هذه القيمة، لانهم هما اللذين يصنعوها عن طريق التحكم في اللغة والخطابات والاسلوب الكلامي، ويحددون هذا التناقض الكامن في هذه القيمة، أي من يملك أرادة القوة في العلاقات هو من يحدد هذه القيمة بشكل خفي، وهي تتغير دائما وفقا توازنات القوة ليحدث انقلاباً بها للطرف الاخر وهكذا..
وينتقل نيتشة الي الحفر التاريخي للقيم الدينية والاولوهية، مبينا ان المخيال الانساني لديه كثير من الافكار والقيم التي يتوارثها عبر الاجيال البشرية، وهذه القيم ما تصنع الشعور بالذنب والعقاب، وهو ما يجعل الانسان صاحب انواع كثيرة من الكبت النفسي والفكري، وهو بذلك يحاصر نفسه ويزيد الخناق حول ارادته. وذلك ما يحصل تفصيليا في فكرة الله والدين، حيث يقفد الانسان جزء من ارادته من اجل ارادة الله، وذلك يمثل تحدي للانسان ليكبت ما فقده من ارادته في شكل خوف وشعور بالذنب.
وينتبه العقل النتيشوي الجينالوجي الي فكرة المثل الزهدي، وهي الارادة او الذات عندما تنفصل عن الواقع، وتكون متعالية عن اي شئ، وتري ان كل الاشياء مزيفة، وان الصمت المطبق والتأمل دون اي شئ واقع هو الاساس وذو اهمية، وهذا الامر يعني الاقتراب الي الحقيقة بأفضل الطرق، وتحمل الم البعد عن الواقع شئ صحي ومفيد. ويعطي نيتشة للفيلسوف اهمية المثل الزهدي ويقارنه مع صنوف التفكير الاخري من خطيب او مفكر، ليصبحوا الاقل مرتبة، والاكثر بعدا عن المثل الزهدي.
وينقلنا نيتشة الي انقلاب القيم والاخلاق من عصر الي عصر اخر، فمثلا الشفقة والمحبة والكبرياء كانوا في عصر قديم مفضلين وينتزعون المكانة ليصبحوا اكثر رواجا، وكانت هناك قيم في هذا العصر لا يتم تفضيلها، ولكن بعد مرور مئات السنوات، تنعكس الامور، وتصبح الشفقة والمحبة ليس لها مكانة، وهذا أن دل يدل علي عنف الانسان تجاه كل شئ، تجاه كل نفسه بالاخص، وتجاه الله وتجاه القيم وتجاه الطبيعة
ولا يفاضل نيتشة بين من يحمل المثل الزهدي بأحد درجاته، ليصبح الحياة ضد الحياة سنده، وبين من لا يحمله، ويكون قوياً مندمجا في الحياة، ولكنه يبين أن مثل ذلك يحمل حقدا لكل شئ، فهو استاذ الحقد والكراهية، فمن يتبرأ من الحياة ويصبح زاهداً مهلهلاً ويحمل فنطاس الحياة ضد الحياة، يصبح استاذا في الحقد والكراهية. وايضا يقول نيتشة أن المرضي وغير الاصحاء والضعفاء لديهم من الحقد ما يكفي لاضعافء الاقوياء والاصحاء اللذين وجودهم ضرورة وحق علي الحياة، فهم اللذين دعمون المستقبل وتقدم ورخو الحياة والبشرية.
ويوصف الالم بأنه يحتاج الي افراغ الغضب، حتي تتم التهدئة وتستقر النفس، فالالم النفسي، يأتي نتيجة تراكمات كثيرة، ولا يمكن فهمه، فالانسان في هذا التوقيت يهرب من ذاته كثيرا، ويسعي لافزاع الاخرين حتي يخفف هذا الالم.
ثم يأتي نيتشة ويهدم كل ما هو اخلاقي، والذي يتصف بقيمة الطيبة والبراءة، فهو كاذب مزيف، فليس هناك اخلاقيه صرفة بالقيم، انه ضعف وتزييف لكل شئ، وعدم القدرة علي امتلاك وجهة نظر اخري تجاه الامور . ثم يشدد نيتشة نقده اللاذع للكهنوت، والسلوك المسيحي، مبينا انه ساعد في اضعاف البشر والتأكيد لديهم شعور الذنب، مما ولد سيطرة تامة علي البشر، وتحركيهم بأردة المسيحية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 11 / 8 - 13:06 )
الأخلاق موضوعية لا ذاتية , فهي لا تعتمد على رغبات البشر أو نزواتهم فالخير ؛ خير عند الصالح و الطالح , و الشر ؛ شر عند الصالح و الطالح , فالأخلاق تعتمد على شيء (خارج الذهن البشري) , تعتمد على إرادة الله التي يريدها لهذا العالم , فالأخلاق لها غرضية كونية يُفترض فيها (الإستقلال) عن أفكار البشر و رغباتهم , و القيم الأخلاقية يعتنقها كل إنسان بوعي أو بغير وعي .


2 - مات مجنونا
ماجدة منصور ( 2014 / 11 / 10 - 08:22 )
ولهذه الأسباب و من أجل ايمان نيتشه بالإنسان السوبرمان....مات مجنونا
كيف سيصبح حال البشرية اذا انتفت منها الشفقة و الحب و الرحمة؟؟
للأستاذ الكاتب احترامي

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي