الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثنائية التضاد والتوافق-الأمة والأقليات-

سماح هدايا

2014 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


ثنائية التضاد والتوافق"الأمة والأقليات"
لا يمكن فهم الوطن خارج النظام السياسي والاقتصادي والإداري والثقافي المجتمعي لعمليّة المواطنة التي ينتجها المواطن والوطن ضمن ظروف تاريخيّة. ومن المسائل المهمة المرتبطة بالوطن والمواطنة مسألة الأمة والأقليات.
المواطنة تأتي في الدولة بديلا للعلاقات الإثنية. الانتماء إلى الأمة هو البديل. وبالمقابل لايعني ذلك إلغاء الانتماءات الفرعيّة للمكونات الموجودة في الدولة. إنّ من أشد الصراعات التي تواجهها دولة المواطنة تتمثّل في مجال الأقليّات وصراعاته. . فالمواطنة تواجه صداما بين عدة مفاهيم ؛ مثل العرقية والأمة. الدين والأمة. واي تقدم في مشروع بناء المواطنة يبدأ بخطوة أساسية هي إسقاط مفهوم العنصرية، ليس فقط ضد العروق والقوميات، بل ضد الأقليات وضد الأكثريّة. وإلغاء أي شكل من أشكال العنصرية سياسيا وقانونيا، وأي تمويه عنصري تحت أي مسمى آخر. وإلغاء التمييز بين الافراد وبين والجماعات أمام القانون في الحقوق والواجبات. فلا أحد في مرتبة أعلى وأخر بمرتبة أنقص... ذلك يتأتى بالعمل في جميع المستويات وعلى مختلف الأصعدة لتمكين المواطنة وتمكين الأمة، وحتى يكون بين هذه المفاهيم تناغم وصلة وتشارك. فيمكن أن تقوم دولة و(أمة) من عروق ومذاهب وإثنيات متعدّدة.
الأمة لا تعني بالمعنى الصارم عرقا. ولا تعني كذلك مذهبا. الأمة تضم مجموعة ثقافات وعروق ومذاهب، لكنّها إطار تنظيمي سياسي يحمل لون الهوية الأكثر ثراء وقوة وحيوية. أما عندما تحمل بالقسر لون عرقٍ فرعي، أو مذهب غير قابل للنمو والتطور اجتماعيا؛ فإنها تنهار. لذلك عملية ترسيخ مفهوم المواطنة وبناء دولة المواطنة يتطلب من الجميع مراجعة أهدافهم وأفكارهم وخط سيرهم لوقف الاستنزاف في نار الصراع بين الأقلية والأمة، ومن ثم تنشئة الواقع وفق هدف المصير المشترك.
الأمم تقاتلت طائفيا ومذهبيا وقوميا قبل أن تؤسس دولها وتنهض بها. لكنْ، لا مجال لأن تقوم جماعة بتطهير إو إبادة من دون أن يؤدي ذلك إلى ردة قعل قاسية واستهجان أخلاقي وسياسي، وبالتوازي مع ذلك، لا يمكن ممارسة إبعاد حماعي لجماعة أو إبادة. توخيا للنقاء القومي او الديني أو العرقي، أو ممارسة العقاب الجماعي بدافع الثأر والقصاص من أخطاء ارتكبتها الجماعة. هذا غير قابل للاستمرار واقعيا وسياسيا حاليا. فالأرض ليست حكرا على أقليّة أو مجموعة، ولا احد بمعزول عن العالم. التاريخ الجغرافي السياسي مجال حراك إنساني واسع ومتنوّع. الآن يستطيع الجميع أن يعيش ويمارس طقوسة وأعرافه وتقاليده في دولة المواطنة التي لا تقوم على عشيرة او مذهب أو عرق، بحريّة معياريّة بعيدا عن التحكم المركزي بما يحقق حرية لكل فئة ضمن المجال العام. إنّه الاتزان المجتمعي..ولا يتحقق إلا بخلق برامج التوفيق المجتمعي والاجتماعي لتفادي الاعتداء والصراع وتحاشي النزاع وتلافي الخصومة.
أما عندما يعمل أحد ما، أو فريق أو جماعة على إلغاء هويات الآخرين وتحقيرها أو نبذها أو إقصائها، أو عندما يعمل الآخرون الشي نفسه بهوية الواحد، فلن تنشأ أمة ووطن ومواطنة ودولة مواطنة. ستنشأ عصابات وشلل وكيانات منقوصة تتقاتل وتتنازع السلطة ومكاسبها.
الدولة التي تستغل المنظومة الدينية أو القومية لمصلحة فئة أو جماعة، ليست بدولة المواطنة. وتفقد مصداقيتها وشرعيتها كدولة ديمقراطية؛ فهي دولة الأقليّة. وبالمقابل؛ فاحترام المواطنة في الدولة يفرض عدم تفكيك أي دين أو مذهب أو قومية ومعاداة المعتقد بحجة الحداثة والعلمانيّة وعرقلة بناء الدولة؛ فهذا تحقير للفرد في ذلك المذهب أو بتلك القومية أو في نهجه الديني، وهو تمييز وظلم وقمع حريات.
لا تقتصر المواطنة على مذهب أو عرق أو قومية. تتسع للأخوة الدينية والمذهبية والقومية؛ فالروابط التي تنشئها الدولة بصون حقوق الجميع، لها دورها في تعزيز الأخوّة الوطنية والإنسانيّة وتؤسس لروابط أخلاقية تعزز بناء إنسان صالح ومواطن صالح.
المواطنة فعل ثقافي وفكري وتحديثي ومجتمعي، وليس مجرد مصطلح سياسي؛ هي عقد يعمل الجميع على إنجاحه للصالح العام ولنمو العقل، بغض النظر عن الأصل والدين والمعتقد. ففي الفصل بين الفضاء العام الرسمي والحيز الخاص الذاتي، تكمن قوة إبداع الفرد والمجتمع. أما موضوع أن تملك الدولة والمجتمع أداة الدين والمعتقد والحزب ، وتمارسه كأسلوب قسري فرضي وتفتيشي فلا علاقة له بالمواطنة، إنسانيا ونفسيا، سيؤدي إلى تهديم الحرية الشخصية والكرامة الفرديّة، وسقوط المجتمع في النفاق والتظاهر والفساد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إيران لإسرائيل: كيف غيرت قواعد اللعبة؟| بتوقيت برلين


.. أسو تخسر التحدي وجلال عمارة يعاقبها ????




.. إسرائيل تستهدف أرجاء قطاع غزة بعشرات الغارات الجوية والقصف ا


.. إيران قد تراجع -عقيدتها النووية- في ظل التهديدات الإسرائيلية




.. هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام