الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحدود التركية السورية بين الوضع الانساني وخطر التصعيد

محمد احمد الغريب عبدربه

2014 / 11 / 19
القضية الكردية


المتابع لسلوك تركيا ايزاء مراقبة حدودها مع سوريا، يشعر أن تركيا لا تريد سوي النئ بنفسها عن أي مشاركات عسكرية ميدانية تضم طرفي مهمين في الصراع السوري، حيث تشهد منطقة عين العرب ( كوباني)، معارك شرسة من سبتمبر الماضي حتي الآن بين الاكراد السوريين، وتنظيم الدولة الاسلامية ( داعش)، ليمثل هذا الصراع احد اهم ميادين القتال في سورية الان، وهو ما تؤكده المتابعة الاعلامية علي مستوي الاقليم وعلي المستوي العالمي.
وتمثل حدود تركيا مع سوريا ليس فقط اهمية تاريخية، بل تضعها تركيا في عين الاعتبار دائما فيما يتعلق بالقضية الكردية التي تؤرق اسطنبول، حتي أن تركيا أعلنت في مارس الماضي، أنها بدئت في اعمال تشييد جدار بارتفاع اربعة امتار على الحدود مع سورية في جنوب شرق ولاية غازي عنتاب .وتسعى السلطات التركية من خلال تشييد الجدار الذي سيمتد 900 كلم على الحدود مع سورية، الى تقليص تدفق النازحين السوريين الى الاراضي التركية.
وترجع الاهمية التاريخية علي كذا صعيد، من ابرزه ما حدث في بدايات القرن العشرين الماضي، حيث تم ضم المناطق السورية الشمالي، والتي تسمي بـ ( السناجق السوية الشمالية)، لتركيا بموجب اتفاقية أنقرة عام 1921 بين فرنسا والحكومة القومية التركية مقابل اعتراف تركيا بالانتداب الفرنسي على سوريا. بالاضافة الي توسيع رقعة الاراضي التي استحوذت عليها تركيا حيث تنازلت فرنسا علي الاراضي الواقعة تحت سيطرتها للطرف التركي وذلك بعد خسارتها في معارك داخل الاناضول ضد القوميين الاتراك. يشير هذا السياق أن الحدود التركية السورية مسرح صراعي تاريخي بين تركيا وسوريا، بغض النظر عن ما يدار الان من معارك عنيقة.
ونتسأل هنا عن مدي تأثير ما يحدث من معارك علي الحدود، علي فتح الذاكرة التاريخية المتعلقة بملف الحدود، ودخول مسألة الحدود في اهداف الصراع، وقيام اطراف لديها مصلحة في فتحها وأن يصبح ورقة ميداينة في اللعبة الصراعية الدائرة الآن، ام حدوث ذلك يعتبر مستحيلا، لقيام تركيا بتأمين حدودها ، وهذه النقطة تفتح لنا تساؤل اخر حول مدي جدية الولايات المتحدة في تقديم مساعدات للقوات الكردية وهل لديها النية في انهاء النزاع، او قد ننظر للواقع الحالي دون الاهتمام بسيناريوهات تصعيدية . يحافظ ملف الحدود بين الدولتين على حالة يمكن اعتبارها من عوامل التقارب في العلاقات البينية، ذلك أن الدولتين لا تريدان -عمومًا- الذهاب بعيدًا في توتير وتسخين الملف الحدودي بما يمكن أن يؤدي إلى نزاع عسكري أو حتى تحكيم دولي.
هنا تتضح فرضية المقالة حول ما هي المستجدات العسكرية والامنية والسياسية والانسانية في اقيلم كوباني والتي من المحتمل أن يكون لها تأثير علي الحدود المشتركة بين البلدين، وهل هذه المستجدات تستدعي الخوف لدي تركيا ووجوب قيامها بمتابعة الموقف هناك بشكل مستمر ودقيق، حتي تخفف من وطأة الاحداث علي حدودها. وايضا يريد المقال استنباط السلوك التركي العام من ما يحدث، وسياساته الحالية والمستقبلية. وهل يمكننا القول أن الاكراد يسعون لتحقيق مكاسب علي الارض، اما أنهم يكتفون بالدفاع عن انفهسم امام تقدم قوات داعش. وهل تتدخل تركيا عسكريا امام مطالبات الغرب بذلك، وهذا اذا حدث، يعني أن تركيا تدافع عن الاكراد، وهو ما ينتاقض مع السياسة التركية بخصوص قضية الاكراد. وهناك رأي يؤكده الاكراد بخصوص ان التعبئة العسكرية من جانب تركيا ليست كافية، لذ ينددون بغموض الموقف السياسي لأنقرة، بسبب رفضها السماح للأكراد الأتراك بالذهاب إلى سورية للانضمام إلى المقاتلين لمقاومة جهاديي تنظيم «الدولة الإسلامية».
القضية الكردية
وتاتي القضية الكردية الي الواجهة، من شقين، اولا، اتهام تركيا الحكومة السورية بإيواء وتدريب عناصر حزب العمال الكردستاني، وأنها يستخدم "الورقة الكردية" لزعزعة أمنها، وثانيا مع بلوغ النزاع أوجه ومزيد من التصعيد وذلك في عام 1998، حين هددت بتدخل قواتها الأراضي السورية من اجل وقف هجمات حزب العمال الكردستاني، ولكن بعد التدخلات الاقليمية حل الازمة. ولكن منذ فوز حزب العدالة والتنمية، في الانتخابات في عام 2004، حظت السياسية الخارجية لقادته بالمرونة وعدم التصعيد ضد الجانب السوري، حيث جرى التفاهم على تحويل الحدود من نقطة خلاف وتوتر إلى نقطة تفاهم وتعاون، فوقعت اتفاقية إزالة الألغام من على جانبي الحدود لإقامة مشاريع إنمائية مشتركة.
ورغم ذلك هناك مخاوف لدي تركيا من نشاط حزب العمال الكردستاني، حيث تجري تركيا منذ 2012 مفاوضات مع «حزب العمال الكردستاني» بزعامة عبد الله اوجلان من أجل التوصل إلى حل سلمي لنزاع مسلح خلف أكثر من 40 ألف قتيل منذ 1984. وفي ظل ازمة كوباني، ينتقد الاكراد الموقف التركي المتراخي والمتردي، حيث ما تترد الحكومة التركية في في فتح الحدود أمام الهاربين الأكراد من شمال سورية.
مساعدات
ولكن ليس الامر هكذا دائما، ففي ظل ازمة كوباني، توافد الشباب الكردي من محافظات جنوب شرقي تركيا الي الاقليم للانضمام للقتال مع الاكراد، واكتفت السلطات التركية بمراقبة الموقف عن بعد وعدم التعرض لهم. ففي 19 سبتمبر الماضي أكدت انقرة أنها فتحت الحدود أمام 60 ألف لاجئ كردي فروا من مناطقهم.
وجاءت هذه المساهمات التركية في ازمة كوباني نتيجة الضغوط الدولية واصرار الولايات المتحدة علي قيام تركيا بتسهيل دخول المساعدات إلي اقليم كوباني عبر الحدود، وما نتج عنه فتح تركيا الحدود اكثر من مرة لمرور المساعدات الانسانية، ففي 11 ابريل الماضي، عبّرت قافلة من الشاحنات التي ارسلتها ثلاثون منظمة اسلامية الجمعة الحدود التركية السورية حاملة اكثر من اربعة اطنان من المساعدات الانسانية للمدنيين الذين يعانون من الحرب في سورية، وفق ما أعلنت المؤسسة التركية لحقوق الانسان. وفي 13 مايو ارسلت الامم المتحدة قافلة مؤلفة من 78 شاحنة، تنقل مواد غذائية وأغطية وأدوية إلى إقليم الحسكة السوري ذي الغالبية الكردية.
وفي 19 اكتوبر من العام الحالي، بدأت في بلدة سوروج الحدودية التركية، أعمال إنشاء مخيم للاجئين من عين العرب (كوباني)، بإشراف وتمويل برلمان إقليم شمال العراق. ويتسع هذا المخيم ـ لـ20 ألف سوري كردي"، وتشير الاحصاءات أن وأوضح أنّ "قرابة 190 ألف لاجئ من أكراد سورية، دخلوا الأراضي التركية،
توتر الحدود
وأمام دخول المساعدت الي سوريا بعد فتح بعض المعابر التركية، توجد كثير من التوترات والصعوبات الميدانية والحربية، قد تجعل قرار تركيا بغلق الحدود أمرا عقلانيا يصب في مصلحة أمن تركيا. ومنها أن السماح بدخول المساعدات الي القامشلي ينتج عنه فتح الحدود في منطقة سورية خاضعة إلى حد كبير لسيطرة مقاتلين على صلة بحزب العمال الكردستاني. ولكن ذلك لم يجعل تركيا تتوقف عن فتح الحدود. بالاضافة الي الحدود شهدت في 5 يوليو واقعة مضايقات للطائرات تركية من الجانب السوري، حيث أعلنت هيئة الأركان العامة التركية أن "3 طائرات حربية تركية، من طراز إف16، تعرّضت في أجواء محافظة هاتاي لمضايقات من قبل منظومة الدفاع الجوي السوري، وذلك أثناء قيام الطائرات التركية بدورية اعتيادية على الحدود السورية - التركية.
وكثيرا ما تسقط القذائف علي الاراضي التركية، حيث شهدت الحدود المشتركة مع سوريا في 14 سبتمبر سقطت العديد من قذائف هاون مصدرها الأراضي السورية، على طريق في منطقة نصيبين بولاية ماردين التركية الحدودية، ما أدى إلى إثارة ذعر السكان، دون أن تتسبب في وقوع إصابات.
في 29 سبتمبر الماضي سقوط عدة قذائف على الأراضي التركية مع قصف متشددي "الدولة الإسلامية" للبلدة لذا اتخذت دبابات تركية اتخذت مواقع على تل يطل على بلدة كوباني السورية الحدودية المحاصرة.
بالاضافة الي المظاهرات التي يحركها اكراد تركيا، وهو ما دفع قوات الدرك والشرطة استخدام قنابل مسيلة للدموع وخراطيم المياه لإبعاد المتظاهرين. ومع زيادة وتيرة المظاهرات عادة ما تضطر الجنود الأتراك الأسلاك الشائكة الفاصلة بين البلدين في نقاط عدة لتسهيل عبور اللاجئين المقبلين من عين عرب.
وأخيرا نستنتج مما سبق أن تركيا لديها كثير من المخاوف من الدخول في التحالف الدولي ضد داعش، علي كذا صعيد، منها تحقيق شروطها من ابرزها باقامة منطقة عازلة وحظر جوي علي الحدود. ولكن صانع القرار التركي، أرتأى بأن فتح المعابر علي الحدود، لدواعي انسانية هو اقصي ما تقدمه تركيا لتخفيف المعاناة في كوباني، وذلك بعد التأكد من عدم الاضرار بأمن حدودها وبأمنها القومي اذا فتحت الحدود.
لتمثل مسألة فتح الحدود، أحد الخيارات الاقل تكلفة لتركيا، وأكثرها نجاعة من التدخل العسكري المباشر، وهو ما يرفضه التحالف الدولي ضد داعش، ويعتبره خياراً اساسيا ليس فيه نقاش، حيث تعتقد امريكا أن تركيا حتي لم تقدم شيئا مفيداً لمحاربة داعش في كوباني، رغم أن الحدود المشتركة بين سوريا وتركيا تشهد خروقات امنية ومضايقات جوية، تعطي الحق لتركيا في اغلاقها تماماً، لمصلحة امنها القومي. وهو ما لا يفهمه الادراة الامريكية التي تريد دخول تركيا بصفة مباشرة وكلياً في التحالف، سواء كان دعما لوجستياً، او اجتياح بري، او فتح حدودها أمام التدخل العسكري للتحالف الدولي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل مستاءة من تقرير لجنة التحقيق المستقلة عن الأونروا


.. الأمم المتحدة ومجلس أوروبا يدعوان بريطانيا للعودة عن قرار تر




.. بدء ترحيل اللاجئين من بريطانيا إلى رواندا ينتظر مصادقة الملك


.. الأمم المتحدة تدعو بريطانيا لمراجعة قرار ترحيل المهاجرين إلى




.. هل واشنطن جادة بشأن حل الدولتين بعد رفضها عضوية فلسطين بالأم