الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الدين الى الفضاء العمومي في الغرب

عامر عبد زيد

2014 / 11 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لاشكَّ أن التمهيد رهين وظيفة ينطلق منها في سياق هذا البحث الذي يحاول أن يطرح المشكل المركزي سعيا الى التحرر منه والمشكل الذي نحاول البحث عنه هو عودة الديني من خلال اطروحته الأصولية التي تنطلق من الاطروحة الأصولية الدينية التي ظهرت إلى السطح منذ نهاية الحرب الباردة ، وتنامي حركات أصولية مختلفة تعبر عن حالة اجتماعية رافضة لثقافة العولمة. إنَّ بعض الحركات الأصولية تحولت إلى حركات ثورية، وهي ليست بالضرورة أصولية دينية كما كان واضحاً في أيرلندا إذ شهدت ميلشيات تطلق على نفسها أصوليات، كما توجد أصولية مسيحيَّة في أميركا، وسيخيَّة في البنجاب، وأصوليات اسلامية متنوعه وكلها حركات أصولية تعيش خصومة مع واقعها السياسيّ والاجتماعيّ، ما جعلها تدخل في صراع ينتهج العنف لتحقيق أهدافها .
فهذه الأطروحه التي تمارس الشيوع عبر أشكال متنوعه تقابلها أطروحة مضاده في المجتمع الغربيّ هي العَلمانيَّة المتشدده التي ترفض أيَّ اشراك للدين في الفضاء العمومي والممارسات السياسية وتدَّعي أن الدينيّ في طريقه الى الزوال عبر التنمية الفعالة إلَّا أن (هابرماس) يعترض على هذا ويحاول ان يجد حلول أكثر جذريَّة في الواقع الغربي من هنا جاءت معالجته لهذا الامر تنشد التحرر من المشكل عبر نقد الخطابات الشمولية سواء كانت عند الأصوليَّة الدينية أو العَلمانيَّة معا .
فالمشكل تجاوز الشمولية عبر طرح حلول تناقش عود الدينيّ الى الفضاء العموميّ في الغرب وفي العالم حيث قام الصراع بين القوى الاجتماعية على السلطة ومحاولة استثمار الاخفاقات التنمويَّة من أجل التسلل الى السلطة عبر العنف الذي يقوم على نفي الآخر .
فلايمكن فهم المشكل الّا ضمن فهم الإشكالية بأبعادها المعرفية والايديولوجية، فالاشكالية التي يتناولها هابرماس فيلسوف الحداثة تقوم على فهم التحولات الجديده التي تجاوزت الواقع القائم الذي تهيمن فيه العَلمانيَّة على مقدارات الأمور في الغرب وقد جاءت التحولات من أجل ازاحة الدعائات القائمة والتي تتعامل مع الدين بوصفه أمرًا ممكن الشفاء منه عبر التنمية لكن هذا لم يحدث، فجاءت معالجة هابرماس حيث تؤكد على مجتمع مابعد العَلمانية ، وهنا يحدث تحول كبير هو الانتقال من الاطروحة العَلمانية التي تحتكر الفصاء العموميّ وممايقابلها الأصولية الدينية التي تنفي الاعتراف بالحداثة والعَلمانية إلى مجتمع مابعد العلمانيَة وهذا ياتي عبر الاقتناع بالتحول الذي لايتجاوز العَلمانية بل يتجاوز احتكرها للمعنى والسلطة، عبر اعتماد آليات جديده لها أصولها في الخطاب الليبراليّ، منها الاعتراف بالآخر بوصفه شريكًا في المجتمع وادارته، ومنها التسامح الذي يعني من بين معانيه الكثيرة أن يتجاوز الآخر الفكرة الخاطئة التي تعني امتلاكه الحقيقة ونفيها عن الاخر. إنَّ تجاوز هذا الامر يعود الى الايمان بالتعددية الدينية والمشاركة في ارساء منظومة من الحقوق التي تقوم على شرعية عقلانية ودينية.
أمَّا الرهان فهو يبين أهمية طرح المشكل، فالصمت عن المشكله لايساهم في الحل بل يعمقها ويجذِّر الخلاف حتى لايبدو معه الحل ممكنا وهو ما يعيشه عالمنا العربي الذي ينفي المشكله مما ساهم بتحول الصراعات العقائدي الى صراعات وجوديَّة وحروب أهلية لايدفع ثمنها الا المواطن العربي، ومن هنا يأتي أيضا الرهان الذي يكشف عن واقعنا الراهن الذي أدى إلى ضرورة طرح المشكل فالموضوع الذي يتناوله هابرماس ليس موضوعًا نظريًّا مجردًا بل هو موضوع مرتبط بالواقع والتحديات التي يفرضها على المفكر الذي لابد أن يتصدى لها آخذا بنظر الاعتبار المعالجات المتنوعه للمفكرين الآخرين وطرحها للبحث والنقد حتى تبدو متوافقة مع الواقع وتحدياته وهنا مكمن الرهان المعرفيّ. فالمعالجه التي يريدها هابرماس تبقى اجتماعية وليس اركولوجيا تتعامل مع التاريخ وتحولاته، بل مع المجتمع وما يطرأ عليه من تغير وهذا مكمن الرهان .
الاطروحة : نحن أمام محاولة لفهم الجهد النقديّ الذي يقدمه هابرماس محاولين تناوله بالعرض والتحليل من أجل تفهُّم الواقع الغربي، وكيف تناول الواقع ؟ وماالمنهج والرؤية اللذان اعتمدهما من أجل الاستفاد منه في أحداث مقاربة للواقع العربي وأزماته بين السلطات الشمولية والمعارضة الاسلامية الشمولية وكل منها ينفي مشاركة الآخر وصولا الى الطائفية والحروب الطائفية .
فالغرب اليوم يعيش تحولات عميقه ودينامية فاعله ؛ فقد كانت الحداثة قد منحت الأنسنة والقوى المجتمعية التي تكمن ورائها ، دورا كبيرا ؛ حل بمقتضاه الانسان مكانة المركز ولهذا تحطمت المركزيَّة الكنسيَّة وجاءت مركزية الحداثة ( فالتنوير لم يغلق الباب أمام الدين ولكن أمام شكل من التدين كان يطلب السيطرة المطلقة على حياة الإنسان وعقله وجسده.)( ) .يومها كان الفضاء العمومي الذي يعبر عن النخب الفاعلة في المجتمع والمعبر عن المشروعية الثقافية والفكرية الجديدة العلمانية - انسية ، لقد كان حيز الدين قد تبدل الى حد كبير ماقبل حيز العلم والفلسفة ، على أثر التحولات الاقتصادية والثقافية الكبرى وقد تمظهرت في نقود ماركس ونيتشه وغيرهما من رموز الفضاء العمومي الغربي .
يشهد الغرب اليوم عودة جديدة للدين في الفضاء الثقافي والاجتماعي الغربي خصوصا بعد تفجيرات 11ايلول في نيورك، وقد ترك هذا الحدث أثرا عميقا في الغرب والعالم .من هنا نستطيع الولوج الى المعالجه التي جاء بها هابرماس للدين وتفهم الحاجه اليه وهو تفهم كان له مسوغاته لديه ، لكن لا يمكن تفهم معالجة هابرماس للدين دون ربطها بمفهوم الحق وهو معيار مفهومي معه في معالجة هابرماس تقوم على مقاربة في فلسفة الحق ، وعلى تنشأة المسالمة الدينيَّة في مابعد العَلمانية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا


.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد




.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو


.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي




.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل