الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزت مات عزيزا..

سامي فريدي

2014 / 11 / 21
سيرة ذاتية


سامي فريدي
عزت مات عزيزا..
[ايها الموت، الذي يكشف جمال الحياة، متاخرا]

مات عزت.. مات عزيزا.. وحيدا.. عاش عزت يتيما.. ورث عن عائلته مرض اللوكيميا الوراثي.. تولت احدى المؤسسات الصحية الغربية نفقات معالجته في المستشفيات الأوربية، ومن حين لآخر كان يشكو من أعراض صحية جانبية، لكن عزت.. الشاب المصري الوحيد لم يكن له من يعوله، وكان من وقت لآخر، يعمل لاسبوع أو اسبوعين ليعيل نفسه ويدفع فواتير المعيشة والايجار.
رغم مرضه الوراثي ومعاناته الصحية كان عزت قويا ، مبتسما دائما. ولم يقبل معونة أو شفقة من أحد. كان عزيزا أبيا. كان قوي الجأش مترابطا، قليلا ما يتكلم عن نفسه، ونادرا ما يشغل أحدا بآلامه، إلا في الضرورة القصوى. على العكس من ذلك، كان يساعد الجميع، ويواسي المحتاج.. وعندما يكلفه أحد بالسير ميلا.. يسير معه ميلين..
كان يأتي من مصر إلى لندن لغرض العلاج واجراء الفحوص ويبقى لبضعة أشهر.. يستأجر حجرة لنفسه، ويتنقل على دراجة هوائية. وفي سنوات الأحداث الأخيرة بمصر، استقر في لندن لمواصله علاجه.. يلتقي أصدقاءه.. يزورهم، ويخدم الجميع.. ولا تراه إلا مبتسما.. قويا، متفائلا.. لا أعتقد أنه اختلف مع أحد، وكان له مكان في قلوب كثيرين، يفتقدونه الآن..
قبل حوالي العام، كشفت الفحوص الطبية عن إصابته بتلف عدة شرايين في القلب.. وكان عليه أجراء عملية مستعجلة لذلك، جرى تحديد موعدها.. وفي الموعد المحدد أجريت له فحوص إضافية وتأجل الموعد..
عزت الذي حصل على إقامة مؤقتة في لندن، كانت له مشاكل في التأمين الصحي. والمؤسسة الصحية التي تتكفل بعلاج اللوكيميا فقط، لا علاقة لها بغير ذلك. وتكاليف عملية القلب وتبديل ثلاثة شرايين باهظة.
خلال ذلك تعرف بفتاة مغربية بغية الزواج، وذهب لغرض ذلك إلى الدائرة المختصة مع شلة من الأصدقاء، لكن الدائرة طلبت أوراقا إضافية لم تكن متيسرة، وتأجل الموضوع. وفي زاوية حادة بين نقطتين، رغبته في الزواج، وتبعات عملية القلب الباهظة.. وجد عزت مخرجا مطلقا..
لم يكن عزت مسؤولا عن أصابته بمرض اللوكيميا.. ولم يكن مسؤولا عن أصابته بمرض القلب.. وهو – للعلم- لا يدخن ولا يتناول الكحول ولا القهوة أو الشاي أو أية عقاقير.. وعاش حياته ملتزما حمية غذائية صعبة.. وكان شابا في مقتبل العمر.. كان من حقه أن يعيش كما الآخرون.. بدون حرمان أو آلام أو قيود صعبة . وقد رضي بكل شيء، بوداعة واحتمال وفرح.. وكان مؤمنا بربّه وبالمستقبل.. وكان يحلم .. يحلم كما الآخرون..
لم يكن يعرف أن دروب الحياة ضيقة، أمام الصدّيق.. لم يكن يعرف أن مفاجآت الأيام قاسية.. لمن يسرف في التفاؤل.. لم يكن يعرف أنه سيخرج من مصر.. ليموت في لندن.. قبل أن يستكمل أوراق إقامته..
علينا نحن جميعا.. أصدقاء عزت ومعارفه.. أن نكرر مع أيوب ونحن نتذكره: أن "الانسان مولود المرأة، قصير العمر ومفعم بالشقاء، يتفتح كالزهر ثم ينتثر ويتوارى كالشبح، فلا يبقى له أثر.. أعلى مثل هذا فتحت عينيك؟".. عاش عزت يتيما وحيدا، قويا شريفا، ومات عزيزا شريفا.. أخيرا.. حصل على الراحة الأبدية.. لكن عزت لم يمت بابتسامته وأعماله وذكرياته العامرة.. عزت : الصدّيق كالنخلة ينمو.." في أحضان الرحمة الأبوية

.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى