الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أقصوصة أفريقية: عودة الغائبة

سامي حرك

2014 / 11 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


حنين أفريقي, حنين مصري .. جسد واحد يحن بعضه لبعض.

تأسست الدولة الأولى في وادي النيل, لأسباب موضوعية تمامًا جرى شرحها في نظرية "الكنانة", إذ لم يكن للبرعم الحضاري أن ينشأ لولا تلك الحضّانة الطبيعية على ضقاق النيل في حماية سلاسلها الجبلية وصحاريها.
منذ اللحظة الحضارية الأولى كانت الدولة المصرية تطل على البحر المتوسط شمالاً, إلى الجندل الثالث جنوبًا .. بينما إمتدت محمياتها وسط الفضاء العشائري, في الجنوب حتا القرن الأفريقي, وفي الشمال تجاوزت جبال لبنان, حتا شمال سوريا.

أسطورة عودة الغائبة, تلخيص إبداعي لأحداث عودة بعض المحميات المصرية القديمة.

أنقل -بتصرف- فقرة من كتابي "الكنانة":

توتا .. توتا .. "رجوع الغائبة"

ردد المصري القديم هذه "الحدوته" بإعتبارها مثال لعودة فيضان النيل إلى مصر, أو عودة بعض المحميات لسلطة الدولة المصرية, حيث تعم الفرحة أنحاء البلاد, فقد حكى "توت": أن "رع" أرسله بصحبة "شو" ليعيدا إليه عينه, يقصد إبنته "حتحور" الغاضبة الهاربة إلى أعماق أفريقيا في الجنوب, لحاجته إليها للقيام بأعباء ومهام الحكم, حيث كانت قبل غيابها "عين رع" وفرحته, ومع مرور الأيام والسنين بدأ الحزن والأسى يعم أنحاء قصر "رع", بل والبلاد كلها لغياب العين.
يقول "تحوت": توتا .. توتا, ذهبنا إلى "عين رع" لإقناعها بـ العودة لأبيها وشعبها, فملأها الغضب منا إحتقاراً لشأننا, وما لبثت أن تحولت إلى صورة اللبؤة الضارية "سخمت", وحاولت إفتراسنا, لكنني إختبأت منها حيث حملني الهواء "شو" إلى فوق شواشي شجرة عالية, ومن بعيد حكيت لها قصة الأسد اللي كان بيحتقر الفأر, وبيتساءل بشك عن الحكمة في خلقه؟ فلم يكن يرى له دوراً في الحياة! إلى أن وقع الأسد في شباك الصياد, فلم ينقذه سوى ذلك الفأر المُحتَقَر, اللي قرض بأسنانه الدقيقة خيوط الشبكة, فإعترف الأسد بفضل الفأر, وبأن لكل كائن دور وأهمية في حدود إمكانياته, فتصادقا وتآخا منذ ذلك التاريخ!
هدأت الغاضبة بعد سماعها لتلك الحكايه, وتحولت إلى البقرة "حتحور" وإلى القطة "باستت", وعادت إلى أبيها وشعبها, وعمت الأفراح مُدن وقرى البلاد, بل وإعتاد المصريين مظاهر الإنبساط والإحتفال بالمناسبة كل عام في نفس موعد عودتها اليوم الرابع من الشهر الرابع "برمودة" في فصل البرد (بِرِت), المسمى عيد هاتور/ باستت.

ملحوظة: رصدنا إنتشار هذه الأسطورة من بداية الأسرة الحادية عشر زمن الملك منتحتب الأول, بعد إنتصاره في حملة جنوبية إسترد بها سيطرة "مصر" على الجندل الثالث جنوب أسوان, بعدما كانت القبائل قد إستغلت ضعف الدولة نهاية الأسرة العاشرة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست