الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة ذات شعب واحد

قصي غريب

2014 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



يعد الشعب الركن الأساس والرئيس لقيام الدولة بحيث من دون وجوده لا يمكن أن تقوم ، وهو يتكون من مجموع السكان الذين يعيشون معاً ، ويستوي أن يكون الشعب متجانس أو غير متجانس باعتباره يتكون من عدة قوميات ، فلا يشترط ان ينحدر من جنس بشري واحد ، ولا أن يتكلم بلغة واحدة ، أو يتعبد بديانة واحدة .
ومع هذا في الدولة الوطنية لا يستساغ اطلاق صفة الشعوب عن مكوناتها القومية ، لأن هذا يتناقض مع ركنها الأول القائم على أن الدولة ذات شعب واحد ، الذي قد يتكون من عدة قوميات تنتمي إلى أمم مختلفة بعضها مقسم بين عدة دول مختلفة ، وبعضها الآخر قد يكون تحت سلطة دولة واحدة ، أو قد تنقسم الأمة الواحدة إلى عدة دول مثلما هو حال الأمة العربية اليوم ، وهكذا تختلف فكرة الدولة عن فكرة الأمة ، فإذا كانت الأمة ظاهرة اجتماعية ، فإن الدولة ظاهرة قانونية سياسية .
وفي الدولة الوطنية يستساغ أن يطلق على المكونات التي يتكون منها شعب الدولة قوميات وليس بشعوب ، مع حق كل مكون قومي بالفخر والاعتزاز بذاته وثقافته الثانوية تحت علوية الثقافة الوطنية السائدة ، فالولايات المتحدة الأميركية على الرغم من كونها مجتمع استيطاني يتكون من شعوب وأمم وأديان وثقافات مختلفة فيها الدولة هي من صنعت الأمة وليس الأمة هي من صنعت الدولة ، إلا أنه لا يطلق أي من المكونات التي يتألف منها الشعب الأميركي ، والتي تنتمي إلى شعوب وأمم من مختلف بقاع الأرض على نفسه بأنه شعب داخل الدولة الأميركية ، بحيث يطلق الإيرلنديون على أنفسهم الشعب الإيرلندي في أميركا ، أو يطلق المكسيكيون على أنفسهم الشعب المكسيكي في أميركا ، أو يطلق العرب على أنفسهم الشعب العربي في أميركا ، إنما يطلقون على أنفسهم تسمية إيرلندي أميركي ، ومكسيكي أميركي، وعربي أميركي ، لأنه عندما يسمون أنفسهم شعباً في الولايات المتحدة ، فإن هذا يتناقض مع مبدأ الدولة الوطنية الأميركية التي تتكون من شعب واحد حصراً قائم على تطبيق مبدأ المواطنة الأميركية والانتماء للأمة الأميركية ، أما الفخر والاعتزاز بالأصل القومي في الولايات المتحدة فهذا شأن أخر .
وفيما يخص الدولة السورية التي ظهرت إلى الوجود بعد خروج العثمانيين من بلاد الشام ، وأعلن عنها المؤتمر السوري العام في 8 آذار 1920 من خلال إعلان استقلالها ، وقيام الدولة السورية العربية ولا تزال قائمة ، فإنها من حيث الهوية هي دولة عربية إسلامية بحكم الواقع الديمغرافي والثقافي والحضاري ، والتي لا يمكن تجاوزه أبداً بالرغبات الذاتية والانفعالات العنصرية ، ولذلك وبما أن المكونات القومية شركاء في الوطن السوري لهم كافة الحقوق وعليهم كافة الواجبات ، فإن الدستور لسورية الغد الذي سيضعه المجلس التأسيسي المنتخب يمكن أن يقر باحترام وصيانة هذه الحقوق القومية ضمن الوحدة الوطنية من خلال التأكيد على أن الشعب السوري يتكون من عدة قوميات وليس بشعوب حتى لا يتناقض مع مبدأ وركن الدولة ذات شعب واحد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة